الرابطة المحمدية للعلماء

د.عبادي يحاضر بكلية الآداب بالرباط في موضوع “علومنا الإسلامية والسياق الكوني المعاصر”

أكتوبر 27, 2015

أكد فضيلة الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، الأستاذ الدكتور أحمد عبادي، أن “الحفر” في كتاب الله عز وجل يمكننا من الوقوف على ضربين من العلوم: الضرب الأول هو “علوم التسخير”، أما الضرب الثاني فهي “علوم التيسير”.

وأن علومنا الإسلامية منذ نشأتها باتصال الوحي المبارك بالإنسان في هذا الكوكب، كانت علوما وظيفية، وأوضح الدكتور أحمد عبادي، الذي كان يتحدث مساء الثلاثاء 27 أكتوبر 2015م، في الدرس الافتتاحي لماستر “العلوم الشرعية والبناء الحضاري”، بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، بحضور سفراء محجموعة من الدول، ورؤساء الشعب، وعلماء وأساتذة، حول موضوع “علومنا الإسلامية والسياق الكوني المعاصر”، أن قراءة الكتابين:”المنظور”، و”المسطور”، لها شروطها ومواصفاتها.

وأبرز فضيلة الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، أن كلا النسقين العلميين يتصل بالآيات، والآيات في القرآن المجيد هي “العلامات”، التي تتصل بعلوم التسخير هي آيات كونية، مضيفا أن تتبع وجرد كلمة “الآيات” في كتاب الله تعالى وفي سنة نبينا صلى الله عليه وسلم، يستلزم التحاور معها واستنطاقها، لأن “القراءة  في نهاية المطاف هي “الاستنطاق”، و”التحاور مع هذه الآيات”.

وتوقف الأستاذ المحاضر عند “علوم التسخير”، حيث أكد أنها عبارة عن التعامل مع الآيات الكونية والوقوف على القوانين التي تضبط حركتها وتضبط عودتها وأوبتها، وهذا الحوار يجب أن يكون مستداما وبتسخير وتوجيه لهذه التساؤلية، (عمّ يتساءلون عن النبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون)، ثم نجد سلسلة من علامات الاستفهام إلى قوله تعالى (إن يوم الفصل كان ميقاتا)، ففي القرآن الكريم سور تختم بعلامات استفهام مثل قوله تعالى في آخر سورة الملك (أرايتم إن أصبح ماءكم غورا..)

وأشار فضيلة السيد الأمين العام إلى أن “علوم التسخير” تمكن الإنسان من تحديد آليات الحركة، لكن هذه الحركة إذا لم تنضبط وجهتها ولم تنضبط قبلتها ستكون مدمرة، ولذلك فإن المطلوب، يردف فضيلته، “هو تمكين القدرة على الحركة والقدرة على إعطاء الوجهة على الحركة، وسؤال الوجهة قائم بين ظهرانينا، فنحن مطالبون بالقيام بتوجيه الحركة نحو القبلة لهذا الكتاب الآخر الذي هو الكتاب المسطور، يقول الأستاذ المحاضر.

واعتبر الدكتور عبادي أن الإنسان مطالب باستدراك الحقيقة من خلال التكامل، بمعنى أن مطلب التعارف مطلب وظيفي وليس استطيقي؛ لأن الحكم التي تأسست في هذا البلد هي حكمة فريدة لا يمكن أن تجد الحكمة ذاتها في بلد آخر، بمعنى أن الحكمة التي تتبلور عند أمة أو قبيلة من القبائل ليست متفردة، فحينما نحصل على هذه الوظائف الناجمة عن التعارف سوف نستطيع تجاوز كثير من الإشكالات، يؤكد ذات المتحدث.

وأشار الأستاذ المحاضر إلى أن التيسير هو الذي يجعل القرآن موائما للإنسان، حيث تمكنه حواسه  وقدراته، التي أكرمك الله بها، من استنطاق الكون وإجراء الحوار معه بـ”التساؤولية” من أجل استخلاص القدرة على الحركة، والموائمة، مضيفا أن ” تعقب القرآن هي التي تجعل الإنسان ينبثق من داخله وأن يمارس عملية التساؤل، من خلال المواءمة بين “الكتاب المنظور” : الكون، و “الكتاب المسطور”، القرآن، لاستخلاص الهاديات والقدرة على الحركة والإشراف.

وفي هذا الإطار، أبرز الدكتور أحمد عبادي أن الوصول إلى هذا المستوى من التفكيك سيؤدي بالإنسان إلى استبصار حقيقة ما قاله العلماء، الذين قرروا أن العالم بالدين لا بد له من أضرب ثلاثة من العلوم: العلم بالدين والعلم بالواقع بتلافيفه وتضارسه، ثم العلم بكيفية تنزيل أحدهما على الآخر.

فالقراءة إذا أردنا أن تكون تساؤلية نابضة مستخلصة للوجهة ولموقع القبلة، يقول الأستاذ المحاضر، ” لا يمكن أن تكون بالترداد ولا يمكن أن تكون بالحفظ، فلابد أن يكون الإنسان يقضا حيا في التعامل مع هذه الآيات التي في الكتاب المسطور والممكنة من الوجهة هي التي جعلت استدماجها من النبي صلى الله عليه وسلم يجعل منه «الوحدة القياسية» على الصعيد البشري.

وشدد فضيلة السيد الأمين العام على أنه يتوجب علينا في مجالات التربية وعلم الاجتماع وعلم النفس وكل العلوم الإنسانية، أن ندرك حالة السواء على الصعيد الفردي، وحالة السواء على الصعيد الجماعي العمراني، وأن نشمر من أجل أن نستنطق هذه الهاديات التي تمكننا من رد هذه الاختلالات التي يمكن أن نقف عليها إذا دخلنا بالفعل من هذا المدخل الديناميكي.

وشدد الأستاذ المحاضر على أن المسلمين ملزمون باستنطاق القضايا “الحارقة”، و “الضاغطة” في عالمنا  المعاصر، وهي قضايا كثيرة وجب أن يكون فيها للمسلمين قول لأن عندهم المرجعية والكتاب المسطور الذي لا يأتيه الباطل لا من بين يديه ولا من خلفه، وعندهم هذه النموذجية التي بتفعليها يمكن أن تكون عندهم قوة اقتراحية مقدرة، مؤكدا على ضرورة الجمع بين قراءة “الكتاب المسطور”، و “الكتاب المنظور”، للتعامل بشكل أفضل مع الوحي، من خلال  “القراءة”، و ” التلاوة”، و “الترتيل”، “التنزيل”، ثم مستوى “التقويم”، داعيا العلماء والباحثين إلى الكدح، من أجل تجلية معاني المفردات والمفاهيم القرآنية.

وحضر الدرس الافتتاحي جمع غفير من طلبة كلية الآداب والعلوم الإنسانية، وعموم الباحثين والأساتذة المهتمين، كما حضر هذا اللقاء العلمي، عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية، ومنسق ماستر “العلوم الشرعية والبناء الحضاري، وأساتذة الكلية، ورؤساء وحدات ماستر ودكتوراه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق