مركز الدراسات والبحوث في القضايا النسائية في الإسلام

ندوة دولية حول مدونة الاسرة بعد 10 سنوات: خبرات و آفاق

سمية شكروني

 

 

 

بمناسبة الذكرى السنوية العاشرة لصدور قانون مدونة الأسرة، نظم المركز الدنماركي للمعلومات حول النوع الاجتماعي والمساواة والتنوع، على مدى بومين، ندوة بالرباط “حول مدونة الاسرة + 10: خبرات وآفاق”.

  

وقد افتتحت فعاليات هذه الندوة بكلمة لسفير الدنمارك بالمغرب مايكل لند بيسن الذي أشاد بالشراكة المغربية الدنماركية في مجال حقوق المرأة وقانون الأسرة، في إطار المشروع الدنماركي- المغربي الثنائي الذي انطلق سنة 2007، و الذي يهدف “لتعزيز حقوق المرأة و إمكانية الوصول إلى العدالة في النظام القانوني المغربي، كما اعتبر  مدونة الأسرة “مكسب كبير للمغرب و تجربة يحتذى بها في المنطقة”.

 

وفي كلمة لمديرة المركز الدنماركي للمعلومات حول النوع الاجتماعي و المساواة و التنوع، اليزابيث مولر ينسين، أكدت هذه الأخيرة على أهمية هذا اللقاء الذي اعتبرته فرصة مهمة لتقييم 10 سنوات من العمل بمدونة الأسرة لتحديد النواقص والأولويات التي يجب العمل عليها، مضيفة أن المركز يحاول من خلال هذا النشاط المساهمة في تبادل الخبرات وطرح أفكار جديدة فيما يتعلق بتنفيذ المدونة.

 

 

وقد عرف هذا اللقاء تقديم دراسة للسيدة ليلى حنفي حول تنفيد مدونة الأسرة المغربية 2004، تم من خلالها استعراض نتائج البحث الميداني الذي قامت به الباحثة في هذا الاطار. وقد خلصت الدراسة إلى أن إقرار المدونة كان خطوة مهمة في مسار الوضع القانوني للنساء في المغرب، بيد أن تطبيقها ما يزال غير مكتمل. فرغم الزخم الذي اكتسبته في السنوات الأخيرة، إلا انها مازالت تواجه تحديات عديدة كالحديث عن عيوب في صياغتها، بالإضافة إلى تحديات قبولها الاجتماعي وفرضه على الثقافة المنغلقة السائدة بين أفراد المجتمع المغربي وجهل عدد كبير من المغاربة لمضامين المدونة خصوصا في المناطق الريفية. وفي هذا الباب اعتبرت الباحثة أن هناك حاجة ماسة لبدل مزيد من الجهود على مستوى الأوساط الشعبية لتوعية المواطنين بشأن حقوقهم ومسؤولياتهم بموجب قانون الأسرة. كما أن هناك ضرورة لنهج تعاوني تشترك فيه جهات فاعلة متنوعة تشمل كل من الحكومة ووسائل الإعلام والمؤسسات التعليمية وفعاليات المجتمع المدني

 

 

في المساء، تم  تنظيم 4 ورشات لمناقشة دور المجتمع المدني في تنفيد المدونة وبحث سبل التعاون بينه وبين القضاة من أجل تنزيلها تنزيلا صحيحا يتناسب مع ما جاء به الدستور الجديد لسنة 2011 خصوصا فيما يتعلق  بفصله التاسع عشر الذي ينص على “المساواة” بين الرجل والمرأة.

 

وقد خلص اللقاء إلى أنه بعد عشر سنوات من تبني قانون جديد للأسرة، هناك تحديات مهمة في مجموعة من القضايا أهمها قضية تعدد الزوجات وزواج القاصرات والتحايل الذي يقع في هذا الباب الخاص بثبوت الزوجية باعتبار أن مدونة الأسرة الحالية منحت صلاحيات تقديرية واسعة للقضاة في الحسم في مثل هذه القضايا وهنا يطرح السؤال حول عقلية الجهاز القضائي بصفة عامة ومسطرة الصلح التي شكلت نقاشا واسعا في جلسات هذا اللقاء، حيث سجل معظم المتدخلين غياب المقاربة الحقوقية وآليات حل النزاعات الأسرية،  باعتبار أن جلسات الصلح المعمول بها تنحصر في محاولة القاضي ثني الطرفين عن الطلاق بطرق تنقصها الخبرة والتدريب. وفي هذا الباب، قدم مجموعة من القضاة مشروع دليل حول الوساطة على المستوى النظري والعملي لمساعدة القاضي لحل النزاعات الأسرية في محاولة لتشجيع البدائل التعبيرية وايجاد نظام قانوني محدد للوساطة كأداة لحل النزاعات. كما تناول مجموعة من المتدخلين اشكاليات اخرى تتعلق بحق المرأة في المتعة في حالة طلبها التطليق للشقاق مما يؤثر ايضا على مسألة اقتسام الممتلكات في ظل غياب معايير لتقديرها ومكانة العمل المنزلي فيها.

 

 


من جهة أخرى، يرى بعض الفاعلين خصوصا في صفوف الحركة النسائية أن هناك إشكالية مهمة تحول دون تنفيد المدونة تتمثل في ازدواجية المرجعية التي تحتكم إليها المدونة. فتارة تحتكم للمواثيق الدولية وتارة أخرى تحتكم للدين حسب نفس الفئة المتدخلة وقد اعطي مثال على ذلك في قضية الشهادة (شاهدين مسلمين). و بعض المقتضيات التي فيها الجانب الشرعي مثل الولاية القانونية التي تميز بين الأب وإلام التي لا يكون لها النيابة القانونية إلا بعد موت الأب أو أصابته بعاهة وهذا يتنافى مع مبدأ المساواة التي نص عليها الدستور الجديد. وفي هذا الاطار رأى بعض المتدخلين بأن الدولة مسؤولة على ايجاد حلول للازمة باعتبار أنها صادقت على المواثيق الدولية  ولأنها مسؤولة عن السياسات العمومية والتنشئة والتربية وهذا ما يطرح التساؤل حول الاليات التي توفرها لتحسين مواكبة المواطن ومدى نجاعتها.

 

وقد رأى بعض المتدخلين أنه ليس هناك تناقض بين القيم الاسلامية والموائيق الدولية، بل هناك عوامل اخرى تحول دون تنفيد فحوى المدونة ابرزها الامية، والظروف الاقتصادية والفقر وما يواكبه من ظروف صعبة.

 

هناك طرف ثالث يرى أن الإشكالية تتمثل في النقد المزدوج في اتجاهين متعارضين: من جهة “الهويات القاتلة” التي تتبنى خطابا تبجيليا واقصائيا دغماكي الذي يركز على  قدسية التأويلات الفقهية. و”النزعة الاستشراقية” التي تتبنى خطابا تقديسيا للمعايير الدولية والذي يعيد انتاج النظرة الاستشراقية حول المسلم عوض أن يدخل في قراءة نقدية للذات العربية الاسلامية.

 

 

ومما ميز هذا اللقاء وجود عدد مهم من القضاة بالإضافة إلى فاعلين جمعويين وأعضاء من هيئة المحاماة ومن البرلمان والحركات النسائية المناهضة للعنف ضد المرأة. وقد عبر المنظمون عن سعادتهم بالحضور المكثف للقضاة الذي يعد قفزة نوعية ومكسبا كبيرا سيساهم فيما بعد في خلق تعاون بين الطرفين وبحث الإشكالات المطروحة فيما يخص تطبيق بنود المدونة.

 

 


 نشر بتاريخ: 2 / 12 / 2013

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق