مركز الدراسات والأبحاث وإحياء التراثشذور

مَن لا يعرف معنى الشهادتين وصرف الزكاة للعلماء

  قال الإمام الحسن بن مسعود اليوسي في رسائله:

‏  (الحمد لله) أما ما ذكره المجيب بمِحْوَلِه، من كون التوحيد لابد منه (في نفسه) وأن من لا ‏يعرف معنى الشهادتين لا نصيب له في الإسلام كما أجاب به أهل بجاية فصحيح. ولكن ‏معناه أن مضمون الشهادتين، من الشهادة (والاعتراف والإقرار) لله تعالى بالوحدانية (في ‏ذاته وصفاته وأفعاله) ولرسوله صلى الله عليه وسلم بالرسالة، لابد منه في نفسه. فكل من ‏اعتقد أن الله تعالى واحد في ملكه لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله فهو معتقد لمعنى ‏الشهادتين.. سواء فهم ذلك من لفظ الشهادتين، أو عرفه من خارج. فلا يجب على الناس ‏فهم دلالة الشهادتين. وقد غلط في هذا جهال الطلبة والمتفقرة، فيظنون أن كل من لا ‏يحسن تفسير لا إله إلا الله، ولا أحاط بما فيها من نفي وإثبات، واستغراق واستثناء فليس ‏بمؤمن. وهذا غلط فاحش وجهل واضح، فإن معرفة هذه المعاني علم آخر، يختص بالعرب ‏أهل اللسان، وبالعلماء به. ولم يكلف الله تعالى عباده به، فمنهم الأعجمي الذي لا يدري ‏دلالة تلك الألفاظ أصلا، فالواجب عليه أن يترجم له مضمونها كما قلنا أولا. فإذا اعتقده ‏كفاه. فكل من يسأل العامة عن معنى لا إله إلا الله ويطلب منهم معرفة ذلك من لفظها فهو ‏جاهل. ولم يجعل الله في الدين من حرج، فقد قال تعالى ﴿وما أرسلنا من رسول إلا بلسان ‏قومه﴾ وذلك فضل منه تعالى ورفق بعباده، كما قال نبينا صلى الله عليه وسلم: «خاطبوا ‏الناس بما يفهمون» ونبينا أيضا، بعثه الله بلسان قومه، وبه تكلم وبه جاءت كلمة: لا إله ‏إلا الله. فقومه يعرفونها، ويعرفون المراد بها. ولما عمّت شرعته العرب والعجم، وجب أن ‏يترجم للعجم معناها بلغتهم ليعتقدوه، ولا يطلبون بلفظها كما لا يطلبون بألفاظ القرآن ‏والحديث أن يفهموها بل بمضمونها والله الموفق.‏

  وأما ما ذكره من دفع الزكاة للعلماء، ولو كانوا أغنياء على ما وقع في كتاب الحفيد، ونقله ‏الجنان على لفظ المختصر فليس هو المذهب ولا تجوز الفتوى به. فإن مصرف الزكاة هو ‏الأصناف الثمانية، وآياتها محكمة بإجماع. والعلماء والقضاة ونحوهم يعطون من بيت المال ‏كفايتهم ولا حاجة بهم إلى الزكاة. فإن لم يكن بيت مال أو تعذّر، فمن احتاج منهم أعطي ‏منها، وهو أولى الناس بها حينئذ، والله حسيب لمن يتصدى للفتوى في دين الله في الأوراق. ‏ولا يأخذ العلم عن أهله فيكون من الضالين المضلين كما وقع في الحديث، نسأل الله ‏العافية والسلام.‏

  كتاب: «رسائل أبي علي الحسن بن مسعود اليوسي» الجزء الثاني: 565-566، جـمع وتحقيق ودراسة: فاطمة خليل القبلي. ‏مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء. نشر: الشركة الجديدة دار الثقافة، الدار البيضاء.‏

انتقاء: ذة. نادية بومعيزة

Science

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق