مركز علم وعمران للدراسات والأبحاث وإحياء التراث الصحراويمعالم

أثر تلاميذ الشيخ ماء العينين في تدعيم الروابط العلمية بين جنوب المغرب وفاس

لم تنقطع العلاقات بين الصحراء وباقي المناطق المغربية عامة، وفاس على وجه الخصوص، وقد تنوعت هذه العلاقات إلى:
 
ـ علاقات دينية تجلت في انتقال المذهب المالكي والطرق الصوفية من شمال المغرب ووسطه إلى صحرائه.
 
ـ علاقات اجتماعية تجلت في المتاجرة والمصاهرة التي تتم بين الأسر السوسية والأسر الصحراوية.

ـ علاقات علمية (1) تجلت في التعليم، والمراسلات، والإجازات، والمساجلات التي تتم بين علماء المغرب وعلماء الصحراء، وهي التي تهمنا في هذا البحث.

إن الناظر إلى العلاقات الثقافية بين الصحراء وباقي المناطق المغربية ـ ومنها فاس ـ سيلاحظ أنها كانت أكثر حضورا في الربط بين هذه المناطق، وقد قرر الدكتور عباس الجراري عند حديثه عن ثقافة الصحراء أن أولى خصائص هذه الثقافة هي: «أن ثقافة الصحراء كانت دائما ثقافة تواصل، حيث نجد العلماء والأدباء الصحراويين يتوافدون على أقاليم الشمال إما للدراسة والتدريس، وإما للاتصال بالملوك ومدحهم، أو الكتابة لهم»(2).

وليس معنى هذا أن حبل التواصل الثقافي كان دوما ينطلق من الصحراء تجاه الشمال، بل إننا نجد بموازاته خطا آخر «يسير من الشمال إلى الجنوب، ويتمثل في الرحالة الذين اتصلوا بالصحراء وكتبوا عن أقاليمها …، كما يتمثل في الوفود الرسمية التي كانت تزور أقاليم الصحراء …، وكذلك يتمثل في الشعراء الذين مدحوا الشيخ ماء العينين، كالطاهر الإفراني، وأحمد بن المواز، وعبد الرحمن بن زيدان»(3).

هكذا نرى إذا أن حبل التواصل الثقافي والعلمي بين المغرب وصحرائه كان يسير في خطين متوازيين: أحدهما يمتد من الصحراء، والآخر يمتد إليها.

وقد حظيت فاس بنصيب غير قليل من هذا التواصل الثقافي عبر قنوات متعددة: كالتعليم والتعلم، والمراسلات، والإجازات، والمساجلات، التي تتم بين علماء فاس وعلماء الصحراء. ومثال ذلك الشيخ الشهير، والمربي الكبير محمد مصطفى ماء العينين ابن الشيخ محمَّد فاضل الشريف الحسني الإدريسي الشنقيطي صاحب التآليف الكثيرة …، له أتباع في جل أنحاء المغرب في وقته، وتبرك به الناس وأخذوا عنه واستفادوا من علمه وكتبه(4).

ويؤكد هذا زياراته ـ رحمه الله ـ المتوالية لسلاطين الدولة العلوية المغربية لتجديد البيعة، والتشاور معهم في مختلف القضايا التي تهم الوطن، وبلغت زياراته لهم 14 زيارة، منها: ثلاثة زيارات لفاس، من بينها: زيارة في شهر رجب عام 1324هـ/1906م، حيث وقع به احتفال كبير من قبل علمائها ومن أهلها عموما(5). ومما يذكر ابنه مربيه ربه حول هذه الزيارة واحتفاء الخاصة والعامة به قوله: «وفد على السلطان مولاي عبد العزيز ـ ولم ير فاسا قبل ذلك ـ فكان يوم دخوله مشهودا على العادة، مما يفعل السلطان من إخراج العساكر والطبول والبنود وآلات الأفراح، ووجوه الدولة وأبهة الملك، فكان اجتماعا ضخما، واحتفالا شيقا، حتى إنه خرج من العلماء والصلحاء والشرفاء، وأرباب المناصب والتجار، وعامة الناس وخاصتهم، ما لم يخرج من عاصمة فاس قبل ذلك اليوم. ولم يفت يوم من المدة التي قضاها بهذه المدينة إلا وإذا بطائفة تريد الزيارة … ما بين شاعر يمدحه لله، أو ملتمس بركته، أو طالب ورد، أو مصحح لحكم، أو مبتغي إجازة، أو ميمم حاجة كشفاعة، أو حامل هدية، إلى غير ذلك من جميع المسالك …»(6).

وللمكانة التي حظي بها الشيخ ماء العينين عند ملوك المغرب والنخبة السياسية والثقافية المغربية، فتحوا له مجموعة من المدارس والزوايا في قلب المدن المغربية العريقة، منها: «زاوية فاس» التي كانت تلقى بها الدروس العلمية المتنوعة، وتلقن بها أوراد الطريقة القادرية، وبها مكتبة نفيسة، جعل مقدما عليها تلميذه أحمد بن محمد أنفال الملقب الشمس بن عبد المختار الحاجي المتوفى بالمدينة المنورة سنة 1342هـ/1924م، وفي هذا الصدد يقول المختار السوسي: «وكانت الحكومة أقامت للشيخ زاوية في الطالعة بفاس حسنة، انقطع إليها زمنا الشيخ أحمد الشمس حتى انتقل إلى الحجاز حيث فاضت نفسه, كما أقامت له أخرى في رياض الزيتون ويوجد هناك أمام دار ابن داود ضريح لأحد أولاد الشيخ شيدته الحكومة…، كما توجد أيضا كتب مطبوعة على نفقة الحكومة بفاس, وكل ذلك في أيام أحمد بن موسى الذي له أعظم اعتقاد في الشيخ، حتى ليقال أنه نال بركته في تمائم كتبها له, بها نال ما نال من الشفوف, يقال ذلك والله أعلم بصحته، والشيخ معروف بإتقان سر الحرف كما يظهر من كتبه»(7).

 

وساهمت هذه الزواية في خدمة الثقافة والهوية، علاوة على نشر القيم والمثل العليا، ولا تزال توجد هذه الزاوية بدرب السراج في زقاق يربط بين حي البطحاء وحي الطالعة الصغرى. ومن بين أبرز المدفونين بها أحد أبناء الشيخ ماء العينين، ونقش بشاهد قبره ما نصه: «الحمد لله وحده، اللهم صل على سيدنا محمد، هذا ضريح الشريف العالم الولي الشيخ حسن بن الغوث الفرد العالم الشيخ ماء العينين المتوفى في 11 شوال عام 1294هـ». ويوافق هذا التاريخ ميلاديا 19 أكتوبر 1877م. وتبقى هذه الزاوية من الوثائق الذهبية حول مغربية الصحراء(8).

وبالنسبة لبيت قصيد هذا البحث نجد عدة تلاميذ للشيخ ماء العينين بفاس أجازهم، وفي ذلك يذكر العلامة عبد الحفيظ الفاسي عن ظاهرة إجازة علماء زاروا فاس مدة وجيزة لنخبة مثقفة، ومنهم شيخه ماء العينين: «والحال أننا رأينا أناسا دخلوا لفاس مدة قصيرة، فاستجازهم الناس ورووا عنه، وبقي ذكرهم مخلدا في الدفاتر»(9).وفي هذا الصدد يقول الحسن بن الطيب بن اليماني بوعشرين: «وله تلامذة كثيرون من أهل مراكش، وفاس، ومدينة سلا، ومن غالب المراسي والثغور،زيادة على تلامذته الذين لا يحصون كثرة بالصحراء، وما رأيت اليوم أشهر من الشيخ، ولا أكبر منه قدرا عند العلماء والكبراء، وأهل الوقت والأمراء»(10 ).
فمن الصعب أن نحصر العدد؛ لأن التلاميذ عندما يقضون مآربهم يتفرقون في الأمصار، ولا يكاد يحتفظ إلا ببعض الأسماء لقلة الاعتناء بالتدوين في هذا المجال على أهميته، ولكثرة الأفواج، مما يتعذر معه الاحتفاظ بالأسماء، غير أنه لما قيل: «وبالمثال يتضح المقال»، نذكر بعض أسماء تلاميذه من فاس:

1- محمد العتيك بن محمد فاضل الشنكيطي:


العالم المشارك، والفقيه الشريف، البركة المنيف، ذو الأدب الظاهر، والنسك الباهر أبو عبد الله سيدي محمد المدعو العتيك، ابن محمد فاضل الشنكيطي الحوضي منشأ، والساقية الحمراء موطنا.
كان ذا أدب وفقه ومشاركة في بعض العلوم. تتلمذ ـ رحمه الله ـ على الشيخ ماء العينين. ولما قدم فاس الجديد؛ أصيب بالجدري، وتوفي به في عام 1310هـ/1892م، وكانت له هناك جنازة عظيمة حفيلة؛ حضرها أعيان الحضرة السلطانية فمن دونهم، ودفن بالزاوية المنسوبة للشيخ الأكبر، والغوث الأشهر، سلطان الأولياء، وقطب دائرة الأصفياء، محيي الدين، وتقي الدين؛ أبي محمد سيدي عبد القادر الجيلاني(11).


2- أحمد بن عبد المولى العلمي: 

الأديب المشارك العلامة أحمد بن عبد المولى العلمي اليملحي الحسني.
له شعر متوسط الجودة، وله أمداح في الشيخ ماء العينين الشنجيطي. وكان أنشأ مطبعة حجرية بفاس، طبع فيها عدة كتب.
توفي بفاس عام 1322هـ/1904م(12).

3- عبد الرحمن بن جعفر الكتاني(13):

العلامة المؤرخ الشيخ عبد الرحمن بن جعفر بن إدريس بن الطائع بن إدريس بن محمد الزمزمي بن محمد الفضيل بن العربي بن محمد بن علي الجامع. ولد بفاس في الساعة الرابعة من ليلة الأحد 28 المحرم من عام 1297هـ/1880م(14).
تربى ـ رحمه الله ـ في كنف والده الشيخ جعفر بن إدريس الكتاني، ودرس عليه وهو عمدته في العلم

( 15)، وعلى غيره من كبار العلماء كالشيخ ماء العينين، وفي هذا يقول عنه الشيخ النعمة: «تتلمذ على حضرته الشريفة ـ يعني الشيخ ماء العينين ـ وأعطاه الإجازة في العلم الظاهر والباطن»(16).

تصدر للتدريس بجامع القرويين الأعظم، وغيره من مساجد وزوايا فاس فأخذ عنه بها جمهرة من الأعلام
(17)، منهم: أخوه سيدي عبد الرحمن، وقد أجازه بإجازة نظمية كتبها سيدي عبد الرحمن لنفسه باسم أخيه وشيخه سيدي محمد(18 )، وعين ـ إضافة إلى التدريس بجامع القرويين ـ أحد مفتي فاس عام 1326م(19). ومن تلاميذه أخوه سيدي عبد الرحمن ومربيه، وقد أجازه بإجازة نظمية كتبها سيدي عبد الرحمن لنفسه باسم أخيه وشيخه سيدي محمد(20).
توفي بفاس عن 37 عاما فقط، إثر سقوطه عن فرس على صدره في التاسع من صفر عام 1334هـ/18 ديسمبر 1915م، ودفن داخل قبة الإمام دراس بن إسماعيل بالقباب قبالة باب الفتوح، وصلي عليه بجامع الأندلس(21).

4- أحمد بن العباس البوعزاوي(22):


العلامة المشارك المطلع الفقيه المفتي أحمد بن محمد بن المهدي بن محمد بن العباس بن صابر البوعزاوي. كان قبيله يعرفون بأولاد ابن صابر والآن يعرفون بأولاد ابن العباس، ويرجع نسبهم إلى الشيخ الجليل أبي يعزى بلنَور بن ميمون الدكالي الهزميري المتوفى عام 573هـ/1177م، كانت ولادته عام 1271هـ/1854م(23).
اعتنى ـ رحمه الله ـ بالعلم منذ صباه وواظب عليه، وكتب بخطه الحسن الدقيق عدة أسفار فلا تجد تأليفاً صغير الجرم للمغاربة إلا نسخه بخطه واقتناه لنفسه، حتى جمع من ذلك خزانة لا يستهان بها مع اقتنائه للكتب، ومن الأسف أنها تفرقت بعد موته وضاعت ولم تعرف قيمتها(24).
أخذ رحمه الله عن عدة أشياخ، وأجازه البعض منهم، لأنه كان له ولوع بالرواية والإسناد، فمن أشياخه: الشيخ عبد الحفيظ المدعو الكبير بن المجذوب الفاسي، والشيخ محمد بن عبد الرحمن العلوي قاضي الجماعة بفاس، والشيخ محمد بن المدني كنون، والشيخ عبد الرحمن بن محمد الشرفي الأندلسي، والشيخ أحمد بن أحمد بناني كلاّ، والشيخ صالح بن المعطي التدلاوي، والشيخ المأمون بن عمر الكتاني، والشيخ الحسن بن عبد الرحمن السملالي، …، وأجازه الشيخ ماء العينين الشنجيطي إلى غير ذلك من الأشياخ الذين حوتهم مجموعة إجازته التي تقع في مجلد(25).
ألف تآليف، منها: «مجموعة فتاوى» جمع فيها أجوبته وأجوبة بعض من عاصره من أهل الإفتاء، تقع في نحو ثمانية أسفار، و«حاشية على المصباح»، و«اختصار البدور الضارية» إلى غير ذلك من التآليف.
توفي ـ رحمه الله ـ صبيحة يوم الأربعاء عاشر حجة متم عام 1337هـ/1918م، ودفن داخل روضة الشيخ محمد ـ فتحاً ـ بن عباد بكدية البراطيل داخل باب الفتوح بفاس(26).
 

5- أحمد ابن الخياط:

العلامة المشارك الصوفي الحيسوبي الفرضي الأصولي البياني أحمد بن محمد بن عمر الزكاري، المعروف بـ «ابن الخياط الفاسي»، آخر من بقي بفاس من وعاة الفقه المالكي وحملته على كاهلهم، العارفين بأصوله وفروعه، الخائضين فيه أكبر وأوسع خوض عرف عن المتأخرين، مع التحري والتثبت. ولد منتصف شعبان سنة 1252هـ/1836م.
أخذ عن شيوخ فاس سماعاً كابن عبد الرحمن الحجرتي، والمرنيسي، وأبي غالب، والحاج الداودي، وأبي زيد عبد الرحمن الشدادي، وأمثالهم. والذين أجازوه عامة قاضي سجلماسة أبو عبد الله محمد الصادق بن الهاشمي العلوي المدغري دفين مراكش، وهو أعلى ما عنده وأقدم مجيزيه وفاة، وأبو العباس أحمد بن أحمد بناني، وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن الطيب البناني الفاسي أصلاً المراكشي داراً المعروف فيها ببونو حين ورد لفاس عام 1306هـ/1888م، وأبو محمد عبد الملك بن محمد العلوي الضرير عام 1313هـ/1895م، وأبو العباس أحمد بن محمد بن حمدون ابن الحاج(27)، وذكر عبد الحي الكتاني أنه أخذ عن شيوخه بقوله: «وشيوخنا: القاضي حميد بن محمد بناني، وخالنا أبو المواهب جعفر ابن إدريس الكتاني، والشيخ ماء العينين الشنكيطي، وأبو جيدة الفاسي، وعبد الله ابن إدريس السنوسي على ما أخبرني به المجيز المذكور، وغيرهم»(28).
وله من التصانيف في الحديث: «حاشية على الطرفة في الاصطلاح»، طبعت بفاس مراراً، وله «شرح على أبيات الشيخ الرهوني في الأحاديث الأربعة الموجودة في الموطأ ولم توجد مسندة»، وله فهارس ثلاثة: أكبرها في نحو ثلاث كراريس عدد فيها مقروءاته ومشايخه الفاسيين وغيرهم في العلم والطريق، ولخص منها فهرسة صغرى في نحو ثلاث ورقات ذكر فيها إسناده في الصحيح، والشفا، والمختصر، وعدد مقروءاته، ومشايخه، وله ثبت آخر مفيد ألفه باسم قاضي فاس حينه صاحبنا العلامة أبي فارس عبد العزيز بناني وذكر فيه من أشياخه ومجيزيه ما لم يذكر في الأولين، وختم بعد تآليفه التي قاربت المائة.
مات ـ رحمه الله ـ يوم الاثنين 12 رمضان عام 1343هـ، ودفن بالرميلة من فاس(29).
 

6- محمد بن جعفر الكتاني(30)

الشيخ الإمام، علم الأعلام محمد بن جعفر بن إدريس بن محمد الزمرمي بن محمد الفضيل الكتاني الحسني، ولد عام 1274هـ/1857م. 
له مشاركة في كثير من العلوم وخصوصاً الحديث، والسيرة، والفقه، والأصول، وتراجم الرجال، وأخبارهم، وسيرهم، وآثارهم، والتصوف، والمذاكرة فيه، ومعرفة بالصالحين ومناقبهم وكراماتهم، تجاني الطريقة(31).
أخذ العلم عن والده الشيخ جعفر، ثم عن الشيخ أحمد بن أحمد بناني كلا، وعن الشيخ مَحمد ـ فتحا ـ بن عبد الرحمن العلوي، والشيخ محمد بن عبد الواحد ابن سودة، والشيخ عبد الملك العلوي الضرير، والشيخ أحمد بن الطالب ابن سودة سيدنا الجد، وغيرهم من الشيوخ(32).
وقد ولع ـ رحمه الله ـ من صغره بملاقاة الأولياء والصالحين وزيارتهم والتبرك بهم، وقد لقي منهم عدداً كثيرًا يطول تتبعهم، فممن لقيه وتبرك به بفاس الشيخ مصطفى ماء العينين بن محمد فاضل الشنجيطي(33).
درَّس بفاس أكثر من ثلاثين سنة، قرأ فيها عدة كتب(34).
ومن تآليفه التي جاوزت الستين تأليفاً نذكر: «الأزهار العاطرة الأنفاس بذكر بعض قطب المغرب وتاج مدينة فاس»، و«سلوة الأنفاس ومحادثة الأكياس عمن أقبر من العلماء والصلحاء بفاس»، و«الرحلة السامية للإسكندرية ومصر والحجاز والبلاد الشامية»، إلى غير ذلك من التآليف الصغار في موضوعات مختلفة وختمات فلا نطيل بذكرها، وقد طبع البعض من هذه الكتب وهي شهيرة.
أصيب بمرض في آخر حياته أثقله وبقي إلى أن توفي ليلة السبت 15 رمضان 1345هـ/1926م. فلم يُقم بفاس سوى نحو ستة أشهر بعد طول غيبته بالمشرق، ولكن التربة نادته، دُفن أولاً بروضتهم الكائنة بالقباب، وكانت له جنازة حافلة ما رأيت مثلها طول عمري، قدرت من حضرها بين رجال ونساء بدون مبالغة بخمسين ألف نسمة، وفي يوم الثلاثاء متم ربيع الثاني عام 1347هـ نُقلت جثته من محل مدفنه أولاً إلى محل اشتُري لأجل دفنه ثانيًا، قام بذلك أولاده وبعض المحبين من الآخذين عنه،بأعلى درب اللمطي من حومة الصفاح، واتخذت له زاوية تعرف باسمه الآن، وصارت محلاً لدفن أقاربه ـ رحمه الله ـ(35).
 

7- عبد الله بن عبد السلام(36):

الفقيه العالم المشارك، والقاضي الأعدل، والوزير الشهير عبد الله بن عبد السلام بن علال الفاسي الفهري. كانت ولادته عام 1208هـ/1793م(37).
أخذ العلم عن والده الشيخ عبد السلام، وعن جده الشيخ علال بن الشيخ عبد الله الفاسي وهو الذي رباه أحسن تربيته، وعن الشيخ أحمد بن محمد بن الخياط وهو عمدته، وعن الشيخ محمد ـ فتحاً ـ بن قاسم القادري، وعن الشيخ خليل بن صالح الخالدي، وعن الشيخ التهامي بن المدني گنون، وعن الشيخ عبد القادر المقدم التلمساني، وهو أول شيخ اتخذه، وعن الشيخ محمد بن التهامي الوزاني، وعن الشيخ عبد الهادي بن أحمد الصقلي الحسيني، وأخذ علم العروض عن الشيخ أحمد بن عبد الواحد ابن المواز، وأخذ عن الشيخ الطاهر بن عبد الكبير الفاسي، وتبرك بالشيخ عبد العزيز الدباغ المعروف بهزّ، وأجازه إجازة عامة الشيخ ماء العينين، وكان يحضر دروس الشيخ إبراهيم بن الشيخ محمد الدباغ الحسني التي كان يمليها بزاويتهم التي في أول حومة القلقليين(38).
تولى عدة وظائف؛ كان سفيرا إلى باريز أول دولة المولى عبد الحفيظ، وتولى قضاء مقصورة الرصيف في 19 رجب عام 1328هـ/1910م، وأخُر عنها في سابع عشر رجب عام 1330هـ/1911م، ثم ولي وزارة خليفة فاس وبقي فيها إلى أن توفي.
ألف تآليف عديدة، منها: «سلوك الذهب الحاصل الإبريز في بيعة السلطان بن السلطان المولى عبد العزيز»، ألفه عقب تولي السلطان المذكور، وقد اعتمد فيه تآليف ابن الخطيب، وله «النسمات العنبرية في الوجهة السجلماسية»، تكلم فيها على رحلة المولى الحسن إلى الصحراء آخر حياته؛ وله «مسلك الصلاح وملهم الرشاد والفلاح في قضية انتصار أهل السودان بالسلطان المقدس مولانا الحسن»، طبع على الحجر؛ وله «كؤوس الأدب المستطابة في وصف المستحق لخطة الوزارة والحجابة»، إلى غير ذلك من التآليف.
قرأ عليه ابن سودة بعض الدروس بالقرويين، وألف في ترجمته ولده العابد تأليفاً سماه: «حياة الوزير أبي محمد عبد الله بن عبد السلام الفاسي»، يقع في مجلد.
توفي صبيحة يوم الثلاثاء 27 حجة الحرام متم عام 1348هـ/1929م، ودفن داخل روضة الشيخ أبي المحاسن الفاسي الكائنة بالقباب(39).


8- أحمد بن العربي بو نضاضر البلغيثي(40)

 الفقيه العدل، الموثق الوجيه أحمد بن العربي العلوي البلغيثي الحسني، كان يدعى مولاي أحمد بو نضاضر.
توفي يوم الجمعة مهل ربيع الأول عام 1365هـ/1945م، ودفن بزاوية ماء العينين بدرب السراج بالطالع(41).

9- أحمد بن محمد العمراني(42):

العلامة المدرس، المشارك المحدث، المحرر النحرير أحمد بن محمد بن الخضر بن الفضيل بن محمد بن عبد المالك بن محمد ـ فتحاً ـ بن أحمد بن محمد بن محمد بن محمد بن عبد الله بن علي بن محمد بن عمران الحسني الجوطي العمراني، من العمرانيين المعروفين بفاس،كانت ولادته في ربيع الأخير عام 1297هـ/1879م(43).
قال ابن سودة: «وقفت على تلخيص فهرسته، ونقلت منها أسماء أشياخه وتآليفه، قال: قرأت حزبين من القرآن الكريم على الورع محمد اللجائي، ثم ختمة على الفقيه أحمد الفيلالي المعروف بالدّقّاق بقراءة ورش، وقرأت العلم على الشيخ التهامي بن المدني گنون، وغيرهم.
وممن اجتمع وتبرك به في مراكش سنة 1336هـ/1917م الحاج محمد المحجوب المراكشي، وكذلك العلامة محمد المدعو أمّان بن عبد السلام بوستة صاحب «الصلوات على منوال الذخيرة»(44)، والشيخ فتح الله بناني وأجازه شفاهيا في البخاري، …، وأخذ عن الشيخ عبد الكبير بن محمد بن عبد الواحد الكتاني الحسني، ووالده الشيخ الشهير محمد الكتاني، وأخذ عن الشيخ مصطفى ماء العينين بن محمد فاضل بن محمد مامين الشنجيطي المتوفى عام 1328هـ وانتفع به كثيرًا، وقال إن ولادته عام 1246هـ، كما أخذ عن ولده الشيخ أحمد الهيبة المتوفى عام 1337هـ، وأخذ عن خليفته أيضاً الشيخ أحمد الشمس المتوفى بالمدينة المنورة عام 1342هـ، وأخذ الطريقة الدرقاوية عن الشيخ المفضل العلمي نزيل جبل الحبيب من ناحية تطوان، وغيرهم.
وذكر في آخر الفهرسة مؤلفاته، منها: «شرحا عقيدة الشيخ ماء العينين كبير وصغير»، و«بلوغ السعود والتهاني في ختمة رسالة ابن أبي زيد القيرواني»،  و«حاشية على شرح الزرقاني للمختصر» لم تكمل، و«إجابة الداعي لشرح القضاعي»، و«اختصاره»، و«شرح صغير لتحفة ابن عاصم»، و«تحفة الأتقياء في تراجم المشهورين من العلماء والأولياء» لم يكمل، و«إدامة السرور والبشري»، وغيرها من التآليف( 45).
توفي الساعة السادسة من صباح يوم الثلاثاء ثالث قعدة الحرام عام 1370هـ/1950م، ودفن بضريح الشيخ محمد ـ فتحا ـ ابن الفقيه بالمدارج السفلى حومة العيون»( 46).


10- محمد بن محمد الجباص( 47):

الصدر الأعظم محمد بن محمد الجباص الغراباوي السفياني الفاسي.
كان ـ رحمه الله ـ كبير الوفد المغربي الذي عينه السلطان مولانا الحسن الأول للذهاب إلى إنجلترا قصد تلقي العلوم العصرية.
أخذ بالمغرب عن جماعة من العلماء منهم: الشيخ ماء العينين، حيث لقنه أسرارا وأذكارا خاصة، وكان لديه اهتمام كبير بمصنفه المسمى: «مذهب المخوف على دعوات الحروف»، وقد ساعده العلامة سكيرج كثيرا في حل رموز هذا الكتاب، وما يحتوي عليه من الفرائد والفوائد، كما كشف له عن الأسماء الباطنية التي أخفاها المؤلف بين طياته(48 ).


11- محمد حَدُّو بن عبد الله العراقي(49):

العلامة المشارك المذاكر محمد بن عبد الله، دعي حَدُّو العراقي الحسيني.
أخذ العلم عن ابن عمه محمد بن رشيد العراقي الحسيني، وعن صهره الشيخ المهدي بن رشيد العراقي وهو عمدته، وعن الشيخ أحمد بن الخياط، والشيخ أحمد بن الجيلالي الأمغاري، والشيخ عبد الله الفضيلي، والشيخ أبي شعيب الدكالي، والشيخ ماء العينين لما أتى إلى فاس، إلى غيرهم من الأشياخ.
تصدر للعدالة فكان بها مثال النزاهة والإخلاص، يقصد لجعل الفرائض؛ لأنه كانت له اليد الطولي في هذا العلم(50).
قال عنه ابن سودة : «اتصلت به كثيرًا واستفدت منه، كنت أذهب عنده إلى داره مع ولده العلامة المتبتل المخلص مولاي علي فيستقبلنا أحسن استقبال، ولا نخرج من داره إلا بعد الغداء أو العشاء بإلحاح، وربما أقسم على ذلك»(51)، وكان يعجبه الإصغاء إلى الوطنيين ويعجبه ما يفعلونه، وكان يشجع ولده عليا على العمل معهم للدفاع عن الوطن. ومهما سمع أنه دخل إلى السجن فرح لذلك، كما كان بعين الحركة الوطنية ماديا وأدبيا عن طريق السر.
 توفي عام 1371هـ/1951م(52).


12- عبد الحي الكتاني:

محمد عبد الحي بن عبد الكبير ابن محمد الحسني الإدريسي، المعروف بعبد الحي الكتاني.
قال عبد الحي الكتاني: «أروي كل ما للشيخ بناني بأسانيدنا إلى الحضيكي، وتلميذه ابن عبد السلام الناصري، وتلميذه محمد بن محمد الصادق ابن ريسون ثلاثتهم عنه بالإجازة والسماع، وأتصل بفهرسته ومروياته بإسناد عجيب عن قاضي تونس ومسندها المعمر الشيخ الطيب بن محمد النيفر عن صهره البرهان إبراهيم الرياحي عن المسند أبي عبد الله محمد بن محمد التهامي ابن عمرو الرباطي عن قاضي الرباط العلامة أبي العباس أحمد بن صالح الحكمي عن بناني، وأتصل بفهرسته ومروياته أيضاً بإسناد غريب مسلسل بأهل الصحراء، وهو أني أرويها عن الشيخ الطائر الصيت أبي عبد الله محمد مصطفى ماء العينين الشنكيطي عن والده الشيخ محمد فاضل بن مامين عن الشيخ مصطفى الكحيل عن عبد الله بن إبراهيم العلوي، صاحب «مراقي السعود» وغيرها، عن الشيخ بناني والشيخ التاودي مالهما، وأتصل به في صحيح البخاري بإسناد غريب عن مجيزنا مكاتبة العلامة الصالح أبي محمد عبد المعطي بن أحمد السباعي عن أبي عثمان سعيد الشريف الكثيرب السوسي عن الشيخين أبي عبد الله محمد بن عليّ بن سعيد الهلالي وابن حامد العربي بن إبراهيم السملالي إجازة منهما له عامة سنة 1254هـ، كلاهما عن والد الأول أبي الحسن الهلالي إجازة منه لهما عن أبي العباس أحمد بن سعيد النظيفي عن المترجم له بأسانيده» (53).
وقال عنه الحسن بن الطيب بن اليماني: «وقد رأيته بمراكش لما كان منفيا إليها يقبل يد الشيخ ـ ماء العينين ـ ويلتمس منه الدعاء، فعلمت أنه لا أكبر من الشيخ في الولاية في الوقت، وتشفع فيه الشيخ ورجع لبلده فاس وعفي عنه، واستقر في محله، واطمأنت نفسه، وراجعه أنسه»(54).
توفي عام 1382هـ/1982م.


13- عبد الحفيظ الفاسي: 

عبد الحفيظ بن محمد الطاهر بن عبد الكبير بن المجذوب بن عبد الحفيظ بن الشيخ أبي مدين بن أحمد بن الشيخ محمد بن الشيخ عبد القادر بن علي بن الشيخ أبي المحاسن يوسف الفهري نسبا، الفاسي دارا ولقبا. أصله أندلسي من بني الجد، انتقل أحفاده من الأندلس إلى المغرب أواسط القرن التاسع الهجري، ولد بفاس عام 1296هـ/1879م(55).
أخذ عن عدة أشياخ بالمغرب وخارجه، واعتنى بالرواية عنهم والاتصال بهم، ولا بأس أن نذكر هنا من أخذ عنه أو تبرك به، فمنهم والده الشيخ الطاهر الفاسي، والشيخ محمد بن أحمد الودغيري الشهير بالغياثي، والشيخ محمد بن محمد الفيلالي الكثيري، إلى غير هؤلاء الأشياخ(56 )، والشيخ ماء العينين الذي أجازه أثناء آخر زيارته لفاس، كما ذكر هو في «رياض الجنة»: «لما وصل إلى فاس أخيرا توجهت إليه زائرا فاستدعيت منه الإجازة العامة فأجازني لفظا ـ رحمه الله ـ بكل ما له»( 57).
ألف تآليف عديدة، جلها في علم الحديث أو السند أو التاريخ، وقد كتب إليّ ببعض أسمائها، فالمطبوع منها: فهرسته «معجم الشيوخ المسمى رياض الجنة أو المدهش المطرب»، وهي مطبوعة في سفرين متوسطين، و«الانتصار على أبي جندار»، و«التاج فيمن اسمه محمد من ملوك الإسلام»، وله غير المطبوع: المعجم الكبير وقد سماه سابقًا بـ «قلادة النحر بجواهر من لقييته أو كاتبني من فضلاء العصر»، إلا أنه غيره وجمع فيه كتابه «تعطير الأنفاس بذكر من عاصرته بفاس» وسمى الجميع «خبايا الزوايا» يخرج من أربع مجلدات، و«الترجمان المغرب عن أشهر فروع الشاذلية بالمغرب»، في نحو عشرة كراريس اشتمل على مقدمة ومقصد وخاتمة؛ و«خطوات وخطرات»، وهي رحلته عام 1328هـ، تكلم فيها على مدن: المهدية، وسلا، والرباط، وشالة، والدار البيضاءن وطنجة، والقصر الكبير، والعرائشن وتاريخ كل مدينة، وعدد سكانها، وأحوالهم ومن لقي بها من الفضلاء والعلماء، يقع في جزء وسط، و«المهدية والمهديون» في خمسة كراريس، و«شذور العسجد في الذيل على عناية أولي المجد»، رتبه على مقدمة ومقصد وخاتمة، المقدمة في ترجمة السلطان المولى سليمان، والمقصد فيه أبواب، الأول في ذكر جماعة من أعيانهم أغفل ترجمتهم في الأصل مع تقدم وفاتهم اتصافهم بالعلم واشتهارهم، الثاني في ذكر من أتي بعد تاريخ العناية، الثالث في ذكر فدلكة جامعة لفروعهم من أصل أفرادهم إلى منتهى جموعهم، الرابع في رسم شجرة جامعة والخاتمة ترجم فيها لنفسه، يقع في مجلد وسط، و«أشهر مشاهير العائلات»، وهو مطبوع في عدة أعداد من جريدة السعادة، وتأليف في «فلسفة تاريخ أشهر دول المغرب الأقصى» وهي: الإدريسية، والمغرواية، واللمتونية، والموحدية، والمرينية، يقع في سبعة كراريس كتب منه القسم الأول، وأما القسم الثاني المتعلق بالدولتين السعدية والعلوية فلا زال لم يكتب، و«البساتين الهندسية في الذب على الشبيبة المدرسية»، في نحو الكراسة، و«كتاب الإنصاف في العمل بالتغراف»، و«رسالة في الطائفة المعروفة بهداوة وأصلهم وأحوالهم» إلى غير ذلك من التآليف والتقاييد، فهو يعدّ الآن من أفضل الشيوخ الذين خدموا تاريخ المغرب العزيز مع مشاركته التامة(58 ).
تولي القضاء في عدة ثغور مغربية وأخيراً قضاء مدينة الصويرة، ولما خلع جلالة الملك محمد الخامس عن عرش أسلافه، نقله ابن عرفة من قضاء الصويرة إلى قضاء مدينة سطات، فكان ذلك سبباً في محنته، وبعد أن رجع جلالة الملك إلى عرشه عزله من جميع الوظائف وأدرج اسمه في قائمة الذين تؤخذ أموالهم وأخيراً حكم عليه بأخذ الربع من ماله الذي يملك عقارا وغيره(59).
توفي ـ رحمه الله ـ في صباح يوم الأحد رابع وعشري رمضان عام 1383هـ/8 فبراير 1964م بعاصمة الرباط، ودفن بمقبرة شالة قرب جده المدفون هناك(60).


14- محمد بن محمد العبادي(61): 

العلامة الأصولي محمد بن محمد بن عبد القادر المدعو «قدور العبادي»؛ عن أصله يقول ابن سودة: « ذكر لي أن قبيله دخلوا إلى المغرب من بلاد الأندلس وتفرقوا بالمغرب، وهو من القوم الذين سكنوا بأيت يوسي في قرية يقال لها تامزازات أصلهم من العرب من قبيلة لخم الذين دخلوا الأندلس عند الفتح، وفريقه مجمعون على هذه النسبة توارثوا ذلك خلفاً عن سلف»(62). كانت ولادته عام 1308هـ/1890م.
قرأ العلم على عدة أشياخ، وأول من جلس عنده لقراءة القرآن الكريم الشيخ قاسم بن عبد الرحمن الزروالي بزاوية السبع بمكتب طريانة، وعلى الشيخ الحاج إبراهيم الزروالي.
وأخذ العلم عن الشيخ إدريس بن أحمد الوزاني، وعن والده الشيخ محمد بن عبد القادر المدعو قدور العبادي، وعن الشيخ أحمد بن الحاج العياشي سكيرج، وعن الشيخ محمد بن محمد الإيراري وهو عمدته، وعن الشيخ محمد بن رشيد العراقي الحسيني، وأخذ علم التوقيت والتعديل عن الشيخ محمد ـ فتحاً ـ بن محمد العلمي الحسني، إلى غيرهم من الأشياخ(63).
ولما أنس من نفسه المقدرة على التدريس صار يدرِّس بكلية القرويين وغيرها، وتولى عدة وظائف، أولاً الكتابة بمراقبة الأحباس بفاس، ثم تقلب في القضاء بعدة جهات بالمغرب، وأخيرا مدينة أسفي مدة طويلة، ثم نقل إلى مدينة زرهون، وفيها أخر عن القضاء بعد رجوع محمد الخامس من منفاه لاتهامه بالميل إلى خصومه وحاشاه من ذلك، وأخيراً حكم عليه بأخذ ربع ماله جعله الله كفارة له(64).
له تآليف عديدة، وتقاييد مفيدة، منها: «تأليف في الربا»، وهو مطبوع، و«تأليف في الرهان وأنواعها وما جرى به العمل في ذلك»، و«تأليف سماه إرشاد الوزير»، رد فيه على وزير العدل عبد الكريم بن جلون لأنه أحدث في الشريعة المطهرة ما ليس فيها وخالف الدين والقواعد المعروفة المتبعة في مناقشة حادة أظهر فيه علمه ودينه، وتأليف في الرد على الوزير الحجوي سماه: «الإعلان في لزوم الكفالة بمجرد دعوى الضمان»، وله شرح على منظومة الشيخ عبد الرحمن بن الشيخ عبد القادر الفاسي، المسماة بـ «المدخل في علم أحكام النجوم»، سماه «الشرح المواسي على مدخل الشيخ الفاسي»، إلى غير ذلك التآليف، وهو آخر من رأيته يمارس هذه العلوم الرياضية ويخوض فيها ويذكر بأصحابها، وكذلك علم الأسماء وسر الحرف له اليد الطولى فيه. كما كانت له مجموعة الأحكام الصادرة عنه في مدة قضائه بمحلات مختلفة تقع في عدة أسفار.
قال عند ابن سودة: «اتصلت به، وأخذت عنه، واستفدت منه، وكتب لي على كتابنا «دليل مؤرخ المغرب» واحتفل به لما أطلعته عليه»(65).
توفي رحمه الله ليلة السبت على الساعة الحادية عشر 23 ربيع الأول عام 1385هـ/1965م بمستشفى ابن سينا بالرباط، ونقل إلى فاس من غده وصُلِّي عليه بعد صلاة العصر من اليوم المذكور بمدرسة أبي عنان، ودفن بزاوية الشيخ ماء العينين الشنكيطي التي بالطالعة(66).


15- المهدي بن محمد الحجوي: 

محمد المهدي بن الوزير محمد بن الحاج الحسن الحجوي الثعالبي باشا مدينة وجدة نحو سبع عشرة سنة. كانت ولادته يوم الجمعة 24 جمادى الثانية عام 1321هـ/1903م، كذا بخط والده في أحد كنانيشه.
درس اللغتين بثانوية المولى إدريس بفاس، ودرس العلم بكلية القرويين، ولازم والده طويلا حتى عدّ من النجباء، ثم شغله أبوه بالتوظيف فكان عضوا بالمجلس الجنائي وغيره، ثم سمي باشا مدينة وجدة. وعند اشتداد الأزمة الوطنية تعرض له بعض الفدائيين عند صلاة الجمعة بوجدة وضربه في عنقه بداخل المسجد فحمل إلى المستشفى وأجريت له عملية جراحية فسلم وعاش، وأما الضارب فقتل من حينه بواسطة أصحاب الباشا وحراسه فلفظ نفسه الأخير وبقي محمد المهدي باشا بالرغم على أهل وجدة إلى أن جاء الاستقلال فعزل.
توفي في أواخر شهر ذي القعدة عام 1388هـ/1968م بفاس، ودفن من غده بزاوية الشيخ ماء العينين بالطالعة بدرب السياج(67).


16- عبد الرحمن بن أحمد الغلاوي: 

عبد الرحمن بن أحمد بن إبراهيم بن سيدي أحمد بن حامني، هو ابن عم الشيخ سيدي محمد بن حامني.
تربى في بيت علم وصيانة، كان فقيها من حفظة القرآن. أخذ العلم عن عمه العلامة الشيخ بن حامني، وبعد أن تضلع من العلم شد الرحال إلى الشيخ ماء  تربى في بيت علم وصيانة، كان فقيها من حفظة القرآن. أخذ العلم عن عمه العلامة الشيخ بن حامني، وبعد أن تضلع من العلم شد الرحال إلى الشيخ ماء العينين، وأخذ عنه الطريقة والعلم، ولازم مجالسه العلمية، وكان من بين المكلفين باستنساخ الكتب في مدرسة السمارة( 68).
وخلاصة القول إن الشيخ ماء العينين ـ رحمه الله ـ شكل في حله وترحاله مدرسة علمية متكاملة استقطبت طلاب المعرفة من مختلف الآفاق، وتتلمذوا عليه ونالوا إجازاته في مختلف العلوم وتبقى زاويته ـ رحمه الله ـ بفاس وتلامذته بها وثيقة تاريخية كبيرة سواء عن مغربية الصحراء أو العلاقات الوطيدة والشاملة التي ظلت قائمة بين شمال المغرب وجنوبه برعاية سلاطين الدولة العلوية الشريفة تلهب المشاعر الوحدوية المغربية وتزيدها قوة ومتانة.
 

إعداد: حسناء بوتوادي
 
 


 (1)بحث: السجال العلمي بين سوس والصحراء من خلال رحلة الولاتي، لمحمد الحاتمي، ضمن كتاب سوس والصحراء المغربية تواصل ثقافي وحضاري، (ص121).

(2)ثقافة الصحراء (ص35).

(3)المرجع نفسه (ص45) وما بعدها.

(4)انظر: شجرة النور الزكية (1/615)، وإتحاف المطالع (1/385).

 (5)إتحاف المطالع (1/372).

(6)قرة العينين في كرامات الشيخ ماء العينين، للشيخ مربيه ربه، ورقة 51/و، نسخة مخطوطة بالخزانة الحسنية بالرباط.

(7)المعسول (7/103).

(8)انظر مقال الدكتور خالد الصقلي «وقفة علمية مع تلاميذ الشيخ ماء العينين بفاس».

(9)رياض الجنة (2/203).

(10 )التنبيه المعرب عما حال عليه الآن حال المغرب السفر الأول (ص177).

(11)سلوة الأنفاس (3/489ـ490).

(12)إتحاف المطالع (1/362)، وموسوعة أعلام المغرب (8/2837).

(13)انظر ترجمته في إتحاف المطالع (2/415)، وموسوعة أعلام المغرب (8/2894).

(14)المحدث الكبير العلامة السيد محمد بن جعفر الكتاني (1/64)، وفهرسة جعفر بن إدريس الكتاني (ص100).

(15)انظر: الشيخ ماء العينين علماء وأمراء في مواجهة الاستعمار الأوروبي (1/383)، ومنطق الأواني (الشرب المحتضر) (ص146).

(16)الشيخ ماء العينين علماء وأمراء في مواجهة الاستعمار الأوروبي (1/383).

(17)انظر: المحدث الكبير العلامة السيد محمد بن جعفر الكتاني (1/65)، وفهرسة جعفر بن إدريس الكتاني (ص100). 

(18)انظر: المحدث الكبير العلامة السيد محمد بن جعفر الكتاني (1/65)، وفهرسة جعفر بن إدريس الكتاني (ص100). 

(19)منطق الأواني (الشرب المحتضر) (ص147)، والشيخ ماء العينين علماء وأمراء في مواجهة الاستعمار الأوروبي (1/383).

(20)انظر: المحدث الكبير العلامة السيد محمد بن جعفر الكتاني (1/65)، وفهرسة جعفر بن إدريس الكتاني (ص100). 

(21)منطق الأواني (الشرب المحتضر) (ص147)، وإتحاف المطالع (2/415)، وفهرسة جعفر بن إدريس الكتاني (ص103ـ104)، والمحدث الكبير العلامة السيد محمد بن جعفر الكتاني (1/65)، والشيخ ماء العينين علماء وأمراء في مواجهة الاستعمار الأوروبي (1/383).

(22)انظر ترجمته في سل النصال (ص17ـ18)، وموسوعة أعلام المغرب (8/2907ـ2908).

(23)سل النصال (ص17ـ18).

(24)المرجع نفسه (ص17ـ18).

(25)المرجع نفسه (ص18).

(26)المرجع نفسه (ص18).

(27)فهرس الفهارس (1/387ـ388).

(28)المرجع نفسه (1/388).

 (29)المرجع نفسه (1/388ـ389).

 (30)انظر ترجمته في سل النصال (ص43ـ46)، وإتحاف المطالع (2/444)، وموسوعة أعلام المغرب (8/2961ـ2964).

 (31)سل النصال (ص43).

 (32)المرجع نفسه (ص43ـ44).

 (33)المرجع نفسه (ص44).

 (34)المرجع نفسه (ص44)، وإتحاف المطالع (2/444).

 (35)سل النصال (ص46)، وإتحاف المطالع (2/444).

 (36)انظر ترجمته في سل النصال (ص57ـ58)، وموسوعة أعلام المغرب (8/2993ـ2994).

 (37)سل النصال (ص57ـ58).

 (38)المرجع نفسه (ص57ـ58).

 (39)سل النصال (ص58).

 (40)انظر ترجمته في إتحاف المطالع (2/507)، وموسوعة أعلام المغرب (9/3206).

 (41)إتحاف المطالع (2/507)، وموسوعة أعلام المغرب (9/3206).

 (42 )انظر ترجمته في سل النصال (ص145ـ147)، وإتحاف المطالع (2/527ـ528)، وموسوعة أعلام المغرب (9/3262ـ3265).

 (43)سل النصال (ص145)، وإتحاف المطالع (2/527).

 (44)وله أيضا: إتحاف السائل في تنبيه أهل الدلائل، وبلوغ الآمال في ذكر مناقب السادات سبع رجال، طبع عام 1995م، والذخيرة الماحية في الصلاة على خير البرية، وروض الحقائق والأسرار في الصلاة على النبي المختار، وشرح نفح الطيب في الصلاة على النبي الحبيب للشيخ الكنتي، وغريب القرآن، في جزأين، ومفتاح الروضة الحسنا في شرح سنن السعادة الأسنى، ومفرح القلوب ومفرج الكروب في الصلاة على الحبيب، والمنظومة العشماوية في الفقه والعقائد، ونور البصر في الصلاة على خير البشر، وغيرها.

(45 )انظر: سل النصال (ص145ـ147)، وإتحاف المطالع (2/527ـ528).

 (46 )إتحاف المطالع (ص527ـ528).

 (47)انظر ترجمته في قدم الرسوخ (رقم الترجمة 36)، وتراجم الأعلام للشيخ سكيرج (ص177).

 (48 )تراجم الأعلام للشيخ سكيرج (ص177).

 (49 )انظر ترجمته في سل النصال (ص152)، وموسوعة أعلام المغرب (9/3278).

 (50 )سل النصال (ص152).

 (51 )المرجع نفسه (ص152).

  (52 )المرجع نفسه (ص152).

 ( 53)فهرس الفهارس (1/228).

 (54)التنبيه المعرب السفر الأول (ص177)

 (55)الشيخ ماء العينين علماء وأمراء في مواجهة الاستعمار الأوروبي (1/377).

(56)انظر بقية مشايخه في فهرسته رياض الجنة.

 (57)رياض الجنة (2/170).

 (58)رياض الجنة (1/4ـ5).

 (59)انظر: رياض الجنة (1/4)، وسل النصال (ص192)، والشيخ ماء العينين علماء وأمراء في مواجهة الاستعمار الأوروبي (1/377).

(60 )سل النصال (ص193)، وإتحاف المطالع (2/581)، والشيخ ماء العينين علماء وأمراء في مواجهة الاستعمار الأوروبي (1/377).

(61 )انظر ترجمته في سل النصال (ص198ـ199)، وإتحاف المطالع (2/586ـ587).

(62 )سل النصال (ص198). 

(63 )المرجع نفسه (ص198ـ199). 

(64 )انظر: سل النصال (ص198ـ199)، وإتحاف المطالع (2/586ـ587). 

(65 )سل النصال (ص199).

(66 )انظر: سل النصال (ص199)، وإتحاف المطالع (2/587).

(67)إتحاف المطالع (2/598ـ599).

(68 )الشيخ ماء العينين علماء وأمراء في مواجهة الاستعمار الأوروبي (1/380).    

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق