مركز الدراسات والبحوث في الفقه المالكي

تقرير عام حول الأيام الجامعية الأولى عن منهجية البحث في الفقه الإسلامي

في موضوع:

«المنهجية الفقهية في مؤلفات المذهب المالكي»

يومي: الثلاثاء والأربعاء 23 ـ 24 جمادى الثانية 1433هـ

الموافق لـ  15 – 16 ماي 2012م

بقاعة المناظرات التابعة لكلية الآداب والعلوم الإنسانية جامعة ابن طفيل القنيطرة

 

   اشتغل الأساتذة المحاضرون مع الطلبة الباحثين المشاركين في هذه الدورة خلال يومين على ثلاثة محاور، مقسمة في أربع جلسات، بالإضافة إلى الجلسة الافتتاحية والختامية.

  والمحاور الثلاثة الكبرى التي كانت محل الدرس والنقاش في دورة “المنهجية الفقهية  في مؤلفات المذهب المالكي”  هي كما يلي:

        – المحور الأول: متون المذهب المالكي

      – المحور الثاني: مؤلفات الاستدلال والتأصيل في الفقه المالكي

      – المحور الثالث: مؤلفات الفقه العملي في المذهب المالكي

الجلسة الافتتاحية

الثلاثاء 23 جمادى الثانية 1433هـ الموافق 15 ماي 2012-05-26

على الساعة 30:9د

بدأت الجلسة الافتتاحية بتلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم، تلتها كلمة د أحمد عبادي الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، التي رحب فيها بالحضور الكريم، وبالمشاركين علماء وأساتذة وباحثين.

وقد أكد في كلمته على أهمية المنهجية في العلوم الفقهية التي تشكل جملة من الآليات والأدوات والأنساق القياسية، مما يسهل معها بعد الجرد والجمع والتعامل مع كل التفاصيل الموجودة في هذه المؤلفات. مبرزا جملة من هذه الخصائص والأصول التنزيلية التي تعامل بها المالكية، وهي أصول المذهب المالكي التي كانت حاضرة عندهم وهم ينظرون إلى الأقضية والنوازل، حيث كثرت التفاصيل وتعددت. ومع ما استجد من الأقضية، نشأ وعرف مبدأ المصلحة المرسلة، “حيثما كانت  المصلحة فثم شرع الله”،  ثم نشأ علم القواعد حيث بدأ  هَمُّ جمع هذه التفاصيل، ثم جاء علم المقاصد، الذي جمع الأمور بشكل أدق، ومعه علم الكليات والموازنات والترجيحات، وعليه فالمؤلفات عندما تدخل إليها هذه الأصول سوف نجد نوعا من السبك والمنهاج، مما أعطاها صيغها العلمية، ونكهتها وذوقها المنبثقة من مشكاة النبوة.

وفي الأخير أكد السيد الأمين العام أن التعامل مع هذه التفاصيل “يجعلنا قادرين عل التعامل مع القضايا المستأنفة ومع النوازل المستجدة، وتفهم الهموم الفقهية والعلمية التي كانت تحرك علماءنا، لننهج منوالهم من أجل إعلاء شأن هذا المذهب العملي المنهجي”.

وفي كلمة السيد رئيس جامعة ابن طفيل د عبد الرحمن طنكول ، افتتح بتحية الأمين العام للرابطة المحمدية د أحمد عبادي والسيد عميد الكلية واللجنة المنظمة والعلماء والأساتذة والباحثين، أكد على أهمية هذه الدورة التكوينية التي تهدف إلى الارتقاء بالدراسات الإسلامية إلى مراتب متقدمة في البحث العلمي.

وقد نبه على أنه بالرغم من تعدد الإبستيميات والمرجعيات التي ارتبطت بالفكر الإنساني وهيمنة  التقنيات أولا، ثم الرقميات التي تنظر إلى الإنسان بكونه “رقما”، برز شيء آخر هو ارتباط الإنسان بالروحانيات والدين، فخلاص الإنسان من الأزمات التي يمر منها مرتبط بالقيم الدينية والروحية، ولهذا علينا العودة لدراسة الشريعة دراسة منهجية، كما علينا إيلاء الأهمية القصوى للأديان والجوانب الروحية في دراسة حركة العصر، وختم كلمته بشكر مركز البحوث والدراسات في الفقه المالكي، صاحب المبادرة في الدورة، والذي يسعى إلى فتح ورشات علمية لدعم الطلبة والباحثين.

وفي كلمة السيد عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية د عبد الحنين بلحاج، أشاد بالدورة التكوينية المتميزة، وتثمين المبادرة التي قام بها مركز البحوث والدراسات في الفقه المالكية ومختبر العلوم الشرعية والبناء الحضاري، حيث أكد أن هذا النشاط يكتسي أهمية بالغة من خلال مساهمته في بلورة علاقة متميزة مع المنهجية الفقهية نظرا لحاجة الأمة للاستنباط والاستقراء، مع ترسيخ المنظور الشمولي، عوض النظرة الضيقة من أجل إعادة البناء الحضاري، وهذا رهين بالدينامية التي يعرفها البحث العلمي.

وفي كلمة د محمد بلحسان باسم اللجنة التنظيمية للدورة، أكد على أهمية هذه الدورة، وهدفها لترسيخ المواد المعرفية، واستجلاء المنهجية الفقهية في مؤلفات المذهب المالكي، حيث اختارت اللجنة المنظمة زبدة العلماء والأساتذة المشتغلين بالفقه المالكي بالمغرب، لتأطير هذه الدورة، لاستجلاء ريادة المدرسة المالكية في هذا المجال المنهجي.

وقد ختم بشكر الجهة التي ساندت الدورة، ودعمتها، وهي جمعية الدار الكبيرة في شخص المحسن الأستاذ زين العابدين الطوسي.

واختتمت الجلسة الافتتاحية بالتقديم العلمي للدورة، د محمد العلمي رئيس مركز البحوث والدراسات في الفقه المالكي، تناول  فيها  الحديث عن “التصنيف الفقهي لمؤلفات المذهب المالكي”، حيث وضع الإطار والتصور العام الذي تدور عليه أعمال الدورة التكوينية. وقد أبرز أن العلماء، قديما وحديثا، بحثوا في مسألة المنهجية للفقه الإسلامي، وغيره من العلوم، وقد أثبت استقراء مؤلفات الفقه المالكي، أن مؤلفاته تنقسم إلى فنون وعلوم جزئية متعددة، يمكن  اختزالها في ثلاث شعب كبرى متمايزة، وهي: أولا: شعبة متون المذهب وما عليها من جهود. وتحتوي المؤلفات التالية: 1- الأسمعة والجوابات المنقولة عن إمام المذهب. 2 – متون المذهب. 3- خدمة متون المذهب.

ثانيا: علوم الحجة والتأصيل. وتحتوي المؤلفات التالية: 4 – أحكام القرآن. 5 – أحكام الحديث الشريف وشروح السنة. 6- أصول الفقه والرسائل الأصولية. 7 -القواعد الفقهية والفروق والأشباه والنظائر. 8 – إجماع الفقهاء واختلافهم. 9 -الردود على المذاهب المخالفة. 10 – الخلافيات. 11 – الانتصار للمذهب والذب عنه، ومناقب الإمام المتبوع وفضائله وترجيح مذهبه. 12 – الألغاز والمعاياة والمطارحات. 13 –

ثالثا: شعبة الفقه العملي والتطبيقي. وتضم ما تبقى من الأنواع، وهي: 14 –  الحسبة وأحكام السوق. 15- أصول القضاء ومسائله. 16 – الوثائق والشروط والمحاضر والسجلات. 17 -النوازل والأجوبة. 18 -التوقيت. 19 – المناسك. 20 – الفرائض. 21 -الأجزاء الفقهية والنوازل المفردة في سائر أبواب الفقه”.

وقد أكد أن كل شعبة من هذه الشعب الثلاثة تختص بجانب مستقل من الاشتغال الفقهي، وتختص بجملة من القواعد والمصطلحات والقيم الخاصة، لكن ذلك لا ينفي التداخل بينها، بسبب التداخل الذي يسم جملة العلوم الإنسانية، مما يمنع من التعامل معها بقطيعة وانفصال تام.

وهذه المحاور الثلاث هي التي ستشكل العمود الفقري لأعمال الدورة.

 الجلسة العلمية الأولى

الثلاثاء 23 جمادى الثانية 1433هـ الموافق 15 ماي 2012

على الساعة 11:11د

المحور الأول: متون المذهب المالكي

برئاسة د. أحمد البوكيلي

*المداخلة الأولى: المصادر الأولى للفقه المالكي. د الناجي لمين

مهد الأستاذ لموضوعه بالتنصيص على أن الإنتاج الفقهي يرجع إلى أقوال الصحابة والتابعين، نقلا وفهما، ورتب على ذلك أن كل انتقاد يوجه للفقه المذهبي، فهو موجه في الحقيقة إليهم.

ثم بين الأستاذ أن موطأ الإمام مالك هو تلخيص للحركة الفقهية والعلمية للمدينة المنورة، لكن الموطأ على ما فيه لا يغطي حاجات الدرس الفقهي، فجاء التلاميذ فدونوا السماعات عن الإمام مالك، فصارت أصلا لدواوين المذهب. ثم قسم الأستاذ هذه السماعات إلى قسمين: القسم الأول: أجوبة عن أسئلة تقع ويسأل عنها مالك.القسم الثاني: أجوبة عن أسئلة الطلاب التي كان يسمح بها بمقدار ما يرى من أهليتهم ومستواهم وجديتهم، سواء وقعت أم لم تقع. ثم أعقب هذا التقسيم بثلاث ملحوظات: أولاها: أن هذه الأسمعة عبارة عن أسئلة وأجوبة في فروع متنوعة. وثانيها: أن مصنفات الأسمعة لم تكن تامة التصنيف علميا، بحيث لم تكن تنتظمها أبواب فقهية مفصلة، بل كانت تعليقات وتقميشات من أمالي الإمام مالك، ذات تبويب أولي. وثالثها: أنها مجردة عن الدليل. فهي عبارة عن فتاوى مجردة لا يذكر فيها الدليل غالبا. وأشار إلى أن هذه السماعات تنسلك في ثلاث طبقات: أولا: أسمعة تلاميذ مالك عنه، ثانيا: سماعات تلاميذ أصحاب مالك عنهم. ثالثا: سماعات تلاميذ أصحاب مالك ومن بعدهم.

*العرض الثاني: المتون المالكية وأثرها في حراسة المادة الفقهية. د عبد الحميد العلمي

عرض الأستاذ في عرضه مسألة المتن وتخليص القول في اصطلاحيته؛ لأن “المتن” واقع بالاشتراك على أضرب من الأشكال النصية، ولا سبيل إلى دركها إلا بتعيين الحيثية باعتبارها من لوازم الخصوصية. ليتناول بعد ذلك مصطلحات المذهب المالكي الكثيرة وذكر منها: الأمهات الأربع: المدونة والواضحة والعتبية والموازية، ثم الدواوين السبع بالإضافة إلى الأمهات:  المبسوط والمختلطة والمجموعة. ثم ذكر بعض الرموز لأعلام المذهب، ثم المختصرات والفروق وكتب الفتوى وكتب فقه العمليات والشروح والطرر والتعليقات والحواشي. لبين بعد ذلك مكانة هذه المتون في الحراسة فيما يلي : 1-حراسة الأقوال والسماعات 2-حراسة المتون لبعض المصنفات، 3- حراسة نقول المتون المدعمة بالرواية. 4- حراسة المتون المؤيدة بالإسناد. 5- حراسة المتون المغيبة عن طريق إخراجها من الأذهان إلى المسطور.

وقد أكد الأستاذ في ختام كلمته أن البحث في الخروم ومحتويات الخزانات الخاصة والعامة أدى إلى الوقوف على كم هائل من المخطوطات من ذلك: كتاب التقييد والتقسيم لابن رشد الفقيه، المختصر الكبير لابن عبد الحكم، تلخيص الطريقتين لابن العربي المعافري، تسهيل المهمات في شرح جامع الأمهات لابن فرحون، وبين أن هذه جملة من المتون مازالت تحتاج إلى جهد الباحثين والقائمين على المذهب المالكي.

*العرض الثالث: الجهود المالكية على المدونة والتهذيب. د محمد الوثيق

رصد الأستاذ في عرضه المسار التاريخي لنص المدونة عبر الزمان والمكان، مستندا في ذلك، بالدرجة الأولى، إلى تتبع تاريخي لاهتمام فقهاء المذهب بهذا الكتاب، وما وضعوا عليه من أعمال علمية مختلفة. وقد قسم المراحل التي مرت منها المدونة إلى أربعة مراحل:

– المرحلة الأولى: التدوين، وهي تمثل فقه إمام المذهب الإمام مالك المروي عنه أو المخرج على أصوله، ثم انبرى التلاميذ يبثونها في حلق العلم، منهم المدني والعراقي والمصري والقروي والأندلسي، ثم خطر خاطر لأسد بن الفرات القروي المتشبع بفقه العراق أن يوازن بينه وبين علم المدنيين، فامتحن أصحاب مالك فرأى أن ابن القاسم أعلمهم وأفقههم، فدون على يده كتاب الأسدية وأتى به إفريقية، وقد سبقه إليها أوائل تلاميذ مالك كعلي بن زياد والبهلول بن راشد … وبثوا علمه بها، فلما لمس طلبة العلم في الكتاب بعض الغموض رجع سحنون به لابن القاسم فأعاد عرضه عليه وباحثه مباحثة فقيه يفهم، ليعود بسفر منقح ومزيد، وعنه انتشر الكتاب في آفاق الغرب الإسلامي بسرعة، وظل هو المرجع المتداول بالدرس والتأليف إلى حدود القرن الرابع.

– المرحلة الثانية: المراجعة وإعادة التدوين، وهي تمثل تدخل الإمام سحنون في هيكلة الكتاب وفي إعادة ترتيب مادته، غير أن قضاياه لم تحل تماما؛ فبقيت منها بقية لم ينظر فيها ذلك النظر إلى أن توفي، فسميت بالمختلطة لاختلاط مسائلها، وليفرق ما بينها وبين ما دون منها، وهي كتب معلومة».

– المرحة الثالثة: إعادة صياغة المتن، إذ إن تدخلات سحنون في الإصلاحات وإعادة الترتيب لم يحسم بناء المدونة، فدعت الحاجة إلى إعادة تأليف الكتاب على نسق يستجيب لأغراض تعليمية، وهو ما تمثل في تآليف مختلفة، فيها المختصر وفيها الشرح وفيها ما يجمع بينهما، وفيها مقاصد أخرى.

– المرحلة الرابعة: الاستقرار والتراجع، حيث أصبح تهذيب البرادعي هو محور الدرس العلمي، وبدأ الوسط العلمي يحصر جل دراساته على هذا المصدر، ، بل بدأ الكتاب يتراجع في ترتيب مصادر الفقه في التدريس والتأليف عندما أبدع الفقهاء في ظاهرة المختصرات ليحتل الصدارة المختصر الخليلي.

ثم أعطى الأستاذ بعض الإحصاءات والبيانات حول المدونة، فمن ذلك: مجموع ما أحصاه البحث من المؤلفات حول المدونة وحول بعض مختصراتها وشروحها وحول التهذيب نحو 140 وضعا. أما اتجاهات التأليف فقد أحصى البحث نحو 27 مختصرا، و 83 شرحا، وبقية التآليف المنوعة الأغراض 32. أما الامتداد الجغرافي والزمني معا للتراث المحصي فللمغرب الأقصى مع الأوسط نحو 50 وضعا، تليهما القيروان وما وراءها ب 40، فالأندلس ب 28، ثم مصر ب 14، فصقلية ب 5، وأخيرا العراق ب 3.

وفي ختام كلمته ذكر الأستاذ أن ما ألف حول المدونة أكثر من ذلك مما لم يبلغنا خبره، فقد نقل عن اللخمي قوله: اختصرت المدونة نحو 32 اختصارا ليس فيها أحسن من  المهذب للباجي، واللخمي توفي(478هـ) بينما بلغ مجموع المختصرات المحصية في هذا البحث على امتداد التاريخ  27 مختصرا.

*العرض الرابع: جهود المالكية على الرسالة. د عبد المغيث الجيلاني

استهله الأستاذ بالتعريف بالرسالة لابن أبي زيد القيرواني، وسبب تصنيفها وكيف اشتهرت في الأمصار، وكيف تم حفظها وتحفيظها للتلاميذ. كما عدها من أنفع المختصرات، وأكثرها حضورا في الحلقات الفقهية المالكية قديما وحديثا، وقد ظهرت بركتها على المتفقهة، وتعدّت شهرتها بلاد المغرب إلى بلاد المشرق، حتى غطّت معظم بلاد الإسلام، فوصلت بغداد واليمن والحجاز والشام ومصر وبلاد السودان وصقلية والأندلس، وتنافس الناس في اقتناء نسخها، ويروى أن بعض نسخها كتب بالذهب، وكان القاضي أبو العباس ابن عرضون الغماري(ت992ﻫ) يسميها «زبدة المذهب»، وينصح المتعلمين بالبدء بقراءتها، وقد احتوت الرسالة على وجازتها أربعة آلاف مسألة، وأربعمائة حديث، ووضع الفقهاء المالكية عليها الكثير من الشروح والتعاليق والتقاييد والطرر. من ذلك شرح الرسالة للقاضي عبد الوهاب، شرح غريب الرسالة لأبي بكر بن العربي المعافري، شرح الرسالة لابن ناجي، شرح الرسالة لزروق، تحرير المقالة في شرح نظائر الرسالة للحطاب، تنوير المقالة في حل ألفاظ الرسالة للتتائي…، كما قام بعض العلماء بنقد الرسالة كابن الفخار في كتابه التبصرة، تعقب فيه على مؤلفها في مسائل عدة. وخلص في ختام كلمته أن كتاب الرسالة جدير بأن نعود إليه مرة أخرى، وذلك لاستجلاء مكامن أهميته، وسر عناية المالكية به، ومناهجهم في دراسته وشرحه.

*المداخلة الخامسة: جهود المالكية على مختصر خليل. د محمد المصلح

افتتحها بالتنويه بهذه الدورة التكوينية، وتمنى أن تكون بمثابة تأسيس لدورات قادمة. ثم تحدث عن المختصر الذي شكل المنعطف الكبير في الدرس الفقهي بعد هيمنة المدونة عليه. حيث رزق  مختصر خليل قبولا منقطع النظير بعد ظهوره، وصار المصدر الأساس للمدرس والمفتي والقاضي، وأنجز حوله من الدراسات ما يربو عن الأربعمائة، ما بين شرح وحاشية، وطرة وتعليق…أما عن المصادر التي اعتمدها في مختصره فهي: المدونة، والتهذيب، وشرح التلقين للمازري، والجامع لابن يونس، وتبصرة اللخمي، وكتب ابن رشد الفقيه، وكتب الباجي وكتاب الشفا للقاضي عياض [خصوصا في مسائل الردة]، وكتابه التوضيح على مختصر ابن الحاجب، هذه أهم المصادر التي اعتمد عليها في مختصره.

كما تحدث عن منهجه في اختيار الأقوال المعتمدة لدى المالكية في الإفتاء والقضاء في مقدمة المختصر حيث بين اصطلاحه فيها، وقد قام الهلالي ببسط الكلام عن اصطلاح خليل في كتابه نور البصر.

ثم بين الأٍستاذ جهود العلماء على المختصر، وقد قسمها إلى قسمين:

– القسم الأول: شروح وحواشي معتمدة من ذلك، شروح بهرام الثلاثة الشرح الكبير والأوسط والأصغر، وشرح ابن مرزوق، وتسهيل السبيل شرح مختصر وفيض النيل وتحفة المشتاق للزواوي، والتاج والإكليل للمواق، وشفاء الغليل في حل مقفل خليل لابن غازي، ومواهب الجليل للحطاب،…ومن الحواشي المعتمدة: حاشية التنبكتي، وحاشية البناني، وحاشية الرماصي، وحاشية التاودي، وحاشية الرهوني، وغيرها من الحواشي حيث أكد أن الذي يمارس الإفتاء هو من يدرك قيمتها، ولا يستغني عنها في المطالعة.

– القسم الثاني: شروح وحواشي معتمدة فيما وافقه غيره، من ذلك شروح الأجهوري على المختصر، وما قيل فيه يقال في شروح تلامذته وأتباعه من المشارقة، كالشيخ عبد الباقي والشيخ إبراهيم الشبرخيتي والخرشي لأنهم يقلدونه غالبا.

وفي ختام كلمته أكد على الحرص الكبير الذي كان للمالكية في الحفاظ على نقولهم ونصوص مذهبهم، كما هي وكانوا يتعاملون مع مصادرهم بأمانة بالغة ودقة عالية.

*المداخلة السادسة: المصادر المعتمدة للإفتاء في المذهب المالكي. د محمد بلحسان

أكد فيها على أهمية الفتوى التي تعد من الأمور والخطط الجليلة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتولاها بنفسه في حياته، وكان ذلك من مقتضى رسالته.

ويعد المفتي خليفة النبي صلى الله عليه وسلم في الإفتاء وموقعا عن الله تعالى، في هذا الأمر العظيم، كما قال ابن القيم في إعلام الموقعين.

ثم قسم الأستاذ مراتب المفتين إلى خمس طبقات: الطبقة الأولى: المجتهد المطلق، الطبقة الثانية: المجتهد في المذهب، الطبقة الثالثة: مجتهد التخريج، الطبقة الرابعة: أصحاب الاختيار والترجيح، الطبقة الخامسة: أصحاب التقليد. ونبه على أن الطبقة الثالثة والرابعة يجوز لهم الإفتاء دون التقيد بكتاب معين، في حين إن مجتهدي الطبقة الخامسة يفتون من كتب مذهبية خاصة. وذكر أن الكتب التي يعتمد عليها في الفتوى والأحكام في العبادات والمعاملات يطلب فيها أن يثبت عند العامل بها والمفتي أمران: أحدهما صحة نسبتها إلى مؤلفيها، ثانيهما: صحتها في نفسها.

وختم كلمته بسرد بعض  المصادر المعتمدة للإفتاء في المذهب المالكي والتي منها: التهذيب للبرادعي، الجامع لابن يونس، التبصرة للخمي، كتب ابن رشد الفقيه، شرح التلقين للمازري، تبصرة الحكام لابن فرحون، المبسوط لابن عرفة، شروح بهرام، المنزع الجليل لابن مرزوق، الدر النثير على أجوبة أبي الحسن الصغير لابن هلال السجلماسي، شفاء الغليل في حل مقفل خليل لابن غازي، حاشية الرماصي، أجوبة الهلالي… وغيرها من المصادر التي تزيد عن الأربعين مؤلفا.

الجلسة العلمية الثانية:

الثلاثاء 23 جمادى الثانية 1433هـ الموافق 15 ماي 2012

على الساعة 30:16د

المحور الثاني: مؤلفات الاستدلال والتأصيل في الفقه المالكي

برئاسة: ذ يونس الصباري

*المداخلة الأولى: منهجية علماء المالكية في أحكام القرآن: القرطبي وكتابه أحكام القرآن نموذجا. د صالح زارة.

استهلت المداخلة بالحديث عن المناهج الكثيرة في تفسير القرآن، وذلك باعتبارين، باعتبار التفسير فنا من الفنون المستقلة، وبعلاقته مع الفقه، لأن الأحكام الشرعية أحد الموضوعات القرآنية.

وقد حدد الأستاذ عناصر مداخلته في مقدمة وخاتمة، بينهما عرض: القرطبي وكتابه أحكام القرآن، الذي دار الحديث فيه حول المحاور التالية: منهج القرطبي، مراعاة القرطبي للدليل، وعدم التعصب للمذهب، تحقيق مسائل المذهب، ذكر سبب الخلاف في المسألة، ذكر مسائل الإجماع والاختلاف.

1- منهج القرطبي في كتابه أحكام القرآن: ويقصد به كيفية تعامله مع تفسير الآيات، حيث يقسمها إلى مسائل، مثل ذلك قوله في الكلام على البسملة في سورة الفاتحة فقال: «الكلام في البسملة، وفيها سبع وعشرون مسألة»، وكذا كلامه على آية القتل، فقد ذكر فيها عشرون آية، إلا أنه يلاحظ عليه هنا، خروجه عن المقصود، وعن منهجه المحدد في الحديث عن الأحكام، كقوله في آية الصيام، «فضل الصوم عظيم، وثوابه جسيم، جاءت بذلك أخبار كثيرة صحاح وحسان ذكرها الأئمة في مسانيدهم، وسيأتي بعضها»، وهذا خروج عن منهجه الذي هو الأحكام.

2- مراعاة الدليل وعدم التعصب للمذهب، وهذه ميزة للقرطبي، زادت من قيمة تفسيره، كقوله في تقديم الحلق على النحر، «والظاهر من المذهب المنع، والصحيح الجواز، لحديث ابن عباس».

3- تحقيق مذهب المالكية: كقوله في مسألة غسل المرافق: «واختلف الناس في دخول المرافق في التحديد، فقال قوم: نعم… وقيل: لا يدخل المرفقان في الغسل، والروايتان مرويتان عن مالك، الثانية لأشهب، والأولى عليها أكثر العلماء، وهو الصحيح».

4- ذكر سبب الخلاف: وهذه ميزة امتاز بها القرطبي حيث يذكر المسألة واختلاف العلماء فيها، وأقوالهم، ثم يعقب بقوله: وسبب الخلاف كذا وكذا.

5- ذكر مسائل الإجماع والاتفاق: وهو أمر مهم جدا، إذ يكثر من القول: «أجمع أهل العلم على…».

-وبعد الانتهاء من العرض، ختم الأستاذ المحاضرة بنظرة عامة حول كتاب القرطبي، وذكر ملاحظتين:

-الملاحظة الأولى: تعد منقبة، وهي: أن القرطبي لم يشتغل كثيرا بالانتصار للمذهب المالكي، وكان عف اللسان في رده وتوجيهه للأقوال المخالفة.

-الملاحظة الثانية: وتعد ملاحظة على تفسير القرطبي، وهي ما عبر عنه الأستاذ بالهفوات، وتتجلى في إسرافه في بسط المسائل الفقهية، والاحتجاج بالأحاديث الضعيفة، مع أنه كان يحقق في أكثرها تصحيحا وتضعيفا، إضافة إلى إيراده للإسرائيليات مع عدم التنبيه عليها.

*المداخلة الثانية: مؤلفات المالكية في أحكام الحديث الشريف د محمد بنكيران

الاستهلال: تتجلى أهداف العلم عموما، وفي الفضاء الجامعي بشكل خاص، في تكوين الملكة العلمية وتنميتها، وأهم وسيلة لتكوين هذه الملكة، هي التدقيق المنهجي، وهذا هو الجواب عن السؤال المطروح عن علاقة محاور المحاضرات بموضوع الأيام الدراسية.

حدد الأستاذ محاور عرضه في التالي:

1 التعريف بالموضوع، وتحديد سياقاته.

2- بيان أهمية الموضوع، وأهم إشكالاته.

3- الدخول إلى الموضوع ومعالجته.

 

المحور الأول: المؤلفات المالكية في الحديث الشريف، علاقته بموضوع الأيام الدراسية؟

هذا العنوان يوحي بقضية مركزية، ذلك أن علاقة الفقه بالحديث علاقة تاريخية، ويمكن التعبير عنها بعلاقته -أي الفقه- بالدليل، والأصول. فإن أصل الفقه هو الدليل، وقد كان الداعي إلى حفظ الحديث داعيا فقهيا، ولعلها ذلك واضح في عنونة بعض الكتب بالسنن، وكتاب الموطأ خير تجسيد لارتباط الفقه بالحديث؛ إلا أنه بعد توسع المعرفة وقلة الإدراك، لم تبق القدوة على استيعاب كل التخصصات، فاعتنى المحدثون بجانب الرواية جمعا وتصنيفا، تصحيحا وتضعيفا، واهتم الفقهاء بتدوين الأسمعة عن أئمتهم، ومن هنا صار علم الحديث يبتعد عن الفقه شيئا فشيئا. فلما خشي العلماء من توسيع الهوة بين الفقه والحديث، بدأت مناداتهم لإرجاع الأمر إلى نصابه، وفي القرن الرابع الهجري تقريبا، ظهرت مؤلفات مختصرة جامعة لأحاديث الأحكام، محذوفة الأسانيد، تلبي رغبات العصر.

ثم أثار الأستاذ مجموعة من الأسئلة والاستشكالات، معتبرا أن السؤال هو العمود الفقري للبحث العلمي، ومن الأسئلة التي أثارها:

-كيف كانت علاقة علماء المالكية بالحديث الشريف؟

-كيف تفاعل المالكية مع منهج إمامهم في هذا الباب؟ فإن الموطأ يتميز بإشارات لطيفة من الإمام مالك دالة على التوظيف الفقهي للأحاديث المتضمنة فيه، وقد أجرى الأستاذ مقارنة عجيبة بين تبويب البخاري في صحيحه، أول ترجمة من كتاب اللباس، وتبويب مالك في موطئه، فإن البخاري قال: «باب قول الله تعالى: (قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (كلوا واشربوا والبسوا وتصدقوا، في غير إسراف ولا مخيلة) وقال ابن عباس: كل ما شئت، والبس ما شئت، ما أخطأتك اثنتان: سرف، أو مخيلة»، أما مالك فقد عنون للباب بقوله: «ما جاء في لبس الثياب للجمال بها»، فقد اختار البخاري التقنين، ووضع الشروط والقيود، أما مالك فقد كانت نظرته للباس نظرة مقاصدية، وهي أن الأصل في اللباس هو الجمال.

ثم ختم الأستاذ بجملة من الأسئلة:

-كيف كانت وجوه التأثير والتأثر بهذا المنهج؟

-كيف كان التأليف في الحديث عند المالكية؟

-ما هي جهود المالكية في هذا الباب؟

*المداخلة الثالثة: فقه أحاديث الحكام عند مالكية الغرب الإسلامي د خالد الميقالي

استهلال: بعد نهاية المحدثين من جمع أصول السنة، شغلت بالهم قضية كبرى، وهي فهم مراد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأحاديث الشريفة.

محاور المداخلة:

1- نظرة مجملة على مؤلفات الغرب الإسلامي في فقه الحديث.

2- أبرز سمات خصائص فقه الحديث عند هذه المدرسة.

3- استمداد النووي في منهاجه وابن حجر في فتحه من مؤلفات المالكية في فقه الحديث.

عرض الأستاذ نظرة مجملة للتأليف في فقه الحديث عند مالكية الغرب الإسلامي، التي اتصفت في عمومها بوفرة المؤلفات في هذا الباب، واعتنائهم بأهم مصادره الأصلية، لاسيما الموطأ وصحيح البخاري وصحيح مسلم، ثم انقل للحديث عن أبرز مميزات وخصائص فقه الحديث عند هذه المدرسة، والتي تتجلى في:

-التنسيق بين النصوص. -فهم الأحاديث وتوجيهها. -الأخذ بالأحوط. -عنايتهم بصحيح مسلم أكثر من صحيح البخاري. وأرجع الأستاذ ذلك إلى أن البخاري لما ترجم لصحيحه وضع فيه رأيه الفقهي، إضافة إلى أنه كان في مسلكه الفقهي أقرب إلى المذهب الشافعي، خلاف مسلم الذي لم يترجم لأحاديثه.

-النظر إلى الأحاديث نظرة حديثية فقهية.

-الاستحضار القوي لمقامات تصرف النبي صلى الله عليه وسلم.

-نظرتهم للسنة نظرة شمولية، تشمل السنة النبوية وسنة الخلفاء.

أما ما يخص استفادة النووي وابن حجر من مؤلفات المالكية في فقه الحديث، فإن المادة المالكية كانت غزيرة في الكتابين، فقد أكثر النووي من النقل عن عياض، والمازري، والغساني، وغيرهم، في حين كان اعتماد ابن حجر على المالكية أكثر، لاسيما ابن بطال، والمهلب، وابن أبي جمرة، والسهيلي، والمازري، وابن بزيزة، وابن حمامة، وغيرهم، ولم يكن النقل الكثير عن هؤلاء العلماء اعتباطا، ولكن لما يعلم من منزلتهم الرفيعة، وقوة تحريرهم للمسائل.

*المداخلة الرابعة: الاختلاف والإجماع في المذهب المالكي وأهم مؤلفاته د محمد السرار

معرفة الإجماع والخلاف مما يتعين على الفقيه معرفته، وذلك لأن معرفة الاختلاف يوسع المدارك، ويطلع على طرق استنباط الحكم، ووجوه الاستنباط، أما معرفة الإجماع فإنه يوقف الفقيه على معرفة ما لا يسع خلافه.

والمراد بالخلاف هنا الخلاف الفقهي، وهو قسمان:

-القسم الأول: الخلاف الصغير أو الخلاف النازل، ويقابله الخلاف العالي، ويسمى أيضا بالخلاف الكبير، وهو المصطلح عنه عند المتأخرين بالفقه المقارن، ثم أردف الأستاذ بتعريف الخلاف لغة واصطلاحا، والمراد بعلم الخلاف، ثم أشار إلى كثرة كتب الخلاف منها: المخطوط والمطبوع والمفقود، وقد ذكر بعضا منها مقسما لها إلى أربعة أقسام:

-القسم الأول: الكتب المرتبة على كتب الفقه، وهي إما:

*موسوعات: وهي كتب يورد فيها أصحابها الأدلة مع مناقشتها، وأشهر كتب هذا النوع، عيون الأدلة لابن القصار، ثم كتب القاضي عبد الوهاب خصوصا كتاب المعونة، غير أن ابن القصار كان أوسع نفسا من القاضي عبد الوهاب، يليهما ابن رشد في كتابه بداية المجتهد، وهو كتاب بعيد كل البعد عن كتب الذب والانتصار، إنما يسوق المسائل مع بيان وجوه الخلاف وطرق الاستدلال.

*مختصرات: وتسمى رؤوس المسائل أيضا، وهي موجودة عند كل المذاهب خصوصا الشافعية والحنفية، وليس من شأن هذه الكتب إيراد الأدلة ووجوه الاختلاف، إنما تذكر المسائل المختلف فيها، ومن اختلف فيها.

-القسم الثاني: وهي كتب رتبت مسائلها على الأصول، ومن أشهر هذه الكتب كتاب مفتاح الوصول للتلمساني.

-القسم الثالث: كتب الذب، والانتصار، ككتاب الذب لابن أبي زيد القيرواني، وكتاب الانتصار لابن الفخار. وهذه الكتب لا تتحدث فقط عن الفروع بل حتى عن الأصول.

-القسم الرابع: كتب اعتنت بذكر أسباب الخلاف.

ثم ختمت المداخلة بالكلام حول المالكية والحديث، برهن فيها الأستاذ المحاضر أن النظر في كتب الخلاف يبين أن المالكية أكثر الناس استعمالا للحديث، ومن أراد معرفة أخذ المالكية بالحديث فعليه بكتب الخلاف لا كتب الفروع والمتون المذهبية، إضافة إلى ذلك اشتغالهم بكتب الحديث، وأن أعظم من خدم كتب الأحكام على الإطلاق هم المالكية، وكان مالك رحمه الله أول من وضع كتابا في الأحكام، زيادة على ذلك فإن المالكية لم يتشددوا كثيرا في قبول الحديث، فقد أخذوا بالمرسل، ولم يشترطوا ما اشترطه غيرهم في الآحاد، فلم يردوا ما خالف القياس، ولا ما عمت به البلوى.

*المداخلة الخامسة: النقد الفقهي في المذهب المالكي د عبد الحميد عشاق

كلمة النقد تؤول إلى النظر في الشيء لمعرفة جيده من رديئه، والنقد الفقهي: هو العملية البحثية التي تروم تحرير مسائل المذهب، سواء من حيث تحرير الروايات والأقوال، أو من حيث توجيهها والتخريج عليها، بتمييز أصحها وأقواها من ضعيفها ومرجوحها، وذلك باعتماد طرق معلومة ومصطلحات مخصوصة.

وقد ظهرت أولى بوادر النقد مع مالك رحمه الله في الموطأ، إذ كان ينهج سبيل النقد في أحاديث موطئه، حتى أصبحت تقل عن الستمائة بعد أن كانت عشرة آلاف حديث، ولذلك قال يحيى القطان: «كان علم الناس في زيادة، وعلم مالك في نقصان، ولو عاش مالك لأسقط علمه كله من كثرة التحري»، وعلى هذا السنن سار أئمة المذهب من بعده، فهذا ابن القاسم أشهر تلاميذ مالك استدرك على إمامه، وخالفه كثيرا، حتى ألف الجبيري كتاب التوسط بين ابن القاسم ومالك، وهو مطبوع، إضافة إلى تعرض المذهب المالكي منذ نشأته إلى كثرة الردود من الحنفية والشافعية مما دفع بالعلماء إلى تمحيص اختياراتهم واستيفاء حججهم وتحرير دلائلهم، كما كانت لمناظرات مالكية العراق مع أصحاب المذاهب أثر جلي في تشربهم للحس النقدي، ولعل من أبرز الأمثلة للنقد ما فعله سحنون مع كتاب الأسدية.

والنقد إما داخلي: يهتم بتصحيح أبنية المذهب الأصولية والمنهجية، وسبر المعاني الفقهية، وتعليلها وتمحيصها، وإما خارجي: يهتم بحجاج المذاهب الأخرى ضمن ما عرف بالرد ومسائل الخلاف.

ورغم انتشار المذهب المالكي في كثير من الأقطار، وبرز فيه علماء كثر، فإن دراسة مسائل المذهب على طريقة النقد الفقهي لم تظهر إلا مع اللخمي، الذي كان ينتقد الروايات والأقوال من ناحية إسنادها أحيانا، ومن ناحية الاستنباط والتخريج على الأصول أحايين أخرى، وقد أثارت تصرفات اللخمي موافق متباينة، فمنها تعقبات المازري وابن بشير وغيرهما، واستدراكاتهم عليه، ومنهم من استحسن نهجه، مثل صنيع الشيخ خليل.

*المداخلة السادسة: عناية المالكية بالمقاصد د محمد شهيد

افتتح الأستاذ مداخلته بالحديث عن التأريخ لعلم المقاصد، موضحا أن بداية تأريخ العلوم من العهد النبوي خطأ في التأريخ؛ وذلك لأن زمن النبوة هو زمن الوحي والعصمة، وإنما تكون البداية الصحيحة من عصر الصحابة، وبالتالي تكون مرحلة الصحابة أول مرحلة للعلوم. وبالنظر إلى تاريخ المقاصد يمكن أن نصنفه إلى مستويين:

المستوى الأول: التوظيف والتسخير للنصوص الشرعية في استنباط الأحكام، وهي مهمة أغلب العلماء، ومن رواد هذا المستوى: الحكيم الترمذي الذي يعد – عند البعض- أول من استعمل لفظ المقاصد، والإمام الجويني مؤسس العلم، ثم العز ابن عبد السلام، فالقرافي في كتابيه الذخيرة والفروق…

المستوى الثاني: الاهتمام بالمقاصد تنظيرا وتأسيا من حيث التأصيل، ورواد هذا المستوى الشاطبي فمن جاء بعده كالطاهر ابن عاشور وعلال الفاسي.

وبعد ذكر المستويين أشار الأستاذ المحاضر أنه رغم كون أغلب المؤسسين لعلم المقاصد من المذهب الشافعي، فإن تلاميذهم الذين تلقوا عنهم هذا العلم، وطوروه كانوا من المذهب المالكي، كالقرافي وغيره، ثم بعد هذه التوطئة انتقل الأستاذ المحاضر للحديث عن اهتمام المالكية بالمقاصد، موضحا أن علم المقاصد أخذه المالكية عن إمامهم الأول مالك رحمه الله الذي كان مقاصديا، يتضح ذلك من خلال كتابه الموطأ، ومن خلال فتاويه، ونقلوا عنه القول: الاستحسان تسعة أعشار العلم، غير أن باب التأليف المحض في هذا العلم بقي مسدودا إلى أن فتحه الإمام الشاطبي، ليعرف مجال التأليف بعده قفزة علمية لاسيما مع المتأخرين، مثل: ابن عاشور، وعلال الفاسي، وأحمد الريسوني، وابن بيه. وهم جميعا مالكية.

وختم المحاضر مداخلته بإشارة لطيفة، وهي أن أغلب المقاصديين كانوا من الأشاعرة، الذين ينكرون التعليل في باب العقائد، ولعل السبب في ذلك هو أن الأشاعرة لما حوربوا بإنكارهم لتعليل أفعال الله تعالى في باب العقائد، أرادوا أن يثبتوا تعليل الأحكام، وتوسعوا فيها، حتى خرجوا علما راسخا من أصول هو علم المقاصد.

تمام الجلسة العلمية الثانية

الأربعاء 23 جمادى الثانية 1433هـ الموافق 16 ماي 2012

على الساعة 39:9د

المحور الثاني: مؤلفات الاستدلال والتأصيل في الفقه المالكي

برئاسة: عبد المجيد محيب

*المداخلة الأولى: التصنيف الأصولي عند المالكية خصائصه وأثره د.محمد التمسماني

استهل الأستاذ محمد التمسماني كلمته بشكر اللجنة المنظمة على مجهودها في تنظيم الدورة، منوها بها بالقول: إنها الدورة التكوينية المتخصصة الأولى وطنيا، بهذا المستوى، ثم حصر عناصر كلمته في ثلاثة أمور: المقدمة، والمقصود، والخاتمة.

في المقدمة: تكلم الأستاذ عن أهمية الموضوع بملاحظة الفجوة الكبيرة بين التفريع والتأصيل عند المالكية المتأخرين، وكذلك اتهام المالكية بعدم الإبداع في الأصول، وقصره على مدرسة الشافعية والحنفية.

أما عن الأمر الأول وهو تجافي التفريع عن التأصيل، فقد أرجعه لأسباب عدة، ذاتية وموضوعية، وأهم ما ذكر منها:

افتقار تعليم فن الأصول إلى منهجية علمية، تتم فيها دراسة أصول الإمام من ينابيعها، وأشار هنا إلى ما ذكره الحلبي في تدريس علم الأصول في كتابه التعليم والإرشاد.

الركود والجمود العلمي في العلوم النظرية، وخصوصا علم الأصول.

الجهل ببعض نظرات الإمام مالك وأئمة المذهب في الاستنباط، وضعف تحقق أتباعه من أصوله، وعدم مراعاة خصائصه ومنهجه في ذلك.

تجاوز المدرسة المالكية أثناء التأريخ للأصول، وتجاوز أعلامها.

 إهمال كثير من المصنفات الأصولية المالكية، وصرف الجهد عن العناية والاهتمام بها.

ثم انتقل الأستاذ إلى العنصر الثاني وهو المقصود، وجعل الكلام فيه من خلال الجواب على الأسئلة التالية: هل للمالكية شخصية أصولية؟ هل للمالكية تصنيف في الأصول؟ ومن هو أول من صنف في ذلك؟ هل للمالكية مدرسة مستقلة في الأصول وهل لهم إبداع فيه؟

وفي الجواب عن السؤال الأول جزم بأن للمالكية شخصية أصولية متفردة، وأتى في التدليل على ذلك بشهادة عدد من الأئمة، منهم: ابن تيمية، والشافعي، وابن حنبل، والشيباني…وإشارة مالك لأصوله في كتبه.

ثم ذكر عددا من مميزات وخصائص الشخصية الأصولية المالكية، وأهمها:

وراثة علم المدينة، والتأسي بهم، والذرائعية، والتوسط، والإبداع (المعبر عنه في اصطلاحهم بالنظر)، والانفتاح، والسداد، والحوارية…

أما الجواب عن السؤال الثاني، فإنه قسم مراحل الأصول إلى ثلاث: عصر السليقة، وعصر الصناعة، وعصر الكتابة.

ثم أثبت أن الإمام مالكا أول من وضع وصنف في الأصول، ودلل على ذلك برسالته إلى الإمام الليث، وكلامه في الموطأ، وخلو المصنفات المالكية الأولى في الأصول من أي أثر لرسالة الإمام الشافعي…

و أما التساؤل الثالث: فقد ذكر أن هناك كثيرا من التشكيك يورده البعض حول استقلال المالكية وإبداعهم في التصنيف في أصول الفقه.

وقد نبه إلى أن هذا الادعاء غير صحيح، وأن التأليف الأصولي المالكي له مصادره الخاصة، وقسمها إلى ثلاث مجموعات: مصادر التأسيس، ومصادر التحرير، ومصادر التقرير، كما نبه على بعض المصادر غير المعتمدة عند المالكية ومنها كتاب ابن خويزمنداد في الأصول، وبعض اختيارات الباجي في الأصول وغيرهما.

وفي آخر ما يتعلق بهذه النقطة أكد الأستاذ على استقلال المدرسة المالكية  الأصولية وعدم تبعيتها للمدارس الأخرى التي يقسم لها التصنيف الأصولي عادة، كما أشار إلى تميز مالكية الغرب الإسلامي في الدراسات الأصولية وإبداعهم في التصنيف الأصولي.

وفي الختام تحدث على آثار منهجية الإمام مالك في الدراسات الأصولية عند المخالفين، وعن جهود المالكية على كثير من كتبهم المهمة في الأصول.

*المداخلة الثانية: القواعد الفقهية في المذهب المالكي أنواعها وأهم مؤلفاتها ذ. رشيد المدور

ابتدأ الأستاذ كلمته بتعريف القواعد الفقهية لغة واصطلاحا، وتعريف الضوابط الفقهية، والكليات، والفروق، والأشباه، والنظائر، وبيان الفروق بينها، وفوائد العلم بها.

ثم تعرض لذكر أهم المؤلفات المالكية في القواعد الفقهية، وفيها تحدث على أول من ألف في الموضوع، ومجموع ما تحصل له من الاستقراء في مؤلفات هذا الفن وهو (190) مؤلفا.

 ثم شرع في تبيين مراحل التصنيف المالكي في القواعد الفقهية، ابتداء من محطة التأسيس عند الإمام الحارث الخشني، إلى ما يشهده العصر الحديث من عمل تقعيدي.     

وفي أثناء ذلك بين أهمية مرحلة الإمام المقري صاحب القواعد، وأهمية مؤلفاته ومؤلفات الونشريسي، ودورها في التأليف المالكي في هذا الفن.

كما ذكر مجموعة من المؤلفات المالكية مبينا مناهجها والجهود عليها.

*المداخلة الثالثة: الجدل الفقهي في المذهب المالكي د. محمد العلمي

افتتح الأستاذ كلمته بإجمال عناصر الموضوع، الذي جعله في أربع نقاط:

– مقدمة حول صناعة الجدل

 – أسباب الجدل

– أهم الخصائص

– أهم مؤلفات هذا الباب

 وفي المقدمة ذكر الأستاذ ضرورة التمييز بين أنماط الإدراك حتى يتسنى معرفة موقع الجدل منها، وهذه الأنماط هي القطعيات وهي مجال البرهان، والظنيات وهي محل الجدل، ثم الخطابيات وهي محل الخطابة، والوهميات وهي محل الشعر، في حين تختص السفسطة بالمغالطات. وهذا كله محرر في المنطق.

أما في العنصر الثاني وهو أسباب الجدل عند المالكية، فقد ذكر مجموعة منها:

– ردود الأئمة المعاصرين للإمام مالك: محمد بن الحسن – الشافعي – الليث – ابن أبي ذيب.

– ردود أتباع المذاهب على الإمام مالك. كالمزني، والظاهرية.

وفي العنصر الثالث تحدث على أن أهم خاصية في مؤلفات الجدل الفقهي عند المالكية هو قلتها، فلم يكن يلجأ إليه إلا عند الحاجة. وأهم ما يميز هذه المؤلفات هي قلة التعصب، وذلك بالمقارنة مع المذاهب الفقهية المشهورة، من الشافعية ثم الحنفية.

كما ذكر الأستاذ  أن من أهم خصائص كتب الرد على المذاهب الأخرى عدم ذكر اسم المردود عليه إذا كان من الناقدين المتحاملين، ومما يدل على ذلك الانتصار لابن الفخار، والذب عن مذهب مالك لابن أبي زيد ، أما إذا كان الناقد من الأئمة فإنهم يذكرونه باسمه، مثل الرد على الشافعي، والرد على أبي حنيفة، والرد على محمد بن الحسن…

وفي ختام العرض تناول الأستاذ العنصر الرابع وهو أهم مؤلفات هذا الباب، واقتصر فيها على المخطوط والمطبوع دون المفقود. 

الجلسة العلمية الثالثة:

الأربعاء 23 جمادى الثانية 1433هـ الموافق 16 ماي 2012

على الساعة:12و30د

المحور الثالث: مؤلفات الفقه العملي في المذهب المالكي

برئاسة عبد المجيد محيب.

*المداخلة الأولى: الحسبة في المذهب المالكي وأهم مؤلفاتها. ذ سمير قدوري

ذكر الأستاذ أن عدد كتب الحسبة في المذهب المالكي قليل، والمتواجد منها لا يتجاوز عشرة كتب، وهذه الكتب لم تتناول التعريف بمصطلح الحسبة والمحتسب، وإنما ركزت على مهام المحتسب في المجتمع.

ونبه إلى أن مصطلح الحسبة كان معروفا في كتب قدماء الأندلسيين، عكس ما ذكر الأستاذ محمود علي مكي محقق كتاب أحكام السوق ليحيى بن عمر الذي قال: «إن مصطلح الحسبة لم يعرف إلا منذ القرن 5 هـ».

ثم عرف الأستاذ مصطلح الحسبة لغة واصطلاحا، وأشاد بتعريف ابن خلدون للحسبة، حيث ذكر في مقدمته أنها: «ولاية دينية من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الذي هو فرض على القائم بأمر المسلمين، يعين لذلك من يراه أهلا له فيتعين فرضه عليه ويتخذ الأعوان لذلك، ويبحث عن المنكرات ويعزر ويؤدب على قدرها، ويحمل الناس على المصالح العامة في المدينة».

 وميز الأستاذ بين نوعين من المحتسبين: محتسب موظف من طرف الدولة أو جهاز الحكم، ومحتسب متطوع، وبين شروط كل واحد منهما.

 ثم شرع في عرض كتب الحسبة الموجودة مقتصرا على خمسة كتب وهي:

كتاب أحكام السوق ليحيى بن عمر الأندلسي. وكتاب أحمد بن عبد الله بن عبد الرؤوف. وكتاب محمد بن أحمد ابن عبدون الإشبيلي. وكتاب محمد السقطي. ورسالة عمر بن عثمان الكرسيفي.

وبين أن لكل منها طريقا ومنهاجا  في التأليف قد يتفق مع أصحابه في أشياء وقد يختلف عنهم في أخر، وعقب على بعض تحقيقاتها الموجودة، وقدم ملاحظات عليها.

*المداخلة الثانية: مؤلفات النوازل في المذهب المالكي. د سلام أبريش

أبرز فيها مدى اهتمام علماء المغرب والأندلس بهذا العلم، حيث أكثروا من التأليف فيه، وتنوعت بين مطولات ومتوسطات ومختصرات، ويعتبر كتاب النوازل للقاضي عياض أقدم كتاب في هذا المجال، وقد استمر التأليف في هذا العلم  إلى أن ظهر كتاب نوازل المهدي الوزاني، مبينا أهمية هذا العلم في إعطاء صورة واضحة عن الواقع الاجتماعي، مع التأكيد على ضرورة الاحتكام إلى المقاصد الشرعية في الفتوى، واعتبر أن فتوى ابن عرضون في إعطاء المرأة النصف من الغلة خير مثال في الأخذ بالمقاصد الشرعية في الفتوى.

وعرف الأستاذ المحاضر مصطلح النازلة لغة واصطلاحا، ثم ذكر بعض الشروط التي يجب أن تتوفر في المفتي، منبها على أن بعض الفتاوى تصلح لعصر ومكان معين ولا تصلح لعصر ومكان آخر. وقد أبرز الأستاذ مكانة بعض مؤلفات النوازل في المذهب المالكي، مثل المعيار للونشريسي، ونوازل ابن هلال السجلماسي، وأجوبة ابن عرضون، وبين بعض الفروق بينها.

الجلسة العلمية الرابعة

الأربعاء 23 جمادى الثانية 1433هـ الموافق 16 ماي 2012

على الساعة 00:16د

تمام المحور الثالث: مؤلفات الفقه العملي في المذهب المالكي

برئاسة: د محمد ناصيري

*المداخلة الأولى: أصول القضاء ومسائل الأحكام عند المالكية وأهم مؤلفاتهم فيها. د إدريس السفياني

افتتح الأستاذ مداخلته بمقدمة تناول فيها الحديث عن أهمية هذه الدورة  من حيث موضوعها، “المنهجية الفقهية في مؤلفات المذهب المالكي”، وأشار إلى  أنه قبل عشرين سنة كانت توجه إلى المذهب المالكي بعض التهم انبرى  إليها مجموعة من الباحثين للرد عليها وتفنيدها، ومن ثم أعيد للمذهب المالكي اعتباره ومكانته.

بعد هذا أكد الأستاذ على  صعوبة هذا الموضوع، وأن الحديث عن القضاء مسألة طويلة الذيل، وبين أن السبب في ذلك يرجع إلى كونه يمتد في حقلين: حقل علمي محض، وآخر إداري اجتماعي. وذكر أن القضاء يقوم على العلم بالأحكام وكيفية تنزيلها.

ثم شرع الأستاذ في تعريف علم القضاء، ونبه إلى أنه مختلف فيه، وساق مجموعة من التعاريف، منها: تعريف ابن رشد والقرافي وغيرهما، وخلص إلى أن القضاء يفهم منه فض النزاع وقطع الخلاف. بعدها تناول مجموعة من المهام والوظائف التي يقوم بها القاضي.

ثم نبه إلى أن التأليف في القضاء اتخذ أشكالا متباينة، وساق مجموعة من المؤلفات في القضاء، منها:  

– رسالة الإمام مالك في الأقضية.

– أدب القضاء لمحمد بن سحنون.

– آداب القضاة لمحمد بن عبد الحكم.

– فتاوى ابن لبابة، محمد بن عمر القرطبي.

 الدعوى والإنكار لمحمد بن الحسن الرعيني أبي عبد الله القيرواني.

ثم ذكر أنها كثيرة، حيث إنه وصل في جمعها إلى ما يقرب من مائة مؤلف، وأن هناك مؤلفات منفصلة عن القضاء في أصلها، ولكن يمكن إدراجها فيه، مثل الوثائق والشروط؛ لما يوجد من ترابط بين الوثائق والقضاء.

وبعد سرده لمجموعة من المؤلفات ختم محاضرته ببعض الملاحظ  والتعليقات عليها من ذلك:

– أنها ليست على نمط واحد في التأليف، فإن منها ما ارتبط بصياغة فتاوى الأحكام صياغة نظرية، كـ”منتخب الأحكام” لابن أبي زمنين، وبيان ما مضى عليه العمل للباجي، ومنها ما جمع نوازل وفتاوى قضائية، كما هو غالب نهج كتاب ابن سهل، ومنها ما ارتبط بالوثائق إيرادا للعقود، وتحليلها، وبيان فقهها، كنموذج ابن العطار، وابن الهندي، وابن مغيث، وغيرها… ومنها التي جردت الوثائق عن الفقه، ككتاب: أبي القاسم أحمد بن محمد بن سيد الزهري من أهل القرن السابع، ومجموعة من كتب المتأخرين كالوثائق الفاسية والسجلماسية، وغيرهما.

– أن هذه المؤلفات منها ما جمع بين الوثائق والأحكام، ككتاب المتيطي، والجزيري…

– أنها جردت الوثائق عن الفقه.

– أن هذا النوع من التصنيف اختص به  أهل الأندلس والمغرب.

– أن كتب القرن الرابع،  غالبها شكل المحور الذي نشأت في إطاره مصنفات القرون اللاحقة، ابتداء من القرن الخامس، وأن لها مزية على الكتب الأخرى.

ونبه إلى أن هذا من حيث العموم، وإلا فقد وجدت كتب من القرن السادس أو بعده أجود مما في القرنين أو قبلهما.

*المداخلة الثانية: المقاربة المنهجية للفقه التطبيقي في المصنفات التوثيقية المالكية: السياق – التطور. د إدريس اجويلل

استهل الأستاذ كلمته بإعطاء تعريف للفقه التطبيقي حيث عرفه بقوله: هو إخراج ذلك الفقه إلى الواقع، سواء تعلق بجانب المعاملات، أو التبرعات، أو الأسرة، أو غير ذلك. وأن الفقه التطبيقي يقابله الفقه النظري أو التأصيلي.

وأشار إلى أن المالكية يسمون علم التوثيق والشروط، بينما أهل المشرق يسمونه: علم الدواوين أو الصكوك.

كما أكد أن التوثيق علم قائم بذاته له مؤلفاته ورجاله ومناهجه وخصائصه، وأن العلماء الذين برزوا في هذا العلم معدودون على رؤوس الأصابع.

ثم تحدث عن تاريخ التوثيق، فتكلم عن التوثيق في عهد حمورابي، وعن التوثيق في العهد الإسلامي.

وأشار إلى أن هذا العلم ازدهر في القرن الثالث الهجري، ومن العلماء الذين أرسوا دعائم هذا العلم: ابن حبيب وابن الملون والقنازعي…

كما أنه عرف نكوصا، وأصبح لا يمارسه العلماء مما أدى إلى نقده من قبل العديد من العلماء ومنهم ابن خلدون رحمه الله.

ثم تساءل عن تاريخ  دخول علم التوثيق إلى المغرب، وأجاب عن ذلك.

وختم الأستاذ محاضرته بالحديث عن المقاربة المنهجية للتوثيق.

المداخلة الثالثة: علم الفرائض وأشهر مؤلفاته في المذهب المالكي. د محمد أوالسو

تناول الأستاذ في بداية هذه المحاضرة الحديث عن أهمية علم الفرائض، وأنه علم ينبغي الاعتناء به؛ لأنه سريع النسيان كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما أن هناك مجموعة من القضايا المستجدة ـ والتي تنتمي إلى هذا العلم ـ تحتاج إلى الاجتهاد  ومزيد من البحث والتدقيق، ومثل لذلك بموت الدماغ.

بعد هذه المقدمة تعرض لتعريف علم الفرائض فبين معاني كلمة الفرض ومواردها في القرآن وأتى بتعريف لابن عرفة. حيث قال: «علم الفرائض لقباً: الفقه المتعلق بالإرث» مع استخلاصه لبعض الفوائد اللطيفة من هذا التعريف. وفي ثنايا ذلك تحدث عن بعض المسائل المتعلقة بعلم الفرائض كالمفقود والنسب والبصمة الوراثية. ونصح بكتب د الفقيه محمد التاويل في هذا الباب.

ثم أشار إلى  أن جل المؤلفات تجعل علم الفرائض آخر الأبواب باستثناء المدونة، وذكر أن  السبب في ذالك هو أن أبواب الفقه تكون في حياة الإنسان، أما الفرائض فيحتاج إليها بعد موته.

بعد هذا تحدث عن أهم المؤلفات في علم الفرائض، وأكد أنها كثيرة، ولكنها تتنوع إلى نوعين: – كتب عامة،- وكتب خاصة.

وذكر أن المصدر الأول لعلم الفرائض هو القرآن الكريم والسنة النبوية، واستدل على ذلك بمجموعة من الأدلة.

ثم كتاب زيد بن ثابت، وهو الذي اختصره أبو جعفر محمد بن جرير الطبري. وكتاب في الفرائض لابن حبيب. وغيرها من المؤلفات. وفي أثناء ذلك شرع في تبيين مراحل التصنيف المالكي في هذا العلم عند المالكية وذكر خمسة مراحل:

أولا: مرحلة التدوين للمصادر، ثانيا: مرحلة التوضيح والبيان، ثالثا: مرحلة الاختصار والجمع والتلخيص، رابعا:  مرحلة التعليق على المختصرات، خامسا:  مرحلة التأليف الجزئي.

وختم محاضرته بتوصيات لمن أراد تعلم  علم الفرائض منها: أنه ينبغي حفظ المتون المتعلقة بهذا العلم. وأعطى مجموعة من المؤلفات والمراجع لمن أراد إتقان هذا العلم، منها:

– منظومة أبي عبد الله الشران.

– فرائض الرسالة لأبي زيد القيرواني.

– فرائض مختصر خليل.

– الجواهر المكنونة للرسموكي.

– تحفة الطلاب للعلامة محمد التاويل .

– دروس في الفرائض لمكوار. ومراجع أخرى.

* المداخلة الرابعة: علم التوقيت ومؤلفاته في المذهب المالكي. ذ عبد السلام اجميلي

أشار الأستاذ في بداية محاضرته إلى أن علم التوقيت شأنه شأن علم الفرائض قل الاعتناء به، وأنه لا يعرفه الكثير؛ لأنه يُدرس فقط في المدارس العتيقة، كجامع القرويين، ومعهد الحسن الثاني بالدار البيضاء، وغيرهما من معاهد التعليم العتيق.

وانطلق الأستاذ من قاعدة «الحكم عن الشيء فرع عن تصوره»، في تعريف علم التوقيت، وأنه: «علم يعرف به أوقات الصلوات الخمس، واستقبال القبلة». ثم تناول أهميته في القرآن والسنة، وكذا الحياة الاجتماعية من جانب آخر.

بعد هذه المقدمة استعرض الأستاذ  أبواب هذا العلم وذكر منها:

* معرفة العام العربي والسنة العجمية.

* معرفة الفصول الأربعة.

* منازل الشمس والقمر.

* البروج.

* الكواكب السبعة.

* استخراج أوقات الصلوات الخمس.

ثم شرع في ذكر أهم المؤلفات في علم التوقيت، والتي منها:

– المقنع في علم أبي مقرع لمحمد بن سعيد المرغيتي السوسي.

– شرح عمدة أهل الثبت في علم التوقيت لمحمد بن محمد العلمي

– منظومة روضة الأزهار في أعمال الليل والنهار لأبي زيد عبد الرحمن بن محمد المديوني.

المداخلة الخامسة: علم المناسك ومؤلفاته في المذهب المالكي الدكتور عبد السلام الزياني

افتُتحت هذه المداخلة بالحديث عن أهمية المنهجية بالنسبة لطالب العلم، ومدى حاجته إليها خاصة في سلك الماستر والدكتوراه.

ثم ساق مقدمة بين فيها فرضية الحج ومقاصده، وفوائده الاجتماعية والاقتصادية وغيرها.

وبعد هذه المقدمة ذكر مسألة اعتبرها مهمة للباحثين وهي أن المصادر ينظر إليها من ناحيتين: من ناحية الأسبقية، ومن ناحية الاعتماد عليها في التحليل  والمناقشة.

ثم شرع في سرد مجموعة من مؤلفات المالكية في علم المناسك، وقام بدراسة أنموذجين في مؤلفات المناسك، وهما:

* غنية الناسك في علم المناسك لمحمد بن مُعلَّى القيسي السبتي.

* مناسك خليل بن إسحاق الجندي.

حيث درس كلا منهما من حيث مصادره، ومنهج صاحبه فيه، وأقسامه.

أما الكتاب الأول فذكر فيه ما يلي:

– مصادره: القرآن الكريم، والحديث، التفسير، السيرة، الفقه.

– منهجه:

 – التفصيل في بعض الأحكام.

– يؤصل لكل حكم ويستدل له. 

– تضمنه بعض الاستطرادات التي ليست من صميم الموضوع.                        

– عزو الكلام لصاحبه والقول لقائله

أقسامه: قسمه إلى ثلاثة فصول.

أولا: ما يلزم الحاج قبل الذهاب.

ثانيا: كيفية الإحرام وأداء المناسك.

ثالثا: زيارة النبي صلى الله عليه وسلم وآدابها.

وأما الكتاب الثاني فتناوله بنفس المنهجية السابقة:

 -مصادره: بعد الكتاب والسنة مختصر ابن الحاجب، الإيضاح للنووي، المدخل لابن الحاج…

– منهجه: لم يتبع منهجا واحدا بل تعددت مناهجه في كتابه، إلا أن السمة البارزة عليه هي الاختصار، وأحيانا الاقتصار على المعنى دون اللفظ.

-أقسامه: قسمه إلى سبعة أبواب.

*المداخلة السادسة: مؤلفات المالكية في الأجزاء والرسائل الفقهية المفردة د  محمد أمنو البوطيبي

استهل الأستاذ كلمته بمقدمة نبه فيها إلى أن التأليف في هذا العلم يستحيل استقصاؤه؛ نظرا لكثرة المؤلفات فيه، وأن ما يتحدث عنه هو على سبيل التمثيل لا الحصر.

ثم ذكر محاور موضوعه، الذي جعله في ثلاث مباحث:

– المبحث الأول: تطور التأليف في النوازل والأجزاء والرسائل الفقهية المفردة.

– المبحث الثاني: معايير السادة المالكية في الاعتماد على الأجزاء والرسائل المفردة.

– المبحث الثالث: الاستفادة من هذه المؤلفات ودراستها.

تناول في المبحث الأول أن التأليف في هذا الفن بدأ منذ عهد التابعين عندما  انفصل الفقه عن الحديث، ومنذ ذلك الوقت شق في الازدياد، وأن المالكية كان لهم فيه حظ وافر. ثم عرض الأسباب الدافعة إلى التأليف في الرسائل والأجزاء، وكذا الموضوعات المطروقة، ثم ثمرة هذه الرسائل وفائدتها.

وفي المبحث الثاني:  قسم  معايير السادة المالكية في الاعتماد على الأجزاء الفقهية إلى قسمين: معايير شخصية، ومعايير موضوعية.

أما المبحث الثالث: فقد ذكر فيه كيفية الاستفادة من هذه الأجزاء بالنسبة لطالب العلم المبتدئ، وكذا طالب العلم الباحث.

ونظرا لضيق الوقت ختم كلمته بتعليق ذكر فيه ما يلي:

– ما يوجد له دليل في القرآن لا يعتبر مذهب أحد.

– أن العلماء حذروا من بعض هذه المؤلفات (الأجزاء)، وذكر أنها ترجع لمجموعة من الأسباب.

* الجلسة الختامية:

اختتمت أشغال هذه الدورة المباركة  بكلمة باسم الطلبة الباحثين، ألقاها الطالب الباحث سلمان الصمدي.

تلتها كلمة باسم اللجنة المنظمة ألقاها رئيس مركز البحوث والدراسات في الفقه المالكي الدكتور محمد العلمي شكر فيها الأساتذة المؤطرين للدورة الذين رحلوا لتلقين العلم للباحثين. كما قدم مجموعة من النصائح للباحثين دعاهم فيها إلى:

– تجاوز المنطق العامي إلى المنطق الجامعي الأكاديمي، وحث على الاحتكاك بالمكتية واعتبره البيت الذي ينتج العلماء.

– الرسالة الأخلاقية التي تجسدت في هذه الدورة على يد الأساتذة الكرام.

كما أنه وعد الباحثين أن أسئلتهم سيُجاب عنها في الموقع، وأن المركز سيكون حلقة وصل بينهم وبين الأساتذة، من أجل الاستشارة أو الاستفادة، وأن المركز سينظم دورات تكوينية أكثر عمقا وتدقيقا في المنهجية الفقهية.

وفي الأخير ألقى الأستاذ عبد السلام اجميلي قصيدة في رثاء العلامة الغازي الحسيني رحمه الله.

‫5 تعليقات

  1. بسم الله الرحمن الرحيم
    الإخوة الكرام : السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

    وشكر الله لكم ما بذلتموه من جهد وما تحملتموه من عناء من أجل إخراج هذا التقرير في الصورة التي هو عليها
    لكن لي عندكم طلب إن أمكن،وهو أن تغنوا هذا التقرير بما تيسر لكم من المحاضرات المسجلة بالصوت والصور. وإن كانت سعة الموقع تسمح الرجاء تنزيلها كلها مع إعطاء إمكانية التحميل
    ومرة أخرى ، أجدد شكري لكم
    والسلام عليكم

  2. أشد على اقتراح الأخ عبد الواحد الخياري
    لي نفس الطلب
    وجزاكم الله خيرا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق