مسجد القصبة
لا نعلم على وجه التحقيق متى بدأت الأشغال في جامع القصبة، لكن الظاهر أن القصبة وملحقاتها – كما قدمنا – بدئ الاشتغال فيها حوالي سنة 1185/580، وفرغ منها حوالي سنة 89-1190 (585) وأخبر ابن سعيد أن نفقة بنائها قد بلغت 93000 مثقال، نقدا حسنا مما ضرب باسم مهديم وبعد الانفجار الهائل الواقع في سنة 1569 (976)، كان لا بد من إصلاح المسجد وترميمه، يشهد على ذلك النقش باسم السلطان السعدي المولى عبد الله (1557-1574/965-981) وبعد ذلك بمائتي عام أمر سيدي محمد بن عبد الله بإصلاح المسجد وتجديده والظاهر أنهم غيروا فيه كثيرا. ولم تغرب لهذا المسجد شمس أبدا، وله في قلوب أهل مراكش محبة، ربما لما حل به من المصائب، أو لما يتصل به من الحكايات، وفي إحداها أن المسجد بني على مزبلة وفي ذلك رمز إلى التوبة تكرر مع المدرسة البوعنانية بفاس. وكثيرا ما خلط الناس بين هذا المسجد وجامع الكتبية، فارتبطت بالكتبية حكاية تفافيح الذهب، مع أنها أنشأت أول مرة في سماء القصبة. والظاهر أن المسجدين معا كانا يتعاقبان على الريادة السياسية والإمامة الدينية ، على اختلاف الملابسات والسلاطين والدول في تاريخهما.
بيت الصلاة
خطته
لم يختط هذا المسجد الجامع على مثال سابق، فهو مسجد واسع على شكل التاء اللاتينية، لكن قدماء التاء قصيرة جدا وفي قاعة الصلاة أحد عشر بلاطا تعامد حائط القبلة، لكن عرضها إنما هو ثلاث سقائف، أخراها هيئة البلاط، تعلوها ثلاث قباب بمقرنصات واحدة أمام المحراب والأخريان عن يمين المحراب وعن شماله وما تبقى من الساحة صحن عظيم ويطيف بذلك ساباط في عرض البلاط كانت تفضي إليه الأبواب في الأصل وأعجب من ذلك أن على الجهتين الشرقية والغربية على بعد بلاطين من الساباط المطيف (بالمسجد) صفين من العقود يخترقان ساحة المسجد من بيت الصلاة إلى باب الشمالي، فتحصل في كل صف منهما صحنان جانبيان ينقسم كل واحد منهما قسمين متساويين، يفصل بينهما ساباط معترض هو ممشى مسقف يمتد من هذا الصف إلى آخر الأبواب الجانبية فيكون حول الصحن الأوسط الكبير أربعة صحون صغار مكشوفة مثله وفي هذا المجموع كله صهاريج كثيرة: صهريجان في الصحن الرئيس وصهريج في كل واحد من الصحنين الصغيرين القريبين من بيت الصلاة (قاله طيراس).
أما واجهة المسجد، فعلى قدر من الضخامة تتوجها شرافات مسننة وهي مقسمة على عدد البلاطات بداخل المسجد، وذلك بإبراز انكسار أقواسه وتحيط بهذه الأقواس أعمدة مثقلة بالنقوش.
ونحن لا نعلم ما أصل خطة هذا المسجد بتعدد صحونه ولعله جاء من إفريقية (من مسجد الفاطميين بالمهدية) فهل كان تعبيرا عن شيء في طبقات في هذه الخطة أنها محاولة من يعقوب المنصور لإدخال نمط جديد من المساجد إلى المغرب الأقصى لم يحتذه أحد بعده. ويمكن أيضا أن نذهب إلى أن تصميم المسجد اليوم غير تصميمه الأصلي وأن ما لحقه من إصلاح وتجديد على عهدي السعديين والعلويين قد غير من معالمه الكثير. لكن نص "البيان" قد أخبرنا أن صحون مسجد القصبة كانت موجودة في مدة السلطان الموحدي الرشيد ويؤكد ابن سعيد في نص تصحف كثيرا أصالة هذا التصميم وجدته فهو يتحدث عن ثلاثة صحون في أوسطها حوض رخام كبير وأيضا في الصحنين الغربي والشرقي حوض ويشير إلى العدد نفسه من السويرات وهو اثنتا عشرة، ويمكن عدها اليوم واحدة واحدة على جانبي المحراب، ويذكر أن على المسجد أربعة قباب "ليس في مدن الأرض مثلها" وأن اثنين منها كانتا في مقدمة الجامع قرب كبار "ليس في مدن الأرض مثلها" وأن اثنين منها كانتا في مقدمة الجامع قرب جدار القبلة، والأخريات في مؤخره قريبا من الجدار الشمالي وهذا غريب، يوجب الوقوف على المخطوط، لعل فيه قراءة أخرى. ومثل نص ابن سعيد في الغرابة موقع القباب في التصميم البرتغالي فقد رسمت فيه في الوسط أو قريبا من الوسط من كل جهة ولا عجب في وقوع قبتين من الجهتين الشرقية والشمالية، إذ هو المألوف لكن أن تكون على الجهتين الأخريين فهذا محال. ولا ندري لذلك سببا إلا أن يكون المهندس أراد هاتين القبتين إبرازا للساباطين المسقفين الفاصلين بين الصحنين الجانبيين اللذين بحدهما صفان من العقود وسوف يحذو جامع باب دكالة السعدي حذو هذه العمارة فيما بعد. وكيفما كان فإن الدراسة الأثرية تجزم جزما قاطعا بأن المسجد في ذاته لا يمكن أن يستخلص منه شيء يذكر، لأن سقفه أعيد بناؤه برمته.
وليس للمسجد اليوم سوى أربعة أبوب عمومية: واحد على الجهة الشمالية قبالة المحراب وثلاثة على الجهة الغربية ومن البين أن هذه لابد كان لها نظائر تقابلها على الجهة الشرقية إلا أنها لا أثر لها اليوم. فالمجموع إذن سبعة أبواب، وهو عدد أبوب جهنم لذلك تطير منه الخليفة يوم زار المسجد وأقام فيه أول صلاة ويضيف "القرطاس" وعنه ننقل هذه الحكاية، ولعلها مصنوعة – أن المنصور لم تطمئن نفسه إلا بعد أن رأى الباب الثامن الذي خص لدخوله هو (ولعله الباب الصغير المسكور في الجهة الجنوبية، ويرى من ساحة قبور (السعديين)، عند ذلك ترك محاسبة الوكلاء الذين تولوا بناء المسجد ورموا بالغش وأكل المال ثم قال – زعموا – هذه الكلمة وهي اليوم قول مأثور: "لا بأس بالغالي إذا حسن".
وفي "البعثة التاريخية" أن المنصور ركب (على الجامع) "أبوابا غنمها في انتصاراته، وقد أجمع المؤرخون العرب على أن هذا السلطان اقتلعها من كنيسة أشبيلية الكبرى، وهو قول يقويه ما نقش بالحرف اللاتيني بالقلم القوطي على تلك الأبواب في لويحات برونزية، كسيت بمثيلاتها من البرونز جميع الأبواب مع مقارع من المعدن نفسه، مع أن عوادي الزمان عليها أو تخريب الصبيان لها، قد أعجز عن قراءة أكثر من فقرات قلائل منها" (ترجم هذه النبدة وكتبها بخط يده دي سنيفال). ويوضح مرمول أن الأبواب المذكورة إنما هي الأبواب التي كانت في الجهة الشمالية من المسجد قدام المدرسة (المرينية).
المحراب.
هو أعلى ما اعتاده الموحدون في مساجدهم، واسع عريض عقده يرتفع عاليا، ويقوم على أربعة سويرات من يشب، تعلوها تيجان أموية بديعة، وبه أربعة أعمدة أخرى مرضونة، عليها تيجان مثلها تحمل إطار العقد ولوحي جبهة المحراب، والإطار غاية في الفخامة. وعلى كل واحد من البابين القريبين باب المنبر وباب الإمام، أربعة أعمدة أخرى تجنبهما فهذه اثنا عشر عمودا. وتسم التيجان الأموية الاثنا عشر هذا المجموع بميسم أندلسي. ومشكاة المحراب داخلة في عمق جدار القبلة وعليه نقشت كما نقشت في الكتبية كتاب دارجة تمتد على قدر قامة الرجل، وزخرفة أعيد تجديدبها  من غير إتقان. أما القبة ذات المقرصنات، فقد نسبها طيراس إلى السعديين.
المقصورة.
خص العمري المقصورة بأسطر معماة. وصحة ما نعرفه اليوم عن آلية المقصورة في بيتها بجامع الكتبية يرجح عندنا أنهم أعادوا في القصبة صنع آلية مقصورة مسجد عبد المؤمن هذا إلى أن المقري يؤكد أن أبيات ابن مجبر وهي محفوظة في "الحلل"  قد قيلت في هذه المقصورة، لا في مقصور الكتبية الأولى والثانية. وليس ما ادعاه بمحال لأن ابن مجبر توفي بمراكش في سنة 1010/01-1602
المنبر
ما يزال المنبر موجودا وهو قطعة أثاثية جليلة، أقل مهابة وضخامة من منبر الكتبية، وسلمه أصغر لكنه تأذى أكثر من عوادي الزمان ومن الإصلاحات، ربما لأن المساحات المرصعة فيه أكبر. وقد أشار العمري إلى هشاشته إذ  ذكر أنه لا يبرح مستورا ولا يكشف عنه إلا يوم الجمعة. وأسلوب الزخرفة في منبر القصبة لا يختلف عما في منبر الكتبية لكن طيراس أوضح أن بين الصنعتين فروقا كثيرة: فهذه أسرع وأقل متانة وذلك أن استعمال الثوب لإثبات العاج المرصع بالغراء أسلوب حسن معروف مألوف لكنه أحد أسباب الهشاشة التي تضررت منها منابر كثيرة، ويشبه أن الخشب نفسه كان أقل جودة من خشب المنبر المرابطي بالكتبية.
هذا المنبر الموحدي مع أنه أقل جلالة في هيئته وفي فخارته من منبر الكتبية فهو بما فيه من البساطة، وبحدة زخارفه الزهرية وبطلاوة فسيفسائه، مفخرة لصانعيه المهرة، ولعلهم من أهل الأندلس، فهو شاهد على ازدهار الفن الأندلسي المغربي وروعة استمراره إلى القرن 13/7
الممر بين المسجد والقصر.
يظهر في تصميم 1585/995 واضحا كل الوضوح بثلاث عطفات بين القصر السعدي والمسجد. والظاهر أنه كان يفضي إلى الباب الصغير المسدود الواقع شمالي القبة الشمالية من قبور السعديين. وما من شك أن ممرا مثله كان موجودا على عهد الموحدين، يؤكده ما بقي من زخرفة الباب المسدود. فكان في وسع الخليفة دخول المسجد من بابين: الباب الخاص به وباب الإمام.
المئذنة
اشتد إعجاب الناس بمئذنة الكتبية العظيمة فلم تسترع انتباههم على كبريائها مئذنة القصبة الدحداحة الناتئة عن الركن الشمالي الغربي من المسجد، لكنها هي أنموذج التقليد المتبع فيما بعد، والمثال الذي سيحتديه معماريو القرون التالية، فلذلك لا نقشي منها العجب. وهي كغيرها من المآذن الموحدية العظام، مربعة القاعدة (ضلعها 8.80م) وهي كالكتبية، ملساء إلى حدود سقف المسجد، وما فوق ذلك مزخرف إلى القمة، حيث إفريز من الخزف المزخرف يسطع نورا، تحفه، تحفه عصابتان أفقيتان، لكن هذا الإفريز لحقه ضرر كبير، فلم يبق من العصابة السفلى، وهي تربيعات إلا النزر اليسير، وذهبت العصابة المنقوشة العليا برمتها وقد نقشت مئذنة الكتبية لوحا، أما مئذنة المنصور فقد لبست كلها بزخرف متشابك فاخر: "كلى كل جهة ثلاثة عقود مفصصة، تقوم على أعمدة وتيجان خزفية، وتحيط بثلاث نوافذ مصطفة في خط واحد، وتتشابك امتدادات هذه العقود مع شرائط مثلها مفصصة تنشأ من صف ثان من سويريات خزفية موضوعة فوق الأولى بين مداميك العقود، وينتهي تشابكها عند عصابة الزليج لا يخلوا من ذلك إلا مساحات أركان الجدران.
مواد بنائها
قاعة المئذنة من دبش، أما ربط في الأركان فلبن لكن الزخرفة التي وقع عليها اختيارهم مكنت من بناء الجزء الأعلى من المئذنة كله، مما فوق السقوف باللبن وأحكمت صناعة ذلك كله تنجيدا ووضعا وتصفيفا وحق للبنائين المرابطين وهم أول من استعمل اللبن بمراكش أن يفخروا بتلاميذهم الموحدين وللخشب كما للعوارض والروابط والسواكف في هذه وغيرها من بنايات الموحدين كلها، نصيب كبير في الدعم وفي المرونة أما جوفها فقد حشي دبشا.
داخل المئذنة
باب المئذنة في الركن من المسجد الذي بنيت فيه ويفضي إلى درج يعرج حول كتلة مربعة، وعرض الدرج 1.45م وفوقه وتحته وأعلاه أقباء متقاطعة. ويستصبح من نوافذ وفتحات كثيرة، بعضها تبصره العين من الشارع وهي نوافذ الزخرف الكبار، والأخرى لا تبصرها العين، مقورة في أزاهير الزخرف المتشابكة. وينتهي الدرج برواقين أفقيين يليهما درج مستقيم تحت الفحل. وعلى السطح الأعلى ممشى، عرضه متران للمتحرك فيه سعة ووقاية خلف شرافاته بأسنانها الخمسة، ولا يوصل إلى الممشى إلا بالصعود على سطح آخر عرضه قريب من متر.
الفحل:
قريب من خمسي ارتفاع المئذنة فعرضه إذن أربعة أمتار تقريبا بالتقريب ويصعد إلى الغرفة الوحيدة فيه ببضع درجات. وتستصبح هذه الغرفة، في كل جهة من جهاتها من نافذتين عاليتين بعقد حدوي وسط أقواس مفصصة تقوم على ثلاث سويريات مرضونة، فوقها الزخرف عينه الذي على جهة المئذنة التي عليها. وعلى هذه الغرفة قبة زخرفية مضلعة لا تكاد ترى من الأرض وفوقها طاقية غير مزخرفة في قبة الفحل الحقيقية، وفوق ذلك جامور عليه ثلاث تفافيح نحاسية.
أما إفريز الفحل الخزفي فليس أفقيا فحسب مثل عصابتي المئذنة بل حلت محل لبن الأركان ثلاث عصابات تضفي بل كانت تضفي لأنها زالت عن جل مواضعها رونق بهائها على نعومة اللبن الكامدة.
الزخرفة والألوان
أريد للمئذنة أن يظهر كل وجهين منها بزخارف مختلفة عن الوجهين الآخرين فجعلوا كل وجهين متقابلين على مثال واحد لكن الاختلاف لا يظهر إلا في دقائق التشابك الزهري لأنهم قصدوا أن يفصح المجموع عن "اتصال لا انفكاك له" (قاله طيراس). ويقابل التشابك الزهري بخطوطه المقوسة فسيفساء الخزف بزخرفها ذي الخطوط المستقيمة والعناصر المتجاورة.
وكان على العصابة الأفقية العليا من المئذنة نقش كوفي ضخم يسطع لونه البنفسجي الداكن على أرض بيضاء. وقد عثر منه على قطعتين، لكن لم يبق منهما سوى صورتهما. ومن حسن جد السيد نولو Nolot مفتش المآثر التاريخية بمراكش، أنه عثر على قطعة ثالثة فجعلها في مأمن. والحروف القليلة المتبقية مشابهة لما نقش على الأبواب الموحدية الكبرى وكان منقوشا على هذه العصابة سورة الفاتحة وألوان هذه المئذنة ساطعة نيرة، وليس مرد ذلك إلى استعمال الخزف وحسب، بل أيضا إلى اللبن ولا لألاء فيها، بل تتقابل الألوان، فيبرز بعضها بعضا، والغاية منها بعد متعة العين انسجاما المعلمة وتناسقها.

 

 

تشير إليه المصادر بأسماء متعددة مثل جامع المنصور، أو جامع القصر، أو الجامع الأعظم الأعلى، أو الجامع الكبير، والجامع الأعلى، ويعرف كذلك بجامع مولاي اليزيد. شيده يعقوب المنصور الموحدي ما بين سنتي [581هـ- 1185م/586هـ-1190م] وهو متوجه إلى الأندلس في غزوته الشهيرة – غزوة الأراك-، ولما عاد مظفرا سنة 594هـ-1197م وجد الجامع قد تم تشييده على أحسن صورة. يقول بن أبي زرع: "أن يعقوب أنفق في بنائه أخماس غنائم الروم" [1 ]
وقد طرأت على الجامع عدة إصلاحات وترميمات في العهد السعدي والعلوي غيرت من تصميمه الأصلي. أما مساحته فهي: 77.50م x 71م ".
في قاعة الصلاة أحد عشر بلاطا تعامد حائط القبلة، لكن عرضها إنما هو ثلاث سقائف، آخرها على هيئة البلاط، تعلوها ثلاث قباب بمقرنصات: واحدة أمام المحراب، والأخريان عن يمين المحراب وعن شماله، وما تبقى من الساحة صحن عظيم. ويحيط بذلك ساباط في عرض البلاط كانت تفضي إليه الأبواب في الأصل. وأعجب من ذلك أن على الجهتين الشرقية والغربية على بعد بلاطين من الساباط المحيطة بالجامع صفين من العقود يخترقان ساحة الجامع من بيت الصلاة إلى الباب الشمالي، فتحصل في كل صف منهما صحنان جانبيان، ينقسم كل واحد منهما قسمين متساويين، يفصل بينهما ساباط معترض هو ممشى مسقف يمتد من هذا الصف من العقود إلى آخر الأبواب الجانبية، فيكون حول الصحن الأوسط الكبير أربعة صحون صغار مكشوفة مثله. وفي هذا المجموع كله صهاريج كثيرة: صهريجان في الصحن الرئيسي، وصهريج في كل واحد من الصحنين الصغيرين القريبين من بيت الصلاة .
أما واجهة المسجد فعلى قدر من الضخامة، تتوجها شرفات مسننة، وهي مقسمة على عدد البلاطات بداخل الجامع، وذلك بإبراز انكسار أقواسه، وتحيط بهذه الأقواس أعمدة مثقلة بالنقوش .

 

 

واحد على الجهة الشمالية قبالة المحراب، وثلاثة على الجهة الغربية. مع أن المراجع تشير إلى أن الجامع كان يتوفر على سبع أبواب. يقول ابن أبي زرع: "... وصنعوا للجامع سبعة أبواب على عدد أبواب جهنم فلما دخله أمير المؤمنين أعجبه وسر به، فسأل عن عدد أبوابه، فيل له إنها سبعة، والباب الذي يدخل منه أمير المؤمنين هو الثامن، فقال عند ذلك: لا بأس بالغالي إذا قيل حسن وفرح به غاية [ 2 ]

 

 

المحراب واسع وعريض، يقوم على أربعة أعمدة من اليشب، [حجر كريم مختلف الألوان] تعلوها تيجان أموية بديعة، وبه أربعة أعمدة أخرى منتصفة تحمل الإطار الفخم للقوس، عليها تيجان مثلها تحمل إطار العقد ولوحة المحراب، والإطار غاية في الفخامة. وعلى كل واحد من البابين القريبين –باب المنبر وباب الإمام- أربعة أعمدة أخرى بجانبيهما، فهذه اثنا عشر عمودا. تسم التيجان الأموية الاثنا عشر هذا المجموع بميسم أندلسي. ومشكاة المحراب داخلة في عمق جدار القبلة نقشت عليه كتابة دارجة تمتد على قدر قامة الرجل .
:المنبر

 

كان المنبر عبارة عن قطعة أثاثية جليلة، وهو أقل مهابة وضخامة من منبر الكتبية. فهو بما فيه من البساطة، وزخارفه الزهرية، وطلاوة فسيفسائه مفخرة ..

 

 

شيدت في الركن الشمالي الغربي من الجامع، مربعة القاعدة ضلعها [8.80م]، ملساء إلى حدود سقف الجامع، وما فوق ذلك مزخرف إلى القمة، حيث إفريز من الخزف المزخرف يسطع نورا، تحفة عصابتان أفقيتان. ولبست كلها بزخرف متشابك فاخر، على كل جهة ثلاثة عقود مفصصة، تقوم على أعمدة وتيجان مزخرفة، وتحيط بثلاث نوافذ مصطفة في خط واحد، وتتشابك امتدادات هذه العقود مع شرائط مثلها مفصصة تنشأ من صف ثان من سويريات زخرفية موضوعة فوق الأولى بين مداميك العقود، وينتهي تشابكها عند عصابة الزليج .
يقول الوزان: "... مسجد في غاية الجمال والعظمة، تعلوه صومعة متناهية الجمال، وفي أعلاه ركز عمود من حديد فيه ثلاث تفاحات من ذهب أكبرها السفلي، وأصغرها العليا، وقد أراد كثير من الملوك أن يزيلوا هذه التفاحات وصكها نقدا عندما اشتدت حاجياتهم إلى المال، لكنهم في كل مرة تحدث لهم حادثة غريبة تلزمهم بتركها، حتى أنهم تطيروا من مسها" [ 3 ]
وفي سنة 981هـ/1573م وقع انفجار بجامع القصبة سببه كما جاء في أعلام التعارجي: "كان بقصبة مراكش جماعة من أساري النصارى من لدن أيام أبي العباس الأعرج وأخيه أبي عبد الله الشيخ، فرأوا الحجم الغفير من أعيان المسلمين وأهل الدولة يحضرون كل جمعة للصلاة مع السلطان بجامع المنصور من القصبة المذكورة، فحدثهم نفسهم بأن يصنعوا مكيدة يهلكون بها السلطان ومن معه، فحفروا في خفية تحت الجامع حفرة ملئوها بالبارود ووضعوا فيها فتيلا تسري فيه النار على مهل كي ينقلب الجامع بأهله وقت الصلاة، فنفطت المينا وانهدمت بها القبة الواسعة من الجامع المذكور، وانشق منارها شقا كبيرا لا زال ماثلا إلى الآن"[ 4 ]
وممن جدد الجامع السلطان سيدي محمد بن عبد الله، ثم السلطان مولاي عبد الرحمان .

 

 

* الخليفة إدريس [المامون] بن يعقوب [المنصور] الموحدي [توفي 629هـ-1231م]، بويع بالجامع بعد صلاة العصر من يوم الأربعاء 28 شوال 624هـ الموافق 13 غشت 1227 [ 5 ] .
* الخليفة عمر [المرتضى] بن إسحاق الموحدي [توفي 665هـ-1266م] أخذت له البيعة بالجامع يوم الأربعاء غرة ربيع الأول من سنة 646هـ الموافق 24 يونيه 1248م[6 ]
* إدريس بن محمد بن عمر الملقب بأبي دبوس: [ت 667هـ-1268م] بويع يوم الأحد 23 محرم سنة 665هـ موافق 24 أكتوبر 1266م] [ 7 ] .
* يحيى بن محمد الناصر بن يعقوب [ت 633هـ-1236م] بويع له وهو شاب غر وسنه يومئذ كانت 16 سنة، بعد صلاة العصر من يوم الاثنين 28 شوال سنة 624هـ- 11 أكتوبر 1227م [ 8 ] .
* محمد بن عبد الله: بويع بفاس إثر الفراغ من دفن والده سوم الاثنين 8 نونبر 1757م وهو يومئذ بمراكش، ووجهت البيعة من فاس إلى مراكش وقرئت على منبر جامع المنصور بالقصبة [ 9 ] .
* سب المهدي بن تومرت: لما دخل المامون الموحدي مراكش كان أول ما صنع هو سب المهدي بن تومرت على منبر جامع المنصور. وبعد جمع رؤساء الموحدين نحو أربعة آلاف رأس [ 10 ] .

 

 

· عيسى بن عبد العزيز بن يلبخت الجزولي: [توفي 607هـ-1210م]. أول خطيب للجامع الأعظم [11] . ولما حضرت المنصور الوفاة عهد أن يتولى غسله أبو موسى الجزولي تبركا به [ 12 ] .
· محمد شقرون بن هبة الله الوجديجي التلمساني: [توفي 682هـ-1283م] خطيب الجامع بعد انتقاله من جامع الكتبية [ 13 ] .
· الشيخ الصالح إبراهيم الشريف [توفي 769هـ- 1367م]، خطيب الجامع [ 14 ] .
· محمد بن عبد المنعم الحامدي: [توفي 978هـ- 1570م]، إمام جامع [15 ] .
· أحمد بن علي بن مسعود الشاطبي: خطيب الجامع، كان حيا سنة 999هـ- 1590م [16 ] .
· أبو القاسم بن علي الشاطبي: [توفي 1002هـ- 1593م]، كان خطيبا ومدرسا بالجامع، يقرأ صحيح البخاري بين يدي أحمد المنصور الذهبي. وقاضي الجماعة [17 ] .
· أحمد بن أبي القاسم بن علي الشاطبي: [كان حيا سنة 1010هـ- 1601م]، خطيب جامع [18 ]
· محمد المطيع بن محمد العباسي: [توفي 1295هـ- 1878م]، قاضي الجماعة ومفتي الحضرة. خطب بالجامع ثم انتقل إلى جامع ابن يوسف [19 ] .
· علي بن الفاضل بن مريدة السرغيني: [توفي 130هـ- 1885] خطيب الجامع، وإمام الضريح العباسي. [20 ]
· محمد بن علي العدلوني الدمناتي: [توفي 1306هـ -1888م] خطيب ومدرس بالجامع. [21 ]
موقتوا الجامع :
· علي بن أحمد السلوي الصنهاجي [توفي 995هـ - 1586م] [22 ]
· محمد بن بوسلهام الخلطي البخاري: [توفي 1345هـ-1926م). كان يقوم بتعليم الحساب والتوقيت لاثني عشر طالبا أبناء الجيش بجامع المنصور عام 1316هـ/ 1898م [23] ، كما عين بظهير عزيزي مؤقتا بمنار جامع المنصور [24 ] .
· محمد الأشخم: هو الذي سطر الرخامة الشمسية بجامع المنصور. كان أيام السلطان محمد بن عبد الرحمان، وكان يسكن بحي القنارية [25 ]
· أمير يدرس بالجامع: كان الأمير مولاي العباس بن المولى عبد الرحمان العلوي [توفي 1296هـ-1878م] يدرس العلم بالجامع، وأمر والده طلبة العلم بالحضور في مجلسه [26 ] .

--------------

[1] القرطاس: 301 .
[2] القرطاس 302 .
[3] وصف إفريقيا 2/ 131.132 .
[4] الاستقصا: 5/52 .
[5] القرطاس 328 .
[6] القرطاس 339 .
[7] القرطاس 341 .
[8] القرطاس 326 .
[9] الدرر الفاخرة 55 .
[10] إيلغ قديما وحديثا 170 هامش 387 .
[11] أعلام عباس بن إبراهيم السملالي 9/404 .
[12] الذيل والتكملة 1/251 .
[13] أعلام عباس بن إبراهيم السملالي 5/171 .
[14] وفيات ابن قنفذ 367. ط. بيروت 1971م .
[15] أعلام عباس بن إبراهيم السملالي 2/243 .
[16] أعلام عباس بن إبراهيم السملالي 1/210 .
[17]أعلام المغرب العربي 2/141 .
[18] أعلام عباس بن إبراهيم السملالي 5/218 .
[19] نفس المصدر 7/17 .
[21]نفس المصدر 9/255 .
[22] نفس المصدر 7/66
[23] نفس المصدر 9/190
[24] مظاهر يقظة المغرب 1/139 .
[25] مظاهر يقظة المغرب 1/451-452 .
[26] أعلام عباس بن إبراهيم السملالي 6/331 [31] أعلام عباس بن إبراهيم السملالي 8/21 .