مركز الإمام أبي عمرو الداني للدراسات والبحوث القرائية المتخصصة

مباحثات في أعمال الدكتور المقرئ أشرف محمد فؤاد طلعت : قراءة في شواهد المنهج ومشاهد العرض

بسم الله الرحمن الرحيم

          ازدان مركز أبي عمرو الداني للدراسات والبحوث القرائية المتخصصة فنن الرابطة المحمدية للعلماء، يومه الاثنين09  دجنبر2024 م بلقاء علمي مع فضيلة الدكتور أشرف محمد فؤاد طلعت، الطبيب المتخصص في الأمراض الجلدية سابقا والشيخ المتفنن في علم القراءات حاليا، والمحاضر بمعهد جلالة السلطان الحاج حسن البلقيه لتحفيظ القرآن الكريم ببروناي دار السلام، بعد أن نذر مهجته لخدمة كتاب الله، وتقريب مباحثه لطلابه، خصوصا ما يتعلق منه بتقريب متونه التجويدية والقرائية، وتمييز اختلاف أحرفه ورواياته بإخراجٍ انمازت به المدرسة الأشرفية، التي قوامها استيعاب مضمون المتون ثم تفقير فصولها و مباحثها وتيسيرها على الطالب باعتماد حلية الألوان، وتصديرها بمقدمة تبسط اصطلاح النظم والمنهج الذي سار عليه صاحبه..

       حضـر اللقاء الأستاذ الدكتور عباس أرحيلة، و كان من حسن طالع اللقاء تولي فضيلته تسيير الجلسة، مما أضفى عليها مسحة أدبية، تخللتها مستملحات ملهمة، يُخلص فيها من فن إلى فنون من القول مستعذبة، من شأنها شد انتباه المتابع، و تجديد نشاطه لمواكبة فصول المداخلة، و بعد الترحاب وإظهار البشـر بمقدم الضيف الكبير، استهل اللقاء بسؤال مؤداه؛ ما هي الإضافة النوعية التي ترونها في نتاجكم بخصوص الشأن القرائي؟ و ما مدى وفاء عطائكم في الأنظام القرائية بحاجة المتابعين؟ سؤال جوهري كان فقار مضمون القول، انبرى للإجابة عنه فضيلة الدكتور أشرف طلعت، مفصحا عن تهممه الأعظم في مقاربة العلوم القرائية، وأن اشتغاله عليها عموما يمكن تقسيمه إلى قسمين كبيرين؛

            قسم عني بإعادة إخراج التراث التجويدي والقرائي في ثوب قشيب؛ يذلل أمام الطلاب الصعاب، ويسهل عليهم الإفادة منه، تقويما للسان، وتفصيلا للمعاني المبثوثة في الأنظام، فيشكل النص شكلا تاما، وتوضع له علامات الترقيم المضيئة لفحواه؛ عونا للطالب على تفهمه، إضافة إلى تحلية النص بالألوان واعتمادها كرموز مسعفة للإفادة من العمل، مدلفا بين يدي كل عمل بكشاف لاصطلاحات النظم، يكون استصحابه ضروريا لفهم النظم وتيسير النهل منه، ومن صنيعه في هذا القسم؛ تحقيق الشاطبية، وناظمة الزهر في عد آي السور، كلاهما لولي الله أبي محمد القاسم بن فيره الشاطبي، )تــــــ 590 ه(   ومنظومة المقدمة في ما يجب على قارئ القرآن أن يعلمه،  من نظم الإمام المقرئ محمد بن محمد بن محمد بن علي بن يوسف الجزري، )تـــ 833 هـ(  منظومة تحفة الأطفال والغلمان في تجويد القرآن، للشيخ المقرئ سليمان بن حسين بن محمد الجمزوري، )كان حيا سنة 1208 ه(،جمع وتأليف الدكتور أشرف الفرائد الحسان في عد آي القرآن، من نظم الشيخ المقرئ عبد الفتاح عبد الغني القاضي، تـــــــ 1403 هـ ...

      وأما الشق الثاني من التهمم فهو ما كان من بنات أفكار الدكتور نفسه، تقريبا لبعض المعارف التي يراها تشغل بال طالب العلم، أو تشوش عليه وتربكه، أو يحتاج فيها إلى ترتيب وتسديد، ويود لو أن له فيها  مرشدا معينا، فقاربها فضيلته على نمط المنظوم، البحر الملحق بالبحور؛ المعتمد لدى العلماء في صياغة الفنون، وزفها للطلبة ليتباروا في امتلاكها بثني الركب وشحذ العزائم لنيل العلوم،   و قد آثر إخراج هذه  المعارف في أنظام خفيفة ميسورة للحفظ، تنشط الطالب وتحفزه على جمع القواعد، وضم الفرائد الشوارد، كما علل ابن بري وازعه في إيثار النظم على النثر في رجزه في المقرإ النافعي المشهور فقال:

في رجز مقرب مشطور      لأنه أحظى من المنثور

فمنن تلكم القضايا التي رآى فضيلته تقريبها للطلاب، وجمع متفرقها في أبيات جامعة،  أطرف المتون في أشرف الفنون وهو مصنف يشمل مجموعة أنظام نافعة لبعض ما يحتاجه المشتغل بالقرآن، منها: المثالية في نظم بعض الأحكام التجويدية مع الأمثلة القرآنية، وشرحها في الجمالية في شرح المثالية، النظم المختصـر في ترتيب السور، وشرحه تنوير البصـر بشـرح نظم المختصـر، السنية في السور المدنية، الغراء فيما انفرد به حفص دون سائر القراء، الجمان في سجدات القرآن، تذكير الحفاظ والقارئين بأجزاء القرآن الثلاثين، عدد السور الشـريفة كما رواه أهل الكوفة...

          وقد لقيت هذه الأنظام قبولا وإقبالا من لدن المهتمين، سيما في صفوف طلبة المعاهد والمدارس القرآنية المشتغلين بهذا العلم، حيث ذللت لهم مهايعه، فأمن المبتدئ منهم من الوقوع في اللحن، وأرشدت الساري بما أودع فيها من ترميز إلى سهولة الاستذكار والتثبيت، وسرعة الوصول إلى الطلبة دون أيما عناء أو تعقيد،

          ومن مستثار القول في اللقاء -والذي ينبئ عن تواضع الرجل- استفسار ضيفنا الكريم بحثة المركز عن استشكال في ضبط بعض  حروف المصحف وإهمال بعضها مع تشاركهما في العلة الموجبة للنقط، و تم عرض القضية للمفاتشة العلمية.

          وكان من مقترحات الجلسة أن تعقد لقاآت خاصة في أيام دراسية يتمحور الحديث فيها عن القراءة في هذه الأنظام، نظما نظما، كما اقترح على الأستاذ الضيف أن يبرمج ضمن مشروعه العلمي نظم بعض الكتب التي يحتاج إليها طالب القرآن وعلومه كعلم العد، والوقف والابتدا.. فأبدى الدكتور رغبته في ذلك مع تهيب شديد في مقاربته، نظرا لطبيعة هذه العلوم وتشعبها وكثرة الاختلاف في مسائلها،   على سيفكر  في منهجية لمقاربتها مع استمداد الفتح والعون من الله لاقتحامها

         وختم اللقاء بالدعاء الصالح على أمل الوفاء بما تم التعاهد عليه في قابل الأيام، يسـر الله الأسباب، و أزال الموانع، وأنسأ الآجال؛ لنيل سني المطالب بمنة الوهاب.

د.عبد الجليل الحوريشي

  • باحث بمركز الإمام أبي عمرو الداني للدراسات والبحوث القرائية المتخصصة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق