مركز الدراسات والبحوث في القضايا النسائية في الإسلام

تقرير عن العرض التفاعلي حول يوم المرأة الوطني بفاس

إلياس بوزغاية

 

 

 

بمناسبة اليوم الوطني للمرأة الذي يصادف العاشر من أكتوبر من كل سنة، نظمت الثانوية الإعدادية الأمل بفاس عرضا تفاعليا بعنوان “متى نحتفل بالمرأة؟” من تأطير الباحث بمركز الدراسات النسائية في الإسلام إلياس بوزغاية صبيحة يوم الثلاثاء 10 أكتوبر 2017. العرض التفاعلي عرف حضور عدد كبير من تلاميذ الإعدادية رفقة بعض أمهاتهم اللواتي تم استدعائهن من طرف جمعية أمهات وآباء تلاميذ المؤسسة، فتضمن العرض ثلاث محاور أساسية في متناول الجمهور حيث اعتمد طريقة حوارية مزجت الفكرة بالسؤال والمرح المقرون بالجائزة الفورية في إطار تفاعلي إيجابي.

أوضح المحاضر في البداية أن هناك ثلاث شروط لكي يكون هناك احتفال حقيقي بالمرأة وهي أن يكون هذا الاحتفال على طول العام من خلال التعبير عن الاحترام والتقدير اللائق بالمرأة كل يوم بدل يوم أو يومين في السنة، ثانيا، شرط الاحتفال بكل شرائح النساء أينما كانوا خاصة النساء المهمشات اللواتي يمثلن فئة واسعة من المجتمع، ثالثا، أن يكون الاحتفال مرتبطا بالجنسين معا حيث أن الدفاع عن حقوق المرأة ليس شأنا نسائيا محضا ولا يعني قسرا كره الرجال.

وفي سياق متصل، بين المحاضر أن الأصل في العلاقة بين المرأة والرجل منذ بداية الخلق هي المساواة حيث أن الله خلقهما من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء في إطار من المساواة وليس التراتبية التي تضع الرجل فوق المرأة لأن ميزان التفاضل بين الناس هو التقوى والعمل الصالح وليس الذكورة أو الأنوثة (إنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) 13. الحجرات، (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) 97. النحل. كما أن مبدأ الزوجية قاعدة موجودة في جميع المخلوقات (وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) 49. الذاريات، وهو ما يجعل العلاقة بين كل زوجين علاقة مساوية من حيث القيمة ومكملة من حيث الوظيفة، فالله تعالى خلق المرأة والرجل من أجل وظيفة واحدة هي عبادته عز وجل (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ أُولَٰئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ).

بالإضافة إلى أن السبب وراء الظلم الحاصل ضد المرأة اليوم هو نتيجة انحراف الناس والمسلمين عن هذه المبادئ، هناك سبب علمي آخر يفسر ظهور العقلية الذكورية منذ وقت طويل في تاريخ التطور البشري من المجتمع البدائي المعتمد على الصيد إلى المجتمع الزراعي وصولا إلى المجتمع الصناعي، فبعد أن كانت البنية الجسدية للمرأة عائقا أمامها للصيد مثل الرجل، بقيت أدوارها مرتبطة بالبيت وتربية الأطفال وهو ما استمر حتى في المجتمعات الصناعية حيث أن المرأة حافظت على أدوارها داخل البيت وخرجت للعمل أيضا وبالتالي اضطرت إلى تحمل مسؤوليتين في نفس الوقت، وبالمقابل لم يلتفت كثير من الذكور إليها نظرا لاحتفاظهم بامتيازات العمل المأجور والسلطة مما أنتج مجتمعات تعاني فيها المرأة من الدونية بسبب طبيعتها البيولوجية وتسلط الثقافة الذكورية عليها، وهو ما انتبهت إليه الحركات النسائية فيما بعد وقامت بردود أفعال مختلفة منها المتطرف ومنها المعتدل.  

  وفي جو من التفاعل والمرح حاول المحاضر تحسيس المشاركين بأهمية عدم التعميم في الصور النمطية المرتبطة بالأنوثة والذكورة والوعي بأن الرجال والنساء مختلفين في بعض الأحيان ومتشابهين في أحيان أخرى، لكن التابت هو أنهما ينبغي أن يكونا متعاونين دائما في قبول للاختلافات بينهما والتي لا تعني بالضرورة عدم المساواة، ولنا في الرسول صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة حيث كان رجلا لكنه عطوف وحنون ويقوم بأشغال البيت ويوصي بالنساء خيرا على عكس الكثير من الرجال المسلمين في عصرنا.

انتقل النقاش بعدها ليتطرق إلى عيد المرأة في السياق المغربي حيث تم التذكير بأن العاشر من أكتوبر يؤرخ للخطاب الملكي السامي الذي  مهد للحظة تاريخية في تاريخ المرأة المغربية وهو إخراج مدونة الأسرة الجديدة. وقد كانت المحاضرة فرصة ليتعرف المشاركون على أهم ما جاءت بها في إطار التوفيق بين احترام تعاليم الشريعة الإسلامية وتحقيق العدل والمساواة للمرأة والأسرة والطفل، فقد شملت المدونة قانونا يخص تحديد سن الزواج لمنع زواج القاصرات إلا بإذن القاضي حسب ما تقتضيه المصلحة، وجاءت المدونة بمبدأ الرعاية المستركة للزوجين على الأسرة بعد أن كانت تحت رعاية الزوج فقط، وقامت المدونة بتقييد تعدد الزوجات بما يتوافق مع روح العدل بين النساء ومنع الشطط في سلطة الرجل باسم الدين، كما عملت المدونة على منح حق التطليق للمرأة لأسباب كثيرة بعد أن كانت محرومة منه إلا في إطار الطلاق للخلع أو المملك، وفي الأخير حرصت المدونة على تحقيق العدل في توزيع الممتلكات المكتسبة وفيها إمكانية احتساب العمل المنزلي للمرأة باعتباره جهدا مبذولا لتنمية أموال الأسرة بطريقة غير مباشرة.

وفي سياق آخر تعرف المشاركون على أبرز الشخصيات النسائية المغربية البارزة التي يفتخر بها كل مغربي باعتبار الإنجازات التي حققتها كل واحدة منهن كل في مجالها مثل: فاطمة الفهرية، ثريا الشاوي، فاطمة المرنيسي، نزهة بدوان، عائشة الشنا، وبسيمة حقاوي. في الأخير اختتم اللقاء بمسابقة وألعاب تفاعلية تهدف إلى ترسيخ مبدأ العدل والمساواة بين جميع شرائح المجتمع وفي صفوف الجيل الناشئ الذي يعتبر شعلة الأمل انطلاقا من إعدادية الأمل.

 

 

نشر بتاريخ: 11 / 10 / 2017  

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق