الرابطة المحمدية للعلماء

التراث الإسلامي المخطوط في المكتبات التركية يناهز 250.000 مجلدا

دور الخلافة العثمانية في الحفاظ على التراث العلمي الإسلامي

تزخر المكتبات التركية بتراث علمي نفيس من المخطوطات في مختلف العلوم والفنون الإسلامية وبمختلف لغات العالم الإسلامي، وهو التراث الذي ما كان من الممكن تجميعه والحفاظ عليه لولا الامتداد والنفوذ الحضاري للخلافة العثمانية..حيث يقدر المختصون هذه الثروة، وفق ما جاء بدراسة للباحث محمود السيد الدغيم، بحوالي250,000 مجلد تشمل حوالي 160,000 مجلد مكتوبا باللغة العربية، وزهاء 70,000 مجلد باللغة التركية، وما يناهز 13,000 مجلد باللغة الفارسية، ويوجد في مدينة إسطنبول حوالي 146,000 مجلد من مجموع هذه المخطوطات. إلى جانب العديد من المخطوطات المكتوبة باللغات اليونانية، والأرمينية، والسُّرْيَانِيَّة، وغيرها من اللغات..
ومعروف أن المكتباتُ العثمانية قد ورثت مخطوطات من المكتبات الأموية، والمكتبات العباسية، والمكتباتِ السلجوقية والأرتقية ثم المملوكية..

ولم تقتصر مُحتويات المكتبات العثمانية على المخطوطات القديمة، وإنما ضمّت ما أُلِّف وتُرجم بناء على طلب السلاطين العثمانيين، وما كُتب برسم مُطالعتهم، وأصبحت المكتبات العثمانية مكتبات عالمية في عهد محمد الفاتح الذي شجَّعَ العُلماء على التأليف، وحث المترجمين على الترجمة، والنُّسَّاخَ على استنساخ المخطوطات، واقتفى أثرَهُ ولدُهُ أبا يزيد الثاني، وحفيدُه سليمُ الأول الذي ورِثَتْ في عَهْدِهِ المكتباتُ العثمانيةُ بعضَ مخطوطاتِ المكتباتِ المملوكيةَ فحصَلَتْ نقلَةٌ نوعِيَّةٌ في تطوُّر المكتبات العثمانية، ثم بلغت الذُّروةَ في عهد الخليفة سُلَيْمَاْن القَانُوْنِيّ..

