خالد بن الحبيب الدادسي

وضعت اللبنة الأولى للخزانة في إحدى حجرات جامع علي بن يوسف بن تاشفين في أوائل القرن السادس للهجرة باسفل مدينة مراكش، لكن سرعان ما خبا إشعاعها بعد هدم عبد المومن بن علي الكومي المسجد المذكور، وتفرق كتبه شذرمذر، ثم ما لبث أن انبعث الجامع والخزانة من جديد على يد الخليفة الموحدي عمر المرتضى.

ويشاء الله أن تشهد الخزانة فترة من الإهمال بمقام دولة بني مرين، وتحول دواليب الحكم ومراكز المعرفة من مراكش إلى فاس، ولم تحظ بالاهتمام إلا بعد مجيء الشرفاء السعديين، حسبما يظهر من خلال التحبيسات المسجلة على بعض مخطوطاتها.

وفي عهد المولى إسماعيل تم وضع «حولة خزانة جامع ابن يوسف» تحت إشراف عدلين شرعيين بعد أن صارت الخزانة في ملكية الأوقاف، وقد ضاع هذا الفهرس من جملة ما ضاع من محتويات الخزانة.

وأمر المولى سليمان بتجديد بناء مسجد ابن يوسف بعد تداعيه، كما أمر المولى الحسن الأول بتشييد مقصورة كبيرة للكتب بعد جمعها من خزائن مساجد مراكش وأضرحتها ومدارسها العتيقة.

وبأمر من المولى عبد الحفيظ وضع فهرس جديد نقل على إثر إطلاعه عليه، بعض المخطوطات إلى القصر الملكي بمراكش، وقرر تحبيس مجموعة من المطبوعات على الخزانة.

وعرفت الخزانة منذ عقد الحماية على المغرب إلى بزوغ فجر الاستقلال جملة تدابير ابتدأت بمرحلة تنظيم الكتب، حيث نقلت المخطوطات إلى الخزانة العامة بالرباط قصد تنظيف، ثم مرحلة الإحصاء، وأخيرا بناء خزانة جديدة مجهزة بإحدى زوايا الجامع.

وفي سنة 1960 صدر الأمر بنقل الخزانة إلى فصر الباشا الجلاوي، وتم إعداد فهرس جديد من ثمانية أجزاء متفاوتة الأحجام وكراسة خاصة بالمخطوطات من طرف أمينها السابق الأستاذ الصديق بن العربي السلوي.

ثم تم تحويل الخزانة من جديد إلى دار الثقافة بالداوديات سنة 1992 تحت إشراف الأستاذ الحسن صباح، واحتفظ القيمون بالمخطوطات بقصر الجلاوي لعدم وجود قاعة مجهزة محفوظة بالمركب الثقافي.

مخطوطاتها ونوادرها:

يبلغ عدد المخطوطات الآن بخزانة ابن يوسف حوالي 732 مخطوطا، منها 120 مجموعا، يضم كل واحد من هذه المجاميع عدة عناوين تفوق أحيانا العشرين، و 300 ملف (والملف عبارة عن مجموع يشمل أوراقا متناثرة) متعددة الموضوعات متنوعة الحقول). أما المخطوطات النادرة (2) فعددها 211 ضمنها 6 نسخ فريدة وهي:

1- الإنجاد في أبواب الجهاد، لابن المناصف، رقم 216.

2- شرح كتاب أعز ما يطلب، لأبي بكر الصيرفي رقم 401.

3- تلخيص كتاب مسلم، للمهدي بن تومرت رقم 403.

4- ثلاثة أجزاء من مصحف المرتضى الموحدي رقم 432.

5- تلقيح الألباب في شرح غوامض الكتاب، لابن خروف، رقم 566.

6- العويص لابن سيدة رقم 596.

كما أن هناك مخطوطتين باللغة البربرية وهما:

1- قواعد الإسلام لمحمد علي أوزلي رقم 10.

2- عقيدة شروط الشياخ للأزكاري رقم 503.

وفيما يلي نماذج من المخطوطات الأدب واللغة المغربية والأندلسية النادرة الموجودة بالخزانة، مرتبة حسب أرقامها:

- شرح جمل الزجاج، لابن أبي الربيع الإشبيلي، رقم 100.

- الفرق بين الحروف المشكلة، لابن السيد البطليوسي رقم 134.

- قصيدة ملحون، للكفيف الزرهوني (491 بيتا) مجموع رقم 184.

- شرح جمل الزجاج لابن خروف، رقم 214.

- المنح الفكرية في المدائح البكرية (في مدح زين العابدين محمد البكري الصديقي) لمؤلف مجهول رقم 238.

- المحكم في اللغة، لابن سيدة رقم 270.

- تهذيب أبنية الأفعال، لابن القطاع، رقم 319.

- عروض ابن مضاء، وعروض ابن السقاط – مجموع رقم 333 – غريب المعاني للطرطوشي – مجموع رقم 352 – إضاءة الأدموس للهلالي مجموع 376.

- الدر المنظم في مولد النبي المعظم، للعزفي، رقم 388.

المجمل في شرح أبيات الجمل، لابن هشام اللخمي السبيتي رقم 413.

- المقام لمخزون في الكلام الموزون (ديوان شعر) لأبي جعفر الكلاعي.

- مقالة في الاسم والمسمى، لابن السيد البطليوسي – مجموع رقم 456.

- مختصر العين للزبيدي رقم 468.

- حروف، للخليل، وقصيدة في شرح معاني الحروف، لأبي عبد الله الهراوي الأندلسي رقم 480.

- رسائل ابن الخطيب السلماني (33 رسالة) رقم 531.

- شرح التسهيل لابن حيان رقم 599.

- شرح التسهيل لابن مالك رقم 601.

وأقدم مخطوط بالخزانة كتاب في الفقه لمؤلف مجهول، يرجع تاريخ نسخة إلى عام 500هـ ويحمل رقم 196، أما آخر مخطوط داخل الخزانة، فيعود تاريخه إلى الفترة مابين 1989 – 1990 وهو مصحف شريف غير مرقم.

ومما لوحظ كون بعض هذه المخطوطات في حالة التصاق وتمزق وتلاش وبتر، بسبب الرطوبة والأرضة، التي أثرت فيها، الأمر الذي دعا إلى العمل على الاهتمام بها وإنقاذها، وهو ما قامت وتقوم به حاليا وزارة الشؤون الثقافية مشكورة على ذلك، وبإشراف مندوبها الإقليمي، حيث تم توظيف مسفر، ينكب حاليا على إنجاز الأغلفة الواقية للمخطوطات.

أما مصادر مخطوطات خزانة ابن يوسف فهي كثيرة نذكر منها:

خزانة زيدان بن المنصور السعدي -، الخزانة الإسماعيلية بمكناس-، خزانة المولى المستضيء ابن إسماعيل بسجلماسة -، الخزانة الهاشمية السعدية – الخزانة السعدية الظاهرية السلطانية – الخزانة الناصرية – خزانة أبي عبد الله – خزانة الحسن بن داوود الرسموكي – خزانة بني المواسي بفاس – خزانة الوزير موسى بن أحمد – خزانة الحاجب أبي العباس القبائلي -... فضلا عن بعض المحسنين.

تعد كتب الشروح والحواشي من أهم مصادر النقد الأدبي والبلاغي التطبيقي بالمغرب، وتتوزع هذه المصادر على خزانات الوطن العامة والخاصة، ومن بينها خزانة ابن يوسف العمومية بمراكش التي تحتفظ بجملة من الشروح والحواشي الأديبة والبلاغية المخطوطة نوردها مرتبة بحسب أرقامها:

- غيث الأدب المسجم في شرح لامية العجم، للصفدي، رقم 1.

- رفع الحجب المستوردة عن محاسن المقصورة، لأبي القاسم الشريف الغرناطي (خمسة أجزار) رقم 3.

- شرح بانت سعاد لابن هشام الأنصاري رقم 32.

- حاشية على التلخيص، للشيخ ياسين – مجموع رقم 102.

- حاشية على البردة للباجوري رقم 118.

- حاشية على شرح التلخيص للجرجاني رقم 147.

- مواهب الفتاح في شرح التلخيص المفتاح، للولالي أحمد بن محمد بن يعقوب رقم 149.

- البهجة السنية بشرح القصيدة الزينبية، لعبد المعطي السملالي رقم 182.

- شرح البسامة بأطواق الحمامة لابن بدرون رقم 228.

- شرح البيات الملغزة، لمحمد بن علي الخروبي مجموع رقم 342.

- مختصر شرح البردة، لأبي عثمان سعيد بن سليمان السملالي، مجموع رقم 349.

- شرح المنفرجة (مختصر من شرح أبي العباس احمد بن أبي زيد المقاوسي) مجموع رقم 349.

- شرح المنفرجة لعلي بن علي المصري الشافعي – مجموع رقم 350.

- شرح الهمزية في الصلاة على خير البرية، لأحمد السنباطي – مجموع رقم 362.

- مختصر شرح البردة من شرح الريس أبي الوليد ابن الأحمر لعبد الرحمن بن أبي غالب المديوني الجاديري مجموع رقم 368.

- شرح الهمزية لاحمد السنباطي، مجموع رقم 376.

- مختصر شرح الهمزية للصومعي، مجموع رقم 376.

- شرح الجوهر المكنون للولالي – مجموع رقم 428.

- شرح المنفرجة لأبي يحيى زكريا بن محمد الأنصاري.

- شرح بديعية، أولها:

ما زجت سلعا فسل عن جيرة العلم

واقرأ السلام على عرى بذي سلم

مجموع رقم 456.

زهرة الروض الندي في شرح مقصورة صفوان السدي، لمحمد بن أحمد الحسني الشهير بالشريف – مجموع رقم 462.

شرح همزية البوصيري للسنباطي.

شرح البردة للأزهري – رقم 479.

شرح ديوان المتنبي، للواحدي – رقم 522.

الفوائد المحصورة في شرح المقصورة لابن هشام اللخمي السبتي – مجموع رقم 584.

كما تحتفظ بعض خزانات مراكش بشروح هامة، منها:

- شرح رائية اليوسي (في ستة أجزاء) لمحمد بن الشيخ المهدي بن سودة المري (من رجال القرن الرابع عشر الهجري).

- شرح قصيدة الرياحي في مدح إبراهيم بن مولاي سليمان العلوي، لأبي الحسن علي بن عبد الله المتيوي (من رجال القرن الثالث عشر للهجرة).

- هذا، وتجدر الإشارة إلى أننا لم نورد هذه اللوائح الطوال بأسماء المخطوطات بقصد ملء الصفحات، ولكن أثبتناها لغرض التعريف والتوثيق.

وقد اخترنا نماذج من الشروح الأدبية المغربي القيمة المختصرة، (على نصوص دينية متداولة)، مرتبة زمنيا، والتي لم تحظ بعد – في علمنا – بالتحقيق والنشر، فضلا عن التقديم والتعريف، نستهلها بـ:

مختصر شرح البردة لأبي عثمان سعيد ابن سليمان السملالي:

هو أبو عثمان سعيد بن سليمان الكرامي (نسبة إلى آكرام) السملالي الرسموكي من أهل سوس، من حفدة أبي بكر ابن العربي المعافري دفين فاس، فقيه مالكي وأديب مشارك. توفي سنة 882هـ موافق 1477م، كما ورفي الأعلام، نقلا عن المختار السوسي، وهو الصواب خلافا لابن القاضي في الدرة. ترك مصنفات كثيرة منها:

- مشكرت القرآن: مخطوط مختصر، ضمن مجموع عند الفقيه بريك بن عمر في قرية تغللو بالسوس.

- شرح الرسالة القيروانية، وهو جزء وسط مخطوط عند المختار السوسي.

- شرح مختصر ابن الحاجب في الفقه – مخطوط.

- شرح مؤلف في القراءات.

- مؤلف في التنجيم.

شرح ألفية بن مالك.

كتاب مختصر شرح البردة: عبارة عن مخطوط ضمن مجموع يشمل أذكارا وصلوات وأحزابا صوفية، بعضها لمحمد بن سليمان الجزولي، وقصائد متفرقة غير منسوبة، إحداها في صفة المنازل في السماء، وقيتها في الاستغاثة بالقطب التيجاني، يليها كتاب «دلالة الهائم الكئيب على أطلال ربوع الحبيب صلى الله عليه وسلم»، لعمر بن عبد العزيز الكرسيفي (في ذكر أوصاف النبي ونسبه وذريته وأزواجه وسيرته ووفاته وخلفائه)، كتاب «السراج المتواقد الأصفى في ذكر بعض أحوال المصطفى» له أيضا (في ذكر سيرته صلى الله عليه وسلم)، فقصيدة أم هانئ، وبعدها قصيدة لليوسي في ذكر البقاع الطاهرة، ثم رسالة أصول الطريقة لسيدي أحمد بن عيسى المعروف بزروق، فكتاب فتح الغفور، «شرح منظومة التثبيت عند المبيت» للسيوطي، يليه الشرح المقصود عندنا، يتلوه شرح بعض الألفاظ والاصطلاحات العلمية، عربية وبربرية، مرتبة بحسب حروف المعجم، كتبها إبراهيم بن أبي القاسم بن محمد البكري السمكيني، ويختتم هذا المجموع بن أبي القاسم بن محمد البكري السمكيني، ويختتم هذا المجموع الحافل المتنوع برسالة في الطب، لأحمد بن صالح بن إبراهيم الكتاوي الدرعي فأشتات مجتمعات.

ومخطوطنا من حجم متوسط وخط عربي مقروء، من 59 صفحة غير مرقمة، في كل صفحة 24 سطرا، على هوامش صفحاته توجد طرر وتصويبات قليلة، كتبت أبيات القصيدة بلون أحمر، وأحيانا بأسود، أما الشرح فقد كتب بلون أسود، نسخه إبراهيم بن بلقاسم ابن محمد السمكيني السوسي البكري نسبا بعد زوال ثالث شهر رمضان سنة 1291هـ، وليس للشرح عنوان خاص وإنما هو مستوحى من كلام صاحبه، ويحمل المخطوط بخزانة ابن يوسف رقم 347، وهو غير مملك أو محبس.

موضوع الكتاب الذي نقدمه هو شرح رائعة الإمام شرف الدين البوصيري الصنهاجي المسماة «الدرة اليتيمة» التي مطلعها (من بحر البسيط):

أمن تذكر جيران بذي سلم

مزجت دمعا جرى من مقلة بدم

أم هبت الريح من تلقاء كاظمة

وأومض البرق في الظلماء من إضم

شرح افتتح المؤلف بالحديث عن منهج الشرح وطبيعته ومصدر شرحه بقوله: «أستعين الله وأتوسل إلأيه ببركة نبينا صلى الله عليه وسلم أن يعينني على تفسير ألفاظ القصيدة المسماة بالبردة، وتسهيل معانيها على حفاظها باختصار من كلام شارحها القاسم بن إبراهيم الماجيري النسب، الزموري الدار رحمه الله» (4).

ثم انتقل إلى ذكر فضل قراءة البردة وحفظها والتوسل بها وبالممدوح فيها إلى الله تعالى في زوال الأمراض المزمنة وقضاء الحوائج العسيرة، ثم شرع في تفسير النص.

فشرح السملالي إذن شرح تعليمي يقوم على تفسير كل بيتين على حدة، تفسيرا لغويا معجميا وسياقيا في اقتضاب شديد وفي بساطة ووضوح كبيرين قصد تيسير فهم النص قبل كل شيء، وقد يتعرض لذكر بنية لفظ أو وزنه أو محله من الإعراب، وبمعنى آخر فإنه لا وجود لمستويات معينة أو مراحل محددة للشرح.

ولعل الطابع اللغوي الغالب على الشرح، مرجعه ثقافة الشارح النحوية، ورصيده المعجمي العربي الفصيح على الرغم من أصله البربري، كما أن تكوين المؤلف الديني كان له أثر بارز في اختيار النص المشروح، غي أن المنهج الشرح وطبيعته أو ظاهرة الاختصار أثرا بشكل سلبي على قيمته وعلى محتواه.

وهكذا ضرب المؤلف صفحا عن الخوض في باقي مكونات القصيدة الإبداعية من اسلوب وإيقاع، ونحو، وتركيب، وتداول وغيره، ربما لغيابها في الشرح الأصلي، واقتصد في سوق الشواهد، وأغفل ذكر المصادر. وإليكم نموذجا من شرحه. يقول في تفسير مطلع البردة:

«قوله أمن تذكر جيران»، استفهم المؤلف رحمه الله عن سبب جريان دموع المخلوطة بالدم من العينين، هل السبب تذكر جيران كائنين بذي سلم، وذي سلم هو موضع، فماتوا وذهبوا، أم السبب هبوب ريح محبتهم ومجيئها، أم السبب تذكر إيماض برق محبتهم ونورها، فإن كان الدمع من المؤلف فقد استفهم نفسه، وإن كان الدمع من غيره فقد استفهم ذلك الغير، فإن استفهم عما علم فهو تقرير، أو عما لم يعلم فهو طلب للفهم، وذي سلم، موضع، والمقلة شحمة العينية التي فيها السواد والبياض، منها يجري الدمع، ويقال هبت الريح تهب هبوبا إذا أقبلت وجاءت، وهبوب الريح جريها، قوله من تلقاء كاظمة أي من جهة كاظمة، وكاظمة موضع صرفه للوزن، قوله وأومض البرق في الليلة الظلماء من إضم، أي من واد معروف، أي أومض البرق من ذلك الوادي، وإضم إن كان ذكرا فهو ينصرف، وإن كان مؤنثا فهو غير منصرف لكن صرفه للوزن»(5)

وأنتقل بحضارتكم إلى النموذج الثاني مع:

مختصر شرح الهمزية لأبي عبد الله محمد بن عبد الرحمان الصومعي:

هو أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن الهروي الأصل، الزمراني التادلي الصومعي الدار، نسبة إلى قرية الصومعة قرب مدينة بني ملال، عالم كبير، وولي صاح، أخذ عن اليوسي بالزاوية الدلائية، ولازم الشيخ المتصوف محمد بن عبد الله السوسي بمراكش، ومحمد ابن عبد الله: اشتغل بتدريس الفقه والنحو واللغة، تخرج على يديه طلبة كثر، وكانت له كرامات توفي بالطاعون سنة 1123هـ موافق 1712م خلافا لما ذكره صاحب الأعلام، له:

- مختصر شرح همزية البوصيري، وهو موضوع حديثنا.

- مختصر شرح الهمزية هو ثاني مخطوط ضمن مجموع يشتمل على: شرح غير تام للسنباطي بن عبد الحق الشافعي على همزية البوصيري، ثم شرح الصومعي المذكور، ثم خطبتين، أولاهما في عيد الأضحى، وثانيتهما في الاستسقاء، انتسختا من مبيضة الشيخ سيدي محمد بدر الدين. فكتاب درة الغواص في أوهام الخواص، لأبي محمد القاسم بن علي الحرير. وأخيرا كتاب إضاءة الأدموس ورياضة الشموس من اصطلاح صاحب القاموس لأبي العباس أحمد بن عبد العزيز الهلالي.

وقد تناوب على تملك هذا المجموع القيم عدد من الناس إلى أن حبسه السلطان المولى عبد العزيز على الجامع اليوسفي بمراكش. وحازه قيم خزانته معاينة وقيده، فبقي في الخزانة إلى يومنا هذا، وظاهرة التحبيس هذه تدل من جهة على اهتمام سلاطين المغرب وعلمائه بهذه الخزانة العتيقة، وتدل من جهة أخرى على أن بعض كتبها أصبحت وقفا عليها لا يجوز التصرف فيها.

وحجم شرحنا متوسط، كتب بخط مغربي ضيق لكنه مقروء، وهو مبتور الأول، خال من الديباجة والمقدمة، مبتدؤه شرح فاتحة النص، يبلغ عدد صفحاته 24 سطرا، توجد على هوامش الشرح بعض الطرر والتصويبات والتوقيفات، وقد كتبت أبيات الهمزية بلون أحمر قاني أو أسود قاتم، وترة بأصفر فاقع، والشرح الذي لا يحمل عنوانا مميزا من نسخ محمد بن محمد السعيدي الغماري، وكان الفراغ من نسخه بعد الظهر من يوم الإثنين سادس رمضان عام 1240، ورقمه بالخزانة 376.

لقد اضطرنا البتر الموجود في بداية نسخة خزانة ابن يوسف إلى الاعتماد على نسخة ثانية لمعرفة طبيعة الشرح ودواعي تأليفه وأصله ومصدر رواية الشارح، وعنها يقول الصومعي بعد الديباجةوالتعريف بالناظم وتحليته:

«... نظمه للهمزية المسماة بأم القرى المشروحة بشرح سماه شارحها بأفضل القرى لأم القرى، تطفلنا عليه بأن بدلنا جل عباراته، وزدنا من غيره كثيرا، ومنه نقصنا لتسهيل الفهم علينا وعلى من بعدنا على حسب ما فتح الله به لنا مع نزر علمنا وقلة فهمنا، وإلا فنظمه رضي الله عنه كما قال القائل:

وعلى تفنن واصفيه فحسنه

يفنى الزمان وفيه ما لم يوصف

وقد أخذ عنه رضي الله عنه أبو حيان، وابن سيد الناس اليعمري، ومحقق عصره الإمام بن جماعة، وعنه رويت همزيته، رواها شارحها الذي اختصرنا، وعلى نقله غالبا اعتمدنا...»(7) وبعد الفراغ من سرد أسماء رواة القصيدة انكب المؤلف على الشرح أو بالأحرى على اختصار شرح القصيدة التي مطلعها (من بحر الخفيف):

كيف ترقى رقيك الأنبياء

ياسماء ما طاولتها سماء

والواقع أ، شرح الصومعي يطابق شرح السملالي المتقدم من جهة غايته التعليمية وطبيعته المختصرة، حيث تغيب شخصية المؤلف ويفنى جهده الشخصي في العمل الأصلي، لكنهما يختلفان في طريقة التأليف حيث لم يترجم السملالي للبوصري، ولم يشر إلى أصل رواية الماجيري للبردة، كما يختلفان في تحديد مجالات الشرح، إذ جعلها الصومعي اثنين:

2) بيان المعنى العام للبيت، تتخلل هذين المجالين وقفات إعرابية، وإشارات بلاغية، ومباحث معجمية لغوية، وقضايا معرفية من حين لآخر.

فمن المباحث اللسانية نذكر مسألة الاشتقاق والفصاحة، والاطراد، والشذوذ، وبنية اللفظ ووزنه، وتعدد المعنى، ومسألة اللغة بين الاكتساب والتوفيق، ونحو ذلك.

ومن الوقفات الإعرابية ذكر حكم بعض الأدوات والعبارات.

ومن الفنون البلاغية، وخصوصا البيانية منها والبديعية، نشير إلى براعة الاستهلال ص: 2. الجناس ص: 2 – 55 الجناس المذيل ص: 3 – الاستعارة ص: 2 – 12 – 43 – 54 – 56 التجريد ص 11 التشبيه ص 12 – 26 – 70 الالتفات ص 15 تجنيس المشابهة ص 23 جناس التصحيف ص 24 – 26 – 38 – 38 – 50 – 55 المشاكلة ص 26 الطباق ص 26 – 54 – 56 الكلام الجامع ص 27 – 29 – 36 – 45 التورية ص 43 – 196 جناس الاشتقاق ص 44 – 56 – الاستعارة التبعية ص 55 التخييل ص 56 – 188 – 198 – المجاز ص 60 – 94 – 95 – 199 الكناية ص 198 – الترشيح ص 194 –199 – 202 – الجناس التام ص 79 الاستعارة التصريحية ص 188 – 202 – براعة الختم ص 203.

ومن القضايا المعرفية، وجلها مرتبط بسيرته صلى الله عليه وسلم العطرة: حديث خلق المخلوقات من نوره عليه الصلاة والسلام ص 5 – 7، بسط خبر سطيح وعبد المسيح ص 15 – 16. كيفية خلق حواء من آدم وتزويجها منه ص 18. شروط المعجزة ص 23 ذكر الفرق بين الأخلاق الغريزية والأخلاق المكتسبة والأفضل فيهما ص 33 – 34. قصة محاولة هدم الكعبة ص 38 – 39. ذكر شعر الجن ص 45. ذكر خبر الإسراء ص46 – 48. كيفية إسلام الأنصار ص 52. كيفية خلق السماوات والأرضين ص 53 – 54. بسط خبر الصحيفة ص 57 – 60. خبر محاولة الأعرابي قتل الرسول صلى الله عليه وسلم بالسيف ص 62. قصد إسلام سلمان ص 91. حكم النسخ في الشريعة وحكمة اختلاف الشرائع ص 112 – 113. سبب فتح مكة ص 126 – 128. في ذكر خبر استشهاد سبطي الرسول عليه السلام ص 145 – 148. في ذكر فضائل بعض الصحابة من أخبارهم ص 162 – 176. في ذكر بناته صلى الله عليه وسلم وأزواجه ص 176 – 181.

ومما يتميز به شرح الصومعي توظيف الشواهد بكثرة وتنوع، إما للإيضاح أو الاستدلال أو الاقناع أو التوثيق في جميع مراحل التفسير، واعتماد المصادر والمراجع الأصيلة وأمهات الكتب.

ففي مجال المعجم استشهد الصومعي في المقام الأول بأقوال المعجميين وفقهاء اللغة كالجوالقي والواحدي والزمخشري ثم بالأحاديث النبوية المسندة، فالآيات القرآنية، وقليل من الأشعار غير المنسوبة، واعتمد قاموس الفيروز آبادي، وصحاح الجوهري، ومصباح الفيومي.

واحتج المؤلف في حقل النحو بآراء ابن مالك والزمخشري والجزولي وابن عصفور والمبرد وأبي علي الفارسي، والأخفش وغيرهم في الدرجة الأولى من غير أن يفصح عن مصادره، هذا إلى جانب بعض الأشعار.

وتأتي الآيات القرآنية البليغة في طليعة شواهد الصومعي في باب البلاغة، تليها نتف شعرية غير موثقة.

أما المستوى المعرفي فقد أولاه الصومعي عناية بالغة، تلبية لشجنه العلمي وانسجاما مع تكوينه الديني وإظهارا لكفاءته في توظيف النصوص والنهل من المظان، وهكذا جعل الأحاديث النبوية والقدسية المخرجة في مقدمة شواهده، معتمدا في ذلك على صحيحي البخاري ومسلم، ومعجم الطبراني، وجامع السيوطي، وسنن البيهقي، تليها أقوال الفقهاء والمحدثين أمثال عياض والسهلي وابن حجر الهيثمي وابن أبي جمرة والزركش والسبكي وآخرين، ثم روايات وأخبار من سيرته عليه السلام من سيرة ابن هاشم، وكامل ابن الأثير، ومن التوراة والإنجيل، فثلة من أشعار الخنساء وحسان وغيرهما.

ونختم هذا التقديم بإيراد نموذج من شرح الصومعي. يقول رحمه الله في تفسير مطلع الهمزية من نص طويل: كيف، للاستفهام في الغالب، وقد تكون للشرط في النادر، وحمل عليه قوله تعالى:?ينفق كيف يشاء?، فيشاء فعل الشرط، والجواب محذوف يدل عليه ينفق، وهي في البيت للإنكار المشوب بالتعجب المتضمن للنفي، وتقع خبرا قبل مبتدإ محذوف، تقديره أنت، وتقع حالا كثيرا كما سمي في البيت، وصاحب الحال الأنبياء، أي على أي حال ترقى الأنبياء رقيك، أي لا يكون ذلك ولا كان، وهي عند سيبويه منصوبة على الظرف، أي على أي حال، أو في أي حال، وقال ابن مالك: ليست بظرف زمان ولا مكان، ولكن لما فسرت بمعنى أي حال، أي لو في أي، سميت ظرفا مجازا، وهي يستفهم بها عن حال، الشيء لا عن ذاته، وكلما أخبر الله عن نفسه بكيف فهو استخبار عن طريق التنبيه للمخاطب أو التوبيخ و الإنكار نحو ?كيف تكفرون بالله?، ?كيف يهدي الله قوما كفروا?(...) قوله ترقى، ماضيه رقي بكسر القاف من رقي السلم إذا صعد فيه، ورقيه صلى الله عليه وسلم أي للسماء ليلة الإسراء ببدنه الشريف يقظة، بمكة قبل الهجرة، إلى السماوات السبع (...) قوله«رقيك» مفعول مطلق، والأنبياء فاعل ترقى، جمع نبي على وزن فعيل أو مفعول، لأنه مخبر عن الله، أو مخبره، أو من النبوة بلا همز، لأنه مرتفع عن الناس أو مرفوع الرتبة عن الخلق، (...) ولفظ الأنبياء يشمل المرسلين أيضا والألف والام فيه لاستغراق الجنس من الملك والإنس، فلا اعتراض على الناظم، لأن نفي الأعم يستلزم نفي الأخص، بدليل قوله: «يا سماء ما طاولتها سماء»، فإن النكرة في سياق النفي تعم، وكيف للإنكار المفيد للنفي، ولما تضمنته كيف من التعجب ممن يتشكك في ذلك، قوله «يا سماء» بنداء البعيد أو ما هو بمنزلته من غافل ونائم ونحوهما وهو هنا إشارة إلى بعد مرتبته صلى الله عليه وسلم على أن تلحق أو تساوم، قوله «سماء» بالنصب والتنوين نكرة موصوفة بجملة ما طاولته الخ، تسبيها بالمضاف والمطول على الأصح، وجوز الكسائي فيها النصب والضم، وفرق الفراء، فأوجب النصب إذا عاد عليها ضمير غيبة كما هنا و (كيا رجلا ضربه زيدا) وأوجب الضم إذا كان الضمير للخطاب ( كيا رجل ضربت زيدا) ونحوه، وقيل: إن يا سماء نكرة مقصودة قطعا، المراد بها النبي صلى الله عليه وسلم فتبنى على الضم، قوله «ما طاولتها» أي ما غلبتها في الطول والعلو غيرها من جنسها وغيره، والمعنى لم يرتق أحد ارتقاءك الحسي والمعنوي، ولم يجعل في قدرته، وإن كانت درجات المرسلين في غاية العلو، لقوله تعالى:?ولقد اخترناكم على علم على العالمين?، وهذه الآية صريحة في تفضيلهم على جميع الملائكة وغيرهم، لأن العالم كل ما سوى الله، ويا سماء الأول استعارة للنبي صلى الله عليه وسلم، وسماء الثاني لغيره من الأنبياء، والجامع: السماء على ما يرى من الأجرام، والأنبياء على ما يرى من الخلق».(8)وأختم هذا البحث بعرض الشرح الثالث والأخير وهو:

البهجة السنية بشرح الزينبية (الشرح الصغير) لعبد المعطي بن سالم بن عمر بم عمر بن أحمد السملاوي(9)

- من المخطوطات المحبسة على قراء خزانة ابن يوسف كتاب «البهجة السنية بشرح القصيدة الزينبية»، وفي نسخة أخرى، «النفحات الوردية في حل ألفاظ القصيدة الزينبية» لعبد المعطي السملاوي، ومحبسها هو مولاي أحمد بن الحسين الباعمراني. ولعل النسخة التي بين أيدينا المسجلة تحت رقم 182 هي بخط المؤلف، وخطه مقروء سليم، حجمها متوسط، وعدد صفحاتها 82 صحيفة، في كل صحيفة 19 سطرا، على هوامشها بعض تصويبات، أما أبيات القصيدة المشروحة فقد كتبت بلون أخضر، وقد طبع الشرح بمصر مرات.

- البهجة السنية بشرح القصيدة الزينبية:

موضوع الكتاب كما هو واضح – تفسير القصيدة الزينبية المنسوبة إلى الإمام علي كرم الله وجهه، والراجح أنها لصالح بن عبد القدوس(10)، مطلعها (من بحر الكامل):

صرمت حبالك بعد وصلك زينب

والدهر فيه تصرم وتقلب

تندرج القصيدة في غرض الوعظ، وتتركب من مقدمة غزلية وموضوع رئيسي يتمحور حول الدعوة إلى فعل الخيرات وترك المعاصي، وهو ما دفع السملاوي أن يضع عليها شرحا مقتضبا صغيرا بعد الشرحين: الكبير والمتوسط، يوضح لفظها ويكشف معناها، تلبية لرغبة بعض الخلان، وهذا ما أشار إليه بقوله:«لما كان المدح أرفع مقاصد الشعراء وأعلاها، إذ هو رأس مال الشاعر الذي يعول عليه، ومقصده الذي يرجع في التوسل للمقاصد السنية إليه، قد ملئت به الدواوين، وشحنت به الدفاتر، وجفت بكثرته الأقلام، ونفدت دون نفاذه الماحبر، وكانت المقدمة المنسوبة إلى الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنفس المدائح والمواعظ عقدا، وأعلاها مقاما، وأعذبها وردا، اقتضى لذلك غرضيوإشارة بعض إخواني في الله تعالى أن أقتضب عليها شرحا ثالثا لطيفا يجلي بعض ألفاظها، ويبين معانيها، ويقرب ما بعد تناوله من ثمار مقاصدها المتراكبة لاقتطاف جانيها، أخذته من كتب عديدة لا قدرة للفقير على تحصيل أصولها».(11)

ويمضي الشارح بعد عرض مصادره في تفسير النص بيتا بيتا وكلمة كلمة تفسيرا معجميا دلاليا، وقد يحقق صيغة ألفاظه أو يوثق معناها بالرجوع إلى المعاجم المعتمدة، وقد يخوض في أحد موضوعات القصيدة ومضامينها في استطراد نحو: التعريف بالتشبيب، وذكر أنواعه الأربعة ص:4، ذكر أحوال المحب من فراق وغيره ص:5. وما بعدها. ذكر أسباب المحبة ص: 11. وما بعدها. ما ينبغي للمحب أن يصبر عليه ص:15 وما بعدها. ذكر أحوال المحب مع محبوبه وأحوال المحبوب مع المحب من بغض واشتغال وإخلاف وعد وتمنع. الخ ص:20 وما بعدها، في ترك التصابي وفي الاعتبار بالمشيب وذهاب العمر، والاجتهاد في فعل الطاعات، والبكاء على الخطايا، والتوبة من الذنوب، وإحسان النية والخوف من الحساب، والعزوف عن الدنيا، ونحو ذلك من ص: 29 إلى آخر الكتاب.

هذا، ولا يكتف المؤلف بحشر شواهده وهي غزيرة ومنوعة، ولكنه قد يتناولها بدورها بالتفسير والإيضاح،ويأتي في مقدمتها الشعر العربي بمختلف عصوره واتجاهاته:

فمن طبقة الجاهليين الأعشى، ومن طبقة الأمويين المستعين بالله ابن الحكم الأموي أحد خلفاء الأندلس، وجرير، ومن طبقة العباسيين أبو نواس وأبو العتاهية وأبو تمام والبحتري، والطغرائي وهبة الله بن سناء الملك وابن نباتة السعدي (توفي 405 هـ)، وقد يكون المقصود ابن نباتة (المتوفى 768ه)، ومن الفقهاء والمتصوفة أبو حنيفة النعمان والشافعي والقاضي عبد الوهاب المالكي، وابن الفارض وغيرهم، إضافة إلى أشعار غير منسوبة يدل عليها قول المؤلف (لله در القائل).

وتحتل المأثورات والروايات والأخبار المرتبة الثانية من حيث الكم، ويتصل معظمها بأحوال المحبين وأولياء الله الصالحين، والصوفية، أمثال الحلاج وابن عطاء، وغيرهما، فضلا عن أقوال العلماء كالجنيد والشعراني وفتاوى الفقهاء كابن حجر.

ولم ينس الشارح أن يطعم تفسيراته بآيات من الذكر الحكيم وأحاديث موثقة في الغالب من كلام الرسول الأكرم. وقد كفانا الشارح عناء ضبط مصادره ومراجعه الغزيرة النادرة حيث كشف عن بعضها بنفسه في مقدمة كتابه وهي: كنه المراد بشرح بانت سعاد، لابن حجر. زهرة الرياض ونزه القلوب المراض – حاويقلوب الأبرار إلى دار القرار – شرح لامية العجم – فتح الباري على البخاري لابن حجر – شرح العشماوية – شر الجوهرة للشيخ عبد السلام – القول المختصر في علامات المهدي المنتظر – تهذيب السماء واللغات – شرح المناوي الكبير – الطبقات للمناوي – مختصر التذكرة للشعراني – فتاوي الدملي – فتاوي ابن حجر، - الدر النضود في الصلاة والسلام على صاحب المقام المحمود – اسمي المطالب – التحفة السنية – فضيلة الكلاب على كثير ممن لبس الثياب – تفسير الجلالين – شرح الجوهرة الكبير – القاموس المحيط – الفتح المبين، - مختصر الزواجر – شرح الربعين للنووي – أنس المنقطعين – الإقناع، للخطيب الشريني – المصباح المنير للفيومي – سهام الإصابة – مختصر الغزالي – تائية السبكي – حياة الحيوان للدميري – الصواعق – النعمة الكبرى –التفاحة الوردية – تذكرة الطالب – صحاح الجوهري – مختار الصحاح – لسان العرب لابن منظور – الأوائل للعسكري – الحلية لأبي نعيم...

ومسك الختام مثال من شرح السملاوي، يقول في تفسير مطلع القصيدة الزينبية:«إعلم أن هذه القصيدة من بحر الكمال، وأن قافيتها تسمى متداركا، والقافية هي المحركة مع الساكنين الأخيرين من البيت، وهي على خمسة أنواع: مترادف، ومتدارك، ومتراكب، ومتوازن ومتكاوس، وقد بسطنا الكلام عليها في الشرح الكبير والوسط. وقوله «صرمت حبالك» أي قطعت«مواصلتك وفارقتك»، ولا شك أن فراق الأحبة من أشد الآلام وأعظم الأحزان، قال بعضهم: إن تأجيج نار المحبة بلابل الشوق، إنما يعظم ويشتد عند حصول الفراق، وناهيك ما أخبر به عن يعقوب عليه الصلاة والسلام في فراقه ليوسف بقوله تعالى:?فتولى عنهم وقال يا أسفى على يوسف، وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم?. قيل: ماغفت عين يعقوب عليه السلام من حين فراقه يوسف إلى حين لقائه ثمانين عاما، ولله در القائل:

إني لا أكره أن أنام فألتقي

بك في الكرا خوف الفراق الثاني

(...) قوله: «والدهر فيه تصرم» وفي نسخة«تصرف وتقلب»، فيه تسلية عن حب زينب حيث لم يصل لمقصوده من إساءتها للعاشرة (...) وفي قوله «تصرم، يقال تصرم الدهر، أي تغير أهله من حال إلى حال، وقد أرخينا العنان في هذا المقام في الشرح الكبير والوسط، فمن أراد المراجعة فعلية بذلك».(12)

تلكم كانت وقفات تعريفية ببعض شروح خزانة ابن يوسف القيمة، ولولا خشية الانزياح عن النهج الذي سلكته في هذه الدراسة لأفضت في تحليل تلك الشروح، وربما عدت إليها في مناسبة قادمة بحول الله.

(*) ألقي هذا العرض في ندوة (ثلاثون سنة في خدمة اللغة العربية والثقافة الإسلامية) التي نظمتها كلية اللغة العربية بمراكش يومي 28 – 29 أكتوبر 1993.

1) للتوسع في الموضوع راجع: خزانة ابن يوسف ومخطوطاتها: نظرة تاريخية – الصديق بن العربي – ندوة المخطوطات العربية في الغرب الإسلامي وضعية المجموعات وآفاق البحث – مؤسسة الملك عبد العزيز – منشورات ولادة – البيضاء 1990 ص: 77 – 93.

والتقرير السنوي (1992 – 1993) عن الخزانة المرفوع إلى رئيس قسم المكتبات بوزارة الثقافة من إعداد المحافظ.

2) انظر حولها:

- فهرس نوادر المخطوطات بخزانة ابن يوسف – 1975.

- نوادر المخطوطات في المغرب بخزانة ابن يوسف – صلاح الدين المنجد – مجلة معهد المخطوطات العربية – مج 5 ج: 1.

ماي 1959 ص: 168 – 169 مع التنبيه إلى وجود أخطاء في كتابة بعض عناوين المخطوطات وأسماء مؤلفيها في المقالة.

3) انظر ترجمته وتآليفه فيما يلي:

- درة الحجال لابن القاضي ج: 3،ص: 299.

- الأعلام للزركلي ج: 3، ص: 95.

- خلال جزولة للمختار السوسي ج: 2، ص: 52.

- سوس العالمة ص: 178.

- شرح الجرومية.

- مؤلف في المبنيات.

- منظومة بحر الطويل ذكر فيها قصة منسوبة لابن عباس مرجعها إلى الشفاعة.

- شرح البردة وهو الذي بين أيدينا.

4) ختص شرح البردة ص:1.

5) المصدر السابق ص: 2.

6) راجع ترجمته فيما يأتي:

- مباحث الأنوار لأحمد بن يعقوب الولالي ورقة 31 وما بعدها م خ ع بالرباط رقم 2305ك.

- نشر المثاني لمحمد بن الطيب القادري ج: 3، ص: 211.

- الإعلام لعباس بن إبراهيم ج: 6، ص: 47 – 48 المطبعة الملكية.

- الأعلام لخير الدين الزركلي ج: 6، ص: 197.

- الزاوية الدلائية لمحمد حجي ص: 130 – 131.

7) مختصر شرح الهمزية م خ ع بالرباط رقم 11497 ص:

8) مختصر شرح الهمزية ص: 1 – 2 بتصرف.

9) لم نقف على ترجمته وهو من رجال القرن الثاني عشر الهجري.

10) راجع: المحاضرات لليوسي، تحقيق محمد حجي وأحمد الشرقاوي إقبال ج:2،ص:662.

11) البهجة السنية ص: 1 – 2.

12) البهجة السنية ص: 5 – 11 بتصرف.

دعوة الحق، العدد 318 ذو القعدة 1416/ أبريل 1996