الرابطة المحمدية للعلماء

قراءة في ندوة جهود علماء القرويين في خدمة المذهب المالكي

دعوة إلى تعميق النظر والفحص لأمهات المسائل وكليات القضايا المتصلة بتراث القرويين

 

إعداد: الدكتور إدريس غازي

شكلت القرويين بجامعها أقدم جامعة إسلامية أسهمت في إثراء وإغناء العلوم الإسلامية بمختلف فروعها . وقد نال المذهب المالكي نصيبا من هذه العناية، ففي أحضان القرويين انبثقت المدرسة الفاسية على يد مؤسسها دراس بن إسماعيل (تـ357هـ)، وبين أرجائها امتدت سلسلة الحلقات العلمية التي كانت مقصد العلماء من مختلف أنحاء العالم الإسلامي، فالقرويين منذ تأسيسها شهدت علماء فضلاء وفقهاء أجلاء ما فتئوا رحمهم الله يجتهدون في خدمة المذهب المالكي تأصيلا وتفريعا، استنباطا واستدلالا، تحقيقا وتنزيلا .

ويشهد لذلك الدرر المنثورة التي خلفها هؤلاء الجهابذة من الأعلام حول المذهب المالكي مما كان لهم تأثير واضح وخاص لدى علماء العالم الإسلامي .

ذلكم هو ما اختصت به أشغال هذه الندوة العلمية الدولية المباركة، التي افتتحت أعمالها نخبة وازنة من علماء المغرب والعالم الإسلامي الذين أكدوا على الدور الريادي والثقافي لعلماء القرويين عبر التاريخ، وكذا الإشعاع العلمي الذي امتدت آثاره إلى مختلف الأصقاع والبقاع .

وهكذا جاءت الجلسة الافتتاحية لتكون أساسا ومدخلا للجلسات العلمية التي أثثت المشهد العلمي للندوة، بدءا بجلسة علماء القرويين وترسيخ المذهب المالكي التي وضحت وجلت الدور الهام الذي اضطلع به علماء القرويين في تثبيت وترسيخ المذهب المالكي وحفظ الهوية الدينية للأمة.

فكانت محاورها الست معالم مدخلية إلى عمران القرويين عبر علوم وعرفان علمائها وأعلامها وخاصة أساطين المذهب المالكي، المذهب الذي  ترسخت أصوله وتوطدت دعائمه وتنزلت مبادئه في السياق التداولي المغربي، عبر جهود واجتهادات المدرسة الفاسية التي كان جامع القرويين محضنها الأول والمستمر عبر حلقات التاريخ الإسلامي بالمغرب .

وهكذا حاولت جلسات الندوة الست إعطاء مقاربة شاملة للعطاء العلمي لدى أعلام القرويين، فكانت المقاربة التاريخية التي تغيت التحقيق العلمي في بعض القضايا ذات الصلة بالتأريخ لأعلام القرويين وتجلية أدوارهم الطلائعية في التمكين للمذهب المالكي .

وهناك المقاربة التفاعلية التي تتقصى إبراز البعد التواصلي لأعلام القرويين من خلال استجلاء صلاتهم العلمية وتبين مظاهر التفاعل الثقافي الذي طبع الممارسة الفكرية لهؤلاء الأعلام بطابع الامتداد واتساع الآفاق.

وهناك المقاربة التأصيلية التي تسحضر الجهد العلمي التأصيلي المذهبي لدى علماء القرويين من خلال تقريب مقالاتهم حول مناهج الاستنباط عندهم وآليات التنزيل لديهم.

ثم هناك المقاربة الاستشرافية التي تخترق أسوار الأزمان وتتعقب المآلات من خلال مطارحة قضايا وسؤالات التجديد والاجتهاد المبدع ، تلكم القضايا والأسئلة التي تطارحها أعلام القرويين في سياقاتهم العلمية والعملية ،واستشرفوا أجوبة لها في أنفسهم وفي الآفاق من حولهم، فكانت المقاربة لسيرهم والاستكناه لتجاربهم موجهان بروح الاستشراف وفتح أبواب الاستكشاف .

تلكم أهم الجوامع الناظمة لتفاصيل أشغال هذه الندوة العلمية المباركة التي جعلت من المذهب المالكي أولى مداخل التعريف بالتراث المعرفي والعرفاني لدى أعلام القرويين، ونحن عاقدون العزم بإذن الله في لاحق الندوات على تعميق النظر والفحص لأمهات المسائل وكليات القضايا المتصلة بتراث القرويين التليد .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق