زيارة مؤسسة عبد الله كنون للثقافة والبحث العلمي بمدينة طنجة
شكلت الزيارة التي قام بها مركز أبي الحسن الأشعري للدراسات والبحوث العقدية التابع للرابطة المحمدية للعلماء بتطوان، لمؤسسة الأستاذ عبد الله كنون للثقافة والبحث العلمي بمدينة طنجة صبيحة يوم الجمعة 12 أبريل 2019، الحلقة الثانية في سلسلة احتفالية المركز بيوم المخطوط العربي الذي يخلد هذه السنة تحت شعار "المخطوطات المهجّرة"، حيث تم استقبال رئيس المركز الدكتور جمال علال البختي والباحثين به إضافة إلى نخبة من طلبة الماستر والدكتوراه من لدن محافظ المكتبة ورئيس مؤسسة عبد الله كنون الدكتور محمد كنون الحسني.
في بداية اللقاء قدم رئيس مركز أبي الحسن الأشعري كلمةً شكر فيها محافظ المكتبة على حسن استقبال الباحثين وحفاوته بهم، ثم ذكَّر بالسياق الذي جاء فيه اللقاء وأهميته في الانفتاح على المؤسسات الثقافية بالمغرب، وتوثيق أواصر التعاون بينها، من أجل الإسهام في الحيوية العلمية والفكرية، محددا سبب تخصيص المكتبة بهذه الزيارة معتبرا على رأسه الدور الريادي للعلامة المغربي الأستاذ عبد الله كنون الحسني ـ رحمه الله ـ في تأسيس رابطة علماء المغرب، التي اتخذت فيما بعد صفة مؤسسة "الرابطة المحمدية للعلماء" بموجب الظهير الشريف الصادر في فبراير 2006.
ثم عرض الدكتور محمد كنون بعض التفاصيل من تاريخ إنشاء المكتبة مبتدئا بإعطاء الحضور لمحة تاريخية عن حياة العلامة سيدي عبد الله كنون من حيث معالم النشأة وطلب العلم ما بين تطوان وطنجة وفاس ومصر، مما كان له الدور الكبير في توفير عدد من الكتب والمجلات والوثائق والصور بمكتبته، والتي أصبحت فيما بعد في ملكية مؤسسة العلامة عبد الله كنون للثقافة والبحث العلمي بعد وفاته وباتفاق بين أفراد أسرته لتأسيسها حفاظا على هذا التراث من التلف والتهجير والضياع، بعد أن أمر العلامة عبد الله كنون قبل وفاته سنة 1979م بوقفها. وبالفعل، فقد تم افتتاح هذه المكتبة رسميا يوم 28 فبراير من سنة 1985، في بناية تقع في وسط شارع "باستور"، وأسندت إدارتها إلى السيد عبد الصمد العشاب أحد أقاربه، قبل أن يلتحق هو الآخر بالرفيق الأعلى ويتسلم الدكتور محمد كنون الحسني إدارتها.
وكان الأستاذ عبد الله كنون – كما يقول محافظ المكتبة- قد استجمع عددا هائلا من الكتب والمصادر المطبوعة والمخطوطة والوثائق، فضلا عن عدد كبير من الصحف والمجلات والجرائد والصور الفوتوغرافية، بسبب نسجه لعلاقات متعددة مع عدد من مسيري المحافل والمجامع العربية من مختلف الأقطار؛ وخاصة تلك المتعلقة بمجامع اللغة العربية. ولذلك كان مجمل ما تحتويه المكتبة من مقتنياته هو شخصيا أو مقتنيات بعض أفراد أسرته، كما تشمل كذلك بعض ما أهداه له أصدقاؤه ومعارفه، وكذا ما أهدته له المجامع والمنتديات العلمية التي كان ينتسب إليها بمختلف أقطار العالم العربي والإسلامي، هذا إلى جانب بعض الوثائق الديبلوماسية بفعل تقلبه الوظيفي بمختلف أسلاك الوظيفة العمومية وتقلده عددا من المسؤوليات العلمية والإدارية، وأيضا بفضل المقتنيات الجديدة التي قامت مؤسسة عبد الله كنون باستقدامها، ثم بفضل ضم مجموعة من محتويات المكتبات الخاصة إليها والتي قام أصحابها بوهبها إلى هذه المكتبة، وهم الأفاضل: الأستاذ عبد العالي العبودي والأستاذ إدريس الخرشاف والأستاذ مصطفى بن عثمان والشاعر السكيرج والأستاذ عبد القادر الإدريسي وأخيرا الأستاذ عبد الله المرابط الترغي.
وهو ما مكن المكتبة من التوفر على حوالي 14 ألف عنوان من الكتب في مختلف فنون العلم والثقافة، وأضاف إليها عددا من المصورات التي استخرجها من دور الكتب بمصر وإسبانيا، على عادة بعض علماء المغرب في كتابة مجموعة من الكتب والمخطوطات بخط يدهم والاحتفاظ بهذه النسخ وضمها إلى ممتلكاتهم.
وقد ذكر لنا محافظ المكتبة وفي إطار استحضار شعار هذه السنة من احتفالية المخطوط العربي المتعلق بتهجير المخطوطات، بعض ما يتصل بهذا الموضوع مما يتعلق بالسرقات العلمية التي حصلت لكتب العلامة عبد الله كنون، حيث قامت بعض دور النشر بتصوير كتابه "النبوغ المغربي" عن طبعة سابقة، كما تم نشر كتابه "ذكريات مشاهير رجالات المغرب" من دون إذن مؤسسة عبد الله كنون، وهو ما دعا مؤسسة عبد الله كنون إلى رفع دعاوى قضائية لاسترداد حقها في نشر هذا التراث.
موجز محتويات المكتبة: وقد ذكر الدكتور محمد كنون كذلك أن المكتبة اليوم تضم أكثر من 14.000 مطبوع، منها 2.600 من الجرائد والمجلات، وحوالي 1.200 من المخطوطات، موزعة على الشكل التالي: 7.000 كتاب باللغة العربية أي 70%، و 1.500 باللغة الإسبانية أي 15%، و1.000 باللغة الفرنسية أي 10%، و500 باللغة الإنجليزية أي 5%، ولا زالت المؤسسة تستقبل العديد من الكتب والمجلات بفضل الشراكات التي تجمعها بمجموعة من المؤسسات والإدارات التابعة لها كوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية والمجالس العلمية المحلية والمجلس العلمي الأعلى وأكاديمية المملكة المغربية ومختلف الجامعات والكليات المغربية وغير ذلك من المحافل والمنتديات الثقافية والعلمية.
كما أطلعنا أن المكتبة تشتمل على أقسام حسب طبقات البناية، أثناء مرافقته لنا لزيارة مرافقها، وأهمها:
• قسم المخطوطات والمصورات والمطبوعات الحجرية بالطابق العلوي: ويشتمل هذا القسم على جملة وافرة من الكتب المخطوطة والأخرى المصورة أو المنقولة على شريط، وكذا المطبوعات الحجرية بفاس، وتشمل هذه الكتب مختلف جوانب الإنتاج العلمي والأدبي والتراث المغربي.
• قسم الكتب المطبوعة بالطابق العلوي كذلك: ويشمل المصاحف بأحجام مختلفة، وكتب التفسير والدراسات القرآنية، وكتب الحديث والفقه، وكتب السيرة، وكتب التاريخ العام، والأدب، والدواوين الشعرية، والمعاجم في مختلف اللغات، وغيرها من المعروضات من شهادات التقدير وأوسمة حصل عليها العلامة عبد الله كنون .
•قسم المجلات والجرائد والوثائق بالطابق الثاني: ويشتمل هذا القسم على أمهات الصحف والمجلات الإسلامية والعلمية والأدبية الصادرة في معظم بلاد الوطن العربي، إلى جانب وثائق تتناول موضوعات هامة، وصور تمثل ذخيرة من الذكريات الوطنية والعربية، إلى جانب معرض لمبيعات مطبوعات مؤسسة عبد الله كنون للثقافة والبحث العلمي.
•ثم قسم رابع وهو الطابق السفلي ويضم محتويات المكتبات الموهوبة للمؤسسة، وخاصة تلك التي أوقفها الدكتورعبد الله المرابط الترغي وبعض أفراد أسرة كنون وعلى رأسهم والد المحافظ، وباقي الأعلام الذين تمت الإشارة إليهم سابقا..
وفي الختام قام وفد الباحثين بالمركز والطلبة المرافقون بأخذ صور تذكارية، ولم يفوّت محافظ المكتبة الدكتور محمد كنون الحسني فرصة استقباله لهم دون أن يهديهم بعض مطبوعات المؤسسة تعبيرا عن سروره بهذه الزيارة الماتعة.