الرابطة المحمدية للعلماءأخبار الرابطة

اختتام أشغال ندوة “جهود علماء القرويين في خدمة المذهب المالكي”

الشيخ محمد بن حماد الصقلي: ندوة مركز دراس انطلاقة جديدة لخدمة المذهب المالكي وحافز يربط مجد الحاضر بمجد المستقبل

إيمانا بأهمية ما خلفه علماء القرويين من إنتاج علمي، واعترافا بالجميل -لدورهم في خدمة المذهب المالكي- نظم مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوك التابع الرابطة المحمدية للعلماء ندوة علمية دولية حول “جهود علماء القرويين في خدمة المذهب المالكي: الأصالة والامتداد”، احتضنتها رحاب قصر المؤتمرات بفاس، بمشاركة ثلة من علماء القرويين، وأساتذة الكراسي الجامعية بجامع القرويين، ونخبة من الأكاديميين والباحثين من مختلف دول العالم، وذلك طيلة أيام الخميس والجمعة والسبت 17 و18و 19 جمادى الأولى 1432هـ، الموافق  21 و22 و23 أبريل 2011.

وقد توزعت أشغال على ستة محاور أساسية، موزعة على ست جلسات، بالإضافة إلى الجلستين الافتتاحية والختامية، المحور الأول: علماء القرويين ودورهم في تأسيس المدرسة الفاسية المالكية، والمحور الثاني: دور علماء القرويين في ترسيخ المذهب المالكي في المغرب، والمحور الثالث: الصلات العلمية بين علماء القرويين وعلماء العالم الإسلامي، والمحور الرابع: الإنتاج العلمي لعلماء القرويين وموقعه في المنظومة المالكية، والمحور الخامس: مكانة مصادر المذهب المالكي عند علماء القرويين، والمحور السادس: الحركة العلمية بالقرويين على عهد الدولة العلوية.

في كلمته بالمناسبة نوّه الدكتور علي الصقلي، رئيس جامعة القرويين بموضوع الندوة الدولية الذي يهتم من جهة بعلماء القرويين، ومن جهة ثانية بالفقه المالكي؛ حيث شكلت القرويين بجامعها أقدم جامعة إسلامية ساهمت في إثراء وإغناء العلوم الإسلامية بمختلف فروعها. وقد نال المذهب المالكي نصيبا من هذه العناية، وبفضله ـ يضيف الدكتور الصقلي ـ استطاع علماء القرويين الحفاظ على الهوية الإسلامية ببلاد المغرب، وحافظوا على العقيدة السنية في هذه البقاع.

من جهة ثانية  ـ يضيف د. الصقلي ـ كان ملوك المغرب منذ تأسيس الدولة الإدريسية يعتنون بعلماء القرويين ويلونهم العناية اللائقة، ويعتمدونهم في المشورة.. هذا الدعم من طرف ملوك المغرب ـ يضيف الدكنور الصقلي ـ جعل علماء القرويين يجدون وينتجون، حتى أن شعاع الجامعة تعدى المغرب، ووصل إلى الأندلس، وإفريقيا جنوب الصحراء.. وخير دليل على ذلك العلامة دراس بن إسماعيل الذي يعد من أوائل من أدخلوا المذب المالكي إلى المغرب، وبعد هذا العلم البارز تعاقب على الجامعة علماء أفاضل من مختلف التخصصات.

من جانبه أكد الشيخ محمد بن حماد الصقلي، أستاذ كرسي السيرة بمسجد القرويين أن ندوة مركز دراس انطلاقة جديدة لخدمة المذهب المالكي في بلاد المغرب. وقد رصد الشيخ الصقلي مختلف الأدوار التي قام بها علماء القرويين عبر القرون، والتي تجلت عظمتها ومكارمها عبر مستويات مختلفة في علوم شتى.

وعبّر الشيخ الصقلي عن أمله في نشر ما أنتجه علماء القرويين عبر مختلف العصور، معتبرا ندوة مركز دراس حافز حقيقي على أن تربط مجد الحاضر بمجد المستقبل في هذه الأصقاع، والظن في هذا المركز ـ يضيف الشيخ ـ أن تحدث كراسي باسم هذا المركز، وأن يعاد الاهتمام بمدونة سحنون التي استقرت في قلوب وصدور علماء فاس.

من جهته رصد الدكتور عبد الحق بن المجدوب الحسني،  عضو المجلس العلمي المحلي بفاس مسار بناء وتشيد وتطور القرويين عبر مختلف العصور، التي جمعت بين المكان والجامع، وشكلت جامعة للمتعلمين والعلماء يلتقون فيها ويتدارسون العلم وقضاياه، مشيرا إلى أسبقية الجامعة في تاريخ الفكر الإنساني بأكمله.

الأستاذ محمد الملوكي أكد في كلمته بالنيابة عن السيد عمدة فاس، أن فاس بفضل القرويين تعد تراثا إنسانيا، وبفضل علمائها ورجالاتها صنعت فاس مجد هذا الوطن، ومجد الأمة الإسلامية جمعاء. منبها إلى فضل علماء القرويين عبر التاريخ في التصدي ومواجهة الدخيل الفكري، والتطرف الإيديولوجي. داعيا في نفس الوقت إلى العناية بها وإعادة الاعتبار لها من أجل مستقبلنا ومن أجل وطننا، ومن أجل ديننا.

وفي كلمته بالمناسبة حمد الدكتور أحمد عبادي الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء الله حمدا كثيرا لتوفيقه سبحانه فتح هذا السجل المبارك، سجل الجهود الجليلة التي بذلها علماء القرويين في مدينة فاس المحروسة لخدمة مذهب إمام دار الهجرة، الذي يسر الله على يديه توطئة سنة المصطفى وخدمة رسالة الإسلام.

وتعد جامعة القرويين في كل هذا ـ يضيف الدكتور عبادي ـ مسجدا أسس على التقوى منذ أول يوم؛ فأرضه أرض حلال، وماله ماله حلال، وحتى الذين تولوا عقد شراء أرضه كانوا أهل صلاح وخير وبركة(الحسن بن مالك الأنصاري، وعامر بن محمد بن سعيد)، بل إن تلك الثلة الذين كانوا دعامات أسس عليها عمران القرويين ببنيانه وعرفانه كانت ثلة التقوى والعلم والدين، وفي أحضانها ـ أي القرويين ـ انبثقت المدرسة الفاسية على يد مؤسسها دراس بن إسماعيل (ت357هـ)، وبين أرجائها امتدت سلسلة الحلقات العلمية التي كانت مقصد العلماء من مختلف أنحاء العالم الإسلامي.

من جهة  ثانية أكد الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء أن هذه الجامعة أخرجت لنا مشيخة حصنت هذا البلد من الانزلاقات النظرية، والعملية،  والوجودية، التي اشتهرت وعرفت في بيئات أخرى؛ ذلك أن انضواء علماء جامعة القرويين ـ يقرر الدكتور عبادي ـ تحت لواء مذهب إمام دار الهجرة كان وما يزال حضنا حصينا أما كل أشكال المآزق التي تظهر من زمن إلى آخر تحت أي مسمى من المسميات.

وقد أرجع الدكتور عبادي هذه الحالة الفريدة إلى خمسة أسباب: أولها: البحث التأصيلي والتنظير والاستمرار في الحوار مع الكتاب المسطور والوحي. والثاني: الكدح والمكابدة للغرس التعليمي المستمر لأساسيات المذهب. والثالث: التوطئة والتقريب، المتمثل في ما خلفه علماء القرويين من مؤلفات وكتب منها ما هو موجه للتلاميذ والطلبة ومنها ما هو موجه للعلماء المبتدئين، وللجهابذة المبرزين، وهكذا. ثم الرابع: التعاون الراشد والدائم بين العلماء والحكام عبر مختلف الأزمان، وسادسا المواقف المشهودة لعلماء هذه الجامعة المباركة،  من أجل حفظ مصالح الأمة.

الدكتور عبد الله معصر، رئيس مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوك التابع الرابطة المحمدية للعلماء نص في كلمته على أن من آكد  الواجبات على خلف هذه الأمة العناية بما أثر عن سلفها، والعناية بما بذلوه في خدمة المذهب، من أجل ترسيخ الهوية الدينية بالمغرب.

وقد ترسخت بجامع القرويين ـ يضيف الدكتور معصر ـ أعراف علمية ساهمت في النهوض بالحركة العلمية بالمغرب، وتمثلت هذه النهضة في الإنتاج العلمي الذي أنتجه علماء القرويين، والذي شمل الأصول والفروع. وكان محل عناية من مختلف علماء المالكية في أقطار العالم الإسلامي، ومحل عناية خاصة من طرف ملوك المغرب منذ نشأة الجامعة إلى يومنا هذا. داعيا في آخر كلمته إلى ضرورة التعريف بأعلام هذه المدرسة، والعناية بتراثها، وتقريبه من الطالب المبتدي، وتنقيحه للمنتهي.

د.محمد المنتار

• مدير البوابة الإلكترونية للرابطة المحمدية للعلماء.
• رئيس مركز الدراسات القرآنية بالرابطة المحمدية للعلماء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق