مركز أبي الحسن الأشعري للدراسات والبحوت العقدية

قراءات تقديمية في كتاب: “المباحث العقلية” لليفرني ت.734هـ

 

     تنزيلا لبرنامجه العلمي والتنشيطي نظم مركز أبي الحسن الأشعري التابع للرابطة المحمدية للعلماء، بالشراكة مع المدرسة العليا للأساتذة بمرتيل وفي قاعة محاضراتها لقاء علميا يوم الإثنين 27 مـارس 2017، تم فيه تقديم قراءات في كتاب “المباحث العقلية في شرح معاني العقيدة البرهانية لأبي الحسن اليفرني الطنجي ت.734هـ”، من تحقيق وتقديم د. جمال علال البختي، وقد شارك في هذه القراءات ثلة من الأساتذة المتخصصين: د.عبد الخالق أحمادون، ذ.مصطفى بنسباع، ذ.يوسف احنانة، ذة. إكرام بولعيش، ذ.وسام رزوق.
    بعد افتتاح اللقاء الذي سيّره د. بدر العمراني (رئيس مركز عقبة بن نافع التابع للرابطة المحمدية للعلماء) بكلمة خص فيها الحضور بالترحيب والشكر، وبعد كلمة ممثل المدرسة العليا الذي بيّن المسوغات والدواعي العلمية لمثل هذه الأنشطة التي تحتضنها المدرسة، تناول الكلمة د. عبد الخالق أحمادون (نائب عميد كلية الحقوق بطنجة) الذي عالج في مداخلته جملة من القضايا والإشكالات التي تثار حاليا في الحقل الكلامي الأشعري، أبرزها القيمة التي تشغلها العقيدة الأشعرية بوصفها ثابتا ومعلما حضاريا وثقافيا في تاريخ المغرب وما يطرح ذلك من تساؤلات حول تشبت المغاربة بهذه العقيدة، متوقفا بعدها عند بعض الدراسات التي عالجت الدرس العقدي المعاصر على صعيد مداخِله المنهجية ومقتضياته البيداغوجية والديداكتية، فناقش بعض الكتابات المصرية التي عاب عليها عدم التنويه بالمغاربة الذين عُرفوا بالباع الطويل في الاحتفاء بالفكر الأشعري، ومعرجا بعد ذلك حديثه عن أزمة التعليم الديني وتحدياته الحقيقية والإكراهات التي يواجهها حقل أصول الدين، خصوصا هوية أستاذ أصول الدين والدور المنوط به في تحرير الدرس العقدي والهندسة المعرفية لعلم كلام جديد، مُذكّرا في ختام حديثه باستراتيجية كان قد اقترحهـا لإحداث قطب للكفاءات لتكوين أساتذة تتحقق فيهم هوية أستاذ أصول الدين.
     في المداخلة الثانية قدم ذ. مصطفى بنسباع (أستاذ التاريخ بكلية الآداب بمرتيل) توصيفا علميا للجانب الدراسي في كتاب المباحث العقلية الذي اعتبره من النصوص الغميسة، حيث نبه إلى أن قراءته ستقتصر على شق الدراسة وتترك المتن المُحقَّق، لذلك اهتم في مداخلته بتفسير دوافع المؤلف في اختيار عتبات وأقسام الدراسة، متحدثا في البداية عن قيمة متن البرهانية ومدى تأثيرهـا في الفكر الأشعري عبر تاريخ المغرب، عارضا بعد ذلك فصول وأبواب الدراسة التي ركّز فيها على الجانب التاريخي الذي اشتغل عليه المحقق، فتعرض للتفاصيل التاريخية التي تضمنتها الدراسة، بداية من نسب اليفرني وبني يفرن وتاريخهم، وحياة المؤلف وعلاقة التلمذة والمشيخة ومؤلفاته، وأحداث عصره الثقافية والسياسية ومنجزات السلاطين المرينيين، وكذلك قام بعرض معالجات المحقق للفعل الثقافي في عصر اليفرني، كتشييد المكتبات والخزانات وما شهده هذا العصر من تطور للعلوم وتنوعها، خصوصا علم الكلام الأشعري.  
بعدها قدم ذ. يوسف احنانة (عضو المجلس العلمي المحلي بتطوان) قراءة كلامية في نظرية الأحوال من خلال كتاب “المباحث العقلية”، داعيا ـ في بدايتها ـ الحضور إلى ضرورة تطارح القضايا النظرية المتضمنة في الفكر الأشعري، متحدثا بعد ذلك عن المدة الطويلة التي تربطه بالكتاب، مبديا إعجابه بطريقة المؤلف والهندسة الدقيقة التي نسج من خلالها الكتاب، هذا المتكـلم الذي رأى فيه هويات علمية متعددة تتوزع ما بين باحث دقيق في علوم اللغة، ومنطقي مطّلع على تفاصيل علم المنطق، وعالم موسوعي دارس لعلم الفلك والهندسة..الخ، ثم ركز حديثه في نظرية الأحوال التي أرجع القول بها إلى أبي هاشم الجبائي، وبعض الأشاعرة الذين تأرجحوا بين القول بها من عدمه، مذكرا أن الأشعري لم يقل بها، بخلاف الباقلاني، وكذلك الجويني الذي قال بها في “الإرشاد” ولم يقل بها في “البرهان”، منبها إلى أن المغاربة كانوا جوينيين. وقد جاءت نظرية الأحوال بالنسبة للمتدخل كي تحل معضلة تتعلق بالصفات الإلهية، أي علاقة الصفات بالذات من حيث القدم، وعرّف الحال بكونها صفة إثبات لا تتصف بالوجود ولا بالعدم، ثم بيّن أثر هذه النظرية على الكيفية المنطقية التي فكر بها المسلمون، بداية من كسرها لمبادئ المنطق الأرسطي، خصوصا مبدأي عدم التناقض والثالث المرفوع، وحلها لمجموعة من الإشكالات المتعلقة بعلم الكلام، كاشفا بعد ذلك عن تطور علاقة الأشعرية المغربية بنظرية الأحوال، خصوصا عند بعض شراح البرهانية، وفي المرحلة السنوسية التي استثمر فيها السنوسي هذه النظرية لمعالجة صفات المعاني.
     في المداخلة الرابعة قدمت ذة. إكرام بولعيش (باحثة بمركز الدكتوراة بكلية أصول الدين) إضاءات دلالية من النص والتحقيق، مُبتدئة بتمهيد نظري عرضت فيه تصورهـا لمعايير دراسة الحالة الفكرية على أساس مناقشة ما هو معهود في هذه الدراسات التي تأخذ باستقراء عصر من العصور ثم إصدار أحكام كلية عنه، مع عدم اعتبار التحول الذي يطرأ على البنيات الدينية والذهنية المتفاعلة في الفترات المتقاربة تاريخيا، مُبيّنة الثغرات والتناقضات التي تعتري مثل هذه الأحكام، ثم تعرضت لمعايير تسد هذه الثغرة، أبرزها الاعتماد على معطيات فكرية تمدنا بها المؤلفات واستشكالها على ضوء المصادر غير المباشرة مع التحليل والتركيب، وهذا ما رأته حاضرا في أعمال المحقق حين تسترت المصادر الترجمية عن جميع الشخصيات الكلامية التي تصدى لمؤلفاتها بالتحقيق ابتداء من السلالجي مرورا بابن خمير ثم المرادي وصولا إلى اليفرني الطنجي، وفي جانب المتن أجرت المتدخلة موازنة بين شرح اليفرني للبرهانية وشرح الخفاف، مُبينة ما يشتركان ويختلفان فيه، حيث حددت وجه الاتفاق في قصدهما المبتدئين بالتأليف، أما وجه الاختلاف فشرح الخفاف يتسم بالاختصار وتجنب إيراد الاختلافات والمناقشات العقدية، بينما اليفرني يتعرض للحدود والمصطلحات بالتفكيك مع الكشف عن أصلها اللغوي، وكذلك بسطه للاستدلالات المنطقية واختلافات الأشاعرة فيما بينهم وبين غيرهم، مبرزة في الختام قيمة الكتاب وأهميته وبعض خصوصياته، كتقديمه لعمله بمقدمات على غير عادة المؤلفين في العقيدة.  
     بعدها وضع ذ. وسام رزوق (باحث بمركز الدكتوراة بكلية أصول الدين) تحقيق عمل اليفرني في سياق سلسلة أعمال المحقق، مثمنـا الجهد الذي يبذله في إخراج نفائس تراث العقيدة الأشعرية بالغرب الإسلامي مع ما تتطلبه من مشقة وإتقان لعِلميْ التحقيق والكلام واطلاع على المصادر، ومعتبرا أن هذه الأعمال المُحققة تشكل علامات فارقة في مسار الفكر الأشعري المغربي، ومن بينها كتاب “المباحث العقلية” لليفرني الذي استشكل مقصده من عمله ومفارقة كونه تهذيبا مع أنه من المطولات، موضحا إلى أنه تهذيب للمبتدئ وتقريب للمنتهي من مشقة مطالعة الدواوين الكلامية، وقد رأى الباحث في هذا العمل عنوانـا لمرحلة جديدة نقل فيها اليفرني علم الكلام من تأثره بالجويني واستدلالاته المنطقية إلى مرحلة أخرى بدأ يظهر فيها تأثر الكلام بالفلسفة مع الرازي والآمدي، أي تحول علم الكلام إلى رياضة ذهنية بحسب رأي المتدخل، فبدءا من العنوان تظهر ملامح حضور العقل في المباحث الكلامية وتفاعلها مع أفكار المعتزلة والحكمـاء، ودلل على ذلك بنصوص الرازي التي طغت على متن المباحث العقلية، وبالطريقة التي يتم فيها توظيف هذه الشواهد في تحرير محل النزاع ودحض حجج الخصوم وتبني حدود الرازي الكلامية، ثم عرج بعد ذلك على أهمية هذا الكتاب في تطوير الدرس العقدي، مبرزا اهتمام العلماء به ما بين اختصار واقتباس، عارضا تخليص كل من الجزولي والسملالي، واقتباسات المنجور واليوسي. 
واختُتمت هذه القراءات التقديمية بفتح المجال لتساؤلات الحضور وتعليقاتهم، وأعطيت الكلمة في نهاية اللقاء لمحقق الكتاب د. جمال علال البختي التي شكر فيها الحضور والأساتذة مُـثمّنا جهودهم وقراءاتهم، متوقفا عند نقاط مختلفة أبدى فيها رأيه، أهمها تأكيده على التوجه الأكاديمي لمركز أبي الحسن الأشعري واستناده على آليات ومناهج البحث العلمي في التعامل مع قضايا الاعتقاد ومسائله، وترحيبه باجتهادات وأعمال المتخصصين في هذا المجال، مناقشا بعد ذلك مداخلات الأساتذة وتعليقات الحضور.
(مركز أبي الحسن الأشعري)

     تنزيلا لبرنامجه العلمي والتنشيطي نظم مركز أبي الحسن الأشعري التابع للرابطة المحمدية للعلماء، بالشراكة مع المدرسة العليا للأساتذة بمرتيل وفي قاعة محاضراتها لقاء علميا يوم الإثنين 27 مـارس 2017، تم فيه تقديم قراءات في كتاب “المباحث العقلية في شرح معاني العقيدة البرهانية لأبي الحسن اليفرني الطنجي ت.734هـ”، من تحقيق وتقديم د. جمال علال البختي، وقد شارك في هذه القراءات ثلة من الأساتذة المتخصصين: د.عبد الخالق أحمادون، ذ.مصطفى بنسباع، ذ.يوسف احنانة، ذة. إكرام بولعيش، ذ.وسام رزوق.

    

بعد افتتاح اللقاء الذي سيّره د. بدر العمراني (رئيس مركز عقبة بن نافع التابع للرابطة المحمدية للعلماء) بكلمة خص فيها الحضور بالترحيب والشكر، وبعد كلمة ممثل المدرسة العليا الذي بيّن المسوغات والدواعي العلمية لمثل هذه الأنشطة التي تحتضنها المدرسة، تناول الكلمة د. عبد الخالق أحمادون (نائب عميد كلية الحقوق بطنجة) الذي عالج في مداخلته جملة من القضايا والإشكالات التي تثار حاليا في الحقل الكلامي الأشعري، أبرزها القيمة التي تشغلها العقيدة الأشعرية بوصفها ثابتا ومعلما حضاريا وثقافيا في تاريخ المغرب وما يطرح ذلك من تساؤلات حول تشبت المغاربة بهذه العقيدة، متوقفا بعدها عند بعض الدراسات التي عالجت الدرس العقدي المعاصر على صعيد مداخِله المنهجية ومقتضياته البيداغوجية والديداكتية، فناقش بعض الكتابات المصرية التي عاب عليها عدم التنويه بالمغاربة الذين عُرفوا بالباع الطويل في الاحتفاء بالفكر الأشعري، ومعرجا بعد ذلك حديثه عن أزمة التعليم الديني وتحدياته الحقيقية والإكراهات التي يواجهها حقل أصول الدين، خصوصا هوية أستاذ أصول الدين والدور المنوط به في تحرير الدرس العقدي والهندسة المعرفية لعلم كلام جديد، مُذكّرا في ختام حديثه باستراتيجية كان قد اقترحهـا لإحداث قطب للكفاءات لتكوين أساتذة تتحقق فيهم هوية أستاذ أصول الدين.

     في المداخلة الثانية قدم ذ. مصطفى بنسباع (أستاذ التاريخ بكلية الآداب بمرتيل) توصيفا علميا للجانب الدراسي في كتاب المباحث العقلية الذي اعتبره من النصوص الغميسة، حيث نبه إلى أن قراءته ستقتصر على شق الدراسة وتترك المتن المُحقَّق، لذلك اهتم في مداخلته بتفسير دوافع المؤلف في اختيار عتبات وأقسام الدراسة، متحدثا في البداية عن قيمة متن البرهانية ومدى تأثيرهـا في الفكر الأشعري عبر تاريخ المغرب، عارضا بعد ذلك فصول وأبواب الدراسة التي ركّز فيها على الجانب التاريخي الذي اشتغل عليه المحقق، فتعرض للتفاصيل التاريخية التي تضمنتها الدراسة، بداية من نسب اليفرني وبني يفرن وتاريخهم، وحياة المؤلف وعلاقة التلمذة والمشيخة ومؤلفاته، وأحداث عصره الثقافية والسياسية ومنجزات السلاطين المرينيين، وكذلك قام بعرض معالجات المحقق للفعل الثقافي في عصر اليفرني، كتشييد المكتبات والخزانات وما شهده هذا العصر من تطور للعلوم وتنوعها، خصوصا علم الكلام الأشعري.  

بعدها قدم ذ. يوسف احنانة (عضو المجلس العلمي المحلي بتطوان) قراءة كلامية في نظرية الأحوال من خلال كتاب “المباحث العقلية”، داعيا ـ في بدايتها ـ الحضور إلى ضرورة تطارح القضايا النظرية المتضمنة في الفكر الأشعري، متحدثا بعد ذلك عن المدة الطويلة التي تربطه بالكتاب، مبديا إعجابه بطريقة المؤلف والهندسة الدقيقة التي نسج من خلالها الكتاب، هذا المتكـلم الذي رأى فيه هويات علمية متعددة تتوزع ما بين باحث دقيق في علوم اللغة، ومنطقي مطّلع على تفاصيل علم المنطق، وعالم موسوعي دارس لعلم الفلك والهندسة..الخ، ثم ركز حديثه في نظرية الأحوال التي أرجع القول بها إلى أبي هاشم الجبائي، وبعض الأشاعرة الذين تأرجحوا بين القول بها من عدمه، مذكرا أن الأشعري لم يقل بها، بخلاف الباقلاني، وكذلك الجويني الذي قال بها في “الإرشاد” ولم يقل بها في “البرهان”، منبها إلى أن المغاربة كانوا جوينيين. وقد جاءت نظرية الأحوال بالنسبة للمتدخل كي تحل معضلة تتعلق بالصفات الإلهية، أي علاقة الصفات بالذات من حيث القدم، وعرّف الحال بكونها صفة إثبات لا تتصف بالوجود ولا بالعدم، ثم بيّن أثر هذه النظرية على الكيفية المنطقية التي فكر بها المسلمون، بداية من كسرها لمبادئ المنطق الأرسطي، خصوصا مبدأي عدم التناقض والثالث المرفوع، وحلها لمجموعة من الإشكالات المتعلقة بعلم الكلام، كاشفا بعد ذلك عن تطور علاقة الأشعرية المغربية بنظرية الأحوال، خصوصا عند بعض شراح البرهانية، وفي المرحلة السنوسية التي استثمر فيها السنوسي هذه النظرية لمعالجة صفات المعاني.

     في المداخلة الرابعة قدمت ذة. إكرام بولعيش (باحثة بمركز الدكتوراه بكلية أصول الدين) إضاءات دلالية من النص والتحقيق، مُبتدئة بتمهيد نظري عرضت فيه تصورهـا لمعايير دراسة الحالة الفكرية على أساس مناقشة ما هو معهود في هذه الدراسات التي تأخذ باستقراء عصر من العصور ثم إصدار أحكام كلية عنه، مع عدم اعتبار التحول الذي يطرأ على البنيات الدينية والذهنية المتفاعلة في الفترات المتقاربة تاريخيا، مُبيّنة الثغرات والتناقضات التي تعتري مثل هذه الأحكام، ثم تعرضت لمعايير تسد هذه الثغرة، أبرزها الاعتماد على معطيات فكرية تمدنا بها المؤلفات واستشكالها على ضوء المصادر غير المباشرة مع التحليل والتركيب، وهذا ما رأته حاضرا في أعمال المحقق حين تسترت المصادر الترجمية عن جميع الشخصيات الكلامية التي تصدى لمؤلفاتها بالتحقيق ابتداء من السلالجي مرورا بابن خمير ثم المرادي وصولا إلى اليفرني الطنجي، وفي جانب المتن أجرت المتدخلة موازنة بين شرح اليفرني للبرهانية وشرح الخفاف، مُبينة ما يشتركان ويختلفان فيه، حيث حددت وجه الاتفاق في قصدهما المبتدئين بالتأليف، أما وجه الاختلاف فشرح الخفاف يتسم بالاختصار وتجنب إيراد الاختلافات والمناقشات العقدية، بينما اليفرني يتعرض للحدود والمصطلحات بالتفكيك مع الكشف عن أصلها اللغوي، وكذلك بسطه للاستدلالات المنطقية واختلافات الأشاعرة فيما بينهم وبين غيرهم، مبرزة في الختام قيمة الكتاب وأهميته وبعض خصوصياته، كتقديمه لعمله بمقدمات على غير عادة المؤلفين في العقيدة.  

     بعدها وضع ذ. وسام رزوق (باحث بمركز الدكتوراه بكلية أصول الدين) تحقيق عمل اليفرني في سياق سلسلة أعمال المحقق، مثمنـا الجهد الذي يبذله في إخراج نفائس تراث العقيدة الأشعرية بالغرب الإسلامي مع ما تتطلبه من مشقة وإتقان لعِلميْ التحقيق والكلام واطلاع على المصادر، ومعتبرا أن هذه الأعمال المُحققة تشكل علامات فارقة في مسار الفكر الأشعري المغربي، ومن بينها كتاب “المباحث العقلية” لليفرني الذي استشكل مقصده من عمله ومفارقة كونه تهذيبا مع أنه من المطولات، موضحا إلى أنه تهذيب للمبتدئ وتقريب للمنتهي من مشقة مطالعة الدواوين الكلامية، وقد رأى الباحث في هذا العمل عنوانـا لمرحلة جديدة نقل فيها اليفرني علم الكلام من تأثره بالجويني واستدلالاته المنطقية إلى مرحلة أخرى بدأ يظهر فيها تأثر الكلام بالفلسفة مع الرازي والآمدي، أي تحول علم الكلام إلى رياضة ذهنية بحسب رأي المتدخل، فبدءا من العنوان تظهر ملامح حضور العقل في المباحث الكلامية وتفاعلها مع أفكار المعتزلة والحكمـاء، ودلل على ذلك بنصوص الرازي التي طغت على متن المباحث العقلية، وبالطريقة التي يتم فيها توظيف هذه الشواهد في تحرير محل النزاع ودحض حجج الخصوم وتبني حدود الرازي الكلامية، ثم عرج بعد ذلك على أهمية هذا الكتاب في تطوير الدرس العقدي، مبرزا اهتمام العلماء به ما بين اختصار واقتباس، عارضا تلخيص كل من الجزولي والسملالي، واقتباسات المنجور واليوسي. 

واختُتمت هذه القراءات التقديمية بفتح المجال لتساؤلات الحضور وتعليقاتهم، وأعطيت الكلمة في نهاية اللقاء لمحقق الكتاب د. جمال علال البختي التي شكر فيها الحضور والأساتذة مُـثمّنا جهودهم وقراءاتهم، متوقفا عند نقاط مختلفة أبدى فيها رأيه، أهمها تأكيده على التوجه الأكاديمي لمركز أبي الحسن الأشعري واستناده على آليات ومناهج البحث العلمي في التعامل مع قضايا الاعتقاد ومسائله، وترحيبه باجتهادات وأعمال المتخصصين في هذا المجال، مناقشا بعد ذلك مداخلات الأساتذة وتعليقات الحضور.

 

                                                            (مركز أبي الحسن الأشعري)

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق