مركز أبي الحسن الأشعري للدراسات والبحوت العقدية

تقرير عن محاضرة المستشرق الهولندي بيتر كونينسفيلد بمركز أبي الحسن الأشعري

 

في إطار سلسلة المحاضرات التي ينظمها مركز أبي الحسن الأشعري للدراسات والبحوث العقدية التابع للرابطة المحمدية للعلماء احتضن المركز لقاء علميا  مساء يوم الأربعاء 20 أكتوبر 2015 استضاف فيه المستشرق الهولندي “بيتر فان كونينسفيلد” أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة “ليدن” بهولندا لإلقاء محاضرة في موضوع “كتاب ناصر الدين على القوم الكافرين للحجري وكتب الرصاص بغرناطة نهاية القرن 16 الميلادي”. وقد حضر هذا اللقاء العلمي نخبة من الأساتذة الباحثين والدكاترة المهتمين بتراث الغرب الإسلامي من كلية أصول الدين وكلية الآداب بتطوان، بالإضافة إلى مجموعة من طلبة الماستر والدكتوراه، فضلا عن الباحثين بمركز أبي الحسن الأشعري.
في بداية اللقاء رحب رئيس المركز الدكتور “جمال علال البختي” بالحضور الكرام مؤكدا أن مركز أبي الحسن الأشعري يسعد باستضافة هذا العلم الهولندي المستشرق “بيتر فان كونينسفيلد”، مشيدا بالعناية الكريمة التي توليها الرابطة المحمدية للعلماء لمثل هذه الأنشطة العلمية الماتعة والمثمرة.
ثم قدم الدكتور “أحمد مونة” الأستاذ بكلية أصول الدين بتطوان كلمة عبر فيها عن امتنانه لمركز أبي الحسن الأشعري في شخص رئيس المركز وباقي الباحثين لاستقبال هذا الباحث الشهير في مجال الدراسات الإسلامية بجامعة ليدن الهولندية، منوها بمعرفته العميقة بالتراث العربي في منطقة الغرب الإسلامي، ومرحبا كذلك بمرافقيه الأستاذ عبد المجيد خيرون عن مجلس أوربا و الأستاذ عبد الصمد العمراوي أحد طلبة المستشرق الهولندي ومترجم محاضراته.
بعد ذلك أخذ الكلمة الأستاذ المحاضر، رحب في بدايتها بأصدقائه بالأمس القريب في مدينة تطوان من الباحثين والأساتذة الذين التقى بهم من قبل في سابق زياراته لهذه المدينة، منوها بدور المدينة الكبير في توثيق تاريخ المورسكيين والحفاظ على ثقافتهم.. ومشيرا إلى أن محاضرته ستركز على تتبع أخبار ومؤلفات أحد الموريسكيين الذين أرخوا لحقبة تاريخية ذاقوا فيها مرارة الظلم والتشرد بعد طرد المسلمين من الأندلس. يتعلق الأمر بالعالم المؤرخ “أحمد بن قاسم بن أحمد بن الفقيه قاسم، شهاب الدين ابن الشيخ الحجري الأندلسي، المعروف بالشهاب الحجري”، وكانت ولادته بين 1569 ـ 1570م. ومعرفا بترجمته من خلال كتابه “ناصر الدين على القوم الكافرين” وهو عبارة عن مختصر لكتابه المفقود “رحلة الشهاب إلى لقاء الأحباب”.  وقد نبه المحاضر إلى أن كتاب “ناصر الدين” لم ينتشر كفاية في العالم العربي ولذلك لم تعطاه المكانة اللائقة التي يستحقها..
 وابن الشهاب هذا هو من الموريسكيين المسلمين الذين لم يتمكنوا من الهروب من الأندلس إبان سقوطها، واضطروا إلى أن يتظاهروا بأنهم نصارى خوفا من ملاحقات محاكم التفتيش التي كانت تقتل كل من تظهر عليه علامات تدل على أنه مسلم أو عربي، إلى درجة أنهم بدلوا أسماءهم، ولهذا لُقّب بـ”أفوقاي” والتي ترجع إلى معنى محامي بالإسبانية ، وأصله من إشبيلية، انتقل إليها من قرية الحجر (إحدى قرى غرناطة) ثم هاجر إلى المغرب (سنة 1599م) بعد أن تنكر في هيئة مسيحي عجوز، ونجح في الإبحار من ميناء سانتا ماريا في قادش متجهاً إلى ميناء مازاغان البرتغالي، حيث استقبله هناك السلطان أحمد المنصور، وتزوج في مراكش. ولما استقر السلطان زيدان في مدينة مراكش، عين سفيراً ومترجماً له عام 1608م، وفي سنة 1636م قصد مكة للحج، وفي أثناء رجوعه زار مصر، ولما نزل بها كان يحدث المسلمين ببعض قصصه، فطلب منه الشيخ علي الأجهوري، وهو من كبار علماء المالكية، أن يكتب كتابا يضمن فيه قصته، فكتب كتابيه المشار إليهما من قبل، أما وفاته فتذكر المصادر أنه اختفى بعد 1638م ولم يُعرف مصيره.
ثم عاد المحاضر للتنبيه إلى أن الكتاب المحقّق ـ وهو من جملة محققيه ـ اعتُمد فيه نسخة دار الكتب المصرية المصححة بخط المؤلف نفسه، معتبرا أن طبعة هذا التحقيق هي بمثابة “نشرة دبلوماسية” للكتاب باعتباره وثيقة تاريخية لا ينبغي أن يلحقها التغيير أو التصحيح، معتذرا بهذا التعليل للأخطاء اللغوية المتعددة والمتكررة التي شابت متن التحقيق نظرا لعدم إتقان الحجري- صاحب الكتاب- للغة العربية الفصحى وهيمنة اللكنة العامية التي كانت سائدة آنذاك في الأندلس. 
وفي هذا الصدد، بين المحاضر أن هذه النشرة الدبلوماسية اعتمدت على التبريزة النهائية الممهورة بخط المؤلف لذلك نشرت كما هي دون تدخل من طرف المحققين التزاما بالأمانة العلمية، واعدا بتحقيق جديد سيصدر قريبا اعتمد فيه على مقابلة نسخة دار الكتب المصرية (التبريزة) بنسخة الأزهر المخطوطة باعتبارها النسخة الأولية  version primative ما سيجعل من الطبعة الجديدة أكثر تنقيحا وتمحيصا. 
وفي سياق استطراده في موضوع التحقيق انتقد المستشرق الهولندي فئة من المحققين الذين يستندون في تحقيقهم على النسخة الأولى من نسخ المخطوطة مستشهدا في هذا الصدد بنموذجين اثنين؛ كتاب “الفصل لابن حزم” وكتاب “المقدمة لابن خلدون” مبينا كيف أن المطبوع منهما لم يعتمد على التبريزة الأخيرة للمؤلفيْن، بل استند فقط على النشرة الأولية التي غالبا ما يطالها التنقيح والتهذيب من لدن مؤلفها نفسه مع توالي السنين. وقد اعتبر “فان كونينسفيلد” أن الاعتماد في التحقيق على النسخة الأولية للمخطوط يعد أمرا شائعا في مجال تحقيق المخطوطات خصوصا العربية واللاتينية منها. 
بعد ذلك عرّج المحاضر على ما عرف في تلك الفترة بـ”كتب الرصاص”، وهي جملة من لوحات رصاصية  بلغت 22 لوحة حجمها 10 سم، عليها تقييدات ونصوص باللاتينية وحروف بأبجدية عربية سميت لاحقا بالحروف السليمانية، والتي عُـثِر عليها بإحدى المغارات بجبال إسبانيا. وقد عرض المستشرق المحاضر، من هذه الصفائح، لجملة من نصوص عقدية حاول أصحابها التوفيق بين التثليث كما هو معروف في الديانة المسيحية والتوحيد في الدين الإسلامي، مع إثبات كلمات وحروف على شكل رموز تحتمل القراءة التثليثية والتوحيدية معا. وهذا الحدث اعتبره بعض المؤرخين والدارسين من أهم حوادث التزوير في تاريخ إسبانيا، بعد أن استغرق الأمر من رجال الدين القساوسة وقتا طويلا للتأكد من صحة أو زيف هذه الصفائح، وكان الهدف من هذا التزويرـ بحسب بعض المؤرخين ـ هو الحفاظ على الوجود الموريسكي بإسبانيا من خلال عملية التوفيق بين المسيحية في صورتها التوحيدية الأولى والديانة الإسلامية.
وفي ختام هذه المحاضرة فتح رئيس المركز د.جمال البختي المجال لمداخلة مجموعة من الأساتذة منهم د. عبد الواحد العسري، ود. جعفر بن الحاج السلمي، ود. أحمد مونة، إضافة إلى تساؤلات الطلبة الباحثين، ثم استأنف الكلمة شاكرا المحاضر على المعلومات التاريخية القيمة التي تضمنتها المحاضرة، وكذا الحضور الكرام متمنيا لهم حسن الاستفادة من هذه المحاضرة.

في إطار سلسلة المحاضرات التي ينظمها مركز أبي الحسن الأشعري للدراسات والبحوث العقدية التابع للرابطة المحمدية للعلماء احتضن المركز لقاء علميا  مساء يوم الأربعاء 21 أكتوبر 2015 استضاف فيه المستشرق الهولندي “بيتر فان كونينسفيلد” أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة “لايدن” بهولندا لإلقاء محاضرة (باللغة الفرنسية) في موضوع “كتاب ناصر الدين على القوم الكافرين للحجري وكتب الرصاص بغرناطة نهاية القرن 16 الميلادي”. وقد حضر هذا اللقاء العلمي نخبة من الأساتذة الباحثين والدكاترة المهتمين بتراث الغرب الإسلامي من كلية أصول الدين وكلية الآداب بتطوان، بالإضافة إلى مجموعة من طلبة الماستر والدكتوراه، فضلا عن الباحثين بمركز أبي الحسن الأشعري.

في بداية اللقاء رحب رئيس المركز الدكتور “جمال علال البختي” بالحضور الكرام مؤكدا أن مركز أبي الحسن الأشعري يسعد باستضافة هذا العلم الهولندي المستشرق “بيتر فان كونينسفيلد”، مشيدا بالعناية الكريمة التي توليها الرابطة المحمدية للعلماء لمثل هذه الأنشطة العلمية الماتعة والمثمرة.

ثم قدم الدكتور “أحمد مونة” الأستاذ بكلية أصول الدين بتطوان كلمة عبر فيها عن امتنانه لمركز أبي الحسن الأشعري في شخص رئيس المركز وباقي الباحثين لاستقبال هذا الباحث الشهير في مجال الدراسات الإسلامية بجامعة لايدن الهولندية، منوها بمعرفته العميقة بالتراث العربي في منطقة الغرب الإسلامي، ومرحبا كذلك بمرافقيه الأستاذ عبد المجيد خيرون عن مجلس أوربا و الأستاذ عبد الصمد العمراوي أحد طلبة المستشرق الهولندي ومترجم محاضراته.

بعد ذلك أخذ الكلمة الأستاذ المحاضر، رحب في بدايتها بأصدقائه بالأمس القريب في مدينة تطوان من الباحثين والأساتذة الذين التقى بهم من قبل في سابق زياراته لهذه المدينة، منوها بدور المدينة الكبير في توثيق تاريخ المورسكيين والحفاظ على ثقافتهم.. ومشيرا إلى أن محاضرته ستركز على تتبع أخبار ومؤلفات أحد الموريسكيين الذين أرخوا لحقبة تاريخية ذاقوا فيها مرارة الظلم والتشرد بعد طرد المسلمين من الأندلس. يتعلق الأمر بالعالم المؤرخ “أحمد بن قاسم بن أحمد بن الفقيه قاسم، شهاب الدين ابن الشيخ الحجري الأندلسي، المعروف بالشهاب الحجري”، وكانت ولادته بين 1569 ـ 1570م. ومعرفا بترجمته من خلال كتابه “ناصر الدين على القوم الكافرين” وهو عبارة عن مختصر لكتابه المفقود “رحلة الشهاب إلى لقاء الأحباب”.  وقد نبه المحاضر إلى أن كتاب “ناصر الدين” لم ينتشر كفاية في العالم العربي ولذلك لم تعطاه المكانة اللائقة التي يستحقها..

 وابن الشهاب هذا هو من الموريسكيين المسلمين الذين لم يتمكنوا من الهروب من الأندلس إبان سقوطها، واضطروا إلى أن يتظاهروا بأنهم نصارى خوفا من ملاحقات محاكم التفتيش التي كانت تقتل كل من تظهر عليه علامات تدل على أنه مسلم أو عربي، إلى درجة أنهم بدلوا أسماءهم، ولهذا لُقّب بـ”أفوقاي” والتي ترجع إلى معنى محامي بالإسبانية ، وأصله من إشبيلية، انتقل إليها من قرية الحجر (إحدى قرى غرناطة) ثم هاجر إلى المغرب (سنة 1599م) بعد أن تنكر في هيئة مسيحي عجوز، ونجح في الإبحار من ميناء سانتا ماريا في قادش متجهاً إلى ميناء مازاغان البرتغالي، حيث استقبله هناك السلطان أحمد المنصور، وتزوج في مراكش. ولما استقر السلطان زيدان في مدينة مراكش، عين سفيراً ومترجماً له عام 1608م، وفي سنة 1636م قصد مكة للحج، وفي أثناء رجوعه زار مصر، ولما نزل بها كان يحدث المسلمين ببعض قصصه، فطلب منه الشيخ علي الأجهوري، وهو من كبار علماء المالكية، أن يكتب كتابا يضمن فيه قصته، فكتب كتابيه المشار إليهما من قبل، أما وفاته فتذكر المصادر أنه اختفى بعد 1638م ولم يُعرف مصيره.

ثم عاد المحاضر للتنبيه إلى أن الكتاب المحقّق ـ وهو من جملة محققيه ـ اعتُمد فيه نسخة دار الكتب المصرية المصححة بخط المؤلف نفسه، معتبرا أن طبعة هذا التحقيق هي بمثابة “نشرة دبلوماسية” للكتاب باعتباره وثيقة تاريخية لا ينبغي أن يلحقها التغيير أو التصحيح، معتذرا بهذا التعليل للأخطاء اللغوية المتعددة والمتكررة التي شابت متن التحقيق نظرا لعدم إتقان الحجري- صاحب الكتاب- للغة العربية الفصحى وهيمنة اللكنة العامية التي كانت سائدة آنذاك في الأندلس. 

وفي هذا الصدد، بين المحاضر أن هذه النشرة الدبلوماسية اعتمدت على التبريزة النهائية الممهورة بخط المؤلف لذلك نشرت كما هي دون تدخل من طرف المحققين التزاما بالأمانة العلمية، واعدا بتحقيق جديد سيصدر قريبا اعتمد فيه على مقابلة نسخة دار الكتب المصرية (التبريزة) بنسخة الأزهر المخطوطة باعتبارها النسخة الأولية  version primative ما سيجعل من الطبعة الجديدة أكثر تنقيحا وتمحيصا. 

وفي سياق استطراده في موضوع التحقيق انتقد المستشرق الهولندي فئة من المحققين الذين يستندون في تحقيقهم على النسخة الأولى من نسخ المخطوطة مستشهدا في هذا الصدد بنموذجين اثنين؛ كتاب “الفصل لابن حزم” وكتاب “المقدمة لابن خلدون” مبينا كيف أن المطبوع منهما لم يعتمد على التبريزة الأخيرة للمؤلفيْن، بل استند فقط على النشرة الأولية التي غالبا ما يطالها التنقيح والتهذيب من لدن مؤلفها نفسه مع توالي السنين. وقد اعتبر “فان كونينسفيلد” أن الاعتماد في التحقيق على النسخة الأولية للمخطوط يعد أمرا شائعا في مجال تحقيق المخطوطات خصوصا العربية واللاتينية منها. 

بعد ذلك عرّج المحاضر على ما عرف في تلك الفترة بـ”كتب الرصاص”، وهي جملة من لوحات رصاصية  بلغت 22 لوحة حجمها 10 سم، عليها تقييدات ونصوص باللاتينية وحروف بأبجدية عربية سميت لاحقا بالحروف السليمانية، والتي عُـثِر عليها بإحدى المغارات بجبال إسبانيا. وقد عرض المستشرق المحاضر، من هذه الصفائح، لجملة من نصوص عقدية حاول أصحابها التوفيق بين التثليث كما هو معروف في الديانة المسيحية والتوحيد في الدين الإسلامي، مع إثبات كلمات وحروف على شكل رموز تحتمل القراءة التثليثية والتوحيدية معا. وهذا الحدث اعتبره بعض المؤرخين والدارسين من أهم حوادث التزوير في تاريخ إسبانيا، بعد أن استغرق الأمر من رجال الدين القساوسة وقتا طويلا للتأكد من صحة أو زيف هذه الصفائح، وكان الهدف من هذا التزويرـ بحسب بعض المؤرخين ـ هو الحفاظ على الوجود الموريسكي بإسبانيا من خلال عملية التوفيق بين المسيحية في صورتها التوحيدية الأولى والديانة الإسلامية.

وفي ختام هذه المحاضرة فتح رئيس المركز د.جمال البختي المجال لمداخلة مجموعة من الأساتذة منهم د. عبد الواحد العسري، ود. جعفر بن الحاج السلمي، ود. أحمد مونة، إضافة إلى تساؤلات الطلبة الباحثين، ثم استأنف الكلمة شاكرا المحاضر على المعلومات التاريخية القيمة التي تضمنتها المحاضرة، وكذا الحضور الكرام متمنيا لهم حسن الاستفادة من هذه المحاضرة.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق