مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبية

مجالس النحو -3 –

في إطار المجالس العلمية التي يعقدها مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبية، انعقد يوم الاثنين 14 محرم 1440هـ الموافق لـ 24 شتنبر 2018م المجلس الثالث من مجالس النحو التي يؤطرها رئيس المركز الدكتور محمد الحافظ الروسي في موضوع شرح الآجرومية.وكان الحديث في هذا المجلس عن شرح علامات الفعل، انطلاقا من بيتي الناظم التاليين:

وَالفِعْلُ يُعْرَفُ بِقَدْ وَالسِّينِ*** سَوْفَ وَتَا التَّأْنِيثِ بِالتَّسْكِينِ

كَدَخَلَتْ وَخَرَجَتْ وَرَكَعَتْ*** وَسَجَدَتْ وَكَبَّرَتْ وَسَلَّمَتْ

وفي مستهل حديثه ذكر أن الفعل يميز عن الاسم والحرف بأربع علامات هي: الأولى: «قد» وتدخل على نوعين من الفعل، وهما الماضي والمضارع فإذا دخلت على الفعل الماضي فهي إما للتحقيق وإما للتقريب، فالأول نحو قوله تعالى: ( قَدْ أَفْلَحَ المُومِنُونَ)، وقوله عز وجل: (لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ المُومِنِينَ)، والثاني نحو: « قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ»، وإذا دخلت على الفعل المضارع فهي إما للتقليل وإما للتكثير، فالأول نحو قولك: «قَدْ يَجُودُ البَخِيلُ»، والثاني نحو قول الشاعر:

قَدْ يُدْرِكُ المُتَأَنِّي بَعْضَ حَاجَتِهِ *** وَقَدْ يَكُونُ مَعَ المُسْتَعْجِلِ الزَّلَلُ

وهذه هي «قد» الحرفية، أما «قد» في مثل قول أبي فراس:

وَمَا الأَسْرُ مِمَّا ضِقْتُ ذَرْعًا بِحَمْلِهِ *** وَمَا الخَطْبُ مِمَّا أَنْ أَقُولَ لَهُ: قَدِ

فهي اسم فعل أمر بمعنى يكفي مبني على السكون، ويقع الاسم بعدها منصوبا على المفعولية.

وبين الدكتور محمد الحافظ الروسي أن «قد» تأتي مع المضارع للتحقيق إن دل سياق الكلام على ذلك كقوله تعالى: (قَدْ يَعْلَمُ الله مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ) فتفيد معنى التوقع كما في قولك: «قَدْ تُعْلَنُ نَتِيجَةُ الامْتِحَانِ اليَوْمَ»، ولذلك قيل إذا أدخلت «قد» على الماضي فإنها تفيد التحقيق مطلقا، كانت في كلام الله والرسول أو العرب أو المصنفين، وإن دخلت على المضارع، فإن كانت في كلام الله أو الرسول فهي للتحقيق أيضا، وإن كانت في كلام غيرهما فهي للتقليل غالبا.  

وأشار إلى أن الاسمية تكون بمعنى حسب نحو:  «قَدْ زَيْدٌ دِرْهَمٌ»، تتصل بها ياء المتكلم مجرورة بالإضافة وتلحقها نون الوقاية جوازا وذلك في قول أبي نخيلة حميد بن مالك الأرقط:

قَدْنِي مِنْ نَصْرِ الخُبَيْبَيْنِ قَدِي*** لَيْسَ الإِمَامُ بِالشَّحِيحِ المُلْحِدِ

 ثم انتقل إلى بيان علامات الفعل الثانية والثالثة: السين وسوف وهما حرفا تنفيس؛ أي توسيع ومعناه الاستقبال ودخولهما على المضارع وحده، إلا أن السين أقل استقبالا من سوف، فإذا دخلا عليه خصصاها للزمن المستقبل دون الحاضر، نحو: (سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ)، وقوله: (كَلَّا سَيَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ)، وقوله: (سَيَقُولُ لَكَ المُخَلَّفُونَ)، كما تستعمل سوف للوعيد وتستعمل للوعد، نحو قوله تعالى: (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى)، وقوله: (سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَاراً)، وقوله: (سَوْفَ يُوتِيهِمْ أُجُورَهُمْ)، وقوله: (كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ). 

وأشار إلى أنهما إذا دخلا على المضارع المنصوب بـ «أن» كفاها عن العمل فلم تنصبه، كما في قول الشاعر:

زَعَمَ الفَرَزْدَقُ أَنْ سَيَقْتُلُ مِرْبَعَا*** أَبْشِرْ بِطُولِ سَلَامَةٍ يَا مِرْبَعُ

ورابع علامات الفعل التي وقف عندها الدكتور في شرحه لبيتي الناظم هي: تاء التأنيث الساكنة، وبين أن دخولها على الفعل الماضي دون غيره، كقوله تعالى:  (كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطْغَوَاهَا )، وقول الشاعر:

أَلَمَّتْ فَحَيَّتْ ثُمَّ قَامَتْ فَوَدَّعَتْ*** فَلَمَّا تَوَلَّتْ كَادَتِ النَّفْسُ تَزْهَقُ

وهي تلحق الماضي منصرفا كان أو جامدا ما لم يلتزم تذكير فاعله، وبها يتبين لك أيضا أن نعم وبئس فعلان لقبولهما إياها، أي خلافا لمن زعم أنهما اسمان بدخول حرف الجر عليهما. ففي الحديث: « مَنْ تَوَضَّأَ يَوْمَ الجُمُعَةِ فَبِهَا وَنِعْمَتْ وَمَنِ اغْتَسَلَ فَالغُسْلُ أَفْضَلُ» وفيه أيضا: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الجُوعِ فَإِنَّهُ بِئْسَ الضَجِيع، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الخِيَانَةِ فَإِنَّهَا بِئْسِتِ البِطَانَةُ»، والمراد بسكون التاء سكونها في أصل وضعها، فلا يضر تحريكها لعارض نحو قوله تعالى: (قَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ)، وقوله: (إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ)، وقوله: (قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ).

ونبه على أنه يحترز بقولنا «بالساكنة» عن اللاحقة للأسماء، فإنها تكون متحركة بحركة الإعراب نحو: «هَذِهِ مُسْلِمَةٌ، ورَأَيْتُ مُسْلِمَةً، ومَرَرْتُ بِمُسْلِمَةٍ»، وعن اللاحقة للحرف ( لَاتَ، رُبَّتَ، ثُمَّتَ).

وختم حديثه بخلاصة مفادها أن علامات الفعل المذكورة هنا على ثلاثة أقسام:

1- قسم يختص بالدخول على الماضي ( تاء التأنيث الساكنة).

2- قسم يختص بالدخول على المضارع ( السين وسوف).

3- وقسم مشترك بينهما ( قد).

ووضح الدكتور محمد الحافظ الروسي نقطة مهمة في هذا الصدد تمثلت في علامة فعل الأمر التي لم يذكرها الناظم وهي في دلالته على الطلب مع قبوله ياء المخاطبة، أو نون التوكيد، نحو: ( اكتب- اكتبي- اكتبن)  لأنها مركبة وفيها تشويش على المبتدئ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق