مركز الإمام أبي عمرو الداني للدراسات والبحوث القرائية المتخصصة
كلمة اللجنة المنظمة للمؤتمر العالمي الأول للقراءات القرآنية في العالم الإسلامي
الحمد لله حمدا يدنو من موافاة أنعمه، وأشكره الشكر الموازي جليل أفضله، وأحمده والحمد منة إعظامه.
وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه والتابعين
وبعد؛ السيد الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، السيد رئيس مركز الإمام أبي عمرو الداني للدراسات والبحوث القرائية المتخصصة، السادة المؤتمرين، أيها الحضور الكريم
أحييكم والتحايا موالج الأفئدة، ومواثر الأتلدة، مشوقها عنونة الإسلام، ووحي قاطني دار السلام؛ فالسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
فحياكم الله وبياكم، وعلى درب الهدى سدد خطاكم، ومرحبا بكم في مراكش الفيحاء، أرض الأنس الغراء، فأهلا بها حللتم، وسهلا في ربعها ثويتم؛
لله مـراكش الحمـراء من بـــلد وحبذا أهلها السادات من سـكن إن حــلها نازح الأوطان مـغترب أسلوه بالأنس عن حزن وعن وطن بين السـماع بـها أو الـعيان لها نـشا الـتحاسد بين الـعين والأذن
السادة العلماء، أيها الحضور الكريم، يطيب لي أن أقوم بين أيديكم في هذا الحفل الكبير، منابا عن اللجنة المنظمة لهذا المؤتمر الشريف، لأحبر مقولا عنه؛ أهدافا ومنجزا وجهدا وعملا ومأمولا. أيها المؤتمر المنيف؛ من نافلة القول الإلماع إلى ما للقراءات من شريف الانتساب إلى كلام الله تعالى؛ حملا للفظه، وإقامة لمبناه، وبيانا لمقصده ومعناه؛ لأن بها يتحقق خليق التلاوة بما هو آية التعلق، تدليلا على خيرية المشمولين بمنية الاجتباء، وتخصيصا بوصفية الأهلية الإفرادية علما وعملا. غير أن ما هو حري برفع العقيرة لهجا به، ما لهذا القطر الحبيب ـ عبر أحقاب مضت، وأزمنة خلت ـ من جليل الفضل، وسامق الاهتمام، في خدمة علوم القراءات، مبنى ومعنى، رواية وفهما، فقد كان لهذه البلاد وما يزال سَني الاهتبال بعلوم القراءات، حتى غدت محط أنظار الخافقين؛ بما تواتر لها من شرف التخرج على حذاتها وحذاقها في مختلف فنونها، ومتنوع علومها، وإن نظرة عجلى ترمق مطوي الأزمان لتشرفنا بطلعة كوكبة ميمونة من نطس العلوم، وأساة القراءات، وصيارفة العلل ووعاة المرويات، طبعت مسيرة علم القراءات ببصمتها الفريدة، لما اعتمته من اختيارات، واجتبته من أوجه وتحريرات، رائدهم من عمر البلاد علما، وشغل الخالفين تنقيحا وفهما؛ من اتخذ المركز لقبه وسما، واقتفى معينه رسما، شعارا لتقفي نهجه الأقوم، اختيارا وتحريرا، ومنهجا في الدرس لا استعاضة بالجد منه اسما، اتخذه إماما متقصدا في جدة العمل وجودة الإنتاج، ومرجعا في الفن وراثة لشريف منزله، وصفي عمله، ومقيما لعلم القراءات الأود على وأد، تحقيقا ودراسة وإقراء. أيها السادة الأكارم؛ إن مركز الإمام أبي عمرو الداني بما انتدب له نفسه، وما تقصده في مجاله، ليتوسل إلى تحقيق غرضه، ونجيز مطلبه، بمهايع شتى، وطرائق مثلى؛ تحقيقا ودراسة، ولقاءات وندوات ومؤتمرات، إيمانا منه ـ يقينا ـ أن السبيل الأقصد، والمشرع الأسد، نتاج تلاقح الفهوم، وتكامل العقول، وتعاضد الجهود على الحمل المجهد، وتقحم العقبات الكؤود، فما ألى وسعا، ولا ادخر جهدا في تطلب النصح والتسديد، والإعانة والتوكيد، من ذوي الحصافة في الرأي، والسداد في النظر، في مشرق البسيطة ومغربها؛ لتستبين له المشرعة مهيعة، فـ«يد الله مع الجماعة»، وما هذا المؤتمر إلا حثيث سير في سبيل النجح ذاكم، آية على رسوخ العزم انتهاضا بعلم القراءات، وابتعاثا لأصيل مبتحثه، إقراء وقراءة، سندا وإجازة؛ لذا اتخذ مآم لسبيله، ومآرب لمستقيم نهجه: أولها: إحياء علوم القراءات في بعدها الكوني العالمي، واستثارة همم المشمولين بمنة الاصطفاء لوراثة الكتاب وإحياء الوصلة به. وثانيها: جمع المتهممين بمسائله، وتحقيق وشيجة التلاقي لتتعاضد الأنظار، ويضح الجهد بتكامل الأفكار. وثالثها: المواءمة بين مختلف مدارس الإقراء في المشرق والمغرب، وجلو عمقها التكاملي، دون التجاسر بالافتئات على الخصيصات التي تنماز بها كل مدرسة؛ أصولا وأداء. ورابعها: الوثب من متفق القضايا، ومؤتلِف الكليات؛ بناء عليها، وإيعابا للمختلَف فيه على هدى منها؛ وذا مرام المؤتمر في وسيع مشمول عنوانه:« أوضاع ومقاصد ». وخامسها: التوقيف على دقيق الأسولة العلمية، وعميق المباحث النظرية، في كبريات القضايا الشائكة، وتفاعل النظر فيها؛ تسديدا للآراء، وإصلاحا لخلل النظر الفردي بقويم التفاحص الجمعي. وسادسها: عرض قضايا التلقي والأخذ على بساط قواعد الدراية، وأثير الرواية؛ أخذا وردا، وتقويما وسدا، سيما مثار قضايا التحريرات ومشكلاتها، وشائك موصولات الأسانيد ومبهماتها. وسابعها: إيعاب قضايا المكتبة القرائية؛ منهجا وتأليفا، تقويما ومتابعة، والوقوف على يافع المنشور، وجديد المطبوع تنبها وترشيدا، إبرازا لدقيق النظر فيها، وتمحيصا لوجيه المتخير منها تأليفا أو تحقيقا. أيها المؤتمر البهي؛ تلكم هي مآمنا بسطناها بين أيديكم غايات ترومونها بأصيل ابتحاثكم، وفيصل نقاشاتكم، فدونكموها أمانة يضعها المركز على عواتقكم، تؤدون بها فرض الأمة في مجال القراءات، وتردون قرضها، والله تعلى يكلأ بالنجح قصيدكم. السادة العلماء، أيها الحضور الكريم؛ لما أينعت فكرة المؤتمر، وطاب مقصده، انتدب لها المركز ـ تحقيقا لمبتغاها ـ لجنة مشرفة، نضت عنها لبسة الدعة، وشمرت عن ساعد الجد؛ سهرا على نجح المؤتمر بانتحاء سبيله، وتوسط أسبابه، بعد موفور التوكل على الله، والاستعانة به، واصلة الليل بالنهار؛ لتحقيق أسمى غاياته، وإحقاق نجيز موعوده، على سنن خطة منسجمة، وخطوات متكاملة، قوامها ستة أذرع من النجيز: أولا: التواصل؛ فقد سعت اللجنة المنظمة ـ عقب إذاعتها إعلان المؤتمر على الشبكة العنكبوتية، عبر موقع المركز ـ إلى توسيع دائرة التواصل مع المهتمين بعلوم القراءات، في المشرق والمغرب، فراسلت الفئام منهم، سيما من عرفوا بالانتساب لسبيله، أو كان لهم نتاج في بابه. ثانيا: المتابعة؛ حيث رصدت اللجنة كل طاقاتها لمواكبة جميع ما له علاقة بالمؤتمر ، من وارد البحوث، والعناوين، وجميع تفاصيل المحتاج إليه من أعماله. ثالثا: الفحص؛ إذ عمدت اللجنة إلى التدقيق في كل ما ورد على المركز ، بدءا بالعناوين المقترحة والملخصات، وانتهاء بقراءة البحوث وإعداد تقارير عنها؛ ما أسفر عن انتقاء الأبحاث التي لها علاقة مباشرة بموضوع المؤتمر، وتوافرت فيها معظم شرائط البحث العلمي الجاد، بينما طوت كشحا عن وارد آخر بعيد المشرب عن موضوعه، أو دون المبتغى، ممن رأت اللجنة أنه غير ذي جدوى؛ لا سيما الإيفاء بمطلب التحقيق العلمي، وعميق النظر الفهمي. رابعا: إعداد الأبحاث الواردة على اللجنة تقنيا وإعلاميا، ومعالجتها بما يبهي صورتها، ويجلي سمتها. خامسا: القيام على شؤون طباعة بحوث المؤتمر ، ومختلف الشعارات، والدعوات والبرامج. سادسا: الإعداد لحسن الضيافة، وتدابير الاستقبال، وجميل الترحاب بالضيوف الأعزاء؛ بقرى البشاشة، وأثير المندوبة، على حد قول ابن نباتة:أضاحك ضـيفي قبل إنزال رحله لينزل عندي والمـــــحل خصيب وما الخِصب للأضياف أن تكثر القرى ولكـــنما وجه الـــكريم خصيب
أيها الأكارم الأجلاء؛ ها نحن بعد ذلك العناء المكِدِّ الجهيد نصل ـ بعد توفيق الله تعالى وسديد عونه ـ إلى هذه اللحظة التي شغَفتنا منذ أمد بعيد؛ لننيخ بين يدي مشايخنا الأجلاء؛ أخذا وسماعا، نهلا من غزير علمهم وانتفاعا، لحظة تنتظرها الأمة بكل شوق، يعود فيها تالد المجد لعلوم القراءات، بأصيل المبتحث، ومقام أبناء بجدتها بأعز الملتفت، فتذاكر زواهر الأزمان، وتبتعث مشاهير الأعلام، سيرا تتلى، وذكريات تروى، من ابن مجاهد والداني ومكي وابن شريح والمهدوي والشاطبي والسخاوي وابن الجزري وسواهم من أعلام القرأة، منشوري الألوية، قد انتجع خصيب ربعهم، وأشرع زلال مربعهم، بإحياء علومهم، وابتعاث سيرهم، حياة جديدة لا موت بعدها إن شاء الله تعالى. أيها الحذاة والشداة؛ إن هذا المؤتمر لمراد له إحقاق أنصبة أساطين القراءات في المغرب والمشرق؛ بما يثيب لها تليد عزها، وغابر فخرها، ويُثوي لدى خليقي أصلها وتأصيلها جهيد فطاحل أعلامها مشرقا ومغربا في الحؤول دون دروس مآثرهم، بما تحيا به جهابذة نظارها ومدارسها، ويعيد حلقات الوصل لأسانيدها لترصع بلآلئ أعلامها مرورا بالفاسي وابن غازي وابن بري وابن آجروم والقرطبي والقيجاطي وأبي العاص القيسي، وصولا إلى الشاطبي والداني وابن نجاح، وأضرابهم من الأئمة الأعلام، والسادة الأقرام. أيها السادة العلماء؛ تلكم هي مآربنا وآمالنا من هذا المؤتمر، فخذوها على مكيث الاقتراء، وسددوا بها النظر، واجعلوا منها الشعار والدثار، تحمون بها حمى القراءات، والله تعالى يجزل لكم؛ جعل الله مطلوبكم قصيد، وطريدكم مصيد، وشكر لكم تجشم عناء السهر، ووعثاء السفر.أيها الأعزاء؛ إنه لا يفوتني في هذه اللحظة الزهية أن أرفع العقيرة بالشكر الأثيل، والثناء العطر للقائمين على أعمال هذا المؤتمر: أولا: لله سبحانه وتعالى، على ما من به من توفيق وإعانة، فله الحمد أولا وأخيرا، بدأ وختاما. ثانيا: للرابطة المحمدية للعلماء في شخص أمينها العام، العلامة الأستاذ الدكتور: أحمد عبادي حفظه الله ورعاه. ثالثا: لمركز الإمام أبي عمرو الداني ممثلا في شخص رئيسه الشيخ المقرئ، الأستاذ الدكتور: عبد الرحيم نبولسي، حفظه الله ورعاه. ثم إلى كافة العاملين بالمركز؛ باحثين وإداريين على المجهود الجبار الذي قاموا به إسعافا لأعمال هذا المؤتمر. رابعا: للجنة المنظمة والمشرفة على هذا الجهد الجهيد، أخص بالذكر منهم بعضا من جنود الخفاء، ممن تحملوا مزيد عناء، على رأسهم فضيلة الأستاذ الدكتور: توفيق بن أحمد العبقري حفظه الله، والباحث المقتدر، المجد الماجد: محمد بن عبد الله البخاري، والقارئ الشجي، اللطيف الظريف: سمير بلعشية، دون أن أغفل كل من أسهم في أعمال هذا الملتقى الكبير، من رؤساء ومقررين، وباحثين ومساعدين. كما لا يفوتني تقديم التحية والشكر للسلطات المحلية، ولائية وأمنية، على تيسيرهم الإجراءات والتدابير، والإسعاف بكل مأمول. فالله تعالى الكفيل أن يوافي الجميع ما يستحقه من أجر وثواب، وعنده سبحانه وتعالى أم الكتاب. وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه. والحمد لله رب العالمين.وكتبه حامدا ومصليا على المصطفى الأمين بمراكش الحمرا: عبد الله بن محمد اكيك نيابة عن اللجنة التنظيمية للمؤتمر غرة الإثنين 25 جمادى الآخرة 1434 هـ 06 ماي 2013 م