مركز ابن البنا المراكشي للبحوث والدراسات في تاريخ العلوم في الحضارة الإسلامية

التقرير العام للمؤتمر الدولي السابع لفاس حول تاريخ الطب

ديسمبر 19, 2019

احتضنت كلية الطب والصيدلية بمدينة فاس من 19 إلى 21 دجنبر 2019 فعاليات المؤتمر الدولي السابع لفاس حول تاريخ الطب، وقد اختير له هذه السنة موضوع “النبوغ المغربي في الطب العربي، الطب في الدولة العلوية من خلال القرنين الثامن والتاسع عشر“ – دورة العلامة والطبيب عبد السلام العلمي- تميز المؤتمر بحضور أسماء وازنة داخل الأوساط المعرفية نذكر على رأسهم مؤرخ المملكة الأستاذ عبد الحق المريني الذي كان ضيف شرف هذا المؤتمر، وهو المؤتمر الذي يعقد بشراكات علمية مع مؤسسات علمية وجمعوية من بينها مركز ابن البنا المراكشي للبحوث والدراسات حول تاريخ العلوم في الحضارة الإسلامية..

 عرف اليوم الأول لهذا المؤتمر )الخميس 19 دجنبر( محاضرة افتتاحية ألقاها على مسامع الحاضرين الأستاذ عبد الحق المريني بعنوان ” شذرات من تاريخ الطب بالمغرب”، عرج في بداية مداخلته على تسلسل تاريخي عرفت فيه المعرفة الطبية داخل البيئة الإسلامية ريادة  وتطورا قل نظيره مقارنة بالأمم التي كانت تجاورها في ذلك الوقت، كما عرج أيضا على أهم المراحل التي شهدت فيها الدولة العلوية تطورا مهما في ميدان الطب.

انطلقت يوم الجمعة 20 دجنبر أولى الجلسات لهذا المؤتمر العلمي والتي افتتحت بخمس مداخلات قيمة، جاءت المداخلة الأولى من طرف الأستاذة نادية المنصوري حطاب، حيث تطرقت فيها إلى توضيح الإطار العام لنشأة وكيفية تدريس الطب، وذلك من خلال الاعتماد على عدد من الوثائق والمؤلفات التاريخية التي تهم تاريخ الطب العربي على مستوى مكتبات جامعية عمومية وخاصة، سواء المحلية منها أو الوطنية. أما عن المداخلة الثانية في هذه الجلسة فكانت من إلقاء الباحثة إيمان هلالي التي خصصتها لموضوع الإجازات الطبية الممنوحة من جامعة القرويين خلال القرنين 18 و19 عشر للميلاد، حيث اعتبرت أن الإجازة في الطب أو الرخصة والإذن بالتطبيب؛ من إبداعات الحضارة العربية الإسلامية، إذ كان أول من سنها هو الخليفة العباسي ” أبو الفضل جعفر بن المعتضد” في القرن الثالث الهجري. جاءت المداخلة الثالثة للأستاذ. د. حميد الحمير، وتطرق فيها إلى الدور الفعال للمراجع التي كانت تعتمد في حلقات الدرس الطبي بالمدرسة العياشية، هذه المدرسة التي أُسس فيها مركز طبي كان أغلب ساكنة الأطلس يقصدونه للبحث عن الاستشفاء والعلاج. بالنسبة للمداخلة الرابعة فقد أبرز فيها الأستاذ جمال حيمر تجربة المغرب الإصلاحية المتمثلة بالأساس في إرسال بعثات طلابية على دفعات إلى مختلف دول أوربا بهدف اكتساب الخبرات المتنوعة، وذلك لأن المغرب كان في حاجة ماسة إلى أطر إدارية وتقنية قادرة على تولي مهام الإشراف على الأجهزة الإدارية والعسكرية التي لم تعد قادرة على مسايرة الأوضاع المستجدة. أما عن المداخلة الأخيرة للجلسة الأولى من هذا المؤتمر فكانت من نصيب د. محمد المصمودي، وقد تطرق فيها إلى المدرسة الطبية التي أسست في عهد السلطان مولاي الحسن الأول.

افتُتحت الجلسة العلمية الثانية بمداخلة للباحثين بمركز ابن البنا المراكشي الأستاذ عبد العزيز النقر والأستاذ زيدان عبد الغني، حيث سعت الورقة التي تقدما بها للمشاركة في هذا المؤتمر إلى إبراز بعض جوانب التميز والمكانة العلمية التي حظي بها بعض الأطباء داخل مغرب القرن الثامن عشر، وقد كان التركيز في هذه الورقة العلمية بشكل خاص على الطبيب الكبير عبد القادر العربي بن شقرون المكناسي صاحب الأرجوزة الشقرونية التي حظيت بنصيب أوفر في هذه الدراسة. أما عن المداخلة الثانية ضمن هذه الجلسة فقد كانت من إلقاء د. سمير بوزويتة، تطرق فيها إلى موضوع التطبيب المغربي خلال القرن التاسع عشر، حيث بين أن التاريخ لم يذكر لنا سوى أسماء قليلة من الأطباء والمتطببين المغاربة المسلمين الذين كانوا يتولون علاج الأمراض المزمنة والحادة ومداواة الأوبئة. أما الباحث خالد لزعر فقد كانت مداخلته تحمل عنوان ” مصطفى” معالج الأمراض خلال القرن 19م. تكلم فيها عن نجاحات غيرهارد روهفلس  Gerhard Rohlfs الطبيب الذي ادعى الإسلام وأصبح بعدها صديقا لمولاي عبد السلام من وزان، فنال الحظوة لدى مراكز النفوذ العليا أوصلته إلى قصر السلطان والتقرب منه، فخدم طبيبا للجيش ولنساء وحريم القصر. نال هذا الطبيب “مصطفى” عناية خاصة من طرف السلطان نظرا لخبراته الطبية والفنية المتطورة في كشف الأعراض المرضية وتشخيصها، خصوصا أن صعوبة الأمراض والأوبئة التي تفشت داخل المغرب في النصف الثاني من القرن التاسع عشر كانت فتاكة وقاتلة. هذا في حين خصص الباحث د.رشيد العفافقي، االباحث بوحدة علم وعمران بالرابطة المحمدية للعلماء.

مداخلته لدراسة الأطباء الأوربيين الذي كانوا متواجدين بمدينة طنجة ما بين سنة 1800م و1915، حيث أكد على أن الطب الأوروبي في المغرب كان مقترنا بالأساس بالاستعمار وبالحركات التبشيرية. كما جاءت مداخلة الأستاذ بدر المقري في هذا السياق، حيث تكلم في محاضرته عن الكونية الطبية بالمغرب في سياقها الكولونيالي ما بين سنتي 1830 و 1899، أي توظيف الطب في إدراك الانتماء إلى النسيج البشري. أما مداخلة الباحث جمال محساني والتي غطت ستار هذه الجلسة فقد تناول فيها الدور الكبير الذي لعبه الطبيب فرناند ليناريس )1850-1938( في تشخيص بعض الأمراض الفتاكة التي أصابت المغرب في تلكم الحقبة، وأن ممارسته لهذه المهمة لم تقتصر فقط على الجانب العيني والتشخيصي للحالات المصابة، بل تخطت هذا المستوى، حيث أسهم في بناء المستشفيات واستيراد اللقاح من الدول الأوربية من أجل علاج المرضى المصابين بداء التيفويد والإسهال والكوليرا.

بدأت الجلسة العلمية الثالثة بمحاضرة الباحث بوجمعة رويان، وتحدث فيها عن الطبيب H.P.L. Renaud. الذي قدّم منذ سنه 1912 دراسات مهمة حول أمراض الطواعين التي اجتاحت المغرب خلال القرن 18 وبداية القرن 19، حيث أصدر كتيبا صغيرا عن الطاعون بالمغرب – وهو دراسة عن الايبدمولوجيا والجغرافيا الطبية، امتد على عشرين صفحة، ويسجل في هذا البحث الطاعون الذي ضرب المغاربة ما بين سنة 1909 – 1920، وتَوَطُّنُهُ في مناطق الشاوية ودكالة وبعض المدن المغربية. أما الباحث طارق مدني فقد جاءت مداخلته في هذه الجلسة لتستعرض بعض المعطيات المهمة عن الظروف الصحية ببلاد المغرب وعن الأمراض المتفشية في نهاية القرن 18 وبداية 19م من خلال مؤلف التاجر والدبلوماسي الانجليزي جيمس كريي جاكسن James Grey Jackson الذي عاش في المغرب سنين طويلة، وخالط أناسه، وخبر لغة المغاربة، وكان شاهدا على العديد من التحولات الاجتماعية، وعاصر نزول الأوبئة الفتاكة وبعض الأمراض التي أصابت السكان في ذلك الوقت نذكر منها: الجذري، أوجاع الرأس، آلام المعدة والروماتيزم، القرحات المصلية والطفحات،الأمراض التناسلية، الجذام، التونيا  .(Tunia)البواسير الفتق… إضافة إلى بعض المعطيات السريرية لبعض المصابين بالطاعون. ارتكزت مداخلة الأستاذ الباحث الحسين الفرقان على دراسة عدد من المؤلفات والتقاييد التي تصنف ضمن ما يصطلح عليه بفقه الأوبئة أو أدبيات الأوبئة في مغرب القرن التاسع عشر. يرى الأستاذ الفرقان أن استحضار هذه النصوص تمكن الباحث من استيعاب الإطار العام الذي تشكلت بداخله التصورات والمفاهيم حول الأوبئة، بالإضافة إلى ذلك أيضا؛ تمكننا من فهم طبيعة الوسائل المتنوعة التي كان يلتجأ إليها السكان في مواجهة أخطار هذه الأوبئة. أما بخصوص المداخلة التي تقدم بها الباحث ذ. فؤاد العبودي بعنوان “الأزمة الصحية 1878-1883م: الدولة والمجتمع” فقد بين فيها بعض الوقائع الاجتماعية السلبية التي لم تنل حظها من اهتمام الباحثين والمؤرخين، نجد في مقدمة هذه الوقائع السلبية والأزمات الصحية: الجوائح والمجاعات وبدرجة أقل الأوبئة، والحال في نظر الأستاذ العبودي أن هذه الوقائع ملأت تاريخ المغرب من حيث حضورها وشكلت أبرز محطاته الاجتماعية بحكم ما خلفته من آثار غائرة. ختمت الأستاذة كريمة الغازي الجلسة الثالثة من اليوم الأول لهذا المؤتمر بمحاضرتها عن “السياسة الطبية بالمغرب خلال القرنين 18 و19م”، تحدثت فيها عن سلسلة من الأوبئة والمجاعات التي ضربت المغرب خلال القرن 18 و19 عشر، باعتبار أن هذه الظواهر الفتاكة كان لها وقع كبير في رسم السياسة الصحية بالمغرب.

انطلقت أنشطة اليوم الأخير لهذا المؤتمر بجلستين، الأولى انطلقت بمداخلة الشريف مصطفى مشيش العلمي، تكلم فيها عن نشأة ودراسة وأعمال العلامة الكبير مولاي عبد السلام العلمي، الذي كان عالما بالمواقيت والفلك والرياضيات، ناهيك عن خبرته المتميزة في ميدان الطب، ولد بمدينة فاس ودرس في جامعة القرويين على كبار المشايخ في ذلك الوقت، اخترع عددا من الآلات الفلكية منها: أسطوانات العالم عام 1876م، والتي أهداها للسلطان محمد بن عبد الرحمن، ثم اخترع أيضا “ربع شعاع الظل”، وهي آلة تساعد على ضبط الوقت… إلخ. جاءت المداخلة الثانية للباحث المصري في جامعة كامبريدج د. خالد فهمي، تكلم فيها عن الدكتور أنطوان بارتليمي كلوبيك ومساهماته الكبيرة في تأسيس مدرسة الطب البشري ومستشفى القصر العيني في مصر خلال القرن 19 عشر. تطرق الباحث عماد أحمد هلال شمس الدين أستاذ التاريخ الحديث بجامعة الملك فيصل إلى مجموعة من الروايات المتداولة حول حياة محمد بن عبد السلام العلمي خصوصا رحلته العلمية إلى مصر قصد الدراسة في مدرستها الطبية. وقد تناول الباحث في مداخلته هذه المرحلة التي عاشها العلمي بنوع من الشك والنقد ظنا منه أن المعلومات المتوفرة عن حياته قليلة ومتناثرة ويشوبها بعض التناقض، ويؤكد أنه ليس هناك أي مصدر عن نشأته وحياته إلا ما كتبه هو بنفسه، وأن كل الذين ترجموا له إما أنهم نقلوا عنه أو عن تلميذه محمد بن علي بن عمر الأغوازي، أو ولده أحمد بن عبد السلام العلمي. اختتم  الأستاذ الدكتور جمال بامي، رئيس مركز ابن البنا المراكشي، باختتام الجلسة العلمية الرابعة  بمحاضرة تحت عنوان “حول بعض جوانب النبوغ المغربي في الطب خلال القرن 19م: عبد السلام العلمي نموذجا”، ملخصها أنه يمكن اعتبار الطبيب المغربي عبد السلام العلمي رمزا من رموز تجديد الطب بالمغرب خلال القرن التاسع عشر. وإذا كانت جذوة الطب لم تخمد كليا خلال هذا القرن ، وهو ما تشهد عليه الإجازات الطبية التي منحت بالقرويين، وبعض المؤلفات الطبية القليلة، إلا أن النفس الموسوعي والعملي للطبيب العلمي كان حاسما في تشخيص وتجاوز مرحلة حاسمة في التاريخ الطبي المغربي، يتجلى ذلك من خلال محاولة عبد السلام العلمي الإجابة على سؤال ذي طابع وجودي في المسار الحضاري للمغرب، وهو كيف يتم استيعاب العلم المغربي والعربي الإسلامي في كليته ضمن أبعاده التاريخية والإنسانية، مع القدرة على التمكن من المعرفة الطبية المعاصرة بكل أبعادها من خلال انفتاحه عليها خلال مقامه العلمي بالقاهرة، بحثا عن المشترك عمقا ومقصدا، في أفق إصلاح منظومة طبية اعتراها الضعف  بمنطق التداول الحضاري. إن كتاب “ضياء النبراس في حل مفردات الأنطاكي بلغة بفاس” يعبر بشكل كبير على هذه الإشكالية، كما أبرز الأستاذ بامي أن تذكار المودة الذي عرف باسم “الإجازة الطبية”، التي حصل عليها الطبيب العلمي بالقاهرة، والتي حاول بعض الباحثين التقليل من أهميتها العلمية، يشكل نقطة مفصلية  في فهم بعض أسس انتقال المعرفة العلمية بين المشرق والمغرب ضمن أفق التألق العلمي التاريخي للحضارة الإسلامية، وما ارتبط بتك المعرفة من مقاصد إنسانية وفكرية وأخلاقية…

بدأت الجلسة الثانية و الأخيرة لهذا المؤتمر بمحاضرة الأستاذ البشير بنجلون عن مخطوط طبي لمولاي عبد السلام العلمي يحمل عنوان ” البدر المنير في علاج البواسير”، تكلم فيه الأستاذ المحاضر عن شيوع وذيوع مرض البواسير منذ القدم، وكيف لقي هذا المرض اهتماما بالغا من طرف الأطباء العرب والمسلمين عبر العصور وعلى رأسهم العالمين الكبيرين ابن سينا وعبد السلام العلمي. ينتقل الأستاذ بعدها إلى طرح الأوصاف الدوائية التي كانت تستعمل للعلاج من أخطار هذا المرض، حيث كان الاستعمال يتم وفق قواعد وتدابير علمية، وذلك بوصف الدواء بمقادير محددة بدقة والتنبيه لأعراضه الجانبية وكذا لدواعي الاستعمال وموانعه واستعمال الأدوية المجربة، مع التزامهما بالأمانة العلمية في نقل ونسبة المعطيات لأصحابها )أبقراط – جالينوس – الروم – الأنطاكي(. تلت هذه المحاضرة محاضرة أخرى للأستاذ الدكتور حميد لحمر تحدث فيها عن العلامة عبد السلام العلمي من خلال كتابه ” ضياء النبراس في حل مفردات الأنطاكي بلغة أهل فاس”، فهذا النوع من المؤلفات في نظر الباحث يعتبر نوعا من الخطوات المهمة التي تفك ألغاز الكلمات، وبالتالي لابد من التدقيق والفهم الجيد لهذه المصطلحات والمفرادت، لقد تشجع من قبل الطبيب داوود الأنطاكي على التأليف في هذا الجانب، فألف كتاب ” التذكرة ” الذي أصبح مرجعا معتمدا لدى أغلبية الأطباء، فنال اهتمام الطبيب المغربي عبد السلام العلمي الذي قام بدراسته وفهم مصطلحاته وعمل على ترجمتها إلى لغة أهل بلده مركزا بالأساس على لغة أهل مدينة فاس. أما بالنسبة للمداخلة ما قبل الأخيرة فكانت من إلقاء الدكتور محمد زين العابدين الحسيني، حيث تحدث فيها من خلال ثلاث محاور عن الجوانب العلمية لهذا العالم الكبير، المحور الأول خصصه للحديث عن العلامة عبد السلام العلمي كطبيب مغربي متميز، والمحور الثاني تحدث فيه عن العلمي كعالم موسوعي، والمحور الثالث تكلم فيه عن عبد السلام العلمي العلامة المخترع. هذا وقد اختتمت كل محاضرات هذا المؤتمر بمداخلة الدكتور عبد الخالق الشدادي، التي تطرق فيها إلى مُؤَلَفَيْن من مؤلفات عبد السلام العلمي في علم الفلك،  هما: أبدع اليواقيت على تحرير المواقيت ودستور أبدع اليواقيت. يبين الباحث من خلال عرضه لهذين المُؤلفيْن أن الشيخ العلمي كان دارسا ومخترعا ومتمكنا من هذا العلم، يقول الشدادي: “لم يكن يتوقف عن شرح ما قصد إليه الناظم والتمثيل له بأمثلة حسابية، بل يتمم ما أغفله الناظم من بعض وجوه الأعمال الميقاتية التي قد تخفى على الطالب، مثل حساب غاية ارتفاع الشمس عندما يكون ميلها أكبر من عرض البلد”. هذا وبعد الخروج بتوصيات ونتائج علمية وعملية من هذا المؤتمر، والإعلان عن المؤتمر العلمي الثامن، اختتمت أشغال هذا الأخير بزيارة قبر العلامة سيدي عبد السلام العلمي بروضة الشرفاء العلميين بقرب باب عجيسة والترحم عليه، اعترافا بما قدمه للإنسانية من خدمات….

ذ. زيدان عبد الغني

باحث مركز ابن البنا المراكشي

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق