مركز الدراسات والأبحاث وإحياء التراثأعلام

أحمد ابن الفقيه الجريري

هو أبو العباس أحمد بن إبراهيم ابن الفقيه السلاوي، العلامة المشارك المفتي المدرس المطالع، ولد بسلا سنة 1277هـ/1861م، في بيت علم وفضل وصون ومجد تليد

اختلف أبو العباس في بداية طلبه إلى شيوخ مسقط رأسه سلا، فحفظ القرآن الكريم واستظهره على الشيخ الحاج أحمد خضور، والحاج محمد بريطل الكبير، وأخذ العلم عن ثلة من أجلاء العلماء، منهم والده القاضي الحاج إبراهيم، والفقيه الناضر الحاج محمد الصبيحي، لازمه مدة طويلة، والمؤرخ أحمد بن خالد الناصري، والمشارك عبد الله ابن خضراء، وغيرهم.

وفي سنة 1298هـ رحل المترجم إلى مدينة فاس؛ لأخذ العلم عن شيوخ القرويين الكبار، أمثال محمد بن المدني كنون، وعبدالمالك العلوي السجلماسي الضرير، ومحمد بن قاسم القادري، وعبدالسلام الهواري، وغيرهم كثير. واستمر أخذه عن هؤلاء إلى حدود سنة1302هـ.

وبعدما تزود بنور العلم، وتشبع بفضائل العلماء، وبدعوة من والده القاضي إبراهيم رجع إلى سلا؛ ليشتغل بسرد صحيح  الإمام أبي عبدالله البخاري بجامعها الأعظم مناوبة مع الشيخ محمد المريني، وبالمسجد نفسه كانت له دروس في علم أصول الفقه، فيما كان يلقي علوم اللغة العربية والفقه  بالزاوية الناصرية بسلا، ويقرأ السيرة النبوية بضريح  أحمد جحي، وكانت له بهذه المواضع دروس أخرى في علوم شتى.

وإلى جانب الإلقاء والتدريس تصدر الجريري للإفتاء على ضوء فقه الإمام مالك ومذهبه، ولم يكن يأخذ على ذلك مقابلا من أية جهة، بل إنه كان رافضا لشغل وظيفة مخزينة، منعه من كل ذلك ورعه وزهده، وإقباله على ربه، وحبه الاعتماد على نفسه في كسب معيشته و قوت يومه.

وفي دَرْسه وحلقته تخرج كثير من الطلبة الذين أضحوا بعده مصابيح العلم، ونجباء العصر في بلدهم، منهم: القضاة الهاشمي بن عبدالله ابن خضراء، وعبدالقادر بن محمد التهامي الوزاني، وحجي زنيبر، ومنهم: الحاج محمد العربي الناصري، والحاج محمد الصبيحي، والحاج محمد بن أبي بكر التطواني، وغيرهم.

إلى جانب هؤلاء الأعلام الذين خلفهم المترجم، خلف أيضا عددا كبيرا من الفتاوى، قام تلميذه أحمد ابن عبدالنبي بجمعها في كناش كبير، ثم تكفل ناضر الخزانة الصبيحية الحاج عبدالله الصبيحي بنشرها بتحقيق الفقيه مصطفى النجار، فخرجت مرتبة على خمسة أبواب هي: الأحوال الشخصية، والبنوة والنيابة الشرعية، والالتزامات والعقود، والوصية والوقف، ثم الشهادات والدعاوى.

توفي رحمه وقد كُفّ بصره سنة 1353هـ/1934م، وكانت جنازته إلى الزواية الدرقاوية حيث دفن مشهودة رهيبة، وبعد أربعين يوما من وفاته أقميت له حفلة تأبينية، ألقيت فيها الكلمات والقصائد مشيدة به وبشمائله الكثيرة.

مصادر الترجمة: من أعلام الفكر المعاصر(35-39)، إتحاف المطالع (2/468)، موسوعة أعلام المغرب (8/3029)، معلمة المغرب (9/2973-2974).

إنجاز: د.مصطفى عكلي.

Science

الدكتور مصطفى عكلي

باحث مؤهل متعاون مع مركز الدراسات والأبحاث وإحياء التراث، التابع للرابطة المحمدية للعلماء بالرباط

عميد كلية الدراسات الإسلامية بالإنابة بجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية

أستاذ مساعد بجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية أبو ظبي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق