مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبيةقراءة في كتاب

قراءة في كتاب «من أسرار الجمل الاستئنافية دراسة لغوية قرآنية للدكتور أيمن عبد الرَّزَّاق الشَّوا»

كان مما دعا الكاتب إلى تأليف كتابه هذا ما ذكره في مقدمة الكتاب حيث يقول:«ورأيت أن الجملة الاستئنافية لم تنل حظا وافرا من الدراسة والبحث والتحقيق، فجاء هذا الكتاب جديدا في موضوعه وفي منهجه توخيت فيه الوضوح والبيان والبعد عن وعورة الأسلوب وقسوة التعقيد» [1] 
صدر المؤلف كتابه هذا بتمهيد بين فيه أهمية الجملة الاستئنافية، التي هي في نظره «تاج الجمل العربية» لما تحققه من أغراض ووظائف وما يدور حولها من أسرار ولطائف. 

 

 

كان مما دعا الكاتب إلى تأليف كتابه هذا ما ذكره في مقدمة الكتاب حيث يقول:«ورأيت أن الجملة الاستئنافية لم تنل حظا وافرا من الدراسة والبحث والتحقيق، فجاء هذا الكتاب جديدا في موضوعه وفي منهجه توخيت فيه الوضوح والبيان والبعد عن وعورة الأسلوب وقسوة التعقيد» [1] 

صدر المؤلف كتابه هذا بتمهيد بين فيه أهمية الجملة الاستئنافية، التي هي في نظره «تاج الجمل العربية» لما تحققه من أغراض ووظائف وما يدور حولها من أسرار ولطائف. 

وقد انتظم عمل المؤلف هذا في ستة فصول، أولها:دور الجملة الاستئنافية عند النحويين والبيانيين، وثانيها: في مقاصد الجمل الاستئنافية وما يدور في فلكها، وثالثها: في ارتباط الجملة الاستئنافية بأدوات المعاني، ورابعها: من قضايا الجملة الاستئنافية، وخامسها: من أسرار البلاغة والنظم في الجمل الاستئنافية، أما الفصل السادس: ففي بيان مسائل وتوجيهات في رحاب جمل الاستئناف.

يتحدث المؤلف في الفصل الأول من الكتاب عن معنى الاستئناف ثم دور الجملة الاستئنافية عند النحويين والبيانيين، وبين تقصير المعربين في دراسة هذه الجملة، وخاصة حين يهتمون بإعراب الجمل فهم يكتفون بقولهم: «جملة استئنافية لا محل لها من الإعراب»، أما ما غرضها وما وظيفتها في سياق الكلام فمما أهمل في غالب الكتب، واعتبر الجملة الاستئنافية هي تاج الجمل العربية، ودراستها تتم في رحاب علم المعاني بشكل خاص لأن معرفتها إنما ترتبط بمعرفة سياق الكلام، [2] ،  كما وضح الفرق بين الجملة الابتدائية والمستأنفة، بقوله: «حتى لا يختلط مصطلح الابتداء والاستئناف جعل العلماء بعض الفروق بينهما فقالوا: الابتداء على نوعين:

 الأول: «الابتداء الحقيقي»: فهو الابتداء بالشيء أمام المقصود بحيث لا يتقدم على ذلك الشيء شيء ما.

 والثاني:« الابتداء الإضافي»: فهو الابتداء بالشيء أمام المقصود سواء أتقدم على ذلك الشيء شيء آخر غير المقصود أم لم يتقدم، فهذا أعم من الأول، وسمي إضافيا لأن الابتداء ليس ابتداء وتقدما على كل شيء، بل هو ابتداء بالنسبة إلى شيء معين،[3] مفصلا القول فيما تعرض له «ابن هشام» و«الدسوقي» و«فضل عباس حسن» في هذا الصدد، [4] وشرح موضوعا مهما يتعلق بجملة الاستئناف؛ لتجدد المعاني وهو البحث الذي درسه النحويون في أبواب متعددة سميت بقطع الصفة والبدل والعطف فأبرزوا الصلة والرابط بين الصفة والموصوف، والبدل والمبدل منه والعطف والمعطوف عليه، مستمدا ذلك من أهم كتب النحو:ككتاب سيبويه،  كما جمع بعض المسائل المتعلقة بالاستئناف وأسلوب الاختصاص اللغوي أي الأسلوب الذي يقدر فيه المفسر أو الشارح بعض الكلام السابق بتقدير: أعني أو أخص دون نظر إلى مدح أو ذم ونحو ذلك ،[5] كما تحدث عن قطع صفة المنادى المعطوف عليه آخر، ثم قطع التوكيد وبعض المسائل المهمة كالحديث عن الاستئناف والتناسب مما له علاقة بالتفسير خاصة.

ينتقل المؤلف بعد ذلك إلى الفصل الثاني، وفيه تحدث عن مقاصد الجمل الاستئنافية وما يدور في فلكها، وهو أطول فصل في الكتاب، فيه عرض مفصل لأغراض الجملة الاستئنافية ومقاصدها مستنبطة من كتب البلاغة خاصة ومن كتب التفسير وأعاريب  القرآن وكتب النحو عامة  وهي واسعة جدا منها ما تتضمنه المعاني اللغوية والأدبية؛ كالدعاء والتعظيم والردع والتوبيخ، ومنها ما تنتظمه المعاني البلاغية؛ كالتذييل والتكميل والاحتراس والرجوع وبراعة الاستهلال وحسن التخلص، وقد راعى المؤلف في أكثر هذا الفصل شيئا من التفصيل والتحليل؛ لما تستدعيه أهمية هذه الجملة الاستئنافية، كما عني بالتطبيق والتمثيل؛ لترسيخ فهمها واستيعابها وبيان ترتيب المعاني المتآخية التي تتلاءم في هذه الجمل وما تحققه من الأسرار والمقاصد والأغراض، لغوية ونحوية وبلاغية.

وقد جمع هذا الفصل ما يقارب خمسين غرضا تحققها هذه الجمل، وهو أمر لا بد للمعرب أن ينتبه عليه ولا بد للمفسر ولشارح النص الأدبي أن يوجه العناية إليه[6].

وفي الفصل الثالث حديث عن ارتباط الجملة الاستئنافية بأدوات المعاني، لما لها من قيمة تعبيرية كبرى في سياق الكلام، وتتبع هذه الجمل أمر مهم يكسب مزيدا من التذوق لمعاني الكلام وأسراره ويبين مناحي الفصل والوصل بدقة واقتدار، حيث قدم المؤلف أشهر أدوات المعاني التي حققت الاستئناف بارتباطها بالجمل ذكر منها: 

الاستئناف بالواو 

الاستئناف ب «الفاء» 

الاستئناف ب «ثم» 

الاستئناف ب «حتى »

الاستئناف ب «أم المنقطعة» 

الاستئناف ب «بل»

الاستئناف  ب «أو» 

الاستناف ب «لكنَّ ولكنْ» 

الاستئناف ب «على» 

الاستئناف ب «إلا»  

الاستئناف ب «إما» 

الاستئناف ب «ليس و لا يكون» 

الاستئناف ب «خلا وعدا» 

الاستئناف ب «لاسيما »

الاستئناف ب «هل» 

الاستئناف ب «بله» 

الاستئناف بعد «بينا وبينما» 

الجملة بعد «قلما» 

الجملة بعد «ربما» 

الجملة الواقعة بعد «إنما» 

الاستئناف ب «كما» 

الاستئناف ب «مذ ومنذ»

الجملة الاستئنافية بعد «إذا الفجائية» 

الاستئناف ب «إذن»

الجملة بعد «ما النافية» 

الجملة بعد «أدوات العرض والتحضيض»

الجملة الاستئنافية بعد «أما» 

الجملة الاستئنافية بعد «ألا وأما»

الجملة بعد «أدوات التعليق غير العاملة» 

الاستئناف ب «لوما» 

الاستئناف ب «لا»

واستكمالا لدور الجملة الاستئنافية التي هي تاج الجمل العربية كما وصفها المؤلف جاء الفصل الرابع  بعنوان: من قضايا الجملة الاستئنافية، وفيه أغراض كثيرة، وموضوعات متنوعة، ومسائل دقيقة، الغرض الأساسي منها تمييز الجملة الاستئنافية من  غيرها، مما يشبهها أو يقاربها أو يدور في فلكها، أو يتداخل إعرابها ويختلط، ومن أهم قضايا الجملة الاستئنافية التي ذكرها المؤلف في هذا الفصل:

«تعدد إعراب الجمل» 

«تعدد جمل الاستئناف »

«الاستئناف بين تجاذب المعاني والإعراب »

«بين الاستئناف والحال» 

«بين الاستئناف والنعت» 

«بين الاستئناف والعطف»

«بين الاستئناف والبدل» 

«بين الاستئناف وحكاية القول» 

«بين الاستئناف والتعليق»

«بين الاستئناف والخبر »

«بين الاستئناف والفاعل»

«بين الاستئناف وجواب الشرط الجازم»

«بين الاستئناف والاكتفاء »

«بين الاستئناف وجواب الطلب» 

«بين الاستئناف وجواب الأمر بالفاء»

«بين جواب النداء والابتداء» 

«بين الاستئناف والاعتراض» 

«حذف الجملة الاستئنافية»

وخص هذا الفصل للحديث عن هذه القضايا وتعدد الوجوه الإعرابية للجملة الواحدة، وهو أثر من آثار البلاغة العربية، وفيه أيضا حديث عن مسائل مهمة في رحاب الجمل الاستئنافية.

بعد ذلك يعقد المؤلف الفصل الخامس للمناقشة الدقيقة التي أبدعها الجرجاني في دلائله حين عرض لأسرار البلاغة والنظم في الجمل الاستئنافية من خلال دراسته للفصل والوصل.

وجاء الفصل السادس والأخير لترسيخ فهم هذه الجملة، فعرض مسائل وتوجيهات في رحاب الجملة الاستئنافية، فيها المجال الميسر لحل المشكل من الأعاريب وتذييل الصعب منها، وتبيين المبهمات التي تستعصي على كثير من المعربين، مما جعلهم يطلقون أعاريب غير سديدة، ويوجهون الكلام توجيها غير مستقيم، ومن أبرز هذه المسائل والتوجيهات: مسألة التعليل بالجملة وبالمصدر المؤول، ومسألة ارتباط لام التبيين بجملة استئنافية مقدرة  وغيرها من التوجيهات والمسائل  الكثيرة التي وصلت لثلاثين مسألة بسط فيها القول بسطا.

منهجه:

   اقتضت طبيعة كتاب «من أسرار الجمل الاستئنافية في القرآن الكريم دراسة لغوية قرآنية» أن يؤسس على المنهج الوصفي التحليلي، فَجَمع الشواهد التي بُني عليها البحث يحتاج إلى كل من الوصف والتحليل، بغية تبسيط مسائله ولغته وكشف غوامض فنونه، إضافة إلى الشواهد الوفيرة التي عزز بها المؤلف كتابه،  تنوعت بين القرآن الكريم والسنة النبوية والشعر العربي وغيرها من الشواهد التي اعتمدها في سن قواعد الجمل الاستئنافية وأسرار ها، وهذا مايتيح الفهم الراسخ لبناء الجملة الاستئنافية وأواصر القربى بينها وبين سابقتها من خلال النظم البياني والأغراض والمقاصد التي تحققها. 

كما لا يخفى على القارئ تنوع مصادر هذا البحث؛ لارتباطه بعلم المعاني وعلم النحو وعلم التفسير فاقتضى الرجوع إلى أمهات المصادر في تلك العلوم وقد توزعت على الأقسام التالية:

مصادر بلاغية منها: كتاب «دلائل الإعجاز لعبد القاهر الجرجاني» وكتاب «الإيضاح للخطيب القزويني» وكتاب «المطول للتفتازاني» وغيرها.

مصادر في علم التفسير ولها عناية كبرى بالنحو والإعراب والبلاغة منها: «الكشاف للزمخشري»، و«نظم الدرر في تناسب الآيات والسور للبقاعي» وغيرها.

كتب إعراب القرآن الكريم: «كتأويل مشكل  إعراب القرآن لابن قتيبة»، وكتاب «التبيان في إعراب القرآن للعكبري»، وكتاب «مغني اللبيب لابن هشام الأنصاري » وغيرها. 

كتب النحو العامة وهي كثيرة، قديمة وحديثة ابتداء من «كتاب سيبويه» و«المقتضب للمبرد» وكتاب «الأصول لابن السراج» وغيرها، ومن الكتب المعاصرة :«النحو الوافي لعباس حسن»… وغيره.

كتب اختصت بدراسة أدوات المعاني وارتباطها بسياق الجمل ككتاب« رصف المباني في شرح حروف المعاني للمالقي»، و«الجنى الداني في حروف المعاني للمرادي» وغيرها.

كتب علوم القرآن التي درست بعض أسرار الجمل في القرآن من خلال مباحث المناسبة، ومن هذه الكتب: «بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروز آبادي»، و«الإتقان في علوم القرآن للسيوطي».

خلاصة القول إن هذا الكتاب فيه أغراض كثيرة، وموضوعات متنوعة، ومسائل دقيقة، الغرض الأساسي منها تمييز الجملة الاستئنافية من غيرها، مما يشبهها أو يقاربها أو يدور في فلكها، وكل فصل من فصول هذا الكتاب منه ما يَجِلُّ، ومنه ما يدقُّ، جمع بين طريقة المتقدمين من سعة الشرح والبيان والاعتماد على الأمثلة والشواهد حتى تستبين للقارئ خصائص الجملة الاستئنافية وأغراضها وأسرارها، ويسهل على المعرب بيانها بشكل سهل، فضلا عن طريقة المتأخرين من حسن الترتيب والتبويب، وجمع ما تفرق من قواعد هذه الفنون محققا مبتغى العلامة «عباس حسن» حيث قال :

«ولعلي أحقق مبتغى علامة العربية الأستاذ عباس حسن من دراسة النحو الآن …  بتجديد يبعث الحياة في قديمه، أو تنظيم يجمع ما تفرق منه أو نوع من الإصلاح والتيسير يشيع فيه البهجة، ويحببه إلى النفوس، ويبعد عنه ما اشتهر به من جفاف وقسوة »[7]  

ـــــــــــــــــــ

الهوامش:

 [1] [من أسرار الجمل الاستئنافية دراسة لغوية قرآنية] ص:6]

[2] [من أسرار الجمل الاستئنافية دراسة لغوية قرآنية] ص:19]

[3] [من أسرار الجمل الاستئنافية دراسة لغوية قرآنية] ص:34-36]

[4] [من أسرار الجمل الاستئنافية دراسة لغوية قرآنية] ص:34]

[5] [من أسرار الجمل الاستئنافية دراسة لغوية قرآنية] ص:42] 

 [6] [من أسرار الجمل الاستئنافية دراسة لغوية قرآنية] ص:57-58].

[7] [من أسرار الجمل الاستئنافية دراسة لغوية قرآنية] ص:13]

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق