مجالس إعراب أشعار الهذليين (المجلس الثاني)

استؤنف يوم الخميس 2 يناير 2025 المجلس الثاني من مجالس إعراب أشعار الهذليين، التي يشرف عليها فضيلة الدكتور عبدالرحمن بودرع بمقر مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبية لفائدة باحثي المركز.
وكان موضوعُ الحلقة الثانية دراسةَ البيت الثاني من عينية أبي ذؤيب الهذلي، يقول:
قَالَتْ أُمَيْمَةُ مَا لِجِسْمِكَ شَاحِبًا /// مُنْذُ ابْتَذَلْتَ وَمِثْلُ مَالِكَ يَنْفَعُ
مع ربطِ إعراب البيت الثاني وشرحِه بالبيت الأول:
أَمِنَ المَنُونِ وَرَيْبِهَا تَتَوَجَّعُ /// وَالدَّهْرُ لَيْسَ بِمُعْتِبٍ مَنْ يَجْزَعُ
مُشيراً إلى أن حرف العين يوحي بالتوجع والتفجع، ولذلك تكرر في القصيدة، ويزداد الصوتُ قوة في الدلالة عندما يكون حرفَ القافية، كما أن حرف الاستفهام الألف في لفظة «أَمن» دلّ على مَعنى الاستفهام الإنكاري، بالإضافة إلى أن الشاعر ضمن البيت معاني كثيرة؛ فقد بسط الكلام في ذلك، ولم يكتفِ بذكر المنون فحسب بل ذكر "وريبها" وما يتصلُ بها.
ثُمّ انتقَلَ الدّرسُ إلى إعراب البيت الثاني، والحديثِ عن سياقه وشرح غريب ألفاظه، فذُكر أن اسم أميمة جيء به إما على سبيل التخيل أو الحقيقة، و«الشَّاحِب» هو المتغيِّر المهزول، والاسم منه «الشُّحُوب»، شَحَبَ يَشْحُبُ شُحُوبًا، وضَمَر يَضْمُر ضُمورًا، وقوله «منذ ابتذلت» يريد منذ وَلِيت العمل وامْتَهَنْتَ نفسك، وتَرَكْتَ أَنْ تَتَزَيَّن ، ويروى «ما لجسمك سَائِيًا» أي يَسوء مَن نظر إليه، و«الابتذال» العَمل والكَدُّ، يقال: «ابتذلْتُ نفسي، وابتذلت الثوبَ ابتذالًا».
ثم انتُقِل لإعراب جمله، فقول الشاعر: «قالت أميمة» استئناف لكلام سابق إذ إن الكلام هنا يقتصر على الفعل والفاعل، وقوله: «ما لجسمك شاحبا منذ ابتذلت» هذه الجملة في محل نصب مقول القول، ثم تأتي جملة «ابتذلت» في محل جر مضاف إليه للظرفِ منذ، والتقدير: «منذ ابتذالك»، وجملة «ينفع» في محل رفع خبر مثل.
ثُمّ استُخرِجَت الأدوات وحروفُ المعاني، ومنها «ما» عند قوله: «ما لجسمك» وهي اسمية استفهامية، والواو في قوله «ومثل» التي تفيد الحال في هذا السياق.
وانتُقِلَ إلى استخراجِ الوُسومِ الصرفيّة من مفرداتِ البيت الشعري:
قالت أميمة: بمعنى فَعَلَتْ وأصلها قَوَلَتْ، وهو فعل أجوف، على وزن فَعَلَ. فهو فعل ثلاثي مجرد معتل أجوف، والتاء حرف يدل على التأنيث الحقيقي.
وقوله «أُمَيْمَة» على وزن فُعَيْلَة تصغير لـ«أُم»، وهو اسم علم ثلاثي مجرد مصغر، ومضعف. وقوله: «لجسمك» وهو اسم ثلاثي مجرد صحيح، والجسم يدل على هيئة الإنسان، على وزن فِعْل، وجمعه جُسُوم وأجسام. وقوله: «شاحبا» على وزن فَاعِلًا، وهو اسم فاعل ثلاثي صحيح مزيد بألف الفاعلية. وقوله «مُنْذُ» على وزن فُعْلُ وهي ظرف (ظرف زمان) ثلاثي مبني على الضم مجردة. وقوله «ابْتَذَلْتَ» على وزن افْتَعَلْتَ، وهو فعل ثلاثي صحيح مزيد بالألف والتاء، وتاء الافتعالِ تدل على الاتخاذ سُكِّن آخره لصلة الضمير المتحرك به، وقوله «مِثْلُ» وهو اسم ثلاثي مجرد صحيح، وقوله: «مَالِكَ» على وزن فَعْلِك وهو اسم ثلاثي مجرد معتل أجوف أصله مَول، وقوله «يَنْفَعُ» على وزن يَفْعَلُ، وهو فعل ثلاثي صحيح مزيد بياء المضارعة.
كما تم استخراج الدلالات الإحالية من البيت الشعري تجلى ذلك في قوله «قالت» فتاء التأنيث فيها تحيل على ما بعدها أميمة، وقوله «ما لجسمك شاحبا» الكاف ضمير يحيل على الشاعر، وشاحبا حال فيه دلالة إحالية على حال صاحبه، و«منذ ابتذلت» قُيِّدَ بزمن معين. وقوله «مثل مالك» فالكاف والتاء كلها ضمائر تحيل على المخاطب الذي يَنوب في المَعنى عن المتكلم الذي هو الشاعر، وقوله «ينفع» يحيل على المال.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أين أجد تتابع هذه المجالس؟ بارك الله فيكم.