“العلاقة بين العقيدة والسلوك”
موضوع ندوة يقدمها باحثان من مركز أبي الحسن
الأشعري للدراسات والبحوث العقدية
بالثانوية التأهيلية القاضي ابن العربي للتعليم الأصيل بتطوان
نظم مركز أبي الحسن الأشعري للدراسات والبحوث العقدية بتطوان التابع للرابطة المحمدية للعلماء، ندوة علمية بتعاون مع ثانوية القاضي ابن العربي للتعليم الأصيل، بعنوان "العلاقة بين العقيدة والسلوك"، وذلك بقاعة المحاضرات بالثانوية المذكورة مساء يوم الأربعاء فاتح رجب 1433هـ الموافق 23 ماي 2012م، على الساعة الخامسة.
افتتحت الندوة بمداخلة الباحث يوسف الحزيمري الذي قدم عرضا بعنوان "العقيدة وتغيير السلوكيات الخطيرة"؛ تطرق في بدايته لتعريف السلوك، والسلوك الخطير، موردا تعريف الرابطة المحمدية للعلماء، في مقاربتها لمواجهة السلوكيات الخطيرة للشباب المغربي، حيث عرَّفت السلوك الخطير بأنه: «كل سلوك فردي أو جماعي تنتفي فيه الفاعلية والتوازن والتكيف مع الذات والمجتمع قيما وثقافة وسلوكا»، ثم تحدث عن تمظهرات السلوكيات الخطيرة في مجتمعنا المغربي، وأورد منها على سبيل المثال لا الحصر بعض السلوكيات المنافية للقيم الدينية وللحس والذوق والثقافة الوطنية. وفي المحور الموالي تكلم عن منشأ وأسباب السلوك الخطير وقسمه إلى أسباب رئيسة: وهي فقدان واختلال المقومات العقدية، والقيم الأخلاقية الإسلامية المنبثقة عنها، والتي تخرج شخصية متوازنة، يتكامل فيها التصور، والشعور، والسلوك؛ وأسباب ثانوية مرتبطة بوضعية الأسرة والمجتمع ومدى ارتباطهما بالعقيدة السليمة وأثر ذلك على الشباب، ثم تحدث عن دور العقيدة في تغيير هذه السلوكيات الخطيرة انطلاقا من الاعتقاد بأركانها الإيمانية من إيمان بالله تعالى وأسمائه وصفاته وإيمان بالملائكة و بالكتب السماوية وبالرسل عليهم السلام واليوم الآخر والإيمان بالقدر خيره وشره، وكيف يثمر هذا الإيمان ثمرات على مستوى الشعور والسلوك في حياة الفرد والمجتمع المسلم.
بعدها ألقى الباحث منتصر الخطيب عرضه المعنون بـ "تصحيح العقيدة للانحراف السلوكي"؛ حيث قسمه إلى قسمين؛ الأول: في تقريب معنى العقيدة، والثاني: في أثر العقيدة في تعديل السلوك، بداية قدم لعرضه بمقدمة أشار فيها إلى أن الله تعالى منح للإنسان إرادة يدرك بها الخير والشر، فمتى استرشد بها وكان إدراكه للأمور صحيحا سليما استقام سلوكه، ومتى تخاذل بها وخضع لأهوائه وغرائزه انحرف عن الطريق السوي.
وعن تقريب معنى العقيدة: تحدث عن أنه متى أدرك الإنسان مفاهيم وتصورات عن الأشياء المحيطة به وغدَت هذه المفاهيم ثابتةً وراسخةً في نفسه أصبحت عقائدَ راسخةً عنده، فإذا أضيف إليها التصديق من الشرع أصبحت إيمانا، وهذا الإيمان هو الركن الأساسي الذي بدأ الإسلام به في تكوين شخصية المسلم، ومتى صحَّت عناصر الإيمان في الإنسان استقامت الأساسيات الكبرى لديه، وصار أطوعَ للاستقامة على طريق الحق والخير والرشاد، وأقدرَ على التَّحكم بأنواع سلوكه وضبطها فيما يدفع عنه الضر والألم والمفسدة.
وقبل كلامه عن القسم الثاني تحدث عن الطرق المؤدية إلى المعرفة: وأنها لا تخرج عن ثلاث: الحس والإدراك العقلي، والخبر الصادق/الوحي، فالأول والثاني يفيد الظن واليقين، أما الطريق الثالث فيفيد اليقين قطعا، ويجب تعديل السلوك الإنساني وفق ذلك تغييرا وتبديلا ونسخا.
وفي القسم الأخير وهو أثر العقيدة في تعديل السلوك: خلص الباحث فيه إلى أن العقيدة تعتبر الموجّه الرئيسي الذي يدفع بالناشئة إلى التزام طريق الاستقامة والتعلق بقيم الفضيلة، والنفس البشرية بحسب فطرتها تميل إلى ما تمثله الفضيلة. فإذا انصرفت إلى الشر فبسبب انسياقها وراء غريزة بهيمية انطلقت بطريق خاطئة تحت ظروف نفسية قاهرة أدت بها إلى سلوكيات منحرفة، مما يستدعي معالجتها عن طريق التربية الدينية الصحيحة، لأنها الكفيلة بإصلاح الانحرافات السلوكية ولأن أثرها ينعكس بطريقة إيجابية وسريعة على أخلاقية المجتمع أفرادا وجماعات.
وقد عرفت هذه الندوة تدخل بعض الأساتذة من داخل الثانوية وخارجها، صبت في مناقشة مضمون مواضيع الندوة ومنهج العروض الملقاة، وأشارت كذلك إلى أن شباب الثانويات في أمس الحاجة إلى مثل هذه الندوات التوعوية والتحسيسية، وهو ما أكده التلاميذ والتلميذات عبر الاستمارات الموزعة عليهم، ليختم النشاط بشكر الرابطة المحمدية للعلماء لسهرها على إنجاح مثل هذه الأنشطة.