مركز الإمام أبي عمرو الداني للدراسات والبحوث القرائية المتخصصة

تقرير عن قراءة في كتاب: “البستان في تجويد القرآن” للإمام أبي عبد الله محمد بن يوسف الجناتي (ت 780 هـ)

عقد مركز الإمام أبي عمرو الداني المنضوي تحت لواء الرابطة المحمدية للعلماء، يومه السبت 26 فبراير جلسة علمية للقراءة في كتاب البستان في تجويد القرآن لأبي عبد الله محمد الجناتي ت 780 هـ، تحقيق الدكتور مولاي مصطفى بوهلال؛ باحث مؤهل بمركز الإمام أبي عمرو الداني، وقد جرت فعاليات المدارسة بواسطة التقنية الحديثة؛ تمكينا للراغبين في الاستفادة من مجريات اللقاء.

أسهم في إثراء فصول المدارسة ثلة من البحثة المتمهرين؛ الأستاذ الدكتور المؤرخ أحمد عمالك؛ الذي شغل مهمة التدريس بجامعة القاضي عياض عقودا من الزمن إلى أن أحيل على التقاعد، والدكتور الأديب مصطفى الغفيري أستاذ بمعهد محمد السادس للقرآت القرآنية، والأستاذ النحرير سمير بلعشية؛ باحث بمركز الإمام أبي عمرو الداني، ومحقق الكتاب: الشـريف المنيف الدكتور مولاي مصطفى بوهلال، سير الجلسة وقرر فصولها الباحث بالمركز العمري؛ الدكتور عبد الجليل الحوريشي.

استهلت الجلسة بتلاوة  آي من الذكر الحكيم للقارئ بلال كازيني؛ تلميذ الدكتور الباحث المؤهل عبد الهادي السلي، تبريزا لعطاآت مشروع الرابطة المحمدية، في إطار ما أسمي: برنامج فحص وتر سيخ النتائج البحثية المحصلة“، ثم أعطيت الكلمة لمحقق الكتاب، قرب فيها المتابعين من مضمون الكتاب، وعرج على منهج مؤلفه، مبرزا وجه الطرافة فيه، وكيف أنه  نحى به منحى أهل الإشارة، في إشراقات وفتوحات تعود بالدارس إلى المتغيى الأصيل من تحصيل العلوم، وقد فسر الباحث عن ملابسات هذا النمط من التأليف الذي شع إبان العصر المريني، معرجا على أنماط التأليف التي انبثقت عن نفس المشكاة قبل عهد الجناتي.

ثم أحيلت الكلمة إلى الدكتور أحمد عمالك، الذي أعاد القيل في  الكتاب إلى نصابه، مشيدا بالحظ الذي حالف تحقيق الكتاب وإخراجه، بما قيض له؛ صفوة من ذوي الرسوخ والدراية بالمخطوط، الذين واكبوا تحقيق نصه، وأناخوا معارفهم بفناء ساحه، ليخرج في تلكم الحلة القشيبة.. وعلى عادته في التحليل والمقاربة ذكر بالحقبة التاريخية للكتاب، والفترة العصيبة التي عاشتها أواخر الدولة المرينية بالمغرب الأقصـى، والهجمات الشرسة للحملات الصليبية، والمناورات التترية بالمشرق، إلا أن ذلك لم يثن المرينيين عن السير وفق المسلك الذي ارتضوه، فكان احتفاؤهم بالعلم والعلماء مضـرب الأمثال، وإنفاقهم فيه وفي سبيله مذللا للمسالك والصعاب، فكانت هذه العوامل سببا لنهضة علمية تبارى في الأقران والأنداد، وتفننوا في سائر مجالات الفنون، خاصة ما  يخدم منها الكتاب، وتبريزا لهذه الجهود عرف الأستاذ الدكتور بجملة من المدارس التي أسست في هذه الحقبة، والمناهج المتبعة في التحصيل، وأعلام العلماء الذين نبغوا في سائر العلوم، ثم أعاد الكرة إلى كتاب البستان، مبديا بعض ملحوظاته على منهج التحقيق فيه.

بعدها تناول الكلمة الدكتور مصطفى الغفيري، وعنونها بـ: “أفنان من لطائف البستان”، وبأسلوب أدبي رفيع نوه بالكتاب وجهد المحقق فيه، ومحض الكلام في مداخلته للملحظ الطريف الظريف في الكتاب؛ الصبغة الإشارية الصوفية في ثنايا نصه، راجعا بها إلى محتدها؛ النصوص الأثرية التي جاءت في معاني الحروف، وما خص به كل حرف من معان، وكيف أنها معان سنية، مسلك تبينها الأذواق لا الأوراق، مستشهدا بكلام السادة الصوفية، وما لهم فيها من إشراقات وفيوضات، قوبلت بالرفض من لدن فئة من أعلام الأمة الذين يرومون الاستنان، و دحض كل ما لم يقم عليه أمارة من برهان.

وختمت المداخلات بمداخلة الأستاذ الباحث سمير بلعشية، وكانت وقفات مع مضمون الكتاب، والترتيب البديع الذي نسج به نصه، نسق فيه المعارف بسبك عجيب، مفرعا من مباحث التجويد معاني تلقي بأزمتها للمتدبر الحصيف، مستنطقا من بطون المصادر نماذج ممن سبقوا محمد الجناتي في هذا الفن من ملح العلوم، وأثار الباحث في مداخلته ما أغفله المؤلف من المباحث التجويدية التي لها محل الصدارة في هذا الفن، وذلك مبحث المخارج والصفات باعتباره أس المباحث التي يقوم عليها أوده، وينبني عليها أصله وفصه.

ثم ختمت الجلسة بما ابتدأت به، ثمرة من ثمرات “برنامج فحص وترسيخ النتائج البحثية المحصلة”، قراءة خاشعة للقارئ جمال اكريد من تلامذة الباحث سمير بلعشية.

ورفعت الجلسة بالدعاء الصالح لراعي العلم والعلماء، مولانا المؤيد بالله محمد السادس، أدام الله عزه ونصره، وأبقاه درعا حصينا وكهفا منيعا ضامنا الأمن والأمان، والسلم والسلام، لهذا البلد المكلوء برعاية المنان.

د.عبد الجليل الحوريشي

  • باحث بمركز الإمام أبي عمرو الداني للدراسات والبحوث القرائية المتخصصة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق