مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبية

مجالس الألفية 11

استؤنف يوم الأربعاء 12 ربيع الثاني 1440هـ، الموافق لــ 19 دجنبر 2018م، المجلس الحادي عشر من «مجالس الألفية» التي تعقد بمقر مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبية، بإشراف الدكتور عبد الرحمن بودرع.

وكان الحديث في هذا المجلس تابعا لما سَبقَ ذِكْرُه في المجلس العاشر في باب «التمييز»، أشار المُحاضرُ في البدايَة إلى أن التمييز باب واسع وكبير تُبنى عليه أحكامٌ ومعان، ولا ينبغي إغفاله.

واقتصر في هذا المجلس على شرح الأبيات المتبقية من باب «التمييز» من «الألفية» أولها البيت التالي:

وَاجْرُرْ بِمِنْ إِنْ شِئْتَ غَيْرَ ذِي العَدَدْ *** وَالفَاعِلِ المَعْنَى: كـَ «طِبْ نَفْسًا تُفَدْ»

وذكَرَ أنه يجوز جر التمييز بمِنْ إن لم يكن فاعلا ولا مميزا لعدد، نحو: «عِنْدِي شِبْرٌ مِنْ أَرْضٍ، وَقَفِيزٌ مِنْ بُرٍّ، وَمَنَوَانِ مِنْ عَسَلٍ وَتَمْرٍ، وَغَرَسْتُ الأَرْضَ مِنْ شجَرٍ». ولا نقول: «طَابَ زَيْدٌ مِنْ نَفْسٍ» ولا «عندِي عِشْرونَ مِنْ درهم».

ثم انتقل المُحاضرُ إلى بيت آخر في هذا الباب وهو قول الناظم:

وَعَامِلَ التَّمْيِيزِ قَدِّمْ مُطْلَقَا*** وَالفِعْلُ ذُو التَّصْرِيفِ نَزْرًا سُبِقَا

وفي شرحه لهذا البيت ذكر مذهب سيبويه؛ وهو أنه لا يجوز تقديم التمييز على عامله، سواء أكان متصرفا أم غير متصرف، فلا نقول: «نَفْسًا طَابَ زَيْدٌ» ولا «عنْدِي دِرْهَمًا عِشْرُونَ». وأضاف المحاضرُ أن الكسائي والمازني والمبرد أجازوا تقديمه على عامله المتصرف، نحو: «نَفْسًا طَابَ زَيْدٌ، وَشَيْبًا اشْتَعَلَ رَأْسِي»، ووقف على قول الشاعر:

أَتَهْجُرُ لَيْلَى بِالفِرَاقِ حَبِيبَهَا؟*** وَمَا كَانَ نَفْسًا بِالفِرَاقِ تَطِيبُ

فالشاهد في هذا البيت قوله: «نفساً» فهو تمييز مُقدَّم على عامله «تطيب»، وذكر أن الأصل «تطيب نفسا»، وقد ذهب إلى الجواز أيضا ابنُ مالك في شَرحه على التسهيل (2/389).

ثم وقف المُحاضرُ عند شاهدٍ آخر في هذا المقام، يقول الشاعر:

ضَيَّعْتُ حَزْمِيَ فِي إِبْعَادِي الأَمَلَا*** وَمَا ارْعَوَيْتُ، وَشَيْبًا رَأْسِيَ اشْتَعَلَا

وأوضح أن الشاهد قوله: «شيبا» حيث تَقدمَ التمييزُ على عامله المتصرف وهو قوله: «اشتعل»، وأشار إلى أنه احتج به من أجاز ذلك كالمبرد والكسائي والمازني وابن مالك.

وذكر المحاضرُ أن العاملَ في التمييز قَد يَكونُ متصرفا، فيمتنع تقديم التمييز عليه عند الجميع، نحو: «كَفَى بِزَيْدٍ رَجُلاً» فلا يجوز تقديم «رَجُلاً» على «كَفَى» وإن كان فعلا متصرفا؛ لأنه بمعنى فعل غير متصرف، لأنه فعل تعجب، فمعنى قول: «كفى بزيد رجلاً»: مَا أَكْفَاهُ رَجُلاً !

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق