مركز ابن البنا المراكشي للبحوث والدراسات في تاريخ العلوم في الحضارة الإسلامية

ندوة تاريخ العلوم

يناير 5, 2012

الجلسة العلمية الرابعة

الإسهام العلمي الإسلامي في العلم الرياضي

د. سامي شلهوب (معهد التراث العلمي العربي – جامعة حلب، سوريا)

إنجازات العلماء العرب في الرياضيات والفلك مابين القرنين الثامن والرابع عشر

نتناول في هذا البحث إنجازات العلماء العرب في الرياضيات والفلك وأحكام النجوم ما بين القرنين الثامن والرابع عشر للميلاد، مستعرضين أهم العلماء وإنجازاتهم، ونذكر منهم ابن الهيثم والبيروني، والسجزي والطوسي والشيرازي وابن الشاطر والكندي وماشاء الله وابن هبنتى والقبيصي … ونوضح دور كل منهم في الرياضيات والفلك أو علم الهيئة وأحكام النجوم أو التنجيم، وآثاره في علماء الرياضيات والفلك الأوربيين.

د. يوسف قرقور (بالمدرسة العليا للأساتذة – القبة – الجزائر)

لمحة عن الإنتاج الرياضي بالغرب الإسلامي من خلال الأعمال الرياضية لابن قنفذ القسنطيني (810/1407)

عرفت الرياضيات العربية -أي الإنتاج المدوّن باللغة العربية في إطار الحضارة العربية الإسلامية- أربع مراحل أساسية منها الترجمة والإبداع وكذا مرحلة توقف البحث وانتقال بعض المواد الجديدة (الجبر، علم المثلثات…) والكتب الكلاسيكية إلى أوروبا الوسيطة. كما نسجل انتقال بعض المؤلفات الرياضية مبكرا إلى الغرب الإسلامي (المغرب والأندلس) ككتاب أبى كامل في الجبر والمقابلة، الذي وصل إلى الغرب الإسلامي، بدليل أنه شُرح من قبل أبي القاسم عبد الرحمن بن يحي بن الحسن بن محمد القرشي الأموي، نزيل بجاية، المتوفى سنة 580هـ/ 1184م، حسب ما جاء عند ابن خلدون في مقدمته.

نقدم في بداية هذه المداخلة، لمحة عن انتقال الرياضيات من المشرق إلى المغرب، معتمدين في ذلك على أبرز المصادر الببليوغرافية التي اهتمت بالأندلس. كما سنعرض أهم الإسهامات الأصيلة في ميدان الرياضيات بصفة عامة، والهندسة الأقليدية بصفة خاصة بالأندلس والمغرب ابتداءً من القرن 4هـ/10 ميلادي، سيما أعمال الملك الرياضي المؤتمن بن هود ملك سرقسطة (473هـ/1081م-478هـ/1085م).

وسنختم هذا العرض بالتطرق إلى الإنتاج الرياضي بالمغرب العربي، من خلال أعمال ابن البنا المراكشي (ت. 721هـ/1321م) في هذا المجال. وتعتبر أعماله بمثابة نقطة انطلاق لتقليد كامل توسع إلى جهات مختلفة من المغرب العربي وبلغ حتى مصر وما بقي من اسبانيا المسلمة. هذا العرف هو ظاهرة الشروح، ومن ضمن الشارحين نجد ابن قنفذ القسنطيني، الذي شرح كتابه تلخيص أعمال الحساب. وكان شرح ابن قنفذ بعنوان: حط النقاب عن وجوه أعمال الحساب، وخلاصة عرضنا سيكون حول محتوى هذا الشرح.

د. إدريس لمرابط (جامعة محمد الخامس، الرباط)

Méthodes et concepts développés par les mathématiciens des pays de l’Islam: L’exemple de la trigonométrie

    L’exposé fournit un bref aperçu du développement de la trigonométrie,  depuis  les Grecs et les savants de L’Inde, jusqu’à son épanouissement et sa constitution comme science à part entière indépendante de l’astronomie dont elle n’était qu’un outil. Parmi les principaux savants de la civilisation islamique qui ont contribué au développement  et/ou à l’autonomisation de la trigonométrie, nous mentionnerons en particulier: Habash Al-Hâsib, Al-Battânî , Abû-l-Wafa Al-Buzjânî, Ibn Muâdh Al-Jayyânî, Jâbir b. Al-Aflah, Al-Hasan Al-Murrâkushî , Nasîr Ad-Dîn  At-Tûsî et Al-Kâshî.

طرق ومفاهيم وضعها علماء الرياضيات في بلاد الإسلام: مثال علم المثلثات

تقدم هذه الورقة لمحة موجزة عن تطور علم المثلثات منذ الإغريق وعلماء الهند، حتى فترة تنميته وبنائه علما قائما بذاته، مستقلا عن علم الفلك الذي لم يكن سوى أداة. ومن بين علماء الحضارة الإسلامية الرواد الذين أسهموا في تطوير و / أو استقلال حساب المثلثات بذاته، نذكر على وجه الخصوص: حبش الحاسب، والبتاني، وأبو الوفاء البوزجاني، وابن معاذ الجياني، جابر بن الأفلح، والحسن المراكشي، ونصير الدين الطوسي، والكاشي.

د.  وفاء عبد الرحمن النعسان (معهد التراث العلمي العربي في جامعة حلب/ سوريا)

إسهامات المهندسين العرب في بناء قبة الصخرة في القدس الشريف

يلاحظ الباحث في كتب التراث العلمي العربي أن هناك نقصاً كبيراً في المعلومات الهندسية التي تتحدث عن المباني التاريخية وطرائق الإنشاء، فضلاً عن النقص الكبير في بيان المنهجية التي استخدمت في الدراسة لتحديد السماكات والأبعاد، إذ لا يجد الباحث قاعدة أو قانوناً كان يُستخدم في الدراسة وتحديد السماكات، بل كان يعتمد التقليد والتجربة والنظرة الحسية. وقد توجد بعض الإشارات الهندسية في متون بعض الكتب التراثية تتضمن وصفاً هندسياً لقبة الصخرة التي ارتبطت بها أحداث إسلامية خلدتها، حيث كان معراج الرسول صلى الله عليه وسلم إلى السماء، وكان دخول الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه فاتحاً ومصلياً، وهذا ما لفت انتباه الرحّالة والمؤرخين العرب الى الأهمية الدينية والتاريخية لهذا المعلم الأثري. بالإضافة الى الأهمية الهندسية التي تتحدث عن تفاصيل المكونات الهندسية، وتطوّر أساليب البناء والعناصر الإنشائية الحاملة لهذه القبة التاريخية إضافة إلى الأسقف المائلة والأعمدة الحجرية والجدران والفتحات والأقواس المكونة لهذه القبة. 

وقد عرف المهندس العربي المسلم فوائد تسقيف المساجد بالقباب، حيث تتميز القباب بخاصتين: الخاصة الأولى هندسية إنشائية فهي تساعد على توزيع الضغط الناجم عن ثقل السقف على أربعة جدران، وهذا الأسلوب الإنشائي أدى إلى الاستعاضة عن الأسقف المستوية، والخاصة الثانية هي الفنية التزيينية الزخرفية. و قد تطور بناء القباب في العصر الإسلامي حتى أصبحت القباب تختلف في طرازها وطريقة بنائها عن القباب التي تغطي الأضرحة.

يتضمن هذا البحث دراسة هندسية إنشائية بمنظور معاصر للمعلومات التي وُصفت فيها قبة الصخرة في الكتب التراثية، بُغية تحديد مستوى المعرفة الهندسية لدى المهندسين العرب المسلمين في مجال المكونات الهندسية والجمل الإنشائية، وهذا التحليل العلمي أثبت أن العرب المسلمين كانوا على دراية عملية ومعرفة علمية بالهند

أنشئت قبة الصخرة تكريماً وتخليداً للصخرة المشرفة، فهي أقدم نماذج القباب في العصر الإسلامي، وأجمل الآثار التي خلفها لنا التاريخ، ويجمع المتخصصون على أنها أقدم أثر إسلامي يتحدى الزمن، ويحتفظ بتخطيطه وجمال زخارفه حتى عصرنا الحالي.

وقد عرف المهندس العربي المسلم فوائد تسقيف المساجد بالقباب، حيث تتميز القباب بخاصتين: الخاصة الأولى هندسية إنشائية فهي تساعد على توزيع الضغط الناجم عن ثقل السقف على أربعة جدران، وهذا الأسلوب الإنشائي أدى إلى الاستعاضة عن الأسقف المستوية، والخاصة الثانية هي الفنية التزيينية الزخرفية. و قد تطور بناء القباب في العصر الإسلامي حتى أصبحت القباب تختلف في طرازها وطريقة بنائها عن القباب التي تغطي الأضرحة.

يتضمن هذا البحث دراسة هندسية إنشائية بمنظور معاصر للمعلومات التي وُصفت فيها قبة الصخرة في الكتب التراثية، بُغية تحديد مستوى المعرفة الهندسية لدى المهندسين العرب المسلمين في مجال المكونات الهندسية والجمل الإنشائية، وهذا التحليل العلمي أثبت أن العرب المسلمين كانوا على دراية عملية ومعرفة علمية بالهندسة الإنشائية، سواءً في مجال البناء أم في طرائق الإنشاء، ويُستدل على ذلك بآثارهم الباقية التي تُظهر الكفاءة الواسعة التي كانت لدى المهندس العربي في بناء البيوت والقصور والحصون والمساجد والخبرة العملية، والمعرفة المكتسبة المورثة من جيل الى آخر.

الجلسة العلمية الخامسة

الإسهام العلمي الإسلامي في علوم الطبيعة

د. محمد هشام النعسان (الجمعية السورية لتاريخ العلوم – سوريا)

الموازين عند المسلمين ودراسة جهاز الميزان الجامع وأهميته للخازني

كانت حرفة صناعة الموازين في عصر صدر الإسلام مشتهرة جداً، ذلك لأن التجارة كانت أحد المصادر الرئيسة للاقتصاد العربي الإسلامي. وأهم السلع الاقتصادية التي كانت مصدراً للثراء والتعامل تجارياً هي الذهب والفضة ومشغولاتهما، ثم الأحجار الكريمة كاليواقيت والزبرجد والماس وغيرها، كل هذه السلع كانت لها معايير وزنية ومواصفات قياسية، والموازين التي كانت تزن هذه السلع كانت لها مواصفات قياسية أيضاً. وقد بحث العرب في الثقل النوعي وقدروا ثقل عدد من الأجسام تقديراً يطابق ما قدره العلماء المعاصرون أو يقاربه. وكان العرب المسلمين أول من وصل إلى نسب حقيقيةٍ بين وزن الأجسام المختلفة وبين وزن الماء. ومن العلماء العرب المسلمين البارزين الذين بحثوا في الثقل النوعي ووضعوا مؤلفات مختصة بالموازين والنسب هو العالم العربي المسلم المهندس والفلكي أبو الفتح عبد الرحمان الخازن أو الخازني (ت550هـ/1155م).

ويخلط الكثير من المؤرخين في تاريخ العلوم بين عبد الرحمان الخازني وبين كل من أبي جعفر الخازن (توفى أواخر القرن الرابع الهجري) والحسن بن الهيثم (ت430هـ). كما يؤكد الكثير أنه فاق أساتذته أمثال: ابن سينا، والبيروني، وابن الهيثم.. في هذا المجال.

وقد أبدع أبو الفتح الخازني في موضوعي الحركية (الديناميكا) وعلم السوائل الساكنة (الهيدروستاتيكا) إبداعاً كبيراً، ولا تزال نظرياته تدرس في هذا المجال في المدارس والجامعات الأوروبية، ومن هذه النظريات (نظرية الميل والانحدار) و(نظرية الاندفاع)، وهاتان النظريتان لعبتا دوراً مهماً في علم الحركية.

وابتكر أبو الفتح الخازني جهازاً لمعرفة الوزن النوعي لبعض السوائل، ووصل في مقاديره إلى درجة عظيمة من الدقة، لفتت انتباه معاصريه ومن تبعهم. إذ لم يتجاوز خطؤه فيها على ستة في المئة من الغرام الواحد في كل ألفين ومئتي غرام. كما ابتكر جهازاً لمعرفة الوزن النوعي للعديد من المعادن والأحجار الكريمة (ذهب، وفضة، وألماس…). وناقش الخازني موضوع المقاومة التي يعانيها الجسم من أسفل إلى أعلى عندما يغمر في سائل… ويعد الخازني من أوائل العلماء الذين أظهروا أن قاعدة أرخميدس لا تسري على السوائل فقط، بل تسري كذلك على الغازات والأجسام الموجودة في الهواء،..

وكانت مثل هذه النظريات والدراسات هي التي مهدت لاختراع البارومتر (ميزان الضغط)، ومفرغات الهواء والمضخات…، وبهذا يكون قد سبق روجر بيكون (1214-1294م) وباسكال (1623-1662م) وتورشيللي (1608-1647م)، وغيرهم.

وتتوضح أعظم إنجازات الخازني العلمية من خلال كتبه التي تركها لنا، ومنها: “ميزان الحكمة”،.. وقد أطلق الخازني هذه التسمية لأنه ضمنه وصفاً لميزان مهم ابتكره يقوم بوزن كل ما أراده أطلق عليه اسم ( الميزان الجامع)…

والميزان الجامع هو أشرف الموازين المستعملة في الصناعات والمعاملات بين الناس، أما الفارق بينه وبين بقية الموازين هو أن الميزان الجامع يشير إلى زنة الأشياء بدقة متناهية ولا يميز بين الموزونات حجراً أو ذهباً…

والميزان الجامع (موضوع الدراسة) هو آلة مركبة من عدة أجزاء، يختص كل جزء منها بمهمة محددة، وتوزن به الأشياء حتى في الهواء وداخل الماء.

د. حامد عبد الرحيم عيد (جامعة القاهرة – مصر)

إسهام العلم العربي الإسلامي في مجال الكيمياء  

هناك عدد من الحقائق يجب الاهتمام بها، منها أن الإسلام هو الذي وجه الحركة الفكرية والحضارية الكبرى وأن  كل شيء في الغرب قد شُيد  بفضل المدنية الإسلامية. كما أن وجود العالم الإسلامي كان له أثر كبير فى صوغ التاريخ الأوربي، وأنه قد شمل التغيير الذي أحدثته الفتوحات الإسلامية بجانب الأوضاع السياسية الميدان الحضاري، كما أن الحضارة الإسلامية قد بنيت على دعامتين هما اللغة العربية والدين الإسلامي، وكان نزول القرآن الكريم باللغة العربية إعلاء لشأنها، وأخيرا فإن  الدين الإسلامي لم ينتشر بحد السيف ولكن سيطرة العرب السياسية هي التي انتشرت بقوة السلاح.

وفى هذه الورقة سيتم إلقاء الضوء على ماذا يقصد بالكيمياء والتغيرات التي تحدث في بنية المادة وتكوينها، والتغيرات المصاحبة في الطاقة، وعلى كلمة كيمياء التى اختلف حول أصلها الكثير من مؤرخي العلوم، وكيف تأثرت الكيمياء العربية في طورها المبكر بالخيمياء اليونانية والسريانية التي لم تكن ذات قيمة، حيث اعتمد الإغريق والسريان آنذاك على الفرضيات والتحليلات الفكرية، أما العرب فسموه علم الصنعة حيث حددوا له هدفين هما: أولاً تحويل المعادن الخسيسة كالحديد والنحاس والرصاص والقصدير إلى معادن نفيسة كالذهب والفضة من خلال التوصل إلى حجر الفلاسفة. وثانيًا: تحضير إكسير الحياة ليكون بمثابة علاج يقضي على متاعب الإنسان وما يصيبه من آفات وأمراض. وبعد أن نقل العرب والمسلمون ما لدى الآخرين من علم الخيمياء، تعمقوا في الصنعة وتوصلوا رويدًا رويدًا إلى اكتشافات جديدة، وبحلول أواخر القرن الثالث وأوائل الرابع للهجرة استطاع العرب أن يدخلوا التجربة العلمية والمشاهدات الدقيقة، مما أضفى على هذا العلم أصالة البحث العلمي التجريبي؛ لذا يوجد شبه إجماع لدى كثير من الباحثين على أن العرب هم مؤسسو علم الكيمياء التجريبي. وهم الذين أظهروا دراساته من السّريّة والغموض والطلاسم، التي عرفها بها الآخرون، واختطوا لها منهجًا استقرائيًا سليمًا يقوم على الملاحظة الحسيّة والتجربة العلمّية التي أطلقوا عليها في كتاباتهم اسم الدّربة والتجربة.

د. رولاند لافيت R. LAFFITE ، (فرنسا)

The Arab celestial figures and starlore, a treasure to be shared

الصور السماوية العربية والمعرفة التقليدية بالنجوم: كنز ينبغي تقاسمه

استجابة لاهتمام عام بتاريخ علم الفلك، ليس فقط في جانبه الرياضي والفيزيائي، ولكن أيضا في بعده الثقافي، حيث يعني تمثلات السماء، والتخيل السماوي، نلاحظ اليوم جهودا كبيرة من قبل العديد من الناس، في جميع أنحاء العالم، لجعل كنوز الروح البشرية هذه أكثر عمومية وإتاحة. والآن توجد هنا مفارقة: فرغم أن ثلثي الأسماء الشائعة الخاصة بالنجوم في كتالوجات النجوم في أنحاء العالم هي في الأصل باللغة العربية، فإن التراث غير المادي والغني جدا الذي جاءت منه هذه الأسماء غير معروف إلى حد كبير.

هناك سمة مميزة لعلم الفلك العربي والإسلامي هو أن الصور الممثلة في قبو السماء هي تلك التي يمثلها اليونانيون. وكما يمكن رؤية ذلك من صورة “الدب الأكبر” و”الظباء” والتي ورثت تشكيلاتها عن الإغريق، عين العرب أسماء شعبية عربية للنجوم الداخلة تحت الصور الخاصة بها. “نعش وبناته”، و”الظباء” أي “الغزال”، والتي لا علاقة لها بأساطير الدب. لهذا في الوقت الذي كان فيه العالم يعيش ثورة الصور، كان هناك اهتمام خاص بعرض الصور التي هي من نتاج المخيلة العربية، كما يفعل آخرون في أماكن أخرى من العالم ذات ثقافات أخرى. إن المهمة ليست صعبة ما دامت جميع الصور موجودة بالتفصيل في الوثائق الفلكية. وصور الآخرين يمكن عرضها، مثال ذلك: الثريا والجوزاء.

 إلى جانب الصور، هناك حاجة لإعطاء أهمية للمعرفة التقليدية بالنجوم عند جمهور العالم العربي. ولكن يجب جمعها، واقتناصها ليس فقط من الأدب الكلاسيكي ولكن أيضا من الأدب الشعبي والذاكرة الشفوية، ولاسيما ذاكرة البحارة والمزارعين البدو الذين يمارسون المعرفة بالنجوم التي تختفي بسرعة، ثم أيضا في التقاليد الحضرية: في الأغاني، وما إلى ذلك.

  مثل هذه الجهود يمكن أن تؤدي إلى تصحيح الخلل الصارخ القائم اليوم، بين مفهومنا عن أهمية التراث العربي، وبين إعطائه المساحة الكاملة التي يستحقها في هذا المجال.

د. سليم الحسني Salim T S  Al-Hassani

( Science, Technology and civilisation, Foundation for UK Chairman )

1001 inventions: Muslim Heritage in World 

كما سيجرى استعراض هذه الاختراعات التي لا تزال آثارها واضحة في بيوتنا، وفي المستشفيات والمدن والأسواق، وفي العالم والكون. وتشمل هذه الاختراعات مجموعة من الأجهزة الهندسية والاكتشافات العلمية، والمنتجات الطبية، ونظم التعليم، والمفاهيم المبتكرة.

وسوف يتم تقديم وصف للمشروع الموضوع حديثا، 1001 اختراع: التراث المسلم في عالمنا، مع المعرض المتصل به، وكتاب مصاحب له، والموقع، والمواد التعليمية.

وسيتم إجراء تحليل لمفهوم “الإيمان” المنتج “للعمل الصالح” الذي هو القوة الدافعة وراء النجاح في الماضي. ولذا تقترح هذه القوة عينها لتكون البوابة التي نعبر من خلالها إلى مستقبل المجتمع الحديث استنادا على أسس أخلاقية.

هذه المحاضرة تسلط الضوء على 1000 سنة من العلوم والتكنولوجيا تعتبر في عداد المفقود من التاريخ الأوروبي، ويشار إليها أحيانا باسم العصور المظلمة. بينما تتوافق مع العصر الذهبي للعلوم في آسيا وأفريقيا.

سيتم عرض رسومات وصور ثلاثية الأبعاد تمت صياغتها اعتمادا على المخطوطات. وسيتم دراسة أثر الاختراعات العديدة التي قدمها كبار العلماء، المسلمين وغير المسلمين في العالم الإسلامي، في حضارتنا الحالية.

الجلسة العلمية السادسة

 المفاهيم والمصطلحات العلمية

د. نبيلة عبد المنعم داود (مركز التراث – جامعة بغداد) 

الموسوعات العربية الإسلامية مصدرا لدراسة تاريخ العلوم الإسلامية

كان لرواة اللغة الفضل في التأليف عن المواضيع المتعددة مما يخص الإنسان والحيوان والنبات فضلا عن مواضيع في الفلك والأنواء.

ثم هناك كتب عنيت بتدوين اللغة مصنفة حسب المواضيع، وهي الكتب التي ألفت للكُتاب، وهم موظفو الدواوين الذين صاروا بعد تعريبها يكتبون بالعربية، فكان عليهم إتقانها ومعرفة المعاني الصحيحة لمفرداتها، كي يتجنبوا باستعمالها الأخطاء التي قد تؤدي إلى ارتباك في الإدارة وظلم الناس، ومنها كتاب أدب الكاتب لابن قتيبة (ت276هـ). كما ألفت في العربية عدد من الكتب تناولت جوانب متعددة من الحياة والفكر، ومنها ما يتصل بالعلم، فذكرت بعض الحقائق والأفكار العلمية وأسماء بعض العلماء وما يتصل بحياتهم. ومن أقدم هذه الكتب كتاب عيون الأخبار لابن قتيبة (276هـ). وهو كتاب شامل فيه معلومات عن الإنسان والحيوان والنبات. ثم تلاه الزمخشري (ت538هـ) في ربيع الأبرار، فذكر معلومات عن خلق الإنسان والصحة والطعام .

وبعد سقوط بغداد عام 656هـ عل أيدي التتار واضطراب الأمور وهجرة عدد كبير من العلماء إلى مصر والشام، أحدثوا حركة علمية أثرت في بعض العلماء المصريين، فدعتهم إلى التفكير في إنقاذ الثقافة الإسلامية، ورأوا أن خير طريقة لذلك هي جمع المواد التي تتألف منها هذه الثقافة في كتب كبيرة على شكل موسوعات أو دوائر معارف، لا تدع صغيرة ولا كبيرة إلا أصحتها. ورغم سيطرة التتار، إلا أن الثقافة الإسلامية نبعت من جديد على يد نفر من العلماء، سلكوا في كتابتها طرقا جديدة: فمنهم من جمعها في مجالات العلوم كما فعل الوطواط (ت718هـ) في مباهج الفكر ومناهج العبر، ومنهم من جمعها بإطار لغوي كما فعل ابن منظور (ت711هـ) في لسان العرب، أو إطار أدبي كما فعل النويري (ت733هـ) في نهاية الأرب، أو في إطار جغرافي كما فعل العمري (749هـ) في مسالك الأبصار في ممالك الأمصار ، أو في إطار ديواني كما فعل القلقشندي (ت821هـ) في صبح الأعشى في صناعة الإنشا.

وسيركز البحث على المادة العلمية في هذه الموسوعات.

إن أهمية الموسوعات تكمن في إنها تقدم معلومات علمية توازي في أهميتها معلومات الكتب المختصة، كما أنها تمثل المعرفة العلمية المتراكمة، ومعلوماتها مهمة لدارس تاريخ العلوم العربية الإسلامية.

د.عبد المجيد قاسم نصير (جامعة العلوم والتكنولوجيا ـ الأردن)

تطور اللغة العربية من لغة أدبية إلى لغة علمية

من المعروف أن اللغة العربية حتى ظهور الإسلام كانت لغة أناس غلبت عليهم البداوة، وكان أسمى تعبيراتها في الشعر والخطابة والحكم والأمثال. وهي جميعا تعابير أدبية. وجاء الإسلام، بما فيه من مصطلحات أخرى، ووحي تمثل في القرآن الكريم، وأحاديث الرسول وخطبه. فتطورت اللغة العربية لتستوعب هذه المصطلحات، والتعبيرات التي يمكن أن نسميها لغة دينية، وبخاصة بعد وضع مصطلحات فقهية وغيرها مما احتاجت إليه علوم التفسير والحديث والقرآن والفقه واللغة. وكان هذا تطورا مهما آخر. وبعد تعريب الدواوين في العصر الأموي، دخلت اللغة في تطور آخر يمكن أن نسميه لغة ديوانية. ثم حصل تطور آخر مهم مع ترجمة العلوم وكتب الفلسفة من السريانية واليونانية والفارسية والسنسكريتية. وهكذا ظهرت اللغة العلمية، بمصطلحاتها، وأساليبها ومميزاتها، وأظهرت حيوية ومرونة وسرعة في استجابتها للتحديات.

تبحث هذه المقالة في التطور العلمي الذي حصل للغة العربية، مع ضرب أمثلة.

د. بناصر البعزاتي (جامعة محمد الخامس ـ الرباط، المغرب)

مفهوم ” الاعتبار ” لدى ابن الهيثم

استعمل مفهوم “الاعتبار” لدى علماء الفلك والبصريات قبل ابن الهيثم، من طرف أبي عبد الله البتاني وابن قرّة الحرّاني وأحمد بن عيسى، في سياق عرضهم لمضامين العلمين المذكورين لدى بطلميوس الإسكندري. أما الراصدين في مرصدي بغداد ودمشق، خلال حكم المأمون والمعتصم العباسيين، فقد حاولوا تهذيب الأرصاد القديمة، مستعملين لفظ “الامتحان” أو “المحنة” أو “التجربة”. ثم كانت لحظة الاستيعاب والتحليل النقدي للعلم الموروث عن القدماء على يد أبي سعد العلاء بن سهل وأبي سهل القوهي وآخرين، وأصبح مفهوم “الاعتبار” أكثر وروداً لدى العلماء.

وقد أصبح مفهوم “الاعتبار” لدى ابن الهيثم (354-432/965-1040) يشكل علامة مركزية في تطور المنهج العلمي؛ إذ استعمله ابن الهيثم بكثرة، خصوصاً في كتابه المناظر، وبصورة أقل في كتاباته الأخرى. ويرد هذا المفهوم في صيغ الفعل والمصدر مرتبطاً بمفاهيم أخرى يتلاحم معها، ليشكل المجموع ترسانة مفهومية تعبّر عن مدى غنى النظر الهيثمي في العلم التجريبي؛ منها الاستقراء (بكثرة) والاستدلال والقياس، …  من رصد الاستعمال الهيثمي لمفهوم “الاعتبار”، ومن خلال تتبّع التجديد الهيثمي في البصريات والفلك، سنحاول إبراز المحتوى الدلالي للمفهوم وقيمته الإبستمولُوجية وارتباطه العضوي بآليات الاستدلال لدى أبي علي. فهذا المفهوم قريب مما يسمى اليوم بالتجريب، لكنه أيضاً متعلق بالبرهنة والاختبار اللذين يطمحان إلى التحقق من الفرضيات في الفاعلية النقدية للعلم.

فمفهوم “الاعتبار” ذو جذور تاريخية لدى العلماء السابقين، قدماء مثل بطلميوس وجالينوس، ومتأخرين مثل القوهي وابن عيسى؛ لكنه أصبح ذا حمولة دلالية واستعمال منهجي غني وخصب في سياق العمل التركيبي والنقدي الهيثمي.

د. إدريس نغش (أكاديمية الرباط ـ المغرب)

مفهوم الشكوك في التراث العلمي العربي: مرجعيته الثقافية وقيمته الإبستمولوجية

يقدم هذا العرض دراسة تحليلية لمصطلح الشكوك، تجيب على سؤالين:

الأول: كيف تم تداول مصطلح الشك في المرجعية الإسلامية؟ وهو سؤال مشكل يتعلق بشرعية الشكوك، وذلك بالنظر إلى وجود نصوص قدحية لهذا المصطلح في نصوص الوحي إلى جانب نصوص مدحية كقول النبي: (نحن أحق بالشك من إبراهيم). مما يستدعي دراسة مصطلحية لهذا اللفظ في النصوص الإسلامية المبكرة. فلعلها تفسر اندفاع الفكر العلمي الإسلامي إلى التأليف في هذا الموضوع بوفرة ملحوظة، وتبني الوجه الإيجابي لدلالة اللفظ وممارسته، حتى صار عند العلماء ضرورة علمية، وفضيلة شرعية، لأنه دليل حصول الاجتهاد في العلم، ولأنه يسمح بممارسة فضيلة التصحيح في العلم.

الثاني: ما هي القيمة الإبستمولوجية لظاهرة الشكوك في المجال العلمي الإسلامي؟ وهو سؤال مهم يتعلق بوظيفة الشكوك، وذلك بالنظر إلى أنه يتضمن إقرارا باحتمال الخطأ والوقوع فيه، ولذلك فممارسة الردود والنقود والشكوك على نظرية علمية ما قد يفقدها ـ في لحظة ما من الزمن ـ خاصية اليقين أو الصواب، ولكنه لا يحرمها من شرف الانتماء إلى تاريخ العلم. وسنتبين من خلال دراسة للمصطلح عند الرازي وابن الهيثم أن الفكر العلمي الإسلامي أدرك مفهوم التراكم والخطأ قي تاريخ العلم، كما أدرك مفهوم العائق المعرفي بأنواعه الذاتية والموضوعية. وكلها مفاهيم إبستمولوجية صميمية.

لقد تقرر لدى المسلمين أن التعامل مع الثقافة العلمية للأمم الأخرى يجب أن يتأسس على الحوار النقدي لا على التسليم المطلق. وكانت ظاهرة الشكوك على الإنتاج العلمي للآخرين من أهم ملامح هذا العقل التقدي، الذي كانت غايته طلب الحق، ومخاصمة النفس والغير معا في سبيل ذلك. مع الاعتراف للغير بما قدمه من جليل العمل الذي لا يكره النقد، بل يغنيه. وليس هذا الموقف النقدي من باب التعصب للثقافة المحلية، فإن هذا النقد كان يوجه كذلك للمصادر العلمية الإسلامية، فقد ألف العلماء المسلمون كتبا نقدية عديدة لمؤلفات بعضهم، في مختلف المجالات العلمية كالطب والصيدلة والفلك وغيرها.

الجلسة العلمية السابعة

 التكامل العلمي في العلوم الإسلامية

 د. محمد باسل الطائي (جامعة اليرموك/ الأردن)

 مسائل فيزيائية وكونية في حوارات إبن رشد والغزالي

 أعرض في هذا البحث لثلاث مسائل نجدهما في كتابات إبن رشد وفي حواراته لأطروحات أبي حامد الغزالي: إحداها تتعلق بمسألة الجزء الذي لا يتجزأ وموقف ابن رشد منه، إذ يرفض ابن رشد فكرة الجوهر الفرد، ويتوصل إلى القول بأن إقرار مفهوم الجوهر الفرد والقسمة النهائية للأشياء ستجعل من صناعة الهندسة صناعة العدد نفسها. وهذه النتيجة التي توصل إليها ابن رشد تدعمها نتائج العلم المعاصر، إذ وجدنا بعد ظهور ميكانيك الكم واعتماد البنية الذرية للأشياء أن صناعة الهندسة قد تحولت إلى صناعة العدد، وصرنا نتكلم عن الأعداد بدلاً من الحديث في الهندسات للتعبير عن أشكال المدارات الذرية. والمسألة الثانية تتعلق بحجم العالم (الكون) وما إذا كان بالإمكان أن يكون أكبر مما هو عليه أو أصغر. إذ يرى الغزالي أن لا مانع يمنع من أن يكون الكون أكبر مما هو عليه أو أصغر، وبالتالي فهو يبيح توسعه كما يبيح انكماشه. وفي هذا السياق يطرح أبو حامد تساؤله عن ما يمكن أن يكون من شيء خارج الكون، ليجيب على ذلك أن لا شيء يمكن أن يكون خارج الكون خلافاً لما هو متوقع بالبداهة. وهذا مما يؤكد تقدم العقل المسلم منذ زمن طويل إذ كانت هذه الحوارات والحجج على مستوى رفيع من المقال العلمي والفلسفي على كلا الجانبين.

 وفي مسألة أخرى يناقش الغزالي مصير الشمس ويرى أنها آيلة للذبول والاضمحلال بالتدريج وإن كان ذلك حاصلاً ببطء شديد. وفي هذه المسألة يحاول الغزالي أن يدحض مقولة الحكيم اليوناني جالينوس من أن الشمس جسم سماوي أثيري لا يعتريه الفساد ولا الذبول وهذا ما كان أرسطو قد أقره من قبل وسار على نهجه بعض فلاسفة المسلمين.

 ويأتي العلم المعاصر ليثبت صحة ما ذهب إليه المسلمون في توجههم العام وما كانوا قد اجتهدوا فيه من مسائل علمية كونية وفلكية في رؤيتهم للعالم منطلقة من الرؤية الإسلامية أساساً.

 إن الكشف عن هذه المسائل يسجل للفكر العربي الإسلامي مفخرة تاريخية تؤكد صحة المنطلقات التي انبنى عليها ذلك الفكر وتؤكد عصرية الرؤية والمنهج الإسلاميين.

 د. فؤاد بن أحمد (دار الحديث الحسنية ـ الرباط ـ المغرب)

 تداخل العلوم لدى ابن رشد: البصريات بين علوم الطبيعة والتعاليم

 مشهور أن ابن رشد صاحب فلسفة أساسا وليس رجل ممارسة علمية كباقي العلماء الذين شهدهم تاريخ الحضارة الإسلامية، ومن ثم فإن مساهمته لن تكون إلا دون مساهمة هؤلاء؛ قد نقبل بهذا، ولكن شريطة أن نأخذ في الحسبان أن المعارف في الحضارة الإسلامية كانت متداخلة أشد ما يكون التداخل. ومن ثم فإننا نفترض أن الفاعلية العلمية لم تكن منفصلة تماما عن النظر الفلسفي، بل تبقى متقاربة لاسيما أن العالم والفيلسوف كانا ينهلان معا من نفس المصادر تقريبا، ويتبادلان المبادئ والمقدمات والبراهين ويشتغلان بآليات عقلية متقاربة. لكن هذا لا يعني تجاهل أمرين: أولا، الاختلاف في مدى (أو درجة) مباشرة الوقائع والتجارب ودرجة السبك والوثاقة في الاستدلالات. وثانيا التعاون والتبادل المشار إليهما كانا مقيدين بمجموعة من الاعتبارات والشروط.

 عندما نتحدث عن التداخل في المعارف أو التفاعل بينها فإننا نقصد مظهرين له، مظهر أول نبرز من خلاله ما عكسته نصوص ابن رشد من المسارات التي قطعتها العلوم إلى حدود عصره؛ ونكشف عن مدى انخراطه في مسار الفاعلية العلمية وحدود ذلك الانخراط.

والعلم الذي سنفحص طبائع وقيود تفاعلاته وتبادلاته بين العلوم الرياضية والطبيعية هو البصريات. وقد وقع اختيارنا على هذا العلم بالذات من أجل فحص ما إن كان تعامل ابن رشد مع هذا العلم كان في مستوى التقدم الذي حصله، خصوصاً على يد ابن الهيثم. والمظهر الثاني الذي يقوي دعوى تداخل المعارف وتفاعلها أيضا هو ما يمكن أن نسميه باستثمار ابن رشد لأوضاع الإبصار وشروطه استثمارا يكون فيه الإبصار نموذجا في معالجته للمسائل النفسية وبخاصة في نظرية العقل.

  د. فدوى الهزيتي (جامعة الحسن الثاني، عين الشق، الدار البيضاء، المغرب)

 الأسس المنهجية والمعرفية لكتاب الاستبصار فيما تدركه الأبصار لشهاب الدين القرافي

رغم اهتمامه بتجارب علمية مثيرة في عصره ورغم عطاءاته في مجال العلوم البحتة فقد ارتبط اسم وصيت شهاب الدين أحمد ابن إدريس القرافي الصنهاجي المصري أساسا بالعلوم الدينية والفقهية وبعلم الكلام. وتكاد تكون رسالته الاستبصار فيما تدركه الأبصار استثناء في مسيرته كفقيه ومتكلم، بل ودليلا على الارتباط  الذي كان قائما بين العلم والدين في تاريخ العلوم عند المسلمين.

 ولعلنا نعتبر كتاب الاستبصار فيما تدركه الأبصار حلقة أخرى تضاف إلى سلسلة الرسائل

والأجوبة على مسائل وتساؤلات في مجالات علمية متعددة كالرياضيات والفلك والعلوم الطبيعية والتي كانت تفد إلى المسلمين من إمبراطور صقلية، فردريك الثاني في القرن الثالث عشر؛ نذكر منها  “الرسائل الصقلية” لابن سبعين الأندلسي.

وقد  ألف القرافي كتاب الاستبصار في هذا السياق التاريخي وفي إطار تواصل علمي محفز ودافع للتفكر والتدبر؛ فجاءت مقاربته لعلم المناظر مقاربة تجريبية وكلامية، ربما حاول القرافي من خلالها أن يتجاوز ما أتى به معاصروه من ردود على تلك المسائل.

 جعل القرافي رسالة الإسبتصار في بحثين، الأول حول المقدمات وهي ستة والثاني في خمسين مسألة أوجد لكل منها جوابا؛ ابتداء من مسألة تشريح العين إلى خصائص البصر وطبيعة الشعاع والضوء وانعكاسه على أجسام مختلفة من شفافة إلى صقيلة، مرورا برؤية الشمس والقمر والكواكب بالعين المجردة.

نقدم في هذا البحث دراسة للخصوصيات العلمية لمخطوطة كتاب الاستبصار، وهي مخطوطة تم العثور عليها بمكتبة الإسكوريال الإسبانية ولم تحقق بعد. وسنحاول أن نحلل جوانبها العلمية والاصطلاحية والتصويرية ونتطرق إلى الأسس المعرفية التي استند إليها القرافي والمنهجية التي اعتمدها في مقاربته لعلم المناظر.

 إن السؤال الذي يطمح هذا البحث إلى الإجابة عليه هو: هل كتاب الإستبصار يسبر من جديد أغوار علم كان ابن الهيثم قد وضع أسسه وأرسى قواعده قرونا من قبل، أم أنه لا يعدو أن يكون تصورا وقراءة أملتهما الظروف التاريخية والسياقات الحضارية التي وجد فيها القرافي؟

 د. عبد المنعم الشقيري (دار الحديث الحسنية ـ الرباط ـ المغرب)

تأثير المؤسسات الاجتماعية في الإسلام على الحركة العلمية: الوقف نموذجا نحو سوسيولوجيا للخطاب العلمي في الإسلام

يندرج هذا الموضوع في إطار سوسيولوجيا الخطاب العلمي، وخاصة في في القضايا الاجتماعية والمؤسساتية التي واكبت الحركة العلمية في العالم الإسلامي، وتأثيرها في هذه الحركة إيجابا أو سلبا.

 ما حقيقة هذه المؤسسات التي سهرت على رعاية هذا النمط من المعرفة؟ هل يمكن اعتبار خضوع المؤسسات العلمية في الإسلام من مدارس ومراكز لمبدأ الوقف عائقا أمام البحث العلمي أم لا؟

 يرتبط بهذا السؤال المركزي في البحث أسئلة تفصيلية أخرى يسعى البحث إلى الإجابة عليها من قبيل: من هو العالم وماذا كان دوره داخل المجتمع الإسلامي؟ وماذا كانت قيمة النشاط العلمي في المدينة الإسلامية؟ وما علاقته بثنائية الخاصة والعامة؟ وهل كانت هناك حاجة إلى النشاط العلمي ترافقها قيم اجتماعية مدعمة لها أم العكس؟ وما علاقة المعرفة العلمية بالمسألة الأخلاقية من خلال مفهوم المحتسب؟

 هذه الأسئلة وغيرها هي التي سيعمل هذا البحث على الإجابة عليها.

 د. خلدون ضياء الدين (جامعة زيوريخ، سويسرا)

 منظومة العلوم الإسلامية تاريخيا وعلاقتها بالمشروع العلمي والتربوي العام للأمة تطبيق عملي اليوم

 انطلاقا من فهم المسلمين للقرآن وللسنة النبوية المطهرة تطورت في العالم الإسلامي منظومة علمية متكاملة تضم النواحي الإدارية والتنظيمية والعلمية والشرعية. واستطاعت هذه المنظومة ببعديها الأفقي والعمودي من أن تقدم للبشرية أنموذجا لا زال صالحا حتى الآن لتطوير العلوم والجو العلمي. وتم ذلك عن طريق إنشاء مؤسسات البحث العلمي أو مؤسسات التدريب والتدريس أو المؤسسات الممولة للمؤسسات السابقة ماديا أو علميا أو حماية لها، إضافة إلى الجوائز. وتم في إطار هذه المنظومة استقطاب أساطين العلم من ناحية ولم يتم التنكر للمنجزات العلمية التي سبقت بل تم الاعتناء بها والاعتماد عليها ترجمة وتعليقا وتصحيحا وإكمالا، بحيث تكون هذه المنظومة حلقة في سلسلة التقدم البشري. ولقد كانت هذه المنظومة بكل مكوناتها أساس التعاون والتنافس بين العلماء للوصول إلى الحقائق العلمية مع الأخذ بعين الاعتبار النواحي الأخلاقية التي احتوتها مقاصد الشريعة بشكل عام. وسيتطرق بحثنا في قسمه الأول إلى شرح هذه المنظومة بخطوطها العامة وتداخلاتها مع الأمثلة التاريخية.

ولما كانت هذه المنظومة تهدف إلى الاستجابة إلى شرطي الكفاية والعينية في خدمة المجتمع كما هو فلا بد في متابعة فكرة هذه المنظومة حين عرضها أن نركز على موضوع إعلام وتعليم الأجيال الجديدة من المسلمين أسس هذه المنظومة. وفي هذا القسم الثاني سيتم شرح هذا المقصد الأساسي من مقاصد هذه المنظومة في إطار فقه الواقع القديم. وبما أن من تحديات واقعنا إغفال دور المسلمين في العلوم في العالم الغربي والنظام التعليمي الغربي على الرغم من العولمة والمناداة بالحوار فلا بد إذن من عرض هذه المنظومة بشكل عصري عرضا ومضمونا وهذا هو مجال التطبيق العملي الذي نعمل فيه منذ أكثر من عشر سنوات ونود عرضه إن شاء الله  في القسم الأخير من الكلمة.

وقد عرف المهندس العربي المسلم فوائد تسقيف المساجد بالقباب، حيث تتميز القباب بخاصتين: الخاصة الأولى هندسية إنشائية فهي تساعد على توزيع الضغط الناجم عن ثقل السقف على أربعة جدران، وهذا الأسلوب الإنشائي أدى إلى الاستعاضة عن الأسقف المستوية، والخاصة الثانية هي الفنية التزيينية الزخرفية. و قد تطور بناء القباب في العصر الإسلامي حتى أصبحت القباب تختلف في طرازها وطريقة بنائها عن القباب التي تغطي الأضرحة.

يتضمن هذا البحث دراسة هندسية إنشائية بمنظور معاصر للمعلومات التي وُصفت فيها قبة الصخرة في الكتب التراثية، بُغية تحديد مستوى المعرفة الهندسية لدى المهندسين العرب المسلمين في مجال المكونات الهندسية والجمل الإنشائية، وهذا التحليل العلمي أثبت أن العرب المسلمين كانوا على دراية عملية ومعرفة علمية بالهندسة الإنشائية، سواءً في مجال البناء أم في طرائق الإنشاء، ويُستدل على ذلك بآثارهم الباقية التي تُظهر الكفاءة الواسعة التي كانت لدى المهندس العربي في بناء البيوت والقصور والحصون والمساجد والخبرة العملية، والمعرفة المكتسبة المورثة من جيل الى آخر.

الجلسة العلمية الخامسة

الإسهام العلمي الإسلامي في علوم الطبيعة

د. محمد هشام النعسان (الجمعية السورية لتاريخ العلوم – سوريا)

الموازين عند المسلمين ودراسة جهاز الميزان الجامع وأهميته للخازني

كانت حرفة صناعة الموازين في عصر صدر الإسلام مشتهرة جداً، ذلك لأن التجارة كانت أحد المصادر الرئيسة للاقتصاد العربي الإسلامي. وأهم السلع الاقتصادية التي كانت مصدراً للثراء والتعامل تجارياً هي الذهب والفضة ومشغولاتهما، ثم الأحجار الكريمة كاليواقيت والزبرجد والماس وغيرها، كل هذه السلع كانت لها معايير وزنية ومواصفات قياسية، والموازين التي كانت تزن هذه السلع كانت لها مواصفات قياسية أيضاً. وقد بحث العرب في الثقل النوعي وقدروا ثقل عدد من الأجسام تقديراً يطابق ما قدره العلماء المعاصرون أو يقاربه. وكان العرب المسلمين أول من وصل إلى نسب حقيقيةٍ بين وزن الأجسام المختلفة وبين وزن الماء. ومن العلماء العرب المسلمين البارزين الذين بحثوا في الثقل النوعي ووضعوا مؤلفات مختصة بالموازين والنسب هو العالم العربي المسلم المهندس والفلكي أبو الفتح عبد الرحمان الخازن أو الخازني (ت550هـ/1155م).

ويخلط الكثير من المؤرخين في تاريخ العلوم بين عبد الرحمان الخازني وبين كل من أبي جعفر الخازن (توفى أواخر القرن الرابع الهجري) والحسن بن الهيثم (ت430هـ). كما يؤكد الكثير أنه فاق أساتذته أمثال: ابن سينا، والبيروني، وابن الهيثم.. في هذا المجال.

وقد أبدع أبو الفتح الخازني في موضوعي الحركية (الديناميكا) وعلم السوائل الساكنة (الهيدروستاتيكا) إبداعاً كبيراً، ولا تزال نظرياته تدرس في هذا المجال في المدارس والجامعات الأوروبية، ومن هذه النظريات (نظرية الميل والانحدار) و(نظرية الاندفاع)، وهاتان النظريتان لعبتا دوراً مهماً في علم الحركية.

وابتكر أبو الفتح الخازني جهازاً لمعرفة الوزن النوعي لبعض السوائل، ووصل في مقاديره إلى درجة عظيمة من الدقة، لفتت انتباه معاصريه ومن تبعهم. إذ لم يتجاوز خطؤه فيها على ستة في المئة من الغرام الواحد في كل ألفين ومئتي غرام. كما ابتكر جهازاً لمعرفة الوزن النوعي للعديد من المعادن والأحجار الكريمة (ذهب، وفضة، وألماس…). وناقش الخازني موضوع المقاومة التي يعانيها الجسم من أسفل إلى أعلى عندما يغمر في سائل… ويعد الخازني من أوائل العلماء الذين أظهروا أن قاعدة أرخميدس لا تسري على السوائل فقط، بل تسري كذلك على الغازات والأجسام الموجودة في الهواء،..

وكانت مثل هذه النظريات والدراسات هي التي مهدت لاختراع البارومتر (ميزان الضغط)، ومفرغات الهواء والمضخات…، وبهذا يكون قد سبق روجر بيكون (1214-1294م) وباسكال (1623-1662م) وتورشيللي (1608-1647م)، وغيرهم.

وتتوضح أعظم إنجازات الخازني العلمية من خلال كتبه التي تركها لنا، ومنها: “ميزان الحكمة”،.. وقد أطلق الخازني هذه التسمية لأنه ضمنه وصفاً لميزان مهم ابتكره يقوم بوزن كل ما أراده أطلق عليه اسم ( الميزان الجامع)…

والميزان الجامع هو أشرف الموازين المستعملة في الصناعات والمعاملات بين الناس، أما الفارق بينه وبين بقية الموازين هو أن الميزان الجامع يشير إلى زنة الأشياء بدقة متناهية ولا يميز بين الموزونات حجراً أو ذهباً…

والميزان الجامع (موضوع الدراسة) هو آلة مركبة من عدة أجزاء، يختص كل جزء منها بمهمة محددة، وتوزن به الأشياء حتى في الهواء وداخل الماء.

د. حامد عبد الرحيم عيد (جامعة القاهرة – مصر)

إسهام العلم العربي الإسلامي في مجال الكيمياء

هناك عدد من الحقائق يجب الاهتمام بها، منها أن الإسلام هو الذي وجه الحركة الفكرية والحضارية الكبرى وأن  كل شيء في الغرب قد شُيد  بفضل المدنية الإسلامية. كما أن وجود العالم الإسلامي كان له أثر كبير فى صوغ التاريخ الأوربي، وأنه قد شمل التغيير الذي أحدثته الفتوحات الإسلامية بجانب الأوضاع السياسية الميدان الحضاري، كما أن الحضارة الإسلامية قد بنيت على دعامتين هما اللغة العربية والدين الإسلامي، وكان نزول القرآن الكريم باللغة العربية إعلاء لشأنها، وأخيرا فإن  الدين الإسلامي لم ينتشر بحد السيف ولكن سيطرة العرب السياسية هي التي انتشرت بقوة السلاح.

وفى هذه الورقة سيتم إلقاء الضوء على ماذا يقصد بالكيمياء والتغيرات التي تحدث في بنية المادة وتكوينها، والتغيرات المصاحبة في الطاقة، وعلى كلمة كيمياء التى اختلف حول أصلها الكثير من مؤرخي العلوم، وكيف تأثرت الكيمياء العربية في طورها المبكر بالخيمياء اليونانية والسريانية التي لم تكن ذات قيمة، حيث اعتمد الإغريق والسريان آنذاك على الفرضيات والتحليلات الفكرية، أما العرب فسموه علم الصنعة حيث حددوا له هدفين هما: أولاً تحويل المعادن الخسيسة كالحديد والنحاس والرصاص والقصدير إلى معادن نفيسة كالذهب والفضة من خلال التوصل إلى حجر الفلاسفة. وثانيًا: تحضير إكسير الحياة ليكون بمثابة علاج يقضي على متاعب الإنسان وما يصيبه من آفات وأمراض. وبعد أن نقل العرب والمسلمون ما لدى الآخرين من علم الخيمياء، تعمقوا في الصنعة وتوصلوا رويدًا رويدًا إلى اكتشافات جديدة، وبحلول أواخر القرن الثالث وأوائل الرابع للهجرة استطاع العرب أن يدخلوا التجربة العلمية والمشاهدات الدقيقة، مما أضفى على هذا العلم أصالة البحث العلمي التجريبي؛ لذا يوجد شبه إجماع لدى كثير من الباحثين على أن العرب هم مؤسسو علم الكيمياء التجريبي. وهم الذين أظهروا

دراساته من السّريّة والغموض والطلاسم، التي عرفها بها الآخرون، واختطوا لها منهجًا استقرائيًا سليمًا يقوم على الملاحظة الحسيّة والتجربة العلمّية التي أطلقوا عليها في كتاباتهم اسم الدّربة والتجربة.

د. رولاند لافيت R. LAFFITE ، (فرنسا)

The Arab celestial figures and starlore, a treasure to be shared

الصور السماوية العربية والمعرفة التقليدية بالنجوم: كنز ينبغي تقاسمه

استجابة لاهتمام عام بتاريخ علم الفلك، ليس فقط في جانبه الرياضي والفيزيائي، ولكن أيضا في بعده الثقافي، حيث يعني تمثلات السماء، والتخيل السماوي، نلاحظ اليوم جهودا كبيرة من قبل العديد من الناس، في جميع أنحاء العالم، لجعل كنوز الروح البشرية هذه أكثر عمومية وإتاحة. والآن توجد هنا مفارقة: فرغم أن ثلثي الأسماء الشائعة الخاصة بالنجوم في كتالوجات النجوم في أنحاء العالم هي في الأصل باللغة العربية، فإن التراث غير المادي والغني جدا الذي جاءت منه هذه الأسماء غير معروف إلى حد كبير.

هناك سمة مميزة لعلم الفلك العربي والإسلامي هو أن الصور الممثلة في قبو السماء هي تلك التي يمثلها اليونانيون. وكما يمكن رؤية ذلك من صورة “الدب الأكبر” و”الظباء” والتي ورثت تشكيلاتها عن الإغريق، عين العرب أسماء شعبية عربية للنجوم الداخلة تحت الصور الخاصة بها. “نعش وبناته”، و”الظباء” أي “الغزال”، والتي لا علاقة لها بأساطير الدب. لهذا في الوقت الذي كان فيه العالم يعيش ثورة الصور، كان هناك اهتمام خاص بعرض الصور التي هي من نتاج المخيلة العربية، كما يفعل آخرون في أماكن أخرى من العالم ذات ثقافات أخرى. إن المهمة ليست صعبة ما دامت جميع الصور موجودة بالتفصيل في الوثائق الفلكية. وصور الآخرين يمكن عرضها، مثال ذلك: الثريا والجوزاء.

إلى جانب الصور، هناك حاجة لإعطاء أهمية للمعرفة التقليدية بالنجوم عند جمهور العالم العربي. ولكن يجب جمعها، واقتناصها ليس فقط من الأدب الكلاسيكي ولكن أيضا من الأدب الشعبي والذاكرة الشفوية، ولاسيما ذاكرة البحارة والمزارعين البدو الذين يمارسون المعرفة بالنجوم التي تختفي بسرعة، ثم أيضا في التقاليد الحضرية: في الأغاني، وما إلى ذلك.

مثل هذه الجهود يمكن أن تؤدي إلى تصحيح الخلل الصارخ القائم اليوم، بين مفهومنا عن أهمية التراث العربي، وبين إعطائه المساحة الكاملة التي يستحقها في هذا المجال.

د. سليم الحسني Salim T S  Al-Hassani

( Science, Technology and civilisation, Foundation for UK Chairman )

1001 inventions: Muslim Heritage in World

كما سيجرى استعراض هذه الاختراعات التي لا تزال آثارها واضحة في بيوتنا، وفي المستشفيات والمدن والأسواق، وفي العالم والكون. وتشمل هذه الاختراعات مجموعة من الأجهزة الهندسية والاكتشافات العلمية، والمنتجات الطبية، ونظم التعليم، والمفاهيم المبتكرة.

وسوف يتم تقديم وصف للمشروع الموضوع حديثا، 1001 اختراع: التراث المسلم في عالمنا، مع المعرض المتصل به، وكتاب مصاحب له، والموقع، والمواد التعليمية.

وسيتم إجراء تحليل لمفهوم “الإيمان” المنتج “للعمل الصالح” الذي هو القوة الدافعة وراء النجاح في الماضي. ولذا تقترح هذه القوة عينها لتكون البوابة التي نعبر من خلالها إلى مستقبل المجتمع الحديث استنادا على أسس أخلاقية.

هذه المحاضرة تسلط الضوء على 1000 سنة من العلوم والتكنولوجيا تعتبر في عداد المفقود من التاريخ الأوروبي، ويشار إليها أحيانا باسم العصور المظلمة. بينما تتوافق مع العصر الذهبي للعلوم في آسيا وأفريقيا.

سيتم عرض رسومات وصور ثلاثية الأبعاد تمت صياغتها اعتمادا على المخطوطات. وسيتم دراسة أثر الاختراعات العديدة التي قدمها كبار العلماء، المسلمين وغير المسلمين في العالم الإسلامي، في حضارتنا الحالية.

الجلسة العلمية السادسة

المفاهيم والمصطلحات العلمية

د. نبيلة عبد المنعم داود (مركز التراث – جامعة بغداد)

الموسوعات العربية الإسلامية مصدرا لدراسة تاريخ العلوم الإسلامية

كان لرواة اللغة الفضل في التأليف عن المواضيع المتعددة مما يخص الإنسان والحيوان والنبات فضلا عن مواضيع في الفلك والأنواء.

ثم هناك كتب عنيت بتدوين اللغة مصنفة حسب المواضيع، وهي الكتب التي ألفت للكُتاب، وهم موظفو الدواوين الذين صاروا بعد تعريبها يكتبون بالعربية، فكان عليهم إتقانها ومعرفة المعاني الصحيحة لمفرداتها، كي يتجنبوا باستعمالها الأخطاء التي قد تؤدي إلى ارتباك في الإدارة وظلم الناس، ومنها كتاب أدب الكاتب لابن قتيبة (ت276هـ). كما ألفت في العربية عدد من الكتب تناولت جوانب متعددة من الحياة والفكر، ومنها ما يتصل بالعلم، فذكرت بعض الحقائق والأفكار العلمية وأسماء بعض العلماء وما يتصل بحياتهم. ومن أقدم هذه الكتب كتاب عيون الأخبار لابن قتيبة (276هـ). وهو كتاب شامل فيه معلومات عن الإنسان والحيوان والنبات. ثم تلاه الزمخشري (ت538هـ) في ربيع الأبرار، فذكر معلومات عن خلق الإنسان والصحة والطعام .

وبعد سقوط بغداد عام 656هـ عل أيدي التتار واضطراب الأمور وهجرة عدد كبير من العلماء إلى مصر والشام، أحدثوا حركة علمية أثرت في بعض العلماء المصريين، فدعتهم إلى التفكير في إنقاذ الثقافة الإسلامية، ورأوا أن خير طريقة لذلك هي جمع المواد التي تتألف منها هذه الثقافة في كتب كبيرة على شكل موسوعات أو دوائر معارف، لا تدع صغيرة ولا كبيرة إلا أصحتها. ورغم سيطرة التتار، إلا أن الثقافة الإسلامية نبعت من جديد على يد نفر من العلماء، سلكوا في كتابتها طرقا جديدة: فمنهم من جمعها في مجالات العلوم كما فعل الوطواط (ت718هـ) في مباهج الفكر ومناهج العبر، ومنهم من جمعها بإطار لغوي كما فعل ابن منظور (ت711هـ) في لسان العرب، أو إطار أدبي كما فعل النويري (ت733هـ) في نهاية الأرب، أو في إطار جغرافي كما فعل العمري (749هـ) في مسالك الأبصار في ممالك الأمصار ، أو في إطار ديواني كما فعل القلقشندي (ت821هـ) في صبح الأعشى في صناعة الإنشا.

وسيركز البحث على المادة العلمية في هذه الموسوعات.

إن أهمية الموسوعات تكمن في إنها تقدم معلومات علمية توازي في أهميتها معلومات الكتب المختصة، كما أنها تمثل المعرفة العلمية المتراكمة، ومعلوماتها مهمة لدارس تاريخ العلوم العربية الإسلامية.

د.عبد المجيد قاسم نصير (جامعة العلوم والتكنولوجيا ـ الأردن)

تطور اللغة العربية من لغة أدبية إلى لغة علمية

من المعروف أن اللغة العربية حتى ظهور الإسلام كانت لغة أناس غلبت عليهم البداوة، وكان أسمى تعبيراتها في الشعر والخطابة والحكم والأمثال. وهي جميعا تعابير أدبية. وجاء الإسلام، بما فيه من مصطلحات أخرى، ووحي تمثل في القرآن الكريم، وأحاديث الرسول وخطبه. فتطورت اللغة العربية لتستوعب هذه المصطلحات، والتعبيرات التي يمكن أن نسميها لغة دينية، وبخاصة بعد وضع مصطلحات فقهية وغيرها مما احتاجت إليه علوم التفسير والحديث والقرآن والفقه واللغة. وكان هذا تطورا مهما آخر. وبعد تعريب الدواوين في العصر الأموي، دخلت اللغة في تطور آخر يمكن أن نسميه لغة ديوانية. ثم حصل تطور آخر مهم مع ترجمة العلوم وكتب الفلسفة من السريانية واليونانية والفارسية والسنسكريتية. وهكذا ظهرت اللغة العلمية، بمصطلحاتها، وأساليبها ومميزاتها، وأظهرت حيوية ومرونة وسرعة في استجابتها للتحديات.

تبحث هذه المقالة في التطور العلمي الذي حصل للغة العربية، مع ضرب أمثلة.

د. بناصر البعزاتي (جامعة محمد الخامس ـ الرباط، المغرب)

مفهوم ” الاعتبار ” لدى ابن الهيثم

استعمل مفهوم “الاعتبار” لدى علماء الفلك والبصريات قبل ابن الهيثم، من طرف أبي عبد الله البتاني وابن قرّة الحرّاني وأحمد بن عيسى، في سياق عرضهم لمضامين العلمين المذكورين لدى بطلميوس الإسكندري. أما الراصدين في مرصدي بغداد ودمشق، خلال حكم المأمون والمعتصم العباسيين، فقد حاولوا تهذيب الأرصاد القديمة، مستعملين لفظ “الامتحان” أو “المحنة” أو “التجربة”. ثم كانت لحظة الاستيعاب والتحليل النقدي للعلم الموروث عن القدماء على يد أبي سعد العلاء بن سهل وأبي سهل القوهي وآخرين، وأصبح مفهوم “الاعتبار” أكثر وروداً لدى العلماء.
وقد أصبح مفهوم “الاعتبار” لدى ابن الهيثم (354-432/965-1040) يشكل علامة مركزية في تطور المنهج العلمي؛ إذ استعمله ابن الهيثم بكثرة، خصوصاً في كتابه المناظر، وبصورة أقل في كتاباته الأخرى. ويرد هذا المفهوم في صيغ الفعل والمصدر مرتبطاً بمفاهيم أخرى يتلاحم معها، ليشكل المجموع ترسانة مفهومية تعبّر عن مدى غنى النظر الهيثمي في العلم التجريبي؛ منها الاستقراء (بكثرة) والاستدلال والقياس، …  من رصد الاستعمال الهيثمي لمفهوم “الاعتبار”، ومن خلال تتبّع التجديد الهيثمي في البصريات والفلك، سنحاول إبراز المحتوى الدلالي للمفهوم وقيمته الإبستمولُوجية وارتباطه العضوي بآليات الاستدلال لدى أبي علي. فهذا المفهوم قريب مما يسمى اليوم بالتجريب، لكنه أيضاً متعلق بالبرهنة والاختبار اللذين يطمحان إلى التحقق من الفرضيات في الفاعلية النقدية للعلم.

فمفهوم “الاعتبار” ذو جذور تاريخية لدى العلماء السابقين، قدماء مثل بطلميوس وجالينوس، ومتأخرين مثل القوهي وابن عيسى؛ لكنه أصبح ذا حمولة دلالية واستعمال منهجي غني وخصب في سياق العمل التركيبي والنقدي الهيثمي.

د. إدريس نغش (أكاديمية الرباط ـ المغرب)

مفهوم الشكوك في التراث العلمي العربي: مرجعيته الثقافية وقيمته الإبستمولوجية

يقدم هذا العرض دراسة تحليلية لمصطلح الشكوك، تجيب على سؤالين:

الأول: كيف تم تداول مصطلح الشك في المرجعية الإسلامية؟ وهو سؤال مشكل يتعلق بشرعية الشكوك، وذلك بالنظر إلى وجود نصوص قدحية لهذا المصطلح في نصوص الوحي إلى جانب نصوص مدحية كقول النبي: (نحن أحق بالشك من إبراهيم). مما يستدعي دراسة مصطلحية لهذا اللفظ في النصوص الإسلامية المبكرة. فلعلها تفسر اندفاع الفكر العلمي الإسلامي إلى التأليف في هذا الموضوع بوفرة ملحوظة، وتبني الوجه الإيجابي لدلالة اللفظ وممارسته، حتى صار عند العلماء ضرورة علمية، وفضيلة شرعية، لأنه دليل حصول الاجتهاد في العلم، ولأنه يسمح بممارسة فضيلة التصحيح في العلم.

الثاني: ما هي القيمة الإبستمولوجية لظاهرة الشكوك في المجال العلمي الإسلامي؟ وهو سؤال مهم يتعلق بوظيفة الشكوك، وذلك بالنظر إلى أنه يتضمن إقرارا باحتمال الخطأ والوقوع فيه، ولذلك فممارسة الردود والنقود والشكوك على نظرية علمية ما قد يفقدها ـ في لحظة ما من الزمن ـ خاصية اليقين أو الصواب، ولكنه لا يحرمها من شرف الانتماء إلى تاريخ العلم. وسنتبين من خلال دراسة للمصطلح عند الرازي وابن الهيثم أن الفكر العلمي الإسلامي أدرك مفهوم التراكم والخطأ قي تاريخ العلم، كما أدرك مفهوم العائق المعرفي بأنواعه الذاتية والموضوعية. وكلها مفاهيم إبستمولوجية صميمية.

لقد تقرر لدى المسلمين أن التعامل مع الثقافة العلمية للأمم الأخرى يجب أن يتأسس على الحوار النقدي لا على التسليم المطلق. وكانت ظاهرة الشكوك على الإنتاج العلمي للآخرين من أهم ملامح هذا العقل التقدي، الذي كانت غايته طلب الحق، ومخاصمة النفس والغير معا في سبيل ذلك. مع الاعتراف للغير بما قدمه من جليل العمل الذي لا يكره النقد، بل يغنيه. وليس هذا الموقف النقدي من باب التعصب للثقافة المحلية، فإن هذا النقد كان يوجه كذلك للمصادر العلمية الإسلامية، فقد ألف العلماء المسلمون كتبا نقدية عديدة لمؤلفات بعضهم، في مختلف المجالات العلمية كالطب والصيدلة والفلك وغيرها.

الجلسة العلمية السابعة

التكامل العلمي في العلوم الإسلامية

د. محمد باسل الطائي (جامعة اليرموك/ الأردن)

مسائل فيزيائية وكونية في حوارات إبن رشد والغزالي

أعرض في هذا البحث لثلاث مسائل نجدهما في كتابات إبن رشد وفي حواراته لأطروحات أبي حامد الغزالي: إحداها تتعلق بمسألة الجزء الذي لا يتجزأ وموقف ابن رشد منه، إذ يرفض ابن رشد فكرة الجوهر الفرد، ويتوصل إلى القول بأن إقرار مفهوم الجوهر الفرد والقسمة النهائية للأشياء ستجعل من صناعة الهندسة صناعة العدد نفسها. وهذه النتيجة التي توصل إليها ابن رشد تدعمها نتائج العلم المعاصر، إذ وجدنا بعد ظهور ميكانيك الكم واعتماد البنية الذرية للأشياء أن صناعة الهندسة قد تحولت إلى صناعة العدد، وصرنا نتكلم عن الأعداد بدلاً من الحديث في الهندسات للتعبير عن أشكال المدارات الذرية. والمسألة الثانية تتعلق بحجم العالم (الكون) وما إذا كان بالإمكان أن يكون أكبر مما هو عليه أو أصغر. إذ يرى الغزالي أن لا مانع يمنع من أن يكون الكون أكبر مما هو عليه أو أصغر، وبالتالي فهو يبيح توسعه كما يبيح انكماشه. وفي هذا السياق يطرح أبو حامد تساؤله عن ما يمكن أن يكون من شيء خارج الكون، ليجيب على ذلك أن لا شيء يمكن أن يكون خارج الكون خلافاً لما هو متوقع بالبداهة. وهذا مما يؤكد تقدم العقل المسلم منذ زمن طويل إذ كانت هذه الحوارات والحجج على مستوى رفيع من المقال العلمي والفلسفي على كلا الجانبين.

وفي مسألة أخرى يناقش الغزالي مصير الشمس ويرى أنها آيلة للذبول والاضمحلال بالتدريج وإن كان ذلك حاصلاً ببطء شديد. وفي هذه المسألة يحاول الغزالي أن يدحض مقولة الحكيم اليوناني جالينوس من أن الشمس جسم سماوي أثيري لا يعتريه الفساد ولا الذبول وهذا ما كان أرسطو قد أقره من قبل وسار على نهجه بعض فلاسفة المسلمين.

ويأتي العلم المعاصر ليثبت صحة ما ذهب إليه المسلمون في توجههم العام وما كانوا قد اجتهدوا فيه من مسائل علمية كونية وفلكية في رؤيتهم للعالم منطلقة من الرؤية الإسلامية أساساً.

إن الكشف عن هذه المسائل يسجل للفكر العربي الإسلامي مفخرة تاريخية تؤكد صحة المنطلقات التي انبنى عليها ذلك الفكر وتؤكد عصرية الرؤية والمنهج الإسلاميين.

د. فؤاد بن أحمد (دار الحديث الحسنية ـ الرباط ـ المغرب)

تداخل العلوم لدى ابن رشد: البصريات بين علوم الطبيعة والتعاليم

مشهور أن ابن رشد صاحب فلسفة أساسا وليس رجل ممارسة علمية كباقي العلماء الذين شهدهم تاريخ الحضارة الإسلامية، ومن ثم فإن مساهمته لن تكون إلا دون مساهمة هؤلاء؛ قد نقبل بهذا، ولكن شريطة أن نأخذ في الحسبان أن المعارف في الحضارة الإسلامية كانت متداخلة أشد ما يكون التداخل. ومن ثم فإننا نفترض أن الفاعلية العلمية لم تكن منفصلة تماما عن النظر الفلسفي، بل تبقى متقاربة لاسيما أن العالم والفيلسوف كانا ينهلان معا من نفس المصادر تقريبا، ويتبادلان المبادئ والمقدمات والبراهين ويشتغلان بآليات عقلية متقاربة. لكن هذا لا يعني تجاهل أمرين: أولا، الاختلاف في مدى (أو درجة) مباشرة الوقائع والتجارب ودرجة السبك والوثاقة في الاستدلالات. وثانيا التعاون والتبادل المشار إليهما كانا مقيدين بمجموعة من الاعتبارات والشروط