ولما أسس سِنَان بن عبد المنّان، مُجمَّعَ السُّلَيْمَانِيَّة، للسُّلطان سُلَيْمَاْن القَانُوْنِيّ ضَمَّنَهُ الجامع والمكتب والمدارس ودار الحديث والكلية الطبية والمكتبة وغير ذلك من الملحقات، وبرزت مكتبة السُّلَيْمَانِيَّة التي لبَّتْ حاجة العلماء والطلاب، وأُضيفت إليها مُؤلفاتُ العُلماء الذين درَّسوا في جامع السُّلَيْمَانِيَّة ومدارسِها، ولم تتوقَّف حركة إثراء المكتبة بالمخطوطات بل استَمَرَّت في عهود الخلفاء العثمانيين الذي جاؤوا بعد أمير المؤمنين سُلَيْمَاْن القَانُوْنِيّ، والوقفياتُ تؤكِّد لنا أن السلطان محمود الأول قد افتتح رسمياًّ مكتبة آياصوفيا سنة 1153 هـ/ 1740م، وافتتح مكتبة الفاتح سنة 1155 هـ/1742م. وأضاف إلى مجموعة السُّلَيْمَانِيَّة أكبرَ عددٍ من المخطوطات الموقوفة فيها في إطار خطته التي رَمَت إلى تأسيس المكتبات في كافَّةِ بُلدان الخلافة الإسلامية العثمانية، وقد شَكَّلَتْ هذه المجموعة من المخطوطات مع ما سَبقَها نَوَاةَ مجموعة السُّلَيْمَانِيَّة الموجودة في مكتبة السُّلَيْمَانِيَّة في الوقت الحاضر.
ومن المعلوم أنه لم يبقَ في مكتبات التراث الإسلامية وغير الإسلامية من ملايين المخطوطات الإسلامية القديمة سوى أقلّ من ألف مخطوطة مِمَّا كُتب خلال الخمسمائة سنة التي أعقبت الهجرة النبوية، وتوجد من تلك المخطوطات القديمة أربعون مخطوطةً معروفةً في إطار مجموعات مكتبة السُّلَيْمَانِيَّة، ومنها: مخطوطة “كتاب المأثور في اللغة” لأبي العَمَيْثِلْ الأعرابي ت 240هـ/853م، ومخطوطة كتاب «المدخل في علم أحكام النجوم» لأبي معشر البلخي ت 272هـ/ 886م، ومخطوطة كتاب «دقائق التصريف» لأبي القاسم بن محمد بن سعيد المؤدِّب معاصر أبي زيد البلخي، وقد ألف كتابه سنة 338هـ/ 949م، ومخطوطة «مراثٍ وأشعار» لأبي عبد الله محمد بن العباس اليزيدي ت 310هـ/ 933م، ومخطوطات كتاب «الحجّة في القراءات السبع» لأبي علي الفارسي. ومخطوطة «أدب الكاتب» وهي بخط العباس بن أحمد بن موسى بن أبي موّاس ت 396 هـ/ 1005م. ومخطوطة «ديوان الأدب» لإسحاق بن إبراهيم الفارابي، وهي بخطّ عليّ بن آرْسلان سنة 391 هـ/ 1000م. ومخطوطة «علل الحديث ومعرفة الرجال» لإمام أحمد بن حنبل، وهي بخط محمد بن الصواف ت 349 هـ/ 960م، ومخطوطة «مناقب الإمام الشافعي» لمحمد بن الحسين السجستاني ت 363 هـ/ 973م، ومخطوطة «أخبار أبي تمّام» لأبي بكر الصولي ت 335 هـ/947م، ومخطوطة «أدب الكاتب» لابن قتيبة الدينوري ت 276 هـ/ 889م. ومخطوطة «الحجة في شرح القراءات السبع لأبي بكر بن مجاهد» الشارحُ أبو علي الفارسي ت 377 هـ/ 987م.

وتحتوي مجموعة السليمانية على مخطوطات قيِّمَة نفيسة، بعضُها قديمٌ كما هو الحال في مخطوطات كُتُب: «أسباب النزول للواحدي»، وتاريخ نسخه سنة 484 هـ/ 1091م، في المدرسة النظامية في بغداد، و «تفسير البغوي»، تاريخ نسخه سنة 572 هـ/ 1176م، و «الشروط من كتاب الذخيرة في الفتاوى»، لمحمود ابن مازة المرغيناني ت 616 هـ/ 1219م، و «رسوم القضاة: الشروط والسجلات»، للسمرقندي، و «خلاصة المختصر»، للغزالي، وتاريخ نسخه سنة 598 هـ/ 1201م، و «أدب القاضي من الحاوي» للماوردي، وتاريخ نسخه سنة 599 هـ/ 1202م، و «الغاية في اختصار النهاية»، للعز بن عبد السلام ت 660 هـ/ 1262م، و «المغرب في ترتيب المعرب»، للمطرزي، وتاريخ نسخه سنة 661 هـ/ 1263م، و «الحاوي في الطب»، للرازي، و «صحاح الجوهري»، وتاريخ نسخه سنة 682 هـ/ 1283م، و «أسرار التنزل وأنوار التأويل»، لفخر الدين الرازي، وتاريخ نسخه سنة 737 هـ/ 1337م، و «المصباح شرح تلخيص المفتاح»، للتبريزي 757 هـ/ 1356م.
وبعض مخطوطات مجموعة السليمانية مكتوبة بخطوط مؤلفيها كما هو الحال في مخطوطات كُتُب: «الطبقات السنية في تراجم السادة الحنفية»، للتميمي، و «تفسير» مُحَمَّد بن أحمد بن أبي بكر بن رسلان البلقيني، و «تنوير البصائر على الأشباه والنظائر»، لشرف الدين بن عبد القادر الغزي، و «الاتحافات السنية في الأحاديث القدسية»، للطربزوني المدني، و «تحفة الأخوان في بيان الحلال والحرام من الحيوان»، وحاشية على منسك الحج، للطربزوني المدني، وحاشيته على مختصر منية المصلي، للحلبي، وسبع رسائل، وحاشية على ملتقى الأبحر، للطربزوني المدني، ورسالة في صوم عاشوراء، وجواب عن أسئلة سأله عنها رجل من أهل قَرص، (قارس)، ورسالة في بيان أوهام صحاح الجوهري، ورسالة في بيان الأضداد، ورسالة في بيان المثلثات،ورسالة في عدم جواز تكفير المؤمن، ورسالة في طريق الاحتساب والنصيحة، وإجازات الطربزوني المدني، من الشيخ مُحَمَّد بن الطيب المغربي الفاسي، ثم المدني المَكِّيّ سنة 1156 هـ/ 1743م، والشيخ مُحَمَّد بن حسن بن همّات سنة 1170 هـ/ 1757م..

وبعض مخطوطات السليمانية تحتوي على إجازات كما هو الحال في مخطوطات كُتُب: تفسير البغوي، ومصابيح السنة، للبغوي، والوافي بالوفيات، للصفدي، ومفتاح العلوم للسكاكي، وتاريخ نسخه سنة 721 هـ/ 1221م، وهو مضبوط بالحركات، ومطالع المسرات شرح دلائل الخيرات، للفاسي..

وبعض المخطوطات مُتقنة حيث تَمَّت مقابلتُها على مخطوطات مُعتبرة كما هو الحال في مخطوطات كُتُب: «الجامع المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز»، لابن عطية، و«تفسير ابن كثير»، تفسير أبي السعود، المُسَمَّى بـ «إرشاد العقل السليم»، و«الوسائل إلى معرفة الأوائل»، للسيوطي، و«لب اللباب في تحرير الأنساب»، للسيوطي، و «التعريفات»، للجرجاني، و«العجالة السنية على ألفية السيرة النبوية» للمناوي، و«شرح أشكال التأسيس»، للسمرقندي، و«الشفا بتعريف حقوق المُصْطَفَى»، للقاضي عياض، تم تصحيح هذا الكتاب مع الإقراء على يد الشيخ مُحَمَّد بن مَحْمُوْد المدني الطربزوني.

وبعضها نادرٌ مثل: «رسالة في بيان الفِرق الضالة»، للشيرازي، و «التيسير في علم التفسير»، لعمر النسفي  ت537 هـ/ 1142م، و «دلائل الخيرات»، بخط الشيخ محمد المدني الطربزوني وقد كتبها بثلاثة ألوان حسب النسخ المنقولة منها، وتلك طريقة بديعة في التحقيق.

وبعض المخطوطات يمتاز برُقيّ الصنعة من حيث حُسن الخطّ المضبوط، والتذهيب والتجليد الْمُتقن كما هو الحال في كتب: «صحيح البخاري»، و «المجتبى المعروف بالسنن الصغرى»، للنسائي، و «دُرر الحكام»، لمنلا خسرو، و «المحيط الرضوي»، للسرخسي، و «مختارات النوازل»، للمرغيناني، و«ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى»، لمحبّ الدين الطبري، و «شمائل النبي» صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم للترمذي، و «عمدة الحساب في الفروض المقدّرة بالكليات»، لنصوح السلاحي المطراقجي، و «النهاية في غريب الحديث»، لابن الأثير، و «مصابيح السنة» للبغوي، وعلى هامشه شرح لعلي القاري من أوله إلى آخره؛ وبخط مُحَمَّد مَحْمُوْد سنة 1132 هـ/ 1720م.
 (عن صحيفة الحياة اللندنية بتصرف)

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق