مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبية

نص الكلمة التي ألقاها رئيس مركز ابن أبي الربيع السبتي في مفتتح ندوة مركزية سيبويه

نص الكلمة التي ألقاها فضيلة الدكتور محمد الحافظ الروسي في مفتتح ندوة مركزية سيبويه في الثقافة العربية
بسم الله الرحمن الرحيم. وصلى الله على سيدنا محمد وآله.
أيها السادة الحضور الكرام.
السيدَ عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية فضيلة الدكتور محمد سعد الزموري.
السادة الأساتذة الكرام.
ضيوفنا الأعزاء.
أبناءنا الطلبة.
في القرن الهجري الثاني(148 هـ/ 180 هـ).نشأ بالبصرة قادما من الأهواز شاب محبوب، كان شيخه الخليل لا يقول إلا له:” مرحبا بزائر لا يمل”. عالي الهمة، أخطأ في مسألة في العربية، فكسر القلم وقال:” لا أكتب شيئا حتى أحكم العربية”. جميلُ الصورة، نظيف، قد تعلق من كل علم بسبب، وضرب في كل أدب بسهم، مع حداثة سنه، وبراعته في النحو. متواضع، لا يرى بأسا في أن يعرض ما يكتبه على الأخفش، وهو تلميذه، وإن كان أسن منه. قدم العراق في أيام الرشيد وصحب فيها الخليل، وتلقى العلم، ونشره، ثم توفي بفارس، وهو في نحو الثانية والثلاثين من عمره، على أرجح الأقوال. 
خرج من الدنيا وهو يقول: أشتهي أن أشتهي.

 

نص الكلمة التي ألقاها فضيلة الدكتور محمد الحافظ الروسي رئيس شعبة اللغة العربية وآدابها في مفتتح ندوة مركزية سيبويه في الثقافة العربية

 

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على سيدنا محمد وآله

أيها السادة الحضور الكرام، السيدَ عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية فضيلة الدكتور محمد سعد الزموري، السادة الأساتذة الكرام، ضيوفنا الأعزاء، أبناءنا الطلبة


في القرن الهجري الثاني(148 هـ/ 180 هـ).نشأ بالبصرة قادما من الأهواز شاب محبوب، كان شيخه الخليل لا يقول إلا له:” مرحبا بزائر لا يمل”. عالي الهمة، أخطأ في مسألة في العربية، فكسر القلم وقال:” لا أكتب شيئا حتى أحكم العربية”. جميلُ الصورة، نظيف، قد تعلق من كل علم بسبب، وضرب في كل أدب بسهم، مع حداثة سنه، وبراعته في النحو. متواضع، لا يرى بأسا في أن يعرض ما يكتبه على الأخفش، وهو تلميذه، وإن كان أسن منه. قدم العراق في أيام الرشيد وصحب فيها الخليل، وتلقى العلم، ونشره، ثم توفي بفارس، وهو في نحو الثانية والثلاثين من عمره، على أرجح الأقوال.

 خرج من الدنيا وهو يقول: أشتهي أن أشتهي.مات وترك في الناس كتابا سمي بقرآن النحو. اتفقوا على أنه يحوي في كنهه عدة كتب  .   وأنه جمع أصول علم النحو. ومن ذلك ما ذكره صاعدُ بن أحمدَ الجيانيُّ من أهل الأندلس حيث قال: لا أعرف كتاباً ألف في علم من العلوم قديمها وحديثها فاشتمل على جميع ذلك العلم، وأحاط بأجزاء ذلك الفن غيرَ ثلاثة كتب، أحدها المجسطي لبطليموس في علم هيئة الأفلاك، والثاني كتاب أرسططاليس في علم المنطق، والثالث كتاب سيبويه البصريِّ النحوي، فإن كل واحد من هذه لم يشذ عنه من أصول فنه شيء إلا ما لا خطر له.

وذكروا أنه يتعلم منه أصول النظر. قال أبو عمر الجرمي (255هـ):” أنا مذ ثلاثون سنة أفتي الناس في الفقه من كتاب سيبويه”. وقال محمد بن يزيد:”.. إذ كان كتاب سيبويه يتعلم منه النظر والتفتيش”.

 فهذا فضل كتاب سيبويه. فقد مرت صنعة النحو على عقل سيبويه فصيغت على هذا النحو، وإلا فإن انتفاع سيبويه بمن سبقه مما لا ينكره أحد، حتى ذكر عن ثعلب أنه كتب بخطه: “اجتمع على صنعة كتاب سيبويه اثنان وأربعون إنسانا، منهم سيبويه، والأصول والمسائل للخليل”.

 وقد أصبح كتاب سيبويه بذلك مما لا يستغنى عنه في علم النحو، ولا تكون براعة في هذا العلم دون العكوف عليه. حتى ذكر أن عبد الملك بن سراج القرطبي (489 هـ) عكف على كتاب سيبويه ثمانية عشر عاما لا يعرف سواه.

وتفرغ أهل العلم لشرحه، وبيان ما فيه، وشرح مشكلاته، ونكته، وأبنيته، وشواهده، واختصاره، بل واختصار شروحه، والاعتراض عليه، ورد تلك الاعتراضات، فكان من ذلك نحو ستين كتابا، لعل آخرَها ما كتبه الدكتور هادي نهر تحت عنوان: الشرح المعاصر لكتاب سيبويه.

هذا مع الإكبار، والتعظيم، والإجلال حتى كان المبرد إذا أراد إنسان قراءة كتاب سيبويه عليه يقول له: أركبت البحر؟ تعظيماً واستصعاباً.

وكان المازني يقول: من أراد أن يصنف كتاباً كبيراً في النحو، بعد كتاب سيبويه فليستحي.

وقد رأينا في شعبة اللغة العربية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بتطوان أن نهدي لأهل العربية جملة أبحاث تتعلق بهذا الرجل الذي يعد من عباقرة البشرية ، فأخذنا برأي الجاحظ ـ رحمه الله تعالى ـ وذلك أنه قال : أردت الخروج إلى محمد بن عبد الملك، ففكرت في شيء أهديه إليه، فلم أجد شيئاً أشرف من كتاب سيبويه، وقلت له: أردت أن أهدي لك شيئاً ففكرت فإذا كل شيء عندك، فلم أر أشرف من هذا الكتاب. وهذا كتاب اشتريته من ميراث الفراء. قال: والله ما أهديت إلي شيئاً أحبَّ إلي منه.

فجمعنا لذلك نخبة من أهل اللغة والعلم، ممن برعوا في معرفة النحو العربي، يجمعهم حب العربية، والرغبة في كشف أسرارها الدفينة، وذخائرها التليدة. فبهم نرحب، ولهم نشكر، كما نشكر كل من حضر هذه الندوة راغبا في نشر ألوية العلم النافع، رافعا بيرق المعرفة الصحيحة في زمن الغربة الشديدة. والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

د. محمد الحافظ الروسي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق