الرابطة المحمدية للعلماء

العدد 93 من “ميثاق الرابطة” على شبكة الأنترنت

أبرز فضيلة الدكتور أحمد عبادي، الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، وهو يتحدث عن آثار العولمة على ساكنة هذا الكوكب، أنه يظهر من خلال رصد مختلف هذه الآثار، أن جانبا من المد العولمي أميل إلى بناء استراتيجيته في ترسيخ أهدافه على قاعدة التنميط، وأشار في الجزء الثاني من افتتاحيته الخاصة بالعدد 93 من المجلة الإلكترونية الأسبوعية "ميثاق الرابطة"، الذي تجدونه على شبكة الأنترنت، إلى أن هذا المد العولمي يسعى "بدوافع تسويقية لنموذجه بغاية التوسع والانتشار، إلى تنميط قيمه ليجعلها قيما واحدة مشتركة لدى جميع فئات المجتمع".

وأوضح فضيلة الأمين العام، في الجزء الثاني من الافتتاحية نفسها الذي يحمل عنوان "عن آثار القصف القيمي"، أن هذا التنميط يمتد ليمس كل السلوكيات اليومية للفرد، والمتمثلة في العلاقات الإنسانية، والارتباطات بين أفراد الأسرة والعائلة، وأنظمة القرابة، وأنماط التعايش والتساكن والاستهلاك، والعلاقة بين الجنسين، وطرائق وأنماط العيش (المأكل والملبس والمشرب)، والعلاقة بين الإنسان وربّه، والبعد الأنطولوجي للإنسان...، وأكد أن هذا الجانب من المد العولمي، يسعى إلى تغيير فلسفة وجود الإنسان التي من خلالها يرى ذاته، ويدرك نفسه، ويحدد هويته، وينسج علاقاته، مضيفا أنه من خلال مختلف التحليلات لهذه المعاينات، فإن هذا التنميط "لا يحدث بمحض الصدفة، وإنما هو محاولة جادة، واستراتيجية محكمة، وراءها رموز مؤثرون (فنانون، رياضيون، إعلاميون، سينمائيون..) مشهورون يسهل التماهي بهم، وعلماء وخبراء في مختلف ميادين المعرفة، وخاصة العلوم الإنسانية، ومؤسسات إعلامية كبيرة، ومراكز وشركات سينمائية مختلفة، يعملون لتوجيه هذا التنميط وفق أساليب وتقنيات ومقاربات بيداغوجية ومنهجية، تستهدف الإنسان في كل مراحل العمر: (الطفولة، الشباب، المراهقة، الكهولة والشيخوخة)".

وفي هذا الإطار، كشف فضيلة الدكتور أحمد عبادي، أنه وتبعا لنتائج الدراسات المتخصصة في السلوكيات البشرية، "فإن الإنسان يكيف سلوكه انطلاقا من الممارسة المستمرة، ومن خلال تعرضه لمواقف حياتيه مختلفة، سواء عن طريق القول أو الفعل أو المشاهدة"، وذكر "أن الفرد قد يقبل ويقتنع برأي أو فكرة ما، كان في السابق رافضا لها لأنها منافية لقيمه، لكن عملية التكرار قولا أو مشاهدة، تقلل لديه نسبة الرفض، إلى أن يصل في حالة غياب الوعي التزكوي، إلى مرحلة تداعي آليات مقاومته فيكون التسليم والقبول"، مبينا أنه و"بهذه العملية السيكولوجية يُضْحِي الإنسان مستضمرا لقيم كان موقفه منها سلبيا من قبل".

ويظهر ذلك، يضيف فضيلة الأمين العام، من خلال جملة من المتغيرات التي طرأت في كافة المجتمعات، على أنماط الحياة اليومية من حيث الملبس، وأنماط تناول الطعام، وطريقة التخاطب، من جراء عملية التكرار المذكورة آنفا، داعيا في هذا الصدد، إلى العمل بمجموعة نسقية من الدراسات التحليلية متعددة التخصصات، تعتمد أساسا الآليات التحليلية السوسيو أنتروبولوجية، والسيكولوجية المعرفية، التي من شأنها أن تدخل في عمق ومتن العولمة بكل تجلياتها، وخاصة ما يرتبط فيها بالبعد القيمي/الأخلاقي، وذلك بفضل ما يوفره هذا التحليل من إمكانيات الملاحظة والتفكيك العلميين لظاهرة العولمة، واكتناه أعماقها بدلا من الوقوف عند الوصف.

وتحت عنوان "تكامل الأنوار"، تحدثت الأستاذة رقية الدوش، عضو المجلس الأكاديمي للرابطة المحمدية للعلماء، في هذا العدد، عن عنصر "التكاملية" في العلوم الإسلامية، وقالت "تمتاز العلوم الإسلامية بخاصية ارتباطها بالوحي تـأصيلا، واستمـدادا، وخدمة.. وهذا ما يفرض -بداهة- أن تصطبغ العلاقة بينها بصبغة "التكاملية" لا "التنافرية""، مبينة أن مناسبة هذا الكلام، هو "ما نلاحظه من التنافر، أو نقرأه من عبارات السب والشتم، والطعن، والاتهـام المتبادل بين منتسبي هذه العلوم، وبخاصة منهم طبقة المتعصبين الذين خرجوا عن حد الاعتدال، وأعماهم التعصب عن "رؤية قضية التكامل بين العلوم" وخدمة بعضها لبعض، وعدم استغناء بعضها عن بعض، لوجود الرابط الموحد بينها جميعا، ألا وهو "الله" جل جلاله، الذي ربط فعل "القراءة" بمختلف مستوياتها، وتنوع مناهجها، ووجوه استمدادها، باسمه تعالى في قولـه "اِقرأ بِاسْمِ رَبكَ الَذي خَلَقَ" العلق، 1.

وتوقف الدكتور جمال بامي، الباحث في التاريخ، في هذا العدد عند العلامة والرحالة والمربي، أبو سالم العياشي، وذكر أن اسمه مرتبط بالجبل المجاور لبلدته، جبل العياشي قرب ميدلت، في الطريق إلى سجلماسة، كما ذكر أنه تتلمذ على يد العلامة عبد القادر الفاسي والفقيه أبو بكر السكتاني، وهو صاحب الرحلة الشهيرة "ماء الموائد"، مضيفا أنه تربى في زاوية والده، وتلقى بها تعليمه الأول قبل أن يرحل إلى درعة للأخذ على شيخها محمد ابن ناصر الدرعي، ثم ما لبث أن انتقل إلى فاس للأخذ عن علماء القرويين.

كما يضم العدد مواضيع ومقالات أخرى، حررها عدد من العلماء والأساتذة الأجلاء من بينهم الدكتور محمد السرار، الدكتور عبدالحميد عشاق، الدكتور عبدالله المعصر، والدكتور محمد كنون الحسني، والدكتور لحسن تاوشيخت، والأستاذة إيمان الدوابي والأستاذ مصطفى بوزغيبة بالإضافة إلى مقالة للأستاذ أحمد ديدي، عضو المجلس الأكاديمي للرابطة المحمدية للعلماء تحمل عنوان "الأسرة الناهضة بالحياة الإنسانية".

أحمد زياد     

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق