الرابطة المحمدية للعلماء

الترجمة وسؤال الأصل.. في ندوة علمية بالبيضاء

فعل الترجمة بين مفهومها عند المترجمين ومفهوم الأصل

أصل الترجمة وماهية فعل الترجمة هي قضايا من ضمن أخرى حاول معنيون بهذا المجال مقاربتها ومحاولة الإجابة عنها خلال ندوة نظمت في إطار الدورة 16 للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء تحت عنوان “الترجمة وسؤال الأصل”.

وتفرعت عن هذا السؤال المحوري، أسئلة أخرى لا تقل إشكالية عن الأولى، فبالنسبة للناقد رشيد بنحدو، ونقلا عن بورخيس وبلونشو، فكل ما يقال أو يكتب سبق أن قيل أو كتب أو لم يقل بعد أو سيقال.

وبالتالي يجوز، حسب بنحدو، “التساؤل أصلا عن وجود أصل للنص المترجم”، مضيفا أن “الأصل هو أصل لأصل سابق”، كما أن “الأصل طرف في ثنائية” وجه عملتها الثاني هو “النسخة”.

وعن هذه الإشكالية، استشهد المترجم إبراهيم الخطيب بترجمة قام بها كل من خورخي لويس بورخيس ومارغريت يورسونار للكاتبة الإنجليزية فرجينيا وولف، وأنتجت هذه الترجمة، حسب الخطيب تصورا متباينا ورؤية مختلفة للنص الأصلي، “رؤية مختلفة للشيء الأدبي ذاته”.

وخلص إبراهيم الخطيب إلى أن فعل الترجمة هو “جماع لأصوات متعددة وتلاقح للنصوص”، مضيفا أن “النص الأصلي وهم”.

وفعل الترجمة حسب الباحث فريد الزاهي، الذي مارس الترجمة والتنظير لها، “فعل يخترق كل شيء، فعملية الترجمة عملية تخترق وجودنا كله من خلال الانتقال من سجل لآخر ومن لغة لأخرى”.

وأضاف الزاهي أن الترجمة هي بطبيعتها “ضد الأصل، ومجاوزة وتخط لمفهوم الأصل”، فالمترجم لا يترجم إلا لأنه يغيب النص الأصلي، أو ينسي القارئ النص الأصل.

ويعيش المترجم نفسه، في رأي الزاهي، داخل صراع يتحدى فيه نفسه كمترجم، من هذه الصراعات وقوفه على “أصول” إما “ممتنعة” (كنص عبد الكبير الخطيبي مثلا)، أو “متمنعة”، أو “مباحة”، أو “استباحية”.

ويولد مفهوم “الأصل”، وهو مفهوم فلسفي، أسئلة من قبيل القدرة على فهم الجزئيات والكليات داخل النص الأصلي، والقدرة على التأويل. وخلص الزاهي إلى أن أصل الترجمة هي ممارسة لكتابة سابقة.

وانطلاقا من تعريفات لعدد من المهتمين، سواء منهم الغربيون أو العرب القدامى، حلل عبد السلام بنعبد العالي مفهومي الأصل والترجمة، إذ أكد أن الفلاسفة اهتموا بهذه المفاهيم لتطهير الاستنساخ من شحنته اللاهوتية والأخلاقية.

وقال بنعبد العالي إن البحث عن الأصل لا يؤسس بل يربك ويجزيء ما نراه موحدا، وهذا الإرباك هو الذي تتعرض له النصوص عندما تترجم.

فالترجمة، يضيف بنعبد العالي، هي زحزحة الأصل عن موقعه، كما أن الترجمة تشكل تاريخ النص وتساهم في ابتعاد النص الأصلي عن ذاته ومكانه المميز، والترجمة ترسب بقايا نقلت من كل رقابة قبلية. وخلص إلى أن الخيانة في الترجمة من صميم النصوص قبل أن تكون من صميم المترجم.

 

(عن و.م. ع)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق