الرابطة المحمدية للعلماء

العدد 91 من “ميثاق الرابطة” على شبكة الأنترنت

يواصل فضيلة الدكتور أحمد عبادي، الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، البحث في العلاقة التي تجمع عالمنا عبدالرحمن ابن الجوزي بالوقت، وقال في الجزء الثاني من افتتاحيته الخاصة بالعدد 91 من المجلة الإلكترونية الأسبوعية “ميثاق الرابطة”، الذي تجدونه على شبكة الأنترنت، “إن من معالم وعي ابن الجوزي العميق بقيمة الوقت، قوله رحمه الله “فكم يضيع الآدمي من ساعات يفوته فيها الثواب الجزيل، وهذه الأيام مثل المزرعة، فكأنه قيل للإنسان: كلما بذرت حبة أخرجنا لك ألف كر، فهل يجوز للعاقل أن يتوقف في البذر أو يتوانى”، مضيفا أن من أدعيته التي كان يناجي بها ربه قوله “اللهم بلغني آمالي من العلم والعمل وأطل عمري لأبلغ ما أحب من ذلك”.

وأفاد فضيلة الأمين العام في الجزء الثاني من الافتتاحية نفسها التي تحمل عنوان “تأملات في حرص العلماء على وقتهم.. ابن الجـوزي أنموذجا (تـ597هـ)، أن من الإجراءات العملية التي اتخذها ابن الجوزي في سبيل تحقيق مطامحه لواذه بالعزلة، فكان كما ذكر عنه سبطه أبو المظفر “يختم القرآن في كل سبعة أيام، ولا يخرج من بيته إلا إلى الجامع، للجمعة وللمجلس”، وأشار إلى أن السبب في ذلك يعود إلى أن ابن الجوزي رحمه الله يرى في العزلة واجتناب مخالطة الناس سبيلا إلى اجتماع الهم وإصلاح القلب، وأورد في هذا السياق قولا له جاء فيه “من أراد اجتماع همه، وإصلاح قلبه، فليحذر من مخالطة الناس في هذا الزمان، فإنه قد كان يقع الاجتماع على ما ينفع ذكره، قصار الاجتماع على ما يضر، وقد جربت على نفسي مرارا أن أحصرها في بيت العزلة، فتجتمع همتي، ويضاف إلى ذلك النظر في سير السلف، فأرى العزلة حمية، والنظر في سير القوم دواء، واستعمال الدواء مع الحمية عن التخليط نافع، فإذا فسحت لنفسي في مجالسة الناس ولقائهم، تشتت القلب المجتمع، ووقع الذهول عما كنت أراعيه، وأنتقش في القلب ما قد رأته العين، وفي الضمير ما تسمعه الأذن، وفي النفس ما تطمع في تحصيله من الدنيا، وإذا جمهور المخالطين أرباب غفلة، والطبع بمجالستهم يسرق من طباعهم، فإذا عدت أطلب القلم لم أجده، وأروم ذلك الحضور فأفقده، فيبقى فؤادي في غمار ذلك اللقاء للناس، أياما، حتى يسلو الهوى، وما فائدة تعريض البناء للنقض؟ فإن دوام العزلة كالبناء والنظر في سير السلف يرفعه، فإذا وقعت المخالطة، انتقض ما بني في مدة في لحظة، وصعب التلافي وضعف القلب”.

وأبرز فضيلة الدكتور أحمد عبادي، أن ابن الجوزي رحمه الله، يحدد مفهوم العزلة المحمودة ويبين تلك المذمومة في قوله “فكم فوتت العزلة علما يصلح به أصل الدين، وكم أوقعت في بلية هلك بها الدين، وإنما عزلة العالم عن الشيء فحسب”، موضحا في ذات الافتتاحية، أن هذه الإجراءات هي التي كانت وراء الشأو الذي بلغه ابن الجوزي رحمه الله، والإنجازات العظيمة التي حققها، فقد قال عنه الموفق عبداللطيف “لا يضيع من زمانه شيئا، يكتب في اليوم أربعة كراريس ويرتفع له كل سنة من كتابته ما بين خمسين مجلدا إلى ستين”.

وتحت عنوان “اليوم العالمي للأسرة بمنظور إسلامي وإنساني”، تحدث الأستاذ أحمد ديدي، عضو المجلس الأكاديمي للرابطة المحمدية للعلماء، عن المعاني السامية التي يجب أن تتحلى بها الأسر المغربية وأيضا الأسر العربية والإسلامية، مبينا أن “الأسرة التي تملك الأسباب والمواهب التي تجعل منها الرائد في التفكير والتأمل البعيد لملاحقة الأحداث والعناصر المهمة في إنارة الطريق، واستكشاف مكنونات المشاكل بما يؤهلها للتفرغ للنظر إلى الأشياء في مداها الأبعد، تحس فعلا بنشوة الاحتفال بالأسرة في كل لحظة من حياتها”.

وتوقف الدكتور جمال بامي، الباحث في التاريخ في هذا العدد عند العلامة أبي الحسن علي اليوسي، وذكر في هذا السياق قولا لمحمد الصغير الإفراني في “صفوة من انتشر” أنه قد “أقبلت عليه طلبة العلم في جامع القرويين وتزاحمت على بابه الركب، ووقع له من الإقبال ما لم يعهد لغيره..”، مشيرا إلى أن حياة اليوسي “تختزل جانبا كبيرا من الواقع المغربي، فهو الإنسان الذي تمتع بوضع اعتباري مهم داخل مدينة فاس بالرغم من قدومه مما يطلق عليه اليوم “العالم القروي”، وهو الذي تمكن من امتلاك ناصية سلطة المعرفة العربية الإسلامية، وهو السياسي المتمرس، وهو مريد الزاوية الدلائية الكبير وأحد وجوهها البارزة، وهو الممثل الكبير للطريقة الناصرية، وأستاذ أساتذة المغرب”.

كما يضم العدد مواضيع ومقالات أخرى، حررها عدد من العلماء والأساتذة الأجلاء من بينهم الدكتور محمد السرار، الدكتور عبدالحميد عشاق، الدكتور عبدالله المعصر، والدكتور محمد كنون الحسني، والدكتور إسماعيل راضي، والأستاذة إيمان الدوابي والأستاذ مصطفى بوزغيبة بالإضافة إلى مقالة للدكتور لحست تاوشيخت، تحمل عنوان “سجلماسة بين شح المعطيات التاريخية وفك الألغاز الأثرية”.

أحمد زياد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق