مركز عقبة بن نافع للدراسات والأبحاث حول الصحابة والتابعينأعلام

كيف تعامل عمر مع الصّحابة والتّابعين؟ (4)

صاحب كتاب الوهمي والحقيقي في سيرة عمر بن الخطاب أورد خبرا آخر ليدلّل على سوء تعامل أبي حفص مع الصّحابة وهو:

 (عن أسامة بن زيد، قال: سمعت مكحول الدمشقي يقول: دخل عوف بن مالك الأشجعي على عمر بن الخطاب، وعليه خاتم  من ذهب، فضرب عمر يده، وقال: ارم بهذا. فرمى به. فقال عمر: ما أرانا إلا قد أوجعناك، وأهلكنا خاتمك. ثمّ جاء الغد، وعليه خاتم من حديد، فقال: استبدلت حلية أهل النّار، قال: فرمى به. ثمّ جاء الغد، وعليه خاتم من وَرِقٍ، فسكت عنه)([1]). وعزاه للجامع في الحديث ج2 ص690 تحت رقم 594.

قلت: والجامع لعبد الله بن وهب بن مسلم القرشي المصري (ت 197هـ) قال فيه: وأخبرني أسامة بن زيد، قال: سمعت مكحول الدمشقي يقول: دخل عوف..)([2]).

وهذا السّند فيه أسامة بن زيد اللّيثي، قال فيه النّقاد:

قال أحمد: ليس بشيء، فراجعه ابنه عبدالله فيه، فقال: إذا تدبّرت حديثه تعرف فيه النكرة.

وقال يحيى بن معين: ثقة.

وكان يحيى القطان يضعفه.

وقال النسائي: ليس بالقوي.

وقال ابن عدى: ليس به بأس.

وقال ابن الجوزي: اختلفت الرواية عن ابن معين، فقال مرة: ثقة صالح، وقال مرة: ليس به بأس.

وقال يحيى بن سعيد: ترك حديثه بآخرة.

وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به([3]).

فقد اختلفت أقوالهم بين موثّق وبين مضعّف. والظاهر أنّ من ضعّفه عنده زيادة علم على من وثّقه، بدليل أنّ الإمام أحمد لمّا راجعه ابنه عبدالله أحاله على أحاديثه التي تلوح منها أمارات النّكارة. وأبو حاتم توسّط وعدّ حديثه ممّن يكتب للاعتبار لا للاحتجاج.

إذن الرّجل ضعيف. والسّند غير صحيح. ومن ثمّ لا عبرة بمتنه.

أمّا صاحب الوهمي؛ فقال: عوف بن مالك فيه كلام.

قلت: وهذا من جهله؛ فعوف بن مالك الأشجعي صحابي، لا كلام فيه؛ وإليك ما قاله ابن حجر فيه:

(عوف بن مالك بن أبي عوف الأشجعي

مختلف في كنيته. قيل أبو عبد الرحمن. وقيل أبو محمد. وقيل غير ذلك.

قال الواقديّ: أسلم عام خيبر، ونزل حمص، وقال غيره: شهد الفتح، وكانت معه راية أشجع، وسكن دمشق.

وقال ابن سعد: آخى النبيّ صلى اللَّه عليه وسلّم بينه وبين أبي الدرداء.

روى عن النبيّ صلى اللَّه عليه وسلّم، وعن عبد اللَّه بن سلام، وعن شيخ لم يسمّ.

روى عنه أبو مسلم الخولانيّ، وأبو إدريس الخولانيّ، وجبير بن نفير، وعبد الرحمن بن عائذ، وكثير بن مرة، وأبو المليح بن أسامة، وآخرون)([4]).

وقد أورده في القسم الأول من حرف العين الذين وردت صحبتهم بطريق الرّواية عنه أو عن غيره سواء كانت الطريق صحيحة أو حسنة أو ضعيفة أو وقع ذكره بمايدلّ على الصّحبة بأي طريق كان.

فإن كان ـ صاحب الوهمي ـ يظنّ أنّ (مختلف في كنيته) هو كلام في عوف، فعلى فهمه السّلام. لأنّ الكُنى تختلف وتتغير، ولا ضير في ذلك.

فهل بمثل هذه الأخبار نَزِنُ مكانة عمر في تعامله مع الأصحاب رضي الله عنهم؟ اللهم هذا بهتان عظيم.

والله الموفّق لإيضاح الحقّ.

---------------------------------------------------------------------------------

([1]) الوهمي والحقيقي 433.

([2])  الجامع 2/690. رقم: 594.

([3])  ميزان الاعتدال 1/174.

([4])  الإصابة في تمييز الصّحابة 7/556-557.

الدكتور بدر العمراني

• رئيس مركز عقبة بن نافع للدراسات والبحوث في الصحابة الكرام بالرابطة المحمدية للعلماء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق