مركز أبي الحسن الأشعري للدراسات والبحوت العقدية

محاضرة “عقائد السنوسي في سياق التيارات السابقة والمعاصرة لعلم الكلام” لكايتلين أولسون

 

في إطار الانفتـاح
المعرفي الأكاديمي على مختلف المرجعيات العلمية في مقاربة وتفسير وتحليل
القضايا العقدية الأشعرية، نظّم مركز أبي الحسن الأشعري للدراسات
والبحوث العقدية وماستر العلوم الإسلامية: مناهج الاستمداد وآليات
التجديد بالتعاون مع المركز الأمريكي للدراسات المغربية بطنجة، محاضرة
علمية في موضوع: «عقائد السنوسي في سياق التيارات السابقة
والمعاصرة لعلم الكلام»، قدّمتها الباحثة الأمريكية بجامعة
هارفارد بالولايات المتحدة الأمريكية الأستاذة: كايتلين أولسون، وذلك
يوم الإثنين 26 فبراير 2018 بقاعة المحاضرات والندوات بكلية أصول الدين
بتطوان على الساعة الحادية عشر صباحـا.
بعد كلمة ترحيبية قدمها
نائب عميد كلية أصول الدين الدكتور محمد الشنتوف، افتتح الجلسة رئيس
مركز أبي الحسن الأشعري بكلمة شَكَر فيها الكلية وماستر العلوم
الإسلامية: مناهج الاستمداد وآليات التجديد على تفضّلهما باحتضان هذا
النشاط، مُبيّنا بُعده ومسوغات ودواعي مثل هذه المحاضرات التي يسعى
المركز من خلال تفعليها -لشراكة الرابطة مع الجامعة- إلى فتح آفاق
معرفية جديدة للباحثين والطلبة والمهتمين بالدرس العقدي، كما تُمكنهم من
الانفتاح على عوالم نظرية مختلفة وجهات أكاديمية أخرى، مُبرزاً مكانة
السنوسي في تاريخ وتطور الفكر الأشعري، والإشكالات الجذرية التي يمكن أن
يطرحها مشروعه العقدي، خصوصا أنه غطى مرحلة طويلة من تاريخ الغرب
الإسلامي. بعدها تناول الكلمة منسق الماستر الدكتور رشيد الكهوس الذي
وضّح السياق الذي تأتي فيه المحاضرة، وهو سياق العناية بالدرس العقدي
الأشعري، والمنزلة التي يشغلها السنوسي في تاريخ الأشعرية، مبيّنا
محورية هذا العالِم وما حظي به من شهرة وانتشار عالميين تجاوز بهما
الفضاء المغاربي.
ثم استهلت المُحاضِرة
ورقتها بوضع إطار نظري ركزته في عقائد السنوسي الخمس، وشروحها الأربع،
مُبيّنة أن له كتابات كلامية أخرى، لكن حديثها سيتطرق بشكل خاص إلى
تصنيف العقائد وأهميته بالنسبة للتيارات السابقة والمعاصرة في ميدان علم
الكلام، لا سيما اندماج الفلسفة في هذا العلم، مُعلِّلة أن هذه العقائد
تعبر بوضوح عن برنامج السنوسي العقدي التعليمي، كاشفة بعد ذلك عن أقسام
هذه المحاضرة، والمتمثلة في “الخلفية التاريخية” و”السياق المغاربي
لمؤلفات السنوسي” و”تحليل تصنيف العقائد” و”خاتمة” تعرض فيها نتائج هـذا
التحليل.
في قسم الخلفية
التاريخية، طرحت تصورا جديدا لا يأخذ بالتصور السائد الذي ينظر إلى
المرحلة المتأخرة من التاريخ الإسلامي الفكري بوصفها مرحلة انحطاط
وأفول، وإنما مرحلة حصل فيها تحول على صعيد دخول كثير من المصطلحات
والمفاهيم والتصنيفات والبراهين الفلسفية في علم الكلام انطلاقاً من
القرن الخامس الهجري في مدارس نيسابور وبغداد، مبينة المواجهة التي حصلت
بين علم الكلام والفلسفة (المتمثلة في المادة السينوية) على يد الجويني
والتيار المشرقي الذي جاء بعده، (كأبي حامد الغزالي، والرازي،
والبيضاوي، والإيجي، والتفتازاني..)، مبرزة بأن الدراسات لم تأخذ بعين
الاعتبار بالتيار المغربي المعاصر له، وعلاقات الاتفاق والاختلاف، موضحة
أن ثمة استثناءات تتمثل في مؤلفات السنوسي من حيث العلاقة بهذا التيـار،
لا سيما أن هذه المؤلفات أثرت تأثيرا كبيرا في علم الكلام في الغرب
الإسلامي، وعلى هذا الأساس جاء تحليلها لتصنيف العقائد كي يدعم فكرة
ازداوجية السنوسي في علاقته بهذا التيار. 
أما في قسم السياق
المغاربي لمؤلفات السنوسي، فأكدت فيه على أشعرية هذه المنطقة، دون أن
يعني ذلك تجانسها، بدليل الاختلافات والجدالات التي حصلت بين الأشاعرة
المغاربة أنفسهم، مبينة أن الطابع العام لعلم الكلام في هذا السياق كان
بوجود تيارين مهمين، التيار المتفرع عن كتاب
«الإرشاد» للجويني، ثم تيار الرازي، ثم عرضت حججا
على وجود هذين التيارين، انطلاقا من التآليف والشروح والمختصرات، لذلك
فوجود هذين التيارين يعني عدم تجانس الفكر الأشعري، خصوصا أن السنوسي
جادل ابن زكري والمغيلي في المواقف العقدية والمنهج الصحيح
لإثباتها.
أما في قسم تحليل تصنيف
العقائد، فذكرت أنه بالرغم من تدرّج هذه العقائد من الصبيان والنساء إلى
العلماء الكبار، إلا أنها تنطوي على عناصر ثابتة، مستثنية
«الحفيدة» دون شروحها، وتتضمن هذه المقدمات إيجاب
النظر وعدم الاكتفاء بالتقليد في الأمور العقدية، كما يوجد أيضاً بيان
قصير للعمليات المنطقية الأساسية وبيان للحكم العقلي بحسب قولها، متخذة
بعد ذلك الحكم العقلي معياراً للمقارنة نظرا لأهميته عند السنوسي،
مُرجعة بعد ذلك هذا المعيار إلى ابن سينا واستعماله في علم الكلام،
مستشهدة ببعض الدراسات إلى انتماء السنوسي للطريقة الكلامية السينوية
بعد أن عرضت طريقة المتقدمين والمتأخرين بحسب تقسيم ابن خلدون، ومنتقدة
الرأي الذي يذهب إلى أن وجود هذا المعيار في مقدمات السنوسي دليل على
اتباعه لطريقة المتأخرين، كما تتبعت حضور هذا المعيار قبل الرازي في
الكتابات الكلامية وتطورها في تاريخ الغرب الإسلامـي، بعده قامت بمقارنة
بين المقدمات النظرية عند الرازي والسنوسي مبرزه أوجه الاختلاف بينهمـا،
خصوصا خلو تصنيف السنوسي من أبواب ثلاثة محورية عند الرازي. بخلاف
معاصره ابن زكري الذي تشبه طريقته طريقة الرازي في كتابه
«المحصل».
ثم ختمت محاضرتها التي
اعتبرتها مساهمة في رسم صورة التيارات الفكرية في منطقة الغرب الإسلامي
في القرن التاسع، وما يمكن أن تقدمه لنا عقائد السنوسي من فرصةً فريدة
وقوية كي نوسع فهمنا لمسلك علم الكلام في هذا العصر، لاسيما من زاوية
اندماج الفلسفة وعلم الكلام عبر معيار الحكم العقلي، وهو الاندماج الذي
أفاض الدارسون في رسم صورته المشرقية.
وبعد المحاضرة فتح منسق
الجلسة رئيس مركز أبي الحسن الأشعري الباب لأسئلة الباحثين والطلبة،
مُقدّما بعد ذلك مداخلة تمثلت في تعليق تقييمي حاول من خلاله إبداء بعض
الملاحظـات المنهجية والمضمونية حول المحاضرة، عمد فيها إلى تتبع الوجوه
الإيجابية انطلاقا من منهجية الباحثة وطريقة تحليلها وتركيبها
ومقارنتها، وهي آليات معرفية دقيقة أحكمت استخدامها المحاضِرة بحسب
قوله، أما الجانب السلبي فهو اقتصارها على مدخل نظري واحد هو “الحكم
العقلي”، وفي رأيه أن هذا الاقتصار لا يمكن أن يكون كافيا في الخلوص إلى
موقف دقيق ومحدد للسنوسي في علاقته بالتيار الأشعري المشرقي، خصوصا في
وجهيه (الجويني) و(الرازي)، من أجل ذلك كان يمكن الاستناد على معايير
ومداخل نظرية أخرى تسعف الباحثة في تدعيم نتيجتها وتحديد موقف السنوسي
بدقة، مستشكلا بعد ذلك على الباحثة أسباب عدم تفسيرهـا خلو مقدمات
السنوسي من بعض المباحث التي استقرت الأمور العامة للمعتقد الأشعري على
ذكرهـا وإيرادها، خصوصا في المقارنة التي أجرتها بين الرازي
والسنوسي.  

في إطار الانفتـاح المعرفي الأكاديمي
على مختلف المرجعيات العلمية في مقاربة وتفسير وتحليل القضايا العقدية
الأشعرية، نظّم مركز أبي الحسن الأشعري للدراسات والبحوث العقدية وماستر
العلوم الإسلامية: مناهج الاستمداد وآليات التجديد بالتعاون مع المركز
الأمريكي للدراسات المغربية بطنجة، محاضرة علمية في موضوع:
«عقائد السنوسي في سياق التيارات السابقة والمعاصرة لعلم
الكلام»، قدّمتها الباحثة الأمريكية بجامعة هارفارد بالولايات
المتحدة الأمريكية الأستاذة: كايتلين أولسون، وذلك يوم الإثنين 26
فبراير 2018 بقاعة المحاضرات والندوات بكلية أصول الدين بتطوان على
الساعة الحادية عشر صباحـا.

بعد كلمة ترحيبية قدمها نائب عميد
كلية أصول الدين الدكتور محمد الشنتوف، افتتح الجلسة رئيس مركز أبي
الحسن الأشعري بكلمة شَكَر فيها الكلية وماستر العلوم الإسلامية: مناهج
الاستمداد وآليات التجديد على تفضّلهما باحتضان هذا النشاط، مُبيّنا
بُعده ومسوغات ودواعي مثل هذه المحاضرات التي يسعى المركز من خلال
تفعليها -لشراكة الرابطة مع الجامعة- إلى فتح آفاق معرفية جديدة
للباحثين والطلبة والمهتمين بالدرس العقدي، كما تُمكنهم من الانفتاح على
عوالم نظرية مختلفة وجهات أكاديمية أخرى، مُبرزاً مكانة السنوسي في
تاريخ وتطور الفكر الأشعري، والإشكالات الجذرية التي يمكن أن يطرحها
مشروعه العقدي، خصوصا أنه غطى مرحلة طويلة من تاريخ الغرب الإسلامي.
بعدها تناول الكلمة منسق الماستر الدكتور رشيد الكهوس الذي وضّح السياق
الذي تأتي فيه المحاضرة، وهو سياق العناية بالدرس العقدي الأشعري،
والمنزلة التي يشغلها السنوسي في تاريخ الأشعرية، مبيّنا محورية هذا
العالِم وما حظي به من شهرة وانتشار عالميين تجاوز بهما الفضاء
المغاربي.

ثم استهلت المُحاضِرة ورقتها بوضع
إطار نظري ركزته في عقائد السنوسي الخمس، وشروحها الأربع، مُبيّنة أن له
كتابات كلامية أخرى، لكن حديثها سيتطرق بشكل خاص إلى تصنيف العقائد
وأهميته بالنسبة للتيارات السابقة والمعاصرة في ميدان علم الكلام، لا
سيما اندماج الفلسفة في هذا العلم، مُعلِّلة أن هذه العقائد تعبر بوضوح
عن برنامج السنوسي العقدي التعليمي، كاشفة بعد ذلك عن أقسام هذه
المحاضرة، والمتمثلة في “الخلفية التاريخية” و”السياق المغاربي لمؤلفات
السنوسي” و”تحليل تصنيف العقائد” و”خاتمة” تعرض فيها نتائج هـذا
التحليل.

في قسم الخلفية التاريخية، طرحت تصورا
جديدا لا يأخذ بالتصور السائد الذي ينظر إلى المرحلة المتأخرة من
التاريخ الإسلامي الفكري بوصفها مرحلة انحطاط وأفول، وإنما مرحلة حصل
فيها تحول على صعيد دخول كثير من المصطلحات والمفاهيم والتصنيفات
والبراهين الفلسفية في علم الكلام انطلاقاً من القرن الخامس الهجري في
مدارس نيسابور وبغداد، مبينة المواجهة التي حصلت بين علم الكلام
والفلسفة (المتمثلة في المادة السينوية) على يد الجويني والتيار المشرقي
الذي جاء بعده، (كأبي حامد الغزالي، والرازي، والبيضاوي، والإيجي،
والتفتازاني..)، مبرزة بأن الدراسات لم تأخذ بعين الاعتبار بالتيار
المغربي المعاصر له، وعلاقات الاتفاق والاختلاف، موضحة أن ثمة استثناءات
تتمثل في مؤلفات السنوسي من حيث العلاقة بهذا التيـار، لا سيما أن هذه
المؤلفات أثرت تأثيرا كبيرا في علم الكلام في الغرب الإسلامي، وعلى هذا
الأساس جاء تحليلها لتصنيف العقائد كي يدعم فكرة ازداوجية السنوسي في
علاقته بهذا التيار. 

أما في قسم السياق المغاربي لمؤلفات
السنوسي، فأكدت فيه على أشعرية هذه المنطقة، دون أن يعني ذلك تجانسها،
بدليل الاختلافات والجدالات التي حصلت بين الأشاعرة المغاربة أنفسهم،
مبينة أن الطابع العام لعلم الكلام في هذا السياق كان بوجود تيارين
مهمين، التيار المتفرع عن كتاب «الإرشاد» للجويني،
ثم تيار الرازي، ثم عرضت حججا على وجود هذين التيارين، انطلاقا من
التآليف والشروح والمختصرات، لذلك فوجود هذين التيارين يعني عدم تجانس
الفكر الأشعري، خصوصا أن السنوسي جادل ابن زكري والمغيلي في المواقف
العقدية والمنهج الصحيح لإثباتها.

أما في قسم تحليل تصنيف العقائد،
فذكرت أنه بالرغم من تدرّج هذه العقائد من الصبيان والنساء إلى العلماء
الكبار، إلا أنها تنطوي على عناصر ثابتة، مستثنية
«الحفيدة» دون شروحها، وتتضمن هذه المقدمات إيجاب
النظر وعدم الاكتفاء بالتقليد في الأمور العقدية، كما يوجد أيضاً بيان
قصير للعمليات المنطقية الأساسية وبيان للحكم العقلي بحسب قولها، متخذة
بعد ذلك الحكم العقلي معياراً للمقارنة نظرا لأهميته عند السنوسي،
مُرجعة بعد ذلك هذا المعيار إلى ابن سينا واستعماله في علم الكلام،
مستشهدة ببعض الدراسات إلى انتماء السنوسي للطريقة الكلامية السينوية
بعد أن عرضت طريقة المتقدمين والمتأخرين بحسب تقسيم ابن خلدون، ومنتقدة
الرأي الذي يذهب إلى أن وجود هذا المعيار في مقدمات السنوسي دليل على
اتباعه لطريقة المتأخرين، كما تتبعت حضور هذا المعيار قبل الرازي في
الكتابات الكلامية وتطورها في تاريخ الغرب الإسلامـي، بعده قامت بمقارنة
بين المقدمات النظرية عند الرازي والسنوسي مبرزه أوجه الاختلاف بينهمـا،
خصوصا خلو تصنيف السنوسي من أبواب ثلاثة محورية عند الرازي. بخلاف
معاصره ابن زكري الذي تشبه طريقته طريقة الرازي في كتابه
«المحصل».

ثم ختمت محاضرتها التي اعتبرتها
مساهمة في رسم صورة التيارات الفكرية في منطقة الغرب الإسلامي في القرن
التاسع، وما يمكن أن تقدمه لنا عقائد السنوسي من فرصةً فريدة وقوية كي
نوسع فهمنا لمسلك علم الكلام في هذا العصر، لاسيما من زاوية اندماج
الفلسفة وعلم الكلام عبر معيار الحكم العقلي، وهو الاندماج الذي أفاض
الدارسون في رسم صورته المشرقية.

وبعد المحاضرة فتح منسق الجلسة رئيس
مركز أبي الحسن الأشعري الباب لأسئلة الباحثين والطلبة، مُقدّما بعد ذلك
مداخلة تمثلت في تعليق تقييمي حاول من خلاله إبداء بعض الملاحظـات
المنهجية والمضمونية حول المحاضرة، عمد فيها إلى تتبع الوجوه الإيجابية
انطلاقا من منهجية الباحثة وطريقة تحليلها وتركيبها ومقارنتها، وهي
آليات معرفية دقيقة أحكمت استخدامها المحاضِرة بحسب قوله، أما الجانب
السلبي فهو اقتصارها على مدخل نظري واحد هو “الحكم العقلي”، وفي رأيه أن
هذا الاقتصار لا يمكن أن يكون كافيا في الخلوص إلى موقف دقيق ومحدد
للسنوسي في علاقته بالتيار الأشعري المشرقي، خصوصا في وجهيه (الجويني)
و(الرازي)، من أجل ذلك كان يمكن الاستناد على معايير ومداخل نظرية أخرى
تسعف الباحثة في تدعيم نتيجتها وتحديد موقف السنوسي بدقة، مستشكلا بعد
ذلك على الباحثة أسباب عدم تفسيرهـا خلو مقدمات السنوسي من بعض المباحث
التي استقرت الأمور العامة للمعتقد الأشعري على ذكرهـا وإيرادها، خصوصا
في المقارنة التي أجرتها بين الرازي
والسنوسي.  

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق