العمل التزكوي ونقض مقولات التطرف
يتميز التدين الإسلامي بطبيعته العملية التي لا تقف عند حدود المقولات والتمثلات النظرية، بل إنه منظومة متكاملة العناصر لا ينفك فيها المعتقد عن السلوك، ومن ثم كان العمل التزكوي ركنا مكينا في العمل الديني، أفرز مناهج للتدرج في منازل السلوك والتربية على التحلي بالقيم البانية ظاهرا وباطنا، وجعل من فحص النيات قبل الدخول في كل عمل شرطا للتقويم والتجويد والإحسان، مفرزا منهج المجاهدة للنفوس باعتبارها عملا مواكبا لكل الأعمال ومصلحا لأصولها ومآلاتها، بحيث يقي من «اختراقات» حب الرياسة وشهوة التسلط وطلب الحظوظ التي تدب إلى صاحب العمل من حيث لا يشعر، مما يتطلب يقظة دائمة تقي من مختلف الغفلات التي تتلبس بلبوس الدين وهو منها براء، مما بتنا نراه من أنواع التنطع والتطاول على الشرع جهلا وغلوا وانتحالا..
إن العمل التزكوي شرط ضروري في تصحيح العمل بالدين فهما وتطبيقا، حيث أفرز مناهج وآليات تمكن من التمنيع أصلا من مقولات التطرف قبل نقضها. والعمل التزكوي منظومة قيمية لا نجد في مخرجاته إلا التقويم البناء، والرؤية الجمالية الواسعة، والفقه المواكب لمتغيرات السياق، فهو بمثابة الشجرة المتجذرة عروقها في تربة النص الشرعي، والمتعالية أغصانها لتعانق أشواق الروح، إذ تسقى بماء الفهم والعقل عن الله، وهو ما يستوجب العناية النظرية والعملية بهذا المكون الجوهري من بنائنا الديني الإسلامي الحنيف.
د. عبد الصمد غازي