مركز ابن البنا المراكشي للبحوث والدراسات في تاريخ العلوم في الحضارة الإسلامية

تقرير: حول تقديم كتاب “علم الفلك ضمن منظومة الحضارة المغربية ” للدكتور زين العابدين الحسيني

 

ضمن برنامج أنشطته العلمية والثقافية نظم مركز ابن البنا المراكشي لتاريخ العلوم في الحضارة العربية الإسلامية بالرابطة المحمدية للعلماء، بتاريخ 17 أكتوبر 2019 محاضرة علمية أطرها الأستاذ الدكتور محمد زين العابدين الحسيني الباحث المتخصص في التراث العلمي للحضارة العربية الإسلامية وخصوصا الحضارة المغربية منها، وتمحورت المحاضرة حول تقديم كتابه الجديد الموسوم بـ”علم الفلك ضمن منظومة الحضارة المغربية”.

بدأ الأستاذ المحاضر كلامه أول بالإشادة بمدرسة ابن البنا المراكشي الرياضية والفلكية التي كان لها باع عريق في الإنتاجات المعرفية، باعتبار أن ابن البنا كان علامة عصره في مجلات متعددة وفي فترات سابقة من العهد الموحدي. كما وجه الأستاذ في نفس الوقت الشكر لمؤسسة الرابطة المحمدية للعلماء ومركز ابن البنا المراكشي في شخص رئيسه الدكتور جمال بامي.

في بداية مداخلته وقبل التطرق إلى محتوى هذا الكتاب أشار الأستاذ المحاضر إلى أن الحضارة المغربية هي عبارة منظومة متكاملة تندرج فيها مجموعة من المباحث كالطب والفلك والجغرافيا وعلم الحيل…إلخ، مضيفا أن هذا الكتاب لم يأت من أجل التعريف بعلم الفلك فقط، بل جاء للتعريف بالمجال الواسع للحضارة العربية الإسلامية المغربية، كما أتى ليبين ذلكم الكنز المعرفي المتمثل في المخطوطات التي مازال العديد منها –خصوصا في العلوم الدقيقة- حبيس الرفوف داخل المغرب وخارجه، خاصة في مجال علم الفلك، وهذا القول يأتي في نفس الوقت كرد على كل المعتقدين والظانين خطأ أن العلوم الحقة لم تظهر إلا في القرن التاسع عشر للميلاد و في أواخر بداية القرن العشرين.

بعد ذلك تطرق الأستاذ بشيء من التفصيل إلى كتابه الذي قسمه إلى خمسة فصول رئيسية:

في الفصل الأول، يفرّق الأستاذ المحاضر بين مخطوطات متخصّصة في الفلك، حيث يقسمها إلى قسمين منها ما هو مغربي ومنها ما هو غير مغربي، ومخطوطات أخرى تهتم بالفلك عامة والمواقيت والعبادات، كما أشار إلى علاقة علم الفلك بالعلوم الأخرى مثل الحساب والهندسة والفيزياء والجغرافيا والمواقيت.

أما في الفصل الثاني فيأتي الأستاذ المحاضر على ذكر العديد من الآلات والأدوات الفلكية التي اعتمدها العلماء، حيث يتمّ التعريف بها من خلال مؤلّفات العلماء المغاربة، مستعرضاً تلك التي استخدموها مثل الإسطرلاب والربع المجيب، أو التي اخترعوها مثل آلة ربع الشعاع والظل، منوها بالدور المهم الذي لعبه بعض العلماء في هذا المجال، كالطبيب المغربي وعالم المواقيت والرياضيات مولاي عبد السلام العلمي مبتكر آلة ربع الشعاع والظل، بدليل أنه  ألّف عنها كتابا أسماه “إرشاد الخل لتحقيق الساعة بربع الشعاع والظل”.

ينتقل الأستاذ في الفصل الثالث إلى ذكر مجموعة من التفاسير العلمية  لبعض الظواهر الفلكية من خلال التعريف بالجوانب التي تناولها علماء الفلك خصوصا المغاربة منهم. متطرقا في الآن نفسه إلى الوظائف التي اضطلع بها هذا العلم، ، في إطار البحث العلمي المستبعد للخرافة. بينما رصد الأستاذ المحاضر في الفصل الرابع تدريس علم الفلك في “جامعة القرويين” كمظهر من مظاهر الاهتمام بمجال العلوم البحتة، وفي الفصل الخامس وضحّ دور الفلك في المنظومة العلمية والحضارية للمغرب مع إبراز مظاهر تطورها ووقعها على المجتمع في تلك المرحلة المتميزة.

وفي الختام يخلص الأستاذ زين العابدين الحسني أن أهمية علم الفلك مرتبطة بالمنظومة العامة للحضارة المغربية الإسلامية، كما شكلت إسهامات العلماء العرب والمسلمين قاعدة أساسية لانطلاق تطورات عليمة لاحقة. هذا وقد اغتنم الأستاذ المحاضر الفرصة للإشارة إلى كتاب آخر يعمل على إعداده، ويتعلق بعلم الحيل كأساس للروبوتيك، مشيرا أن الفضل في اختراع أول إنسان آلي يقوم بوظيفة معينة ودقيقة يرجع للعالم المسلم عبد الله بن إسماعيل الجزري الذي يعتبر أعظم المهندسين والميكانيكيين والمخترعين في التاريخ البشري.

ذ. زيدان عبد الغني

باحث مركز ابن البنا المراكشي

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق