مركز ابن البنا المراكشي للبحوث والدراسات في تاريخ العلوم في الحضارة الإسلامية

ورشة علمية حول فن التسفير

 

إنجاز: الباحث عبد الغني زيدان

مركز ابن البنا المراكشي

ضمن برنامج أنشطته العلمية والثقافية، نظم مركز ابن البنا المراكشي لتاريخ العلوم في الحضارة العربية الإسلامية ومركز علم وعمران بتاريخ21 مارس 2023 ورشة علمية و تطبيقية حول فن تسفير المخطوطات، بحضور باحثي المركزين وباحثين من مركز الدراسات القرآنية، و قد أطر هذا اللقاء المتميز المعلم سيف الدين البوهادي الشخصية المخضرمة و الخبير المتخصص في هذا المجال بالضبط.

في بداية هذا اللقاء تناول الكلمة الافتتاحية السيد رئيس مركز ابن البنا المراكشي ومركز علم وعمران الأستاذ جمال بامي والتي تطرق فيها إلى أهمية هذا الفن و علاقته بالجانب الإنثنوغرافي و الحضاري لا سيما و أن هذا الفن يلعب دورا مهما في الحفاظ على التراث المادي و المعنوي للحضارة الإنسانية.

قبل التطرق إلى المحتوى النظري و التطبيقي الذي حامت حوله أشغال هذه الورشة، لابد أن نُذّكِر بصاحب هذا الفن، فبدونه ما كان لهذا الفن أن يستمر لأن أهل العمل فيه أصبحوا من النوادر في الوقت الحاضر.

يعمل المعلم سيف الدين البوهادي على تسفير “تغليف” الكتب منذ سنة 1975 بالمدينة العتيقة بمدينة الرباط، حيث أتقن هذه الحرفة بتقنية ومهارة جد عالية جعلته من رواد  هذا الفن في العالم العربي. وقد ساعده هذا العمل الفريد من نوعه على زيارة العديد من الدول الأوروبية و العربية بصفته سفيرا مقتدرا لصنعة التسفير أو”التجليد”.  كما يحرص المعلم سيف الدين البوهادي في أغلب مشاركاته ضمن المعارض الدولية التي تقام في المغرب أو خارجه على ممارسة هذا الحرفة بشكل مباشر أمام جمهوره ليتعرفوا عليه عن قرب و يكتشفوا خبايا هذا الفن الذي أفنى حياته في سبيل استمراريته.

وللتسفير تاريخ عريق بالمغرب يمتد لعدة قرون، إذن أسهم في حفظ العديد من المخطوطات و الكتب، و قد ارتبط بفقهاء و علماء أتقنوا هذا الصناعة ناهيك عن اهتمام و دعم السلاطين و الملوك لهذا الفن الأصيل. و تتوارث المصادر التاريخية عن رواية احتفال الخليفة الموحدي عبد المؤمن بن علي بهدية أهل قرطبة و كانت عبارة عن نسخة مصحف عثماني، إذ جمع أمهر الصناع من مجلدين و نقاشين و مرصعين و رسامين لزخرفة هذه الهدية، فصنع لها خزانة و أغشية مغطاة بالذهب و الفضة و مرصعة بأنواع الحجارة الكريمة حتى صارت تحفة فنية عظيمة.

والحال أن تنظيم هذه الورشة يأتي كحلقة أولى ستتلوها أخرى بإذن الله، ستعنى بمختلف مجالات المهارات العمرانية التي مثلت الحامل المادي لمعطيات الحضارة المغربية، وبدونها سيغدو أي خطاب حول العمران المغربي مهما علا شأنه منقوصا لإهماله الخبرات العملية والفنية والتقنية وأسرارها لما تمثله من عمق التعبير الملموس عن النبوغ المغربي في مجال العمران…

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق