مركز الإمام أبي عمرو الداني للدراسات والبحوث القرائية المتخصصةأعلام

الحلة السيراء فيمن حل بمراكش من القراء (من كتاب الذيل والتكملة لابن عبد الملك المراكشي ت703ه‍) -45- يوسُفُ بن موسى بن إبراهيمَ الهَوّاريُّ، أبو الحَجّاج(1)

يوسُفُ بن موسى بن إبراهيمَ الهَوّاريُّ، مَهْدَويٌّ سَكَنَ مَرّاكش، أبو الحَجّاج، ابنُ لاهية - وهي أَمَةٌ اجتَلَبَها الناصِرُ من المَهْديّة حين فتَحَها سنةَ اثنتينِ وست مئة.

رَوى عن أبي الحَسَن ابن القَطّان، وأبي عبد الله بن عبد الله ابن الصَّفّار، وأبي القاسم عبد الرّحمن بن إسماعيلَ ابن الحَدّاد وغيرِهم.

رَوى عنه غيرُ واحدٍ من طلبة العلم بمَرّاكُش. وكان ماهرًا في علوم اللّسان أدبًا ولغةً ونحوًا، درَّسَها أحيانًا، شاعرًا مُحسِنًا، كاتبًا بليغًا نبيلَ الأغراض في كلِّ ما يُحاولُ نظمًا ونثرًا، حسَنَ الصّوتِ بالقرآن والشّعر، يأخُذُ بمجامع القلوب متى تلا القرآنَ أو أنشَدَ الشّعر(2)، وكان إذا حَضَرَ معَ الشّعراء للإنشاد بين يدَيْ ملوكِ عصرِه يرغَبُ إلى نقيبِ الطّلبة في إرجائهِ إلى آخرِهم، فإذا أنشَدَ آخِرًا أنسَى بطيب نغمتِه وإحسانِ إنشادِه كلَّ إحسانٍ تقَدَّم به غيرُه من مجُيدي الشّعراء، على أَنه لم يكنْ مقصِّرًا عنهم فتكونُ المجالسُ له أبدًا.

وله رسالةٌ أدرَجَ فيها شواهدَ «كتاب سِيبوَيْه» على طريقةِ أبي الحَسَن ابن حَرِيق في أبياتِ «الجُمَل» شهِدَت بالجَمْع بين قوّة الاقتدار، وجَوْدة الانطباع، وقفتُ عليها بخطِّه.

وله في ترتيبِ حروفِ كتاب «العَيْن» ونَقلتُه من خطِّه:

... ... ... ... ...      غرامُه قادَهُ كئيبا

  ... ... ... ... ...      صبر سَقامُه زاجرٌ طبيبا

... ...  ... ... ...      شبيهُه رافعًا لهيبا

... ... ... ... ...      محمودُ وَصلِك أن يَؤوبا(3)

قال المصنِّف: أخَلَّ بترتيب بعض عَجُز هذا البيت الآخِر، وذلك بتقديم الواو وحقُّها أن تكونَ بعدَ الياء وَتوسيطِ الهمزة فقلت:

نافَرْتَني فجسمي يُعادي ... محمودَ أُنس يقي وَجيبا

وله في ترتيبِ حروف «تاج اللّغة وصِحاح العربيّة» لأبي نَصْر إسماعيلَ ابن حَمّاد النَّيسابُوريِّ الجَوْهريّ وما جَرى مَجْراه، وقد تقَدَّم في صَدْرِ هذا الكتاب أنه الترتيبُ المُحكَم والذي وَضَع المتقدِّمون ومَن وُفِّق باتّباعِهم من المتأخِّرينَ عليه كتبهم وعليه رَتّبتُ كتابي هذا، فقال: ونقلتُه من خطِّه:

أحبِبْ ببدرٍ تائهٍ ثناني ... جَمالُهُ حَليفُ خِلٍّ دانِ

ذكْرُه راحي، زهرُه بستاني(4) ... شَرَّد صبري ضامرٌ طواني

ظبيٍ على غُرّتِه فَتّانِ ... قلبي كواهُ ليْتَهُ يُداني(5)

وهذا الترتيبُ بين الواوِ والهاءِ والياء يَنْخرمُ في أبوابِ «الصِّحاح»؛ لأنّ مصنِّفَه جعَلَ الواوَ والياء في بابٍ واحد بعدَ الهاء ويَطّردُ في فصولِ الأبواب وفي سائر الكتُب المشارِ إليها، وقد تقَدَّم مثلُ هذا الترتيبِ لأبي عِمرانَ ابن المُناصِف في رَسْمِه. ولي فيه ونظمتُه في بيتَيْنِ، وعُذرُ التكلُّف في مثلِهما لا يخفَى على منصف:

ألِمَّ برَوْضي تَجْنِ ثَمَّ جَنَى حيَا ... خلا دَرَّ ذي رَيٍّ زكا سَقْيُه شُرْبا

صَفا ضِمْنَ طَلٍّ ظَلَّ عندَ غِنًى فَشَا ... قِرًى كِيلَ لي من نَهْي وَدْقٍ هَمَى سُحْبا

توفِّي أبو الحَجّاج بمَرّاكُشَ سنةَ تسعٍ وأربعينَ وست مئة.

 

  • الذيل والتكملة 5/ 356-359.
  • أوردت ذكر مترجمنا ضمن القراء وإن لم تعرف له رواية للقراءات، لما ورد في هذه الفقرة من أنه كان حسن الصوت بالقرآن، وأنه كان يأخذ بمجامع القلوب متى تلا القرآن.
  • كذا في المطبوع، وهي غير تامة، ولم تستوف جميع الحروف.
  • كذا، وينبغي أن تكون الكلمة مبتدأة بالسين لكي يصح الترتيب.
  • لم تستوف هذه الأبيات جميع الأحرف.
Science

ذ.سمير بلعشية

  • باحث بمركز الإمام أبي عمرو الداني للدراسات والبحوث القرائية المتخصصة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق