مركز الدراسات والبحوث في القضايا النسائية في الإسلام

ندوة فكرية حول موضوع “مفهوم المساواة عبر التاريخ” بالمعرض الدولي للكتاب

مونية الطراز

 

 

 

بالمعرض الدولي للكتاب نظم منتدى الزهراء للمرأة المغربية يوم الاثنين 15 فبراير 2016 بقاعة عبد الهادي التازي ندوة فكرية حول موضوع “مفهوم المساواة عبر التاريخ” .

تخللت هذه الندوة ثلاث مداخلات، المداخلة الأولى للأستاذة مونية الطراز باحثة بمركز الدراسات والبحوث في القضايا النسائية في الإسلام، التابع للرابطة المحمدية للعلماء، وحملت عنوان “تطور مفهوم المساواة بين الفكر النسائي والواقع الاجتماعي المغربي”، وقد أشارت المتدخلة إلى أن موضوع المساواة لازال حيويا وآنيا ومتجددا أيضا، ولا زال ينضح بالعديد من الإشكالات التي تحتاج إلى إحاطة وبيان، كما أشارت إلى أن قضية المساواة هي عصب مطالب الحركات النسائية، وإن تباينت بتباين الاتجاهات والمشارب الفكرية التي كانت تؤطرها، وهذه القضية أصبحت كما قالت تتجاوز المجال الحقوقي لتشكل هما مجتمعيا ومسألة جوهرية في سياسات الدول، كما أنها أصبحت ضرورة معرفية ملحة، تحتاج إلى تشذيب وتهذيب وتصحيح.

وفي عرض مداخلتها رصدت الطراز محطات قضية المساواة في الفكر الغربي، وبيّنت كيف أثرت بشكل من الأشكال على مسارات الحركة النسائية في العالم العربي، ومنها المغرب الذي عرف سيرورة حركية تطور فيها الخطاب النسائي متأثرا أيضا بالمعطيات الاجتماعية ذات الخصوصية الثقافية الأصيلة والمتجذرة، كما أشارت إلى تطور مطالب المساواة عبر التاريخ والتي بلغت ذروتها أواخر القرن العشرين، حيث شهدت هذه الفترة نشاطا ملحوظا للتيار الإسلامي حول قضايا المرأة والمساواة، مما كان له الأثر كبير في الحد من الاندفاعية التي طبعت الخطاب العام للحركة النسائية في المغرب، وذكرت المتدخلة أن هذا القرن عرف أيضا ظهور تيار جديد أصبح يُعبّر عنه بالطريق الثالث، وهو تيار له رؤى خاصة حول المساواة لا يمكن إخراجها من دائرة الطرح الإسلامي السوي حتى وإن وجد في مضامينه ما يدعو لإثارة النقاش.  

    وخلصت الباحثة إلى عدم وجود اتفاق حول مفهوم المساواة الذي له عدة معاني من بينها المساواة في الفرص، والمساواة مع تثمين الخصوصيات، إضافة إلى المساواة التكاملية، والمساواة التماثلية.

وفي ختام مداخلتها تساءلت الطراز عن ما إذا كان هذا التطور التاريخي لمفهوم المساواة في العالم والعالم العربي والإسلامي على وجه الخصوص قد تحقق فعلا على أرض الواقع وتحول إلى حقوق فعلية تتمتع بها النساء، ودعت في معرض استنتاجاتها إلى فعل اجتماعي يحارب ما وصفته بتجذر الفكر اللامساواتي في العقليات والثقافات من أجل الوصول إلى أفق الإصلاح المتوقع والمشروع في قضية المساواة بين الجنسين.

 

وفي المداخلة الثانية والتي تقدّمت بها الدكتورة بثينة القروري، أستاذة القانون بجامعة القاضي عياض بمراكش، عالجت فكرة المساواة كما تعبّر عنها النصوص الإسلامية المؤسسة، وبحسبها فإن مفهوم المساواة في النصوص له مدلول خاص يعبّر عن العدالة، وفي حالة المساواة بين الجنسين فإن الخطاب الموجّه إلى الطرفين، كما تقول الدكتورة قروري، يتصل بمفهوم الولاية كلما تعلق الأمر بالشأن العام، وبمفهوم القوامة في مجالات محددة.

ولم يفت المتدخلة أن تربط بين الرؤى القرآنية للمساواة وواقع الخطاب النسائي حولها، وخصوصا فيما يتعلق بمطلب المناصفة، حيث انتقدت الترويج لمنطق هذا المطلب دون وصله بالأحقية التي توجبها الأهلية. 

 

وانتقدت المتدخلة التركيز على الفقه الإسلامي بما هو نتاج مرحلة معيّنة من تاريخ العالم الإسلامي بدل التركيز على الإسلام في دراسة قضايا المرأة في الإسلام.

من جهته، ذكر الإعلامي والأستاذ الباحث في الحركات الإسلامية بلال التليدي أن مفهوم المساواة صناعة غربية، وهي متفلتة مثلها مثل مفهوم العلمانية، مشيرا إلى أن اكتمالها مرتبط بمدى أثرها في الواقع، ولا يمكن مجاراتها بالتوافق ولا بالإقرار، وبهذا الصدد انتقد ما أسماه بمنطق التكيف الذي يغلب على الخطاب الإسلامي، ولكنه أشاد في نفس الوقت بما أنتجه الفكر الإسلامي في العصر الحديث، والذي حصره في أسماء بعض رواد الحركة الإسلامية أمثال حسن البنا وقطب ورشيد الغنوشي وغيرهم، إذ راكم هؤلاء بحسبه تصورات وأطروحات مهمة حول قضية المساواة، دون أن يغفل الإشارة إلى مسارات التفكير في قضية المرأة والتي تناولها في إطار توزيع الوظائف بين الجنسين.

وألمح المتدخل إلى أن مفهوم المساواة مرّ بثلاث مراحل: المرحلة الأولى اتسمت بإزالة العوائق النصية والتراثية المشوّشة على صورة المساواة، فيما اتسمت المرحلة الثانية بالتأصيل لفكرة المساواة في الحقوق والأحكام، بينما اتسمت المرحلة الثالثة بنوع من التشابك والتدافع مع الأبحاث الأخرى، ونضج في هذه المرحلة مفهوم المساواة التكاملية في تدافع مع مفهوم المساواة التماثلية.

وأكد المتدخل أن سياق طريقة تشكل مفهوم المساواة وتطوره شيء ضروري لفهمه، وفي ختام مداخلته أكّد الأستاذ التليدي أن مفهوم المساواة مفهوم غير مكتمل، لأن المجتمع يتطور ويخضع لتحولات مجتمعية سريعة.

بعد ذلك تفضلت مسيرة هذه الندوة الأستاذة عزيزة البقالي، رئيسة منتدى الزهراء للمرأة المغربية، بفتح باب المناقشة قصد إثراء هذا اللقاء والتفاعل مع ما جاء فيه من أفكار.

 

 

 

نشر بتاريخ: 23 / 02 / 2016

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق