مركز ابن البنا المراكشي للبحوث والدراسات في تاريخ العلوم في الحضارة الإسلامية

تقرير عن ندوة علمية بعنوان: “التراث المخطوط: القيمة والحفظ والتثمين”

يوليو 22, 2024

إنجاز: سلوى سعود   

مركز ابن البنا المراكشي

   نظمت مؤسسة أرشيف المغرب ندوة علمية حول موضوع: "التراث المخطوط: القيمة والحفظ والتثمين "، وكانت أعمال هذه الندوة مهداة للخبير في المخطوط العربي الأستاذ عبد العزيز الساوري، تكريما له على ما قدمه في مجال التراث المخطوط، وذلك يوم الخميس 27 يونيو 2024.

   ابتدأت الندوة على الساعة الثانية بعد الزوال، حيث افتتحت بكلمة من الأستاذ جامع بيضا مدير مؤسسة أرشيف المغرب، تحدث فيها عن التراث المخطوط وعن التراث المطبوع عن الحجر بكونه أصلا أو لبنة من اللبات الأساسية في بناء الثقافة العربية، مع الدعوة إلى الحفاظ على هذا التراث والعمل على اقتناء المخطوطات وحفظها وصيانتها حتى تبقى إرثا تليدا تفخر به الأمة. كما ذكر الدور الذي قام به الكتاب المخطوط في تلاقح الحضارات وربط الصلات بين الأمم والشعوب. ثم تحدث عن علم المخطوطات أو ما يسمى بـ "الكوديكولوجيا" الذي من خلاله يدرس المخطوط دراسة تقنية باعتباره قطعة أثرية. ثم خلص بعد ذلك إلى الحديث عن الشخص المكرم الأستاذ عبد العزيز الساوري وأعماله المتعلقة بالتراث المخطوط.

الجلسة الأولى: معالم منهاجية في حفظ وتثمين التراث المخطوط

   كانت الجلسة الأولى بتسيير الأستاذ يونس السباح، وتضمنت أربع مداخلات ابتدأت بمداخلة الأستاذ حمزة الكتاني (مدير مركز الدراسات الأندلسية والموريسكية) تحت عنوان: " رحلتي مع المخطوط العربي وتحقيق التراث "؛ حيث تحدث عن رحلته مع المخطوط العربي وتحقيقه للتراث، وعن علاقته بالأستاذ عبد العزيز الساوري منذ القدم، وأنه اشتغل على مجموعة من الأعمال وكان الأستاذ الساوري حاضرا فيها واستفاد من توجيهاته بتيسيره للمخطوطات التي كان يبحث عنها، وأكد المحاضر أن الأستاذ المحتفى به كان له دور كبير في التعريف بالمخطوطات ومعرفة أماكنها وأسرارها وعلى يديه ثم إحياء الكثير من الكتب المفقودة.

   ثم تناول الكلمة بعده فضيلة الأستاذ ماء العينين النعمة عليّ (أستاذ بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بأكادير)، وكان موضوع محاضرته: " التراث المخطوط في الصحراء المغربية: بين منهجية التحقيق وواقع الحفظ والصيانة والتوثيق "، والذي أعرب في بداية محاضرته عن شكره لمؤسسة أرشيف المغرب ولمديرها الأستاذ جامع بيضا وللجنة المنظمة لهذه الندوة، وبعدها تحدث عن لقائه بالمحتفى به وعن الكلام الذي دار بينهما فيما يخص المخطوطات العربية وإخراج التراث الغني والمتنوع، وذكر أن الأستاذ عبد العزيز الساوري أكد له أن ينصب الاهتمام على تراث المنطقة الجنوبية الصحراوية. كما تطرق إلى بعض المسائل التي تواجه الباحث ويجد فيها صعوبة في تحقيق التراث في المنطقة الجنوبية من بينها: ظاهرة العناوين (تعدد العناوين)، وتعدد نسخ المخطوط. وقد اختتم كلمته بالتنبيه على ضرورة جمع المخطوطات وحفظها وصيانتها لعدم ضياعها كما ضاعت الكثير من المخطوطات.

   وبعده ألقى الأستاذ عبد الجليل البكوري (عضو فريق البحث قي القيم والمعرفة بالمدرسة العليا للأساتذة بتطوان) محاضرة بعنوان: "الكوديكولوجيا أفقا جديدا للبحث في التراث التربوي الإسلامي "، حيث ابتدأ كلمته بشكره للمؤسسة المنظمة ولمديرها الأستاذ جامع بيضا، وشكره أيضا للأستاذ الساوري على ما قدمه من خدمات في مجال التراث المخطوط، وبعد ذلك انتقل إلى بعض تعريفات الكوديكولوجيا حيث صنفها إلى صنفين: الجانب المادي الملموس الذي يعتني بالورق، الحبر والتجليد ... إلى غير ذلك، والجانب المادي الملحوظ وهو الذي يتعلق بنظام الترقيم، نظام الحواشي والتعقيب ...  ثم قدم تعريفا مفصلا للتراث التربوي الإسلامي، كما تحدث عن مجالات الترابط بين الكوديكولوجيا والبحث التربوي من بينها: أدوات صناعة المخطوط، منهجية الكتابة، ثم الظروف التي أحاطت بالمخطوط.. وفي الأخير ختم محاضرته بتقديمه لبعض التوصيات نذكر من بينها: تشكيل فريق من الباحثين يجمع متخصصين في التربية وعلم المخطوطات الجديد، اعتماد الكوديكولوجيا مدخلا لتوسيع دائرة الضوء الكاشف على التراث التربوي الإسلامي.

   ثم اختتمت الجلسة الأولى بمحاضرة الأستاذ عبد الحكيم الأنيس (عضو بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي)، بعنوان:" جهود الأستاذ عبد العزيز الساوري في الكشف عن المتواري"، حيث تحدث فيها عن بعض أعمال الأستاذ المحتفى به وعن مقالاته في الكشف عن التراث المتواري في الخزائن العامة والخاصة، كما ذكر أنه قرأ للأستاذ عبد العزيز الساوري أكثر من 500 منشور. وأقر المحاضر أن الأستاذ المحتفى به لم تقتصر عنايته على كتب الناس بل ارتفعت إلى العناية بكتاب الله تعالى، حيث كتب عن المصاحف الأندلسية والمغربية، والسنية والموحدية والمرينية... وأكد المحاضر أن الأستاذ المكرم لا يتحدث إلا عن النوادر، ودليل ذلك أنه كتب نحو تسعين مقالا عن نوادر المخطوطات في تراث الخيل والبيطرة، ومخطوطات في زوايا الجزائر...، فيها ما هو شرعي تفسير وحديث وفقه واللغة والأدب...

الجلسة الثانية: دراسات في التراث المخطوط في سياق الحفظ والتثمين

   أما الجلسة الثانية كانت بتسيير الأستاذ ماء العينين النعمة علي، حيث افتتحها الأستاذ محمد الشريف (أستاذ بكلبة الآداب والعلوم الإنسانية بتطوان) بمحاضرة تحت عنوان: " مظاهر الخوف في الأندلس على عهد الموحدين من خلال مخطوط: " الدعاء والذكر" لأبي الحسن علي الأموي القرطبي؛ تحدث فيها عن أهمية المخطوطات الأندلسية وذكر أن المغرب هو الوريث الشرعي للتراث الأندلسي. ثم قدم بعض التعريفات لكلمة الخوف، وأكد أن كلمة الخوف ومشتقاتها وردت في القرآن 124 مرة، كما أشار المحاضر أن الخوف في سياقاته في القرآن الكريم يتمثل في الخوف من الله أو الخوف من غير الله. وفي الأخير ختم محاضرته بتقديمه لبعض المخطوطات المتعلقة بالدعاء والذكر مع ذكره لمؤلفيها وأبوابها وبعض مضانها.

   ثم انتقلت الكلمة للأستاذ محمد شابو (باحث في الفكر والتراث) الذي قدم محاضرته المعنونة بـ " الزوايا المغربية وخزائن التراث المخطوط: الناصرية نموذجا "، فقد أعرب في البداية عن شكره لمؤسسة أرشيف المغرب ولمديرها جامع بيضا، وبعدها تطرق إلى دور المغرب وزواياه في المحافظة على التراث المخطوط، ثم ذكر أبرز تجليات استمرار العلم بالمغرب، وما قامت به الزاوية من إحياء الدرس العلمي والتكفل بآلاف الباحثين إضافة إلى توفير العيش وسبل الراحة لهم. وفي آخر محاضرته ذكر بعض المخطوطات الموجودة بخزانة الزاوية الناصرية.

   بعد ذلك تناول الكلمة الأستاذ ياسين بن روان (باحث في التراث الصحراوي)، وكان موضوع محاضرته: "التراث المخطوط بخزانة سيبويه الخاصة بالعيون – تعريف وتوصيف "، فقد استهل حديثه بالشكر الجزيل لمدير المؤسسة وشكره للأستاذ الساوري على ما قدمه من خدمات في مجال المخطوط وللقائمين على تنظيم هذه الندوة.

   قدم في بداية محاضرته لمحة عن خزائن التراث المخطوط بصحراء المغرب، ومن الخزائن التي ذكرها: خزانة اللمطي بواد نون، وخزانة آل قاري بالساقية الحمراء، وخزانة الجيلاني بواد الذهب. ثم بعد ذلك تطرق إلى السمات العامة لخزائن المخطوطات بالصحراء المغربية، وأشار المحاضر أيضا إلى بعض مصادر التراث المخطوط بالصحراء الوطني منها والإفريقي، ومحلي....، ثم تحدث عن أهمية المكتبة وقيمتها مع ذكره لتاريخ تأسيسها، وأشار إلى أبرز رجال المكتبة من بينهم: الحاج عبد الملك الشريف وعبد الحي بن عبد الباقي...وذكر عدد الوثائق والمخطوطات الموجودة في المكتبة ثم بعد ذلك أشار إلى بعض أنماط الحروف في المخطوطات كالنمط الحساني والنمط العربي والنمط الإفريقي...

   ثم انتقلت الكلمة للأستاذ يونس السباح (باحث في التراث المغربي الأندلسي) الذي كانت محاضرته تحت عنوان "مخطوطات الحافظ أحمد بن الصديق الغماري بالخزانة العامة والمحفوظات بتطوان "؛ فقد تحدث عن العالم المحدث ابن الصديق الغماري ابن مدينة طنجة، وأشار في معرض حديثه إلى مسألة مهمة بوهب الكتب أو التبرع بها للمكتبات العامة في هذه الحالة غالبا ما تعتمد المكتبات (كمكتبة تطوان العامة) تصنيفا معينا لا يراعي أسماء المتبرعين لتلك الكتب (كحالة ابن الصديق الغماري الذي تبرع بمخطوطاته للخزانة العامة بتطوان) وهو ما يجعل من مسألة البحث أمرا صعبا، كما ذكر المحاضر أن أحمد ابن الصديق الغماري لم تكن له مكتبة شخصية حيث كانت المكتبة لوالده من قبله مما يجعل منها مكتبة ممتدة حسب تعبير الأستاذ السباح، ثم تطرق كذلك إلى طبيعة وأهمية المخطوطات المتعلقة بالحافظ أحمد بن الصديق الغماري.

   واختتمت هذه الجلسة بمحاضرة الأستاذ أحمد عبد الباسط (باحث بمعهد المخطوطات العربية – ألكسو)، وكانت محاضرته بعنوان:" مشيخة العصام أبي حاتم عصام بن محمد الشنطي "، حيث استهل محاضرته بالشكر للمؤسسة ولمديرها جامع بيضا وشكره للقائمين على هذه الندوة، ثم بعد ذلك ثم تحدث عن فن المشيخات، وفي هذا السياق تطرق إلى ملابسات هذه المشيخة وعن علاقته بشيخه عصام رحمه الله، وأشار إلى أوجه الشبه بين الشيخ عصام رحمه الله والمحتفى به الأستاذ عبد العزيز الساوري. نذكر من بينها: دراستهما في قسم اللغة العربية وآدابها في كلية الآداب بجمعة القاهرة، أن الله سخر لهم خدمة التراث منذ الطفولة ليكونا عالمين بالتراث، وأن الله أنعم عليهم بنعم كثير منها: الذاكرة القوية في عناوين الكتب والتواريخ، هذا إضافة إلى عدم التكبر وقبول النصح والتصويب ممن هم أقل منهما قدرا.

   أما الجلسة الثالثة فكانت عبارة عن فسحة للمناقشة والتفاعل مع أسئلة الطلبة الباحثين ومداخلات بعض الأساتذة الفضلاء الذين قدموا إضافات قيمة فيما يخص التراث المخطوط.

   وكان مسك ختام هذه الندوة كلمة الأستاذ عبد العزيز الساوري الذي استهل حديثه بالشكر لمؤسسة أرشيف المغرب ولمديرها الأستاذ جامع بيضا ولكل من أسهم في تنظيم هذه الندوة المباركة، مع دعائه لمؤسسة أرشيف المغرب بدوام البقاء والقيام بتكريم العلماء والباحثين، وبعدها قام بتقديم بعض شهادات العلماء والشيوخ في حقه والثناء عليه وتزكية أعماله المتعلقة بالتراث المخطوط من بينهم: الأستاذ الدكتور محمد بنشريفة رحمه الله الذي كتب بخط يده تزكية يعترف فيها بتضلع الأستاذ عبد العزيز الساوري من التراث المخطوط في المغرب وخارج المغرب.. إلى غير ذلك من الشهادات التي كتبت في حقه.

(نشير إلى أن هذه الصور مأخوذة من الصفحة الرسمية لمؤسسة أرشيف المغرب).

ذة. سلوى سعود

باحثة بمركز ابن البنا المراكشي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق