الرابطة المحمدية للعلماء

الرابطة المحمدية للعلماء تنظم المنتدى الأول للعلماء الوسطاء

سبتمبر 6, 2016

تحت شعار “العالم الوسيط آلية فعالة في الوقاية من التطرف العنيف”، نظم مركز الأبحاث والدراسات في القيم التابع للرابطة المحمدية للعلماء صباح اليوم الإثنين بالمقر المركزي للرابطة بالرباط، المنتدى الأول للعلماء الوسطاء حول الوقاية من التطرف العنيف، حضره فضلا عن العلماء والعلماء الوسطاء، الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان السيد محمد الصبار، والأمين العام لمندوبية إدارة السجون وإعادة الإدماج وممثل عن المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان وعدد من ممثلي الهيئات الديبلوماسية.

لمنتدى الذي نظم بدعم من سفارة الولايات المتحدة الأمريكية، وحضره كذلك خبراء أجانب وفاعليون مجتمعيون والمثقفون النظراء، والشباب الوسطاء الجامعيون، ينطلق من فكرة أساسية مفادها أن استراتيجية مكافحة الإرهاب لا تقوم فقط على مرتكز واحد وهو المرتكز الأمني الناجح في بلادنا، وإنما يتطلب الأمر تفعيل قدرات أخرى لتطويق هذه الظاهرة وإقناع الناس، وتتمثل هذه القدرات المكملة في دور العلماء والمفكرين والشباب، استرشادا بالتوجيهات النيرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، ومنها ما جاء في الخطاب السامي التاريخي لجلالته بمناسبة الذكرى الثالثة والستين لثورة الملك والشعب “إن الذين يدعون للقتل والعدوان، ويكفرون الناس بغير حق ويفسرون القرآن والسنة بطريقة تحقق أغراهم، إنما يكذبون على الله ورسوله، وهذا هو الكفر الحقيقي..”

وفي هذا الإطار قال الدكتور محمد بلكبير، رئيس مركز الأبحاث والدراسات في القيم “العنف والتطرف العنيف وما يتولد عنهما من مخاطر تتنامى باستمرار لم يعد ذا بعد أمني فقط، ولكن الوقاية منه تتطلب تدخلات عدة، وتتطلب مقاربات مختلفة ولكن متكاملة”، مشيرا إلى أن الجانب الروحي الذي عبر عنه جلالة الملك محمد السادس نصره الله في خطابه السامي الأخير المشار إليه “أبان عن هذه المداخلات وهذه التدخلات وهذه المقاربات الدينية التي توكل إلى علماء الدين وإلى القانونيين وإلى كل من له القدرة على أن يقي بلدنا ويقي من خلال بلدنا الأمين العالم من أتون هذه الآفة الخطيرة”.

من جانبه نوه السيد محمد التامك، المندوب السامي للمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج في مداخلته بالجهود التي تبدلها الرابطة المحمدية للعلماء لتنظيم هذا المنتدى الأول حول الوقاية من التطرف العنيف.

وأكد المتدخل إنه منذ أحداث 11 شتنبر 2001، لا زال موضوع الإرهاب والتطرف يشغل بال المنتظم الوطني والدولي، بل وأصبح هذا الموضوع يكتسي أولوية في السياسات العمومية داخل وخارج المغرب، مشيرا إلى أن هناك دراسات وأبحاث كثيرة تناولت هذه الظاهرة من أجل فهم جيد لها ووضع الآليات والوسائل الكفيلة بالتغلب عليها.

كما أشار إلى تعدد التفسيرات الخاصة بالعوامل المسؤولة عنها واختلاف الآراء والمقاربات والآليات المعتمدة بشأن طرق الوقاية منها ومحاربتها على المستوى الاجتماعي والقانوني والسياسي والاقتصادي والديني وغيرها،

وشدد المندوب السامي للمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج على أن مسألة الإرهاب والتطرف تعد إلى حدود الآن من أكبر المسائل تعقيدا، مبينا أن المملكة المغربية تعتبر في هذا الصدد نموذجا يحتدى به بفضل القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة وبفضل المجهودات التي يبدلها جلالته بصفته أميرا للمؤمنين في نشر القيم الحقيقية السمحة للدين الإسلامي، وبفضل كذلك رؤيته المتبصرة وقراراته السديدة التي مكنت من وضع مخطط استراتيجي، متكامل وفعال من أجل محاربة التطرف العنيف وتجنيب البلاد والعباد آثار وويلات هذه الآفة الخطيرة.

بدوره قال السيد محمد الصبار، الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان “في زمن العولمة والانتشار الواسع لوسائل الاتصال وارتفاع وثيرة حركية البشر عبر العالم وانتقال الجماعات البشرية من حالة التجانس الثقافي الذي كان يطبعها في الماضي إلى وضعية التعدد الثقافي والديني وتنوع أنماط العيش وأساليب التفكير، يصبح خطاب الكراهية والتمييز ونبذ الآخر مصدر صراعات وأزمات وحروب مدمرة”.

وتحدث السيد الأمين العام في هذا الصدد عن الحرب العالمية الثانية، التي انبعث من أنقاضها مبادرات إقليمية مثل الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان سنة 1950، أو عالمية مثل لإعلان العالمي لحقوق الإنسان لسنة 1948، والتي اهتمت بوضع إطارات مؤسساتية تحاول تحقيق التوازن بين القيم الديمقراطية مثل حرية التفكير والرأي والتعبير وضرورة تفادي انتشار خطابات الكراهية على النمط النازي، تلك الإيديولجية التي كانت على وشك القضاء على أوروبا وإرثها الحضاري والإنساني.

وأقر السيد محمد الصبار على أن عالمنا المعاصر لا يتوفر لحدود اليوم على تعريف كوني مقبول لخطاب الكراهية ولظواهر التعصب والتطرف التي تنتج عنه، مشيرا إلى أن كل ما وفرته تجربة بعض المؤسسات مثل المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان هو مجموعة من المحددات التي تسهم في توصيف هذا الخطاب في أفق إخراجه من حقل حرية التعبير والرأي، وذلك من منطلق أن المجتمع الديقراطي التعددي لا يمكنه أن يتأسس إلا على التسامح واحترام كرامة البشر.

من جهته، ذكر السيد عبدالرزاق روان، الكاتب العام للمندوبية الوزارية لحقوق الإنسان، بالآية 70 من سورة الإسراء “وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا”، مؤكدا أن هذه الآية هي موضوع حقوق الإنسان برمته ومن خلالها ساهمت هذه الأمة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي اعتمدته هيئة الأمم المتحدة سنة 1948 بعد الحربين العالميتين الأولى والثانية والتي تجاوز ضحاياها قرابة الـ20 مليون.

وبين المتدخل أن الحق في الحياة من أبرز الأمور التي يستهدفها التطرف والإرهاب الفكري، وهو حق يضيف السيد الكاتب العام تحدث عنه القرآن الكريم منذ أزيد من 14 قرنا في الآية 32 من سورة المائدة “مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا”.

وتهدف الرابطة المحمدية للعلماء، من خلال هذا المنتدى، إلى بلورة استراتيجيات لتنفيذ خطة العمل بإبراز مختلف الأنشطة والآليات التي يتم العمل بها، والعمل على استيعاب وضبط مفردات الجهاز المفاهيمي لدى منتجي خطاب الكراهية والإرهاب، وإطلاع العلماء الوسطاء والشباب على التجارب والخبرات السابقة، والممارسات الفضلى التي ينتهجها قادة دينيون في مناطق تعرف صراعات مبنية على التطرف الديني والعنف، قصد الاستئناس بها، كما تسعى الرابطة إلى تحديد إجراءات لتقوية قدرات المجتمع المدني والمؤسسات، عن طريق العلماء الوسطاء والمثقفين النظراء، من أجل الوقاية من التطرف العنيف، بالإضافة إلى تعزيز التعاون بين الأطراف والجهات المشاركة من مجتمع مدني ومؤسسات الدولة.

أحمد زياد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق