مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوك

محاضرة بعنوان: “من أجل حوار عالمي بين التقاليد الفلسفية”

أبريل 22, 2015

في إطار أنشطته العلمية، وفي سياق سعي مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوك في الانفتاح على الخبرات المعرفية العالمية، نظم المركز محاضرةً علمية في موضوع: “من أجل حوار عالمي بين التقاليد/التجارب الفلسفية”

POUR UN DIALOGUE MONDIAL ENTRE LES TRADITIONS PHILOSOPHIQUES

من إلقاء أحد كبار رواد الفلسفة المعاصرة الفيلسوف الأرجنتيني إنريك دوسيل Enrique Dussel، ومن تأطير وتنشيط فضيلة الأمين للعام للرابطة المحمدية للعلماء الدكتور أحمد عبادي، وذلك يوم  الأربعاء 22 أبريل 2015 بقاعة المحاضرات العلامة سيدي عبد الواحد ابن عاشر بمقر مركز دراس بن إسماعيل على الساعة الخامسة والنصف مساء.

امتازت المحاضرة بكونها -كما وصفها فضيلة الأمين العام- مأدبة معرفية cognitif festin  تستحث المتلقي على ضرورة  ولوج مسارات تفكيكية للأنساق الفلسفية في صحبة الفيلسوف دوسيل Dussel الذي قطع أشواطاً بعيدة في سبيل تحقيق “نقد أركيولوجي للبُنى الفلسفية القديمة والحديثة والمعاصرة، وهكذا كان افتتاح المحاضرة بذكر التقاليد الفلسفية والفروق الجوهرية بينها بشكل مقتضب وعام، وذلك في استحضار إشكاليّ عامٍّ  لسياق الاستقطاب الحضاري الثنائي المعروف شمال/جنوب، ذلك “الجنوب” الذي عانى من الهيمنة الاستعمارية المؤطَّرة بقيم الحداثة الغربية والمحكومة بنزعة التمركز الأوربي . ثم أشار المحاضر إلى ضرورة نقد قِيَم الحداثة الغربية قصد تحقيق “التّحرّر المعرفي الذي تمظهر من خلال تجارب فلسفية حيّة و”مهمّشة في عين الفكر الحداثي الغربيّ؛ تجارب تدل على أن الممارسة الحداثية أشكال مختلفة وضروب شتّى ليس الفعل الحداثي الغربي إلا إمكاناً تاريخيّاً مشروطاً بسياقه وقام الدّليل على محدوديته وثبوت أضراره، بل إن هذه التجربة الحداثية الغربية تمتح من التجارب الفلسفية الأخرى التي عرفتها الإنسانية عبر مسارها الطويل كما هو الشأن بالنسبة للمراكز الثقافية القديمة كقرطبة وبغداد وسمرقند والصين وأمريكا اللاتينية مستعرضاً أمثلة حيّة من الإنجازات الحضارية المختلفة التي تدلّ بشكل قاطع على أن الحداثة لم تكن من إنتاج الغرب فقط بل تعاقبت على بلورة أشكالها وضروبها شعوب وحضارات تُعدّ حسب النّزعة المركزية الأوربية متخلّفة أو هامشيّة، وفي هذا السّياق أشار إلى نموذج الفلسفة الديكارتية وعلاقتها بفلاسفة الأندلس وفلاسفة المكسيك.

وبعد استعراض نقدي عميق لقيم ومفاهيم الحداثة الغربية عبر استحضار التقاليد الفلسفية القديمة والحديثة يرى الفيلسوف المحاضر ضرورة مساءلة النسق الحداثي الغربي مساءلة تتغيى المجاوزة واستكشاف مسالك مغايرة خارج النسق المألوف وذلك عبر أمرين:

-حرص الفيلسوف على بناء نسقه الفلسفي استناداً إلى واقعه وسياقه؛ لأن التفلسف الحي بانبثاقه من السياق وانضباطه به يمتلك به صاحبه القدرة على تفسير الأشياء في نفسه والآفاق من حوله.

– إضافة إلى الانطلاق من الواقع الذي يحياه الفيلسوف، هناك أيضاً جانب الاستلهام والاستيحاء  من التجارب الفلسفية المختلفة واستبطان آفاقها وتمثلاتها المعرفية دون انغلاق في “الأنا الحضارية الأوربية“، وفي انفتاح تام على الآخر المختلف والمتعدد، وفي تفاعل حيّ مع الأنظار الفلسفية الأصيلة التي تتأبّى على الانصياع إلى مقولات الحداثة الغربية الضيّقة، ودون شعور بالدّونية والسّلبية الحضارية إزاء الآخر.

ليخلص الفيلسوف دوسيل Dussel إلى الدعوة إلى ضرورة بناء فلسفة تأخذ بمقتضى السّياق على وجه الانغراس وتأخذ بالتقاليد الفلسفية المختلفة على وجه الاستلهام  الناقد؛ أي فلسفة حيّة مبدعة “تُبصر بالآذان وتسمع بالأعين حسب تعبير المحاضر .

ثم تُوّجت المحاضرة  بفتح باب المناقشة والمدارسة والمطارحة بين الفيلسوف المحاضر وفضيلة الأمين العام ونخبة من المهتمين الحاضرين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق