الرابطة المحمدية للعلماء

تقديم نتائج دراسة “جرد مفاهيم نبذ العنف ضد المرأة في القرآن الكريم والسنة المطهرة”

أبريل 1, 2016

كشفت نتائج دراسة حديثة حول "جرد مفاهيم نبذ العنف ضد المرأة في القرآن الكريم والسنة المطهرة"، جرى عرض نتائجها زوال أمس الخميس بالرباط، أن الإشارات البليغة الواردة في الدين الإسلامي في التعامل مع المرأة بما يناسب قدرها ومنزلتها ومقامها، تؤكد على رفق الإسلام بالمرأة، ونبذ العنف عنها والدعوة إلى الإحسان إليها، ورعايتها والقيام على مصالحها، والحفاظ عل  حقوقها.

وأفادت الدراسة، التي أعدها "مركز الدراسات والأبحاث في القيم"، التابع للرابطة المحمدية للعلماء، بشراكة مع صندوق الأمم المتحدة للسكان، أن " الإسلام تفوق في حفظ كرامة المرأة، وتأكيد إنسانيتها، وجعل حقوقها قائمة على أكثر المبادئ إظهارا للعدالة الإلهية بين العباد، ألا وهو المساواة في أصل النسب البشري".

وأوضحت الدراسة، التي أعدتها حكيمة الحطري، مديرة "مختبر الدراسات الفقهية والقانونية وحقوق الإنسان" بكلية الشريعة بفاس، أن " التفسير الموضوعي لمفاهيم نبذ العنف عن المرأة المنصوص عليها في القران الكريم، وكذا في الأحاديث النبوية، تعد خروجا حقيقيا من غياهب الإسقاطات الجزافية والتأويلات المغرضة لأنظمة ربانية شاء من خلالها وضع علاقة الرجل بالمرأة في ميزان عدله ورعاية كفالته.

الدراسة خلصت أيضا إلى أن " الرجوع إلى المصادر الأصلية في تحديد مفاهيم نبذ العنف عن المرأة  تبين سمم وشمولية التشريعات الربانية لأدق التفاصيل الخاصة بمظاهر العناية بالمرأة وتوطيد علاقتها بالرجل، مشيرة إلى أن " بعض الأحكام الفقهية التي تطرقت لموضوع العنف ضد المرأة  بعيدة عن روح الإسلام المستمدة من النصوص القرآنية الكريمة والسيرة النبوية الشريفة، حيث تقودها أهواء ذاتية وتطغى عليها النزعة الذكورية المائلة إلى تغليب مصالح الرجال على مصالح النساء".

من جهة أخرى، كشفت الدراسة استنادا إلى المقابلات الميدانية، أن هناك قصورا شديدا في استيعاب صور العنف الممارس ضد المرأة، فعلى العكس مما بينته النصوص الشرعية من أشكال  متعددة للعنف ضد المرأة، تردف الدراسة، " انحصرت تلك الصور، عند الفئات الاجتماعية قيد الاستجواب، وكذا العاملين في مجال العنف، في "العنف الزوجي، الذي تبرره بعض المصطلحات المعزولة عن سياقها العام  كمصطلح " النشوز، الضرب، الطاعة، القوامة، الأفضلية.."

وسلطت الدراسة الضوء على مفاهيم نبذ العنف في القرآن الكريم أولا بالتأكيد على المساواة بين الرجل والمرأة في التكريم والجزاء عن العمل الصالح ونيل العقاب ومن خلال حق المرأة في الحياة بعدم احتقارها واعتبارها جالبة للذل والهوان وحماية عرضها.

كما تتجلى هذه المفاهيم، حسب الدراسة، في آيات قرآنية تحث على تكريم الأم والإحسان إلى البنت وتربيتها وكفالتها، وحرية اختيار الزوج، ومراعاة شعور المرأة المعتدة من الوفاة، وحسن العشرة والرفق بالنساء والتأكيد على تبادل الود والرحمة بين الزوجين، إلى جانب مفاهيم نبذ العنف في حالة الطلاق وفي حفظ مال المرأة وإثبات استقلالية ذمتها المالية.

وتضمنت هذه الدراسة ثلاث فصول أساسية، حيث خصص الفصل الأول لجرد أهم المفاهيم الدالة على نبذ العنف ضد المرأة في القرآن الكريم، والسنة النبوية الشريفة، فيما تضمن الفصل الثاني أهم الأحكام الفقهية النابذة للعنف من خلال استحضار مجموعة من الأنظمة التي شرعها الإسلام في مجال العلاقات الأسرية، أو في المجالات ذات الصلة بالمجتمع، فيما خصص الفصل الثالث لرصد مجموعة من التمثلات الخاصة بمفاهيم العنف ضد المرأة وفق آراء شرائح اجتماعية متنوعة، و رصد بعض آراء المهتمين بالموضوع.

وتهدف الدراسة، التي تدخل  في إطار الشراكة التي تربط بين صندوق الأمم المتحدة للسكان والرابطة المحمدية للعلماء، من أجل الارتقاء بالصحة الإنجابية، والتربية الجنسية، ومكافحة العنف المبني على النوع الاجتماعي، إلى استخراج المفاهيم والأحكام الواردة في القرآن والسنة ذات الصلة بالتصدي للعنف المبني على النوع الاجتماعي؛ وتصنيفها حسب ما يصطلح عليه اليوم بمكافحة العنف المبني على النوع الاجتماعي؛ وكذا قراءة تفسيرية لبعض المفاهيم والأحكام التي يرى منها العموم، عن سوء فهم، أنها تشجع على العنف.

وأوضح الدكتور محمد بلكبير، رئيس "مركز الدراسات والأبحاث في القيام"، في مستهل هذا اللقاء، أن ظاهرة العنف ضد النساء ليست وليدة اليوم، بل ترجع إلى المجتمعات القديمة، مشددا على أهمية المدخل الثقافي في التصدي للعنف ضد المرأة، خصوصا في ظل القصور الذي يطبع فهم بعض القضايا المتصلة بالموضوع في الدين الإسلامي.

من جهتها، قالت الأستاذة هند جلال، ممثلة صندوق الأمم المتحدة للسكان، إن " الدراسة المنجزة تأتي في سياق الجهود التي تبذلها الرابطة المحمدية للعلماء بشراكة مع الصندوق للارتقاء بالصحة الإنجابية، والتربية الجنسية ومكافحة العنف المبني على النوع، مؤكدة أن "وضعية المرأة والفتيات لازالت تشكل تحديا للمغرب، وأن هناك ضعفا في تنزيل المكتسبات التي تحققت في مجال حقوق المرأة على أرض الواقع.

وأكدت الأستاذة حكيمة الحطري في عرضها لنتائج هذه الدراسة، أن هذه الأخيرة جاءت أيضا لدفع العديد من التهم والشبهات التي يلصقها الكثير بالإسلام، بغرض التشويه وترويج صورة نمطية سلبية تربط العنف ضد المرأة بالشريعة الإسلامية، معتبرة أنها فقط بداية ورش عمل كبير حول مقارنة مفاهيم نبذ العنف في الشريعة وما جاء في القوانين والعلوم الإنسانية الأخرى".

المحجوب داسع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق