الرابطة المحمدية للعلماء

باحثان من الرابطة: مواجهة التطرف تستدعي تفكيك خطابه بإنتاج خطاب بديل

أكد كل من الباحث الدكتور محمد بلكبير والباحث الدكتور محمد المنتار أول أمس الثلاثاء 14 فبراير 2017، أن مواجهة التطرف تستدعي تفكيك خطابه ومواجهته فكريا بإنتاج خطاب بديل، خاصة أن الصراع مع الجماعات المتطرفة كان دائما حول تأويل القرآن والحديث.

وقالا خلال ندوة حول “صناعة الإرهاب وآليات المواجهة الفكرية” بالمعرض الدولي للكتاب والنشر في مدينة الدار البيضاء “إن الإرهاب صناعة وليس فطريا أو غريزيا في الإنسان، وحذرا من الفراغ الثقافي والمعرفي خاصة في الأجيال الصاعدة”.

ودعا الباحث الدكتور محمد بلكبير، رئيس مركز الدراسات والأبحاث في القيم التابع للرابطة المحمدية للعلماء، إلى إنتاج خطاب بديل لمواجهة العنف والتطرف، الذي قال إنه “صناعة لها خبراؤها وصناعها”.

وأكد أن “التحليل العلمي لم يثبت أن الإرهابي يولد بجينات حاملة للإرهاب، وإنما تتم صناعته”، مشددا على أنه “علينا نحن أيضا في إطار المواجهة أن تكون لنا صناعة تستهدف صناعة الإنسان”، مضيفا “وصناعة الإنسان عن طريق مقاربات تثقيفية وتعليمية وأمنية واجتماعية واقتصادية، الإرهابي تتم صناعته في مجموعة من المختبرات سواء في داعش أو بوكو حرام أو القاعدة”.

وأوضح الدكتور بلكبير أنه “لا بد من صناعة بديلة قائمة على بناء المفاهيم والمدركات، ولا نقول صناعة مضادة لأن الخطاب المضاد لا يزيد إلا تهييجا للخطاب المتطرف”، مؤكدا أن “من يذهب إلى العنف ويتربون عليه يتشبعون به انطلاقا من تأويل خاطئ وفهم مبيت، ويجب أن نسد الباب أمام هؤلاء عن طريق الترشيد والتثقيف والتحصين”.

وقال “عند الحديث عن الجماعات المتطرفة نتحدث عن فئتين فئة منظرة وفئة تنزل الى الميدان، هذه الفئة التي غالبا ما يتم اختيارها من الفئات الهشة أي من الأطفال والمراهقين والشبان”، مضيفا أن الفئة المنظرة تتصرف عن تأويل خاطئ ومغلوط لنصوص القرآن والسنة.

وشدّد على أنه “لم يتبين أبدا قرآنية العنف ولا سنيته، بل الحقيقة هي أن العنف ليس قرآنيا ولا سُنيا”، وأوضح أن الحرب هي حرب مفاهيم وأن “الحرب الأمنية نجح فيها المغرب لكن المواجهة الفكرية بالدرجة الأولى تقوم على تفكيك الخطاب الراديكالي”، مشيرا إلى أن هذا التفكيك يقوم على البناء المنطقي لخطاب التطرف إذ أن كل منظمة “إرهابية” تنتج خطابها بالإقناع المبني على مقدمات وفرضيات وحجج وبراهين واستنتاجات.

واستنادا إلى دراسات علمية، نبه الباحث في الرابطة المحمدية للعلماء، إلى أن “العنف في خطاب داعش لا يمثل سوى خمسة في المائة، فيما خطابها الأساس قائم على وعد الناس بالخير والكرامة والوحدة والخلاص والطهر”.

وخلص د. محمد بلكبير إلى أن “الصراع الآن هو صراع مفاهيمي بالدرجة الأولى، وهو ما يقتضي تفكيك خطاب الراديكالية، من أجل الفهم وبناء تحليل منطقي لخطاب الإرهاب”.

وضمن الندوة ذاتها، أكد الباحث الدكتور محمد المنتار، رئيس مركز الدراسات القرآنية، ومدير البوابة الإلكترونية للرابطة المحمدية للعلماء أن “الصراع مع الجماعات المتطرفة كانت دائما حول تأويل القرآن والحديث والعديد من الآثار المجتثة من سياقاتها”، منتقدا إطلاق تسمية “الدولة الإسلامية” على تنظيم “داعش” المتطرف، معتبرا أنها “تسمية مجانية، لأن صفة الإسلامية مؤطرة بمقاصد كلية تحفظ الحياة والدين والكرامة والنسل والعقل والمال”.

وقال د. محمد المنتار إنه يجب بذل جهود تربوية مع أجيال المنطقة للرد على هذه الخطابات التي يرى أن المتطرفين بنوها على ما وصفها “بجراح الأمة”، داعيا رجال الفكر أيضا لتحمل مسؤوليتهم وتقديم نصوص وقصص أطفال هادفة.

وأضاف المحاضر أن “الجماعات المتطرفة بالإضافة إلى إتقانها للتأويل الفاسد، أصبحت تدير معركة متقدمة على الشبكة العنبكوتية، لتقصف بخطابها عقول الشباب”.

وشدد الدكتور المنتار على أنه “لا يمكن تغيير عقليات الشباب وضحايا التطرف إذا لم يتم الاشتغال بشكل موحد، من أجل تقديم مواكبة فكرية ودينية واعية لملء الفراغ الذي يتسلل منه الفكر المتطرف، خاصة وأنه يتقن استخدام وسائل التواصل الحديثة والتأثير عن طريقها في الشباب”.

وافتتح المعرض الدولي للكتاب بالدارالبيضاء في التاسع من فبراير الجاري وينتهي في التاسع عشر منه بمشاركة 45 دولة وتحل المجموعة الاقتصادية لوسط إفريقيا المكونة من 11 دولة ضيفة شرف للمعرض.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق