
قال الإمام عبد الوهاب البغدادي المالكي (ت 422هـ)، في كتاب التلقين في الفقه المالكي:
«والإحرام على ثلاثة أوجه؛ إفراد، وتمتع، وقِران، والإفراد أفضلها، ثم التمتع، فأما القران فصفته إشراك العمرة والحج في إحرام واحد، وذلك على ضربين: ابتداء، وإرداف.
فالابتداء أن يحرم بهما في حال واحدة، معتقداً ذلك في نيته دون لفظه.
والإرداف أن يبتدئ الإحرام بالعمرة وحدها ثم يردف الحج عليها، فقيل: ما لم يشرع في الطواف، وقيل: ما بقي عليه شيء من عملها، وفعل القارن كفعل المنفرد فيما يصنعه وما يلزمه من فدية أو جزاء، ويكفيه طواف وسعي واحد، وللصيد جزاء واحد، وإنما يختلفان في النية.
وأما المتمتع فله ستة شروط، يجمعها أن يقال: هو أن يأتي غير المكي بالعمرة أو ببقيتها في أشهر الحج، ثم يحل منها ويحج من عامه قبل رجوعه إلى أفقه أو إلى ما كان من المسافة في حكمه. ومتى انخرم بعض هذه الأوصاف خرج عن التمتع الموجب للدم، وتفصيلها أن له ستة شروط.
أحدهما: الجمع بين العمرة والحج في عام واحد، والثاني: في سفر واحد، والثالث: تقديم العمرة على الحج، والرابع: أن يأتي بها أو ببعضها في أشهر الحج، والخامس: أن يحرم بعد الإحلال منها بالحج، والسادس: أن يكون المتمتع مقيماً بغير مكة.
فأما الإفراد فما عرى من صفة التمتع والقران، ولا يكون القران إلا بين عمرة وحجة، ولا يكون بين حجتين ولا عمرتين، ولا يصح إرداف عمرة على حجة.
فمن أحرم بحجتين، أو بعمرتين لزمته واحدة ولا قضاء عليه للأخرى.
ومن أردف عمرة على حج لم يلزمه شيء بالإرداف، ولا دم على المكي في قرانه إلا عند عبد الملك، والواجب بكل واحد من التمتع والقران هدي ينحره بمنى، ولا يجوز تقديمه قبل فجر يوم النحر، فمن لم يجد صام ثلاثة أيام في الحج، وهي من وقت إحرامه إلى يوم عرفة، فإنه فاته ذلك فأيام التشريق، وسبعة أيام يصومها في أهله، ويجزئه إن صامها راجعاً في طريقه، ولا يجزئ الصوم ما دام متمكناً من الهدي».
كتاب التلقين في الفقه المالكي، لأبي محمد عبد الوهاب البغدادي المالكي (ت 422هـ)، نشر: وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ـ المملكة المغربية، الطبعة الثانية: 1428هـ- 2007م، (ص 81-82).
انتقاء: ذة. زنيزن نجاة.