مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبية

مجالس الألفية 18

استؤنف يوم الأربعاء 06 رجب 1440هـ، الموافق لـ 13مارس 2019 م، المجلس الثامن عشر من مجالس الألفية، التي يشرف عليها فضيلة الدكتور عبدالرحمن بودرع بمقر مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبية لفائدة باحثي المركز.

وكان موضوعُ هذا المجلس باباً جديداً من أبواب النحو هو «باب المفعول فيه وهو المسمى ظرفا»، واستهل المحاضرُ هذا المجلس بشرح ما ورد في الباب من أقوال الناظم:

الظَّرْفُ: وَقْتٌ، أَوْ مَكَانٌ، ضُمِّنَا *** «فِي» بِاطِّرَادٍ، كَهُنَا امْكُثْ أَزْمُنَا

وقف المُحاضرُ عند الظرف في بيت الناظم وهو زمان أو مكان ضُمِّنَ معنى “في” باطراد نحو: «امْكُثْ هُنَا أَزْمُنَا»، وبَيَّنَ أن هنا ظرف مكان وأزمنا ظرف زمان، وكل منهما تضمن معنى «في»، لأن المعنى امكث في هذا الموضع أي في أزمن.

ثم انتقل المحاضر إلى البيت الثاني في هذا الباب وهو قول الناظم:

فَانْصِبْهُ بِالوَاقِعِ فِيهِ: مُظْهَرَا *** كَانَ، وَإِلَّا فَانْوِهِ مُقَدَّرَا

وقد شرح البيتَ مُبيِّناً حكم ما تضمن معنى «في» من أسماء الزمان والمكان النصب، والناصب له ما وقع فيه وهو المصدر، نحو: «عَجِبْتُ مِنْ ضَرْبِكَ زَيْدًا، يَوْمَ الجمعة، عند الأمير»، أو الفعل، نحو: «ضَرَبْتُ زَيْدًا، يَوْمَ الجُمُعَةِ، أَمَامَ الأَمِيرِ»، أو الوصف، نحو: «أَنَا ضَارِبٌ زَيْدًا، اليَوْمَ، عِنْدَكَ». وذكر أن الناصب له إما مذكور أو محذوف جوازا نحو أن يقال: «مَتَى جِئْتَ؟» فتقول: «يَوْمَ الجُمُعَةِ»، والتقدير: «جِئْتُ يَوْمَ الجَمُعَةِ». أو وجوبا كما وقع الظرف صفة، نحو: «مَرَرْتُ بِرَجُلٍ عِنْدَكَ»، أو صلة، نحو: «جَاءَ الذِي عِنْدَكَ»، أو حالا نحو: «مَرَرْتُ بِزَيْدٍ عِنْدَكَ»، أو خبرا في الحال أو في الأصل نحو: «زَيْدٌ عِنْدَكَ، وَظَنَنْتُ زَيْدًا عِنْدَكَ». وأشار المحاضر أن العامل في هذه الظروف محذوف وجوبا في هذه المواضع كلها، والتقدير في غير الصلة استقر أو مستقر، وفي الصلة استقر لأن الصلة لا تكون إلا جملة.

ثم انتقل المحاضر إلى أبيات أخرى في هذا الباب وهو قول الناظم:

وَكُلُّ وَقْتٍ قَابِلٌ ذَاكَ، وَمَا *** يَقْبَلُهُ المَكَانُ إِلَّا مُبْهَمَا

نَحْو الجِهَاتِ، وَالمَقَادِيرِ، وَمَا *** صِيغَ مِنَ الفِعْلِ كَمَرْمَى مِنْ رَمَى

وفي تعليقه على هذين البيتين ذكر أن اسم الزمان يقبل النصب على الظرفية مبهما كان، نحو: «سِرْتُ لحظة، وَسَاعَةً»، أو مختصا: إما بإضافة، نحو: «سِرْتُ يَوْمَ الجُمُعَةِ»، أو بوصف، نحو: «سِرْتُ يَوْمًا طَوِيلًا» أو بعدد، نحو: «سِرْتُ يَوْمَيْنِ»، وفي هذا الصدد ذكر أيضا أن اسم المكان لا يقبل النصب منه إلا نوعان؛ أحدهما المبهم والثاني ما صيغ من المصدر،  فأما المبهم كالجهات الست نحو: «فوق، وتحت، ويمين، وشمال، وأمام، وخلف»، ونحو هذا، كالمقادير، نحو: «غَلْوة وميل وفرسخ وبريد». وأما ماصيغ من المصدر، نحو: «مَجْلِسَ زَيْدٍ وَمَقْعَده»، فشرط نصبه قياسا أن يكون عامله من لفظه، نحو: «قَعَدْتُ مَقْعَدَ زَيْدٍ، وَجَلَسْتُ مَجْلِسَ عَمْرٍو»، فلو كان عامله من غير لفظه تعين جره بفي، نحو: «جَلَسْتُ فِي مَرْمَى زَيْدٍ»، فلا نقول: «جَلَسْتُ مَرْمَى زَيْدٍ» إلا شذوذا.

ثم انتقل المحاضر إلى بيت آخر في هذا الباب وهو قول الناظم:

وَشرْطُ كَوْنِ ذَا مَقِيسًا أَنْ يَقَعْ *** ظَرْفًا لِمَا فِي أَصْلِهِ مَعْهُ اجْتَمَعْ

وقد ذكَرَ المُحاضرُ في  شرحه لهذا البيت أنّ شرطَ كون نصب ما اشتق من المصدر مقيسا أن يقع ظرفا لما اجتمع معه في أصله أي أن ينتصب بما يجامعه في الاشتقاق من أصل واحد كمجامعة: «جلست» بـ «مجلس» في الاشتقاق من الجلوس؛ فأصلهما واحد وهو «الجلوس».

ثم انتقل المحاضر إلى أبيات أخرى في هذا الباب وهو قول الناظم:

وَمَا يُرَى ظَرْفًا وَغَيْرَ ظَرْفِ *** فَذَاكَ ذُو تَصَرُّفٍ فِي العُرْفِ

وَغَيْرُ ذِي التَّصَرُّفِ: الّذِي لَزِمْ *** ظَرْفِيَةً أَوْ شِبْهَهَا مِنَ الكَلِمْ

وفي تعليقه على هذا البيت ذكر أن اسم الزمان واسم المكان ينقسم إلى متصرف وغير متصرف، فالمتصرف من ظرف الزمان أو المكان ما استعمل ظرفا، وغير ظرف كـ «يوم، ومكان» فإن كل واحد منهما يستعمل ظرفا، نحو: «سِرْتُ يَوْمًا وَجَلَسْتُ مَكَانًا»، ويستعمل مبتدأ، نحو: «يَوْمُ الجُمُعَةِ يَوْمٌ مُبَارَك، وَمَكَانُكَ حَسَنٌ»، وفاعلا نحو: «جَاءَ يَوْمُ الجُمُعَةِ، وَارْتَفَعَ مَكَانُكَ». وأما غير المتصرف هو ما لايستعمل إلا ظرفا أو شبهه، نحو: «سَحَرَ» إذا أردته من يوم بعينه، فإن لم ترده من يوم بعينه فهو متصرف، كقوله تعالى: «إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ»، وفوق نحو: «جَلَسْتُ فَوْقَ الدَّارِ» فكل واحد من «سحر، وفوق» لا يكون إلا ظرفا. والذي لزم الظرفية أو شبهها عند ولدن والمراد بشبه الظرفية أنه لا يخرج عن الظرفية إلا باستعماله مجرورا بمن نحو: «خَرَجْتُ مِنْ عِنْدِ زَيْدٍ»، ولا تجر «عند» إلا بـ «من» فلا يقال «خرجت إلى عنده».

وختم المحاضر هذا الباب بشرح البيت التالي:

وَقَدْ يَنُوبُ عَنْ مَكَانٍ مَصْدَرُ *** وَذَاكَ فِي ظَرْفِ الزَّمَانِ يَكْثُرُ

فذكر أنه ينوب المصدر عن ظرف المكان قليلا، نحو: «جَلَسْتُ قُرْبَ زَيْدٍ»، أي مكان قرب زيد، فحذف المضاف وهو «مكان»، وأقيم المضاف إليه مقامه وأعرب بإعرابه وهو النصب على الظرفية، فلا نقول: «آتِيكَ جُلُوسَ زَيْدٍ»؛ أي مكان جلوسه. وأضاف الدكتور عبد الرحمن بودرع أنه يكثر إقامة المصدر مقام ظرف الزمان نحو: «آتِيكَ طُلُوعَ الشَّمْسِ وَقُدُومَ الحَاجِّ وَخُرُوجَ زَيْدٍ»، والأصل وقت طلوع الشمس، ووقت قدوم الحاج ووقت خروج زيد، فحذف المضاف وأعرب المضاف إليه بإعرابه وهو مقيس في كل مصدر.

تعليق واحد

  1. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم
    بعد التحية ،،،
    هل هناك تسجيلات بخصوص مادة ( شرح مغني اللبيب ) ، ( شرح الألفية ابن مالك ) حفظكم الله ورعاكم . أفيدونا ولكم منا جزيل الشكر والعرفان .
    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق