تقرير عن محاضرة الأستاذ محمد حيلوط بعنوان: “دروس علمية وعملية لفهم الأسطرلاب”

سلوى سعود
مركز ابن البنا المراكشي
في إطار سلسلة محاضراته العلمية، نظم مركز ابن البنا المراكشي يوم السابع والعشرين من شهر نونبر سنة 2024 محاضرة علمية بعنوان: "دروس علمية وعملية لفهم الأسطرلاب". تفضل بإلقاء هذه المحاضرة الأستاذ محمد حيلوط (باحث في تاريخ علم الفلك)، بينما تولى الأستاذ جمال بامي (رئيس مركز ابن البنا المراكشي) تسيير فعاليات هذا اللقاء العلمي.
افتتح الأستاذ محمد حيلوط محاضرته بالحديث عن أسباب انشغاله بالبحث في تاريخ العلوم والاهتمام تحديدا بمجال الأسطرلابات، مشيرا إلى أن الأمر يرجع في البداية إلى تعرفه على إحدى الأسطرلابات الموجودة بمتحف تاريخ العلوم بأكسفورد. يتعلق الأمر بالأسطرلاب الذي صنعه العالم المغربي علي بن إبراهيم الحرار الذي كان يشتغل مؤذنا بمدينة تازة. ولما كان الأستاذ حيلوط من أبناء تازة المغربية، فقد اختار أن يشتغل على دراسة هذا الأسطرلاب قصد التعرف أكثر على مكوناته وفهم كيفيات اشتغاله. وكان من بين نتائج هذا الاهتمام أن ألف الأستاذ حيلوط كتابا يعالج أمورا عدة من بينها خصائص وطبيعة هذا الأسطرلاب الكوني الذي صنعه علي بن إبراهيم الحرار.[1]
قدم الأستاذ المحاضر في هذه الندوة العلمية برنامجا (تطبيقا إلكترونيا) يساعد على رسم الأسطرلاب ويوضح كيفيات اشتغاله، ويحمل هذا التطبيق اسم "أسطرلابي Astrolabi". إن الهدف من هذا التطبيق هو شرح وتوضيح الرسوم الموجودة على وجه وظهر عدة أنواع من الأسطرلابات، كالأسطرلاب الكلاسيكي والكوني والخطي، إضافة إلى بعض الأنواع من الرُبعيات. وتبرز أهمية هذا الأمر من كونها توضح أن كل مكون ضمن الأسطرلاب إلا وله وظيفة محددة. وهو ما يبرز، من جهة أخرى، أن هذه الأداة لم تكن مجرد أداة بسيطة بقدر ما كانت أداة متعددة الاستخدامات، سواء في الحسابات الفلكية أو الجغرافية.
هكذا، فقد قدّم الأستاذ حيلوط شرحا مفصلا لتطبيق Astrolabi يوضح من خلاله كيفية عمل هذا التطبيق الذي يساعد على فهم الطرائق التي تشتغل وفقها الأسطرلابات. إضافة إلى ذلك، فقد تطرق المحاضر أيضا بعض مكونات الأسطرلاب الكلاسيكي، كالطوق والمقنطرات والخطوط السمتية (الاتجاهات) ... موضحا في الآن نفسه لبعض استخدامات الأسطرلاب، كتحديد الوقت بما في ذلك أوقات الصلاة ...
كما عرض أيضا بعض أمثلة توضيحية على بعض هذه المكونات، كصورة العنكبوت في أسطرلاب أبي بكر بن يوسف، وهي عبارة عن شبكة ذهبية تظهر خطوطا وعقدا تحدد مواقع الكواكب والنجوم، بحيث إن كل نقطة تحمل اسما يدل على نجم معين أو كوكب ما، وذلك وفق التسميات العربية التقليدية مثل: رأس الحواء، ورجل الجوزاء ...
ثم انتقل الأستاذ المحاضر إلى صورة تحدد التقويم السنوي لمنازل الشمس لعام 2024، وتاريخ الاعتدال الربيعي وهو 21 مارس.
وقام بعد ذلك بشرح الأسطرلاب الكوني الذي يتكون من شبكة تهدف إلى تمثيل السماء بشكل إسقاطي، والتي تستعمل لتحديد مواقع النجوم بالنسبة إلى خطوط الطول -أو ما يسمى بخطوط الساعات- أو بالنسبة لخطوط العرض. انتقل بعدها إلى الحديث عن صورة لمسطرة (يسميها البعضregula ) تتعلق بالأسطرلاب الكوني. تتجلى وظيفة هذه المسطرة في أنها تساعد على الوصول لخطوط الساعات الاستوائية الملازمة لخطوط الطول. أما عن تموضعها، فيمكن القول إنه يحدها قوسان يمثلان خطا الطول للانقلابين.
قدم المحاضر كذلك صورة تظهر نموذجا لما يعرف بالأسطرلاب الخطي أو ما يسمى بـ "عصا الطوسي" (نسبة إلى العالم الإسلامي نصير الدين الطوسي)، مؤكدا على أن الأسطرلاب الخطي يُعَد تطويرا مهما في هذا المجال نظرا لكونه يبسط الحسابات الفلكية من جهة، ويقدم طريقة أسهل لقياس الزوايا ومواقع النجوم من جهة أخرى.
وكانت آخر صورة من صور التطبيق هي الصورة التي تمثل أربع ربعيات تخص الحسابات المرتبطة بالزوايا والمسافات السماوية، وهذه الأنواع من الربعيات هي: ربعية كلاسيكية، ربعية الجيوب وجيوب التمام، ربعية لتحويل الساعات، وربعية الظلال.
اختتم هذا اللقاء العلمي بكلمة ألقاها الأستاذ الدكتور جمال بامي، رئيس مركز ابن البنا المراكشي، ثمّن فيها فكرة تنظيم محاضرات وعقد لقاءات تخص تاريخ العلوم العربية، آملا أن تستمر مثل هذه الدورات التكوينية التي من شأنها أن تزيد الباحثين معرفة وإغناء فيما يتعلق بمجال الأسطرلابات.
ملاحظة : نشير إلى أن تسجيل المحاضرة سينشر لاحقا على الموقع الإلكتروني لمركز ابن البنا المراكشي وفي قناة المركز على يوتيوب.
[1] - يمكن الاطلاع على تقديم موجز عن هذا الكتاب على الرابط التالي :https://www.arrabita.ma/blog/%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B3%D8%B7%D8%B1%D9%84%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D8%B9%D8%A8%D8%B1-%D9%86%D8%B5%D9%88%D8%B5-%D9%88%D8%AA%D8%AD%D9%81-%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A%D8%A9-%D9%83%D8%AA%D8%A7/




