مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوك

“التصوف المغربي في البحث الجامعي بالمغرب ” الحلقة الثالثة

في إطار الأنشطة العلمية التي يقوم بها مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوك للتواصل مع الباحثين بالجامعات المغربية، نظم هذا الأخير يوما تكوينيا لفائدة طلبة الماستر والدكتوراه تخصص: “التصوف في الأدب المغربي: الفكر والإبداع” التابع لشعبة اللغة العربية وآدابها بجامعة سيدي محمد بن عبد الله كلية الآداب والعلوم الإنسانية ظهر المهراز في موضوع “البحث الصوفي بالمغرب” (الحلقة الثالثة: التصوف المغربي في البحث الجامعي بالمغرب) وذلك يوم الجمعة 06 ربيع الثاني 1433 الموافق لـ 30 مارس 2012، وقد أشرف على تأطيره كل من الأستاذ الدكتور عبد الله معصر رئيس المركز، والأستاذ الدكتور عبد الوهاب الفيلالي منسق الماستر، بمشاركة الأستاذين عبد الرحيم السوني، ومحمد الهاطي باحثين بمركز دراس بن إسماعيل.

افتُتِح هذا التكوين بكلمة الأستاذ الدكتور عبد الله معصر حيث ذهب إلى أن هذا اللقاء يأتي في إطار استئناف التواصل مع طلبة ماستر “التصوف في الأدب المغربي” بخصوص الجانب العملي والتطبيقي في مجال البحث الصوفي منهجا ومضمونا، وقال بأن الغاية من وراء إجراء هذا التكوين هي فتح آفاق جديدة أمام الباحثين المتخصصين في سلك التصوف في مجال البحث العلمي. كما نوّه بالجهود الكبيرة التي يبذلها الأستاذ الدكتور عبد الوهاب الفيلالي في مجال البحث الصوفي داخل الجامعة وذهب إلى أن من ثمرات هذه المجهودات بروز مجموعة من الباحثين المجتهدين في المجال ويظهر ذلك من خلال نموذج الطالبين الباحثين عبد الرحيم السوني ومحمد الهاطي الذين ألقيا في هذا اللقاء عرضين بخصوص تجربتهما في المجال، بعد ذلك أعطى الكلمة للأستاذ عبد الوهاب الفيلالي الذي أكد بدوره أن الهدف من اللقاء هو فتح المجال أمام الباحثِين في الماستر والدكتوراه للوقوف على بعض الإمكانات والآفاق البحثية التي يمكن ولوجها في المجال. وذهب إلى أن حضور الباحثين عبد الرحيم السوني ومحمد الهاطي يأتي في إطار جدول عمل يدخل ضمن خلق جسور التواصل بين الباحثين في سلك الدكتوراه وطلبة الماستر، كما أنه يدخل في إطار متابعة الباحثين في آخر مستجداتهما العلمية التي توصلا إليها في مجال تخصصهما. بعد ذلك فتح المجال للباحث عبد الرحيم السوني من أجل إلقاء عرضه المعنون بـ “الخطاب الصوفي وسؤال المنهج” والذي تطرق فيه للحديث عن ثلاث نقط أساسية، الأولى تهم طبيعة الخطاب الصوفي والآليات المنهجية التي يتطلبها التعامل معه، ومنها معرفة السياقات التداولية التي تحكمه وبكونه خطابا رمزيا وإشاريا، والاجتهاد في تمثل طبيعة التجربة المسهمة في إنتاجه والوقوف على خصوصياتها، وكذا الإحاطة بالجهاز المفاهيمي الذي ينبني عليه هذا الخطاب ومعرفة معانيه، كما أن الإحاطة بمختلف الأجناس الخطابية التي يدخل ضمن مسمى “الخطاب الصوفي” من شأنه أن يفتح للباحث آفاقا متسعة أمام العديد من المواضيع البحثية الجديدة. بعد هذا تعرض الباحث إلى بعض ما يرتبط بالإمكانات التواصلية التي يقدمها الخطاب الصوفي حيث أكد أن الخطاب الصوفي يمتلك آليات تواصلية عديدة وكبيرة تمكنه من خلق تواصل بين مكوناته أولا، ثم بينه وبين ما عداه من خطابات الثقافة الإسلامية. كما أن له القدرة بتلك الآليات على الإسهام في ربط جسر التواصل بين الثقافة الإسلامية وغيرها من الثقافات، ومنه فإن مسألة التواصل ـ حسب الباحث ـ هي أساس بناء الخطاب الصوفي، وهو مفيد في بناء استراتيجية شاملة لعملية التواصل إذ إنه يكتنز العديد من الآليات في هذا المجال،  وقد كشف الباحث عن بعض هذه الآليات أثناء العرض، كما تعرض للعديد من التفاصيل البحثية التي تهم مجال التواصل عموما وما يرتبط منها بمجال التصوف على الخصوص.

أما الباحث محمد الهاطي فقد ركزت مداخلته المعنونة بـ:” تقاطع الوحدة والتنوع في الممارسة التراثية بالمغرب، التراث الديني المكتوب بالأمازيغية نموذجا” حول ثلاث نقط أساسيات:

1- التراث الديني الأمازيغي من خلال المصادر التاريخية الأوربية بحيث ظل هذا التراث ولمدة عقود خلت، حبيس مجموعة من القراءات الإيديولوجية الضيقة التي سعى أصحابها -في سياق جمع المعطيات المساعدة على فهم شبكة العلاقات المتحكمة في المجتمع المغربي في أفق التوطئة لاحتلال المغرب- إلى تشويه حقائق هذا التراث المغربي الأصيل وتحريف مقاصده، من هنا يصعب على من لا يمتلك القدرة على النقد الايديولوجي التمييز بين غنى ومحدودية الدراسات الاستشراقية التي تناولت هذا التراث بالدراسة، مع العلم أن أغلبها قد أنجز من لدن مجموعة من الباحثين الغربيين المنتسبين إلى المدرسة الكولونيالية الاستعمارية؛ أمثال (Michaux bellaire (  “ميشو بلير”  و (Drague. G) “دراﯖ ” و  Justinard .l) ) “جوستنيار”. ليخلص الباحث إلى تهافت أصحاب هذه الدراسات ومحدودية إيديولوجياتهم الموظفة لقراءة التراث الديني الأمازيغي المغربي المكتوب بالحرف العربي.

2- جهود الباحثين المغاربة في خدمة التراث الديني الأمازيغي، حيث لاحظ المتدخل أن هذا التراث لم يحظ بالاهتمام الكافي  في أوساط الباحثين المغاربة باستثناء جهود بعض الباحثين الذين استطاعوا بفكرهم البعيد عن أي تقوقع فئوي أو عرقي أو سياسي ضيق أن يمزجوا  بين ثنائية “الوحدة والتنوع” التي يتيحها هذا التراث، وذكر  الباحث من بينهم العلامة محمد المختار السوسي الذي خلف العديد من الدراسات والبحوث التي تهتم بالتراث الأمازيغي المكتوب بالحرف العربي.

3- التراث الصوفي الأمازيغي في البحث الجامعي بالمغرب،حيث دعا الباحث في ختام مداخلته إلى  ضرورة حصر وتوثيق هذا التراث، والعمل على تنسيق جهود الباحثين وتوجيهها نحو مشاريع علمية جادة وفق تصور شمولي يأخذ بعين الاعتبار ثوابت الأمة الدينية واللغوية، ومنها اللغة العربية كلغة لكتابة هذا التراث، في أفق تأهيل فاعلية هذا التراث لخدمة إشكالية تقريب العلوم الإسلامية في المغرب بصفة عامة، وفي الجهات الناطقة بالأمازيغية كسوس والريف والأطلس المتوسط على وجه الخصوص.

 وبعد انتهاء العرضين فُتح المجال أمام الباحثين للنقاش، وقد جاءت معظم تدخلاتهم منوهة بهذه المبادرة ومعربة عن استفادتها منها، وقد طرحت العديد من الأسئلة والاقتراحات، تقبلها السادة الأساتذة برحابة صدر في جو من التواصل الخلاق المنبني على الحوار وتبادل للأفكار.

 

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق