مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوك

تقرير عن الندوة الوطنية: “فقه المعاملات المالية في المذهب المالكي وسؤال التقريب”

  

إنجاز ذ. عبد الرحيم السوني

باحث بمركز دراس بن إسماعيل

 

في إطار الأنشطة العلمية التي يقوم بها مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوك نظم هذا الأخير ندوة وطنية بشراكة مع ماستر: “فقه المعاملات المالية في المذهب المالكي وتطبيقاته المعاصرة” التابع لشعبة الدراسات الإسلامية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله كلية الآداب والعلوم الإنسانية سايس فاس في موضوع “فقه المعاملات المالية في المذهب المالكي وسؤال التقريب”، وذلك يوم الخميس 03 ربيع الثاني 1434 الموافق لـ 14 فبراير 2013، برئاسة فضيلة الأستاذ الدكتور عبد الله معصر رئيس مركز دراس بن إسماعيل، ومشاركة كل من السادة الأستاذة الدكتور الجيلالي المريني منسق الماستر المذكور، والدكتور عبد الحق يدير، والدكتور مولاي إدريس غازي.

بعد الافتتاح بآيات بينات من الذكر الحكيم، أخذ فضيلة الأستاذ الدكتور عبد الله معصر الكلمة حيث أكد على أهمية الموضوع، نظرا للفراغ الذي تشهده ساحة البحث العلمي في هذا الجانب؛ فما نجده اليوم من دراسات حول الموضوع وما يضطلع به المذهب المالكي في هذا المجال لا يعكس الحجم الذي ينبغي أن يتبوّأه هذا الأخير بالنظر إلى الانتشار الواسع الذي عرفه والأهمية العلمية التي يحتلها ضمن مجال المعاملات المالية بشهادة غير المالكية. في السياق ذاته تناول فضيلته إشكالية تقريب هذا المكون من مكونات المادة الفقهية المالكية والذي يشمل جانب المعاملات المالية بما يعرفه المذهب المالكي من وُسع في هذا الباب سواء من جهة الأصول التي يستند عليها أم من جهة التفريعات الاجتهادية التي اختص بها.

بعد ذلك أعطى الكلمة لفضيلة الدكتور الجيلالي المريني الذي تمحورت مداخلته حول “واقع وآفاق البحث في المعاملات المالية” والتي ركزها في شقين: شق الواقع، وشق الآفاق، فمن جهة الشق الأول أكد على أن البحث في المجال يعرف فراغا كبيرا، وتطرق إلى بعض الآثار المترتبة عن هذا الفراغ، والأسباب المؤدية إليه ومنها عدم سلامة القصد لبعض المشتغلين به، وضعف التكوين الفقهي، وعدم استقلالية البحث في المجال، وغير ذلك من الأسباب. وأما شق الآفاق فقد رتبه هو الآخر وبناه وفق الأسباب السالفة، حيث قابل كل سبب بكيفية النهوض به وتجاوزه من كونه سببا للضعف إلى كونه سببا للتقدم البحثي في هذا المجال، ومن ذلك الصدق والإخلاص والإيمان بالفكرة، والتكوين العلمي الفقهي الرصين بأصوله وفصوله كما كان عليه في عهد الأسلاف مثلما كان الحال بالنسبة لنظام التدريس الذي اضطلعت معلمة القرويين، وكذا استقلالية البحث في المجال وأن يكون تابعا لمراكز البحث الأكاديمية، وأيضا التمكن من الفقه المالكي بما يوفره من إمكانات كبيرة لحل الأزمات المالية المعاصرة، واستثماره لأجل هذه الغاية.

في حين جاءت مداخلة فضيلة الدكتور عبد الحق يدير حول “دفع الضرر وتطبيقاته المعاصرة”، وركزها بدوره في جانبين: جانب تأطيري حيث تحدث فيه عن مفهوم الاقتصاد الإسلامي وما يتضمنه من جوانب ثابتة متمثلة في الأصول الشرعية والمقاصد المراعية لها، وكذا القواعد الكلية المستخرجة من استقراء الأحكام وضِمْنها تندرج القاعدة المطروحة للدرس، وفي هذا الجانب تناول المعاني اللغوية والشرعية والاصطلاحية للفظ الضرر. وأما الجانب الثاني من مداخلته فركزه في المتغيرات التي تتغير تبعا للظروف والمستجدات، والذي يتطلب كفاءات فقهية وازنة لوصله بالأصول القرآنية والسنية وما يتبعهما من مصادر تشريعية فرعية، وفي هذا الإطار قدم عددا من النماذج المعاصرة لتطبيقات القاعدة المذكورة.    

أما مداخلة فضيلة الدكتور مولاي إدريس غازي الموسومة بـ “من مناهج تقريب المعاملات المالية في المذهب المالكي: أصل ما جرى به العمل” فقد ركزها في وجه من وجوه الجهد التقريبي لدى علماء المذهب المالكي، من خلال استحضاره لتأصيلاتهم المكينة لأصل ما جرى به العمل، وتنزيلاتهم لهذا الأصل الاجتهادي المذهبي في مجال المعاملات المالية، في سياق المدرسة المالكية بربوع الغرب الإسلامي، وقد ضبط فضيلته مفهوم هذا الأصل وأهميته الفقهية والتقريبية، وذلك من خلال استحضاره لبعض النماذج الواقعية المنيرة من تطبيقات هذا الأصل في مجال فقه الأموال ومسائله ومن ذلك مسألة تضمين الراعي المشترك والتي تناول تفاصيلها من خلال استعراضه جملة من أقوال العلماء في هذا الباب. وبهذا عرض فضيلته الحضور القوي والمتميز لهذا العمل في أجوبة المغاربة وتعليلاتهم، حيث اجتهدوا في تنزيل قاعدة العمل المذكور على صور وجزئيات عديدة مثّل فضيلته لبعضها في مجال المعاملات المالية.      

وفي الأخير دعا فضيلة الأستاذ الدكتور عبد الله معصر رئيس الجلسة إلى ضرورة التنسيق فيما بين جميع الباحثين في هذا الشأن، وقال بأن العديد من القضايا المعاصرة تجد حلولا في المذهب المالكي لكن على الباحثين استخراجها، لذلك فالأولى بالباحثين أن يتّجهوا في بحوثهم هذا الاتجاه التجديدي، وفي هذا الإطار اقترح بأن يتم العمل فيه في إطار مؤسساتي منظم تتضافر فيه جهود جميع المهتمين (مراكز علمية وجامعات وباحثين) من أجل النهوض بهذا الجانب الهام من الجوانب التي يضطلع بها الفقه المالكي وخدمته وفق شروط ومستجدات راهنيتنا.

وقد ختمت الندوة بمعرض لمنشورات الرابطة المحمدية للعلماء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق