مركز أبي الحسن الأشعري للدراسات والبحوت العقدية

قراءات في كتاب: «حضور “البرهانية” للسلالجي في الدرس العقدي المغربي إلى حدود القرن العاشر الهجري»

مارس 5, 2024

انعقد يوم الثلاثاء الموافق لـ 05-03-2024 برحاب المدرسة العليا للأساتذة بمرتيل لقاء علمي متميز خُصص لتقديم قراءات في كتاب: «حضور البرهانية للسلالجي في الدرس العقدي المغربي إلى حدود القرن العاشر الهجري» لمؤلفته الدكتورة إكرام بولعيش. وهو الكتاب الصادر حديثا عن مركز أبي الحسن الأشعري للدراسات والبحوث العقدية.

تميز اللقاء بحضور جِلة من الأساتذة الجامعيين والباحثين المتخصصين للمساهمة في تقديم الكتاب لعموم المهتمين من خلال تثوير النظر في مضامين الكتاب ودعاويه، واستثمار روافده المنهجية والتاريخية والمفهومية في توجيه الطلبة والباحثين، خدمةً للبحث العلمي في مجال علم الكلام بالمغرب.

وقد شرُف هذا اللقاء بحضور مدير المدرسة العليا للأساتذة الدكتور زهير العمراني ورئيس المجلس العلمي المحلي لعمالة المضيق الفنيدق الدكتور توفيق الغلبزوري ورئيس مركز أبي الحسن الأشعري الدكتور جمال علال البختي.

بعد الاستماع إلى آيات من الذكر الحكيم، أدار اللقاء الدكتور محمد إلياس المراكشي (منسق مسلك الدراسات الإسلامية بالمدرسة العليا للأساتذة) بكلمة افتتاحية رحب فيها بالحضور الكرام أساتذة وباحثين وطلبة، معربا عن بالغ سروره باحتضان هذه المائدة العلمية والتئام ثلة عالمة من الباحثين لمواصلة هذا التقليد العلمي النافع في الاحتفاء بالإنتاجات العلمية الجادة والاعتناء بها قراءة ونقدا وتوجيها.

ومن جهته أيضا، رحب مدير المؤسسة باحتضان لقاء علمي جاد يهتم بـ«عقيدة المغاربة» ويتتبع حضورها في تاريخ الدرس العقدي بالمغرب، معبرا لكافة الحاضرين عن سعادته بتنظيم هذا النشاط العلمي متمنيا له كل النجاح والتوفيق.

بعد ذلك، شرع الدكتور المراكشي - في كلمة تمهيدية - في تقديم المعاقد الكبرى للمؤلَّف - محلِّ القراءة - من سيرة للسلالجي، ودور العالمة خيرونة في استحثاته على تأليف «البرهانية»، وذكر خصوصيتها وما ألف عليها من شروح..؛ مذكرا بأعمال رائدة مهدت السبيل لمزيد بحث وعناية بموضوع «العقيدة البرهانية» للسلالجي، وعلى رأسها أعمال الدكتور جمال علال البختي، وأهمها: كتاب «عثمان السلالجي ومذهبيته الأشعرية»، وتحقيقاته: «العقيدة البرهانية الأشعرية»، و«المباحث العقلية في شرح العقيدة البرهانية». وقد تظافرت هذه الإنتاجات مع الكثير من البحوث والدراسات التي أنجزها باحثون متخصصون في علم الكلام - تتوسطهن الباحثة المغربية إكرام بولعيش - لتلقي الضوء على عظم المكانة التي احتلتها «العقيدة البرهانية» في التاريخ العقدي للمغرب، منوها بمكانة المرأة المغربية العالمة ومساهمتها المتميزة في الدرس العقدي قديما وحديثا.

في المداخلة العلمية الأولى، نوه الدكتور هشام تهتاه (رئيس شعبة الدراسات الإسلامية بكلية الآداب والعلم الإنسانية بمرتيل) بقيمة الكتاب العلمية رغم صغر حجمه لما انطوى عليه من معطيات مركزة أبرزت قيمة «البرهانية» عبر فترات تاريخية متواصلة باعتبارها لبنة أساسية في الصرح العقدي بالمغرب. ولذلك جاء الكتاب بحمولة معرفية - عقدية وتاريخية - كرونولوجية تتابع أثر هذا المتن في الدرس العقدي والكلامي منذ الموحدين إلى القرن العاشر للهجرة. وقد استبد باهتمام المتدخل الأبعاد التربوية والمنهجية المستفادة من سيرة السلالجي وعمل المؤلفة في كتابها؛ من خلال التركيز على قيم التواضع للعلماء والصدق في طلب العلم وعدم الاكتفاء بالمجمل من الأعمال والأحكام... إلخ. وكل هذه القيم يحتاجها الطلبة في تكوينهم العلمي.

وتحت عنوان "العقيدة البرهانية، نظرات في التاريخ وتطورات الأشعرية المغربية"، قدم الباحث محمد الراضي (من مركز أبي الحسن الأشعري للدراسات والبحوث العقدية) ورقة قرائية قسمها إلى محورين: أولهما تأطيري موضعَ الكتاب داخل سيرورة من الإشكالات البحثية التي عالجتها سرديات باحثين قبلُ في التأريخ للفكر الأشعري بالغرب الإسلامي؛ من قبيل أسئلة الحضور الأول والترسيم العقدي زمن أبي عمرو السلالجي فيما يسمى بفترة الترسيم (ق. 6/12م). ويرى الباحث أن كاتبة المونوغرافية تقدم، انطلاقا من تحليل السيرة وكتاب البرهانية -ببليوغراميًّا وفيلولوجيًا- استنتاجاتٍ ذات جدة. أما المحور الثاني فقد خصصه المتدخل للتعقيبات والمناقشات عُنيَ بعضها بتدعيم استنتاجات الباحثة وتعضيدها، وبعضها الآخر بتقديم استشكالات فُتحت لأفق المناقشة.

وفي مداخلته التي عنونها بـــــ "ملاحظات واستدراكات على عمل المؤلف" قدم الدكتور إلياس المراكشـي قراءة نقدية للكتاب أبدى فيها جملة من الملاحظات والاستدراكات موزعا إياها بين ملاحظات موضوعية منهجية وأخرى شكلية. أشار في الأولى إلى ما رآه خللا منهجيا في البناء الاستدلالي لبعض قضايا الدراسة، كما نبّه إلى عدم استيعاب القول في الدراسات السابقة، وغياب تحرير مجموعة من المفاهيم مثل (السلطة العلمية...إلخ)، مع مناقشته استشكال المؤلفة احتماليةَ ظاهرية السلالجي بالاستناد إلى إسقاطه القياسَ من أصول الأحكام الشرعية، مستدركا كذلك على الباحثة إغفالها إدراج المقدمة والخاتمة وعدم اتساق مواضع ترجمة الأعلام. وفي الملاحظات الثانية عرج على الجوانب التقنية والشكلية.

من جهتها قدمت الدكتورة إكرام بولعيش كلمة ثناء على كل من مد يد العون في اشتغالها على الكتاب، مع تخصيص المتدخلين بمزيد شكر على مجهودهم وعنايتهم وملاحظاتهم النقدية أيضا. ثم ألقت الضوء على مسار بحثها في تاريخ العقيدة البرهانية وما ألف بخصوصها من شروح وما كتب حولها من دراسات وبحوث. تلى ذلك تعقيبها على بعض ما طرح في الندوة من تساؤلات واستدراكات نبهت فيها إلى ضرورة وضع الكتاب في سياقه التأليفي للإجابة عنها، من ذلك أن جملة من الملاحظات لم تستحضر الاختيارات المنهجية الخاصة بالمؤلفة والتي لا يحسمها معيار أكاديمي موحد كمسائل التقديم والتلخيص والختم، منبهة إلى ضرورة الاحتراز في إصدار بعض الأحكام التي لا تراعي القراءة الشمولية للكتاب من قبيل المواضع المناسبة لترجمة الأعلام. ثم ختمت كلمتها بتجديد شكرها وامتنانها بهذا المحفل العلمي.

بعد الانتهاء من المداخلات العلمية، تناول الكلمة الدكتور جمال علال البختي أثنى فيها على الدكتورة الباحثة، منوها بمؤلفها الجديد وبمسارها داخل مركز أبي الحسن الأشعري ومتمنيا لها كل التوفيق والنجاح في مهامها الجديدة بالمجلس العلمي المحلي بالمضيق. وقد اغتنم المتدخل هذه السانحة ليعقب على الكثير من الملاحظات المبداة خلال المداخلات العلمية بوضع الكتاب في سياق تأليفه موضحا أنه جزء من مشروع بحثي اضطلعت به الباحثة إكرام في أطروحتها للدكتوراه التي صدرت عن مركز أبي الحسن الأشعري بعنوان: «شرح البرهانية» للشريف العمراني الغربي (ق 10). وهو مشروع ابتدأته الباحثة منذ سنوات طويلة وتتابع فيه بعناية المنجزَ العلمي بخصوص العقيدة البرهانية وتنقب عن المخطوطات التي لها صلة بهذا المتن العقدي المركزي في تاريخ الدرس الكلامي الأشعري بالمغرب.

وفي ختام هذا اللقاء تجددت كلمات الشكر والتقدير لكل من ساهم في إنجاح هذا اللقاء مشاركة وحضورا، مع دعوة عموم الباحثين والمهتمين إلى مزيد البحث والدراسة في تاريخ العقائد وعلم الكلام بالمغرب.

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12+

13

14

15

16

17

18

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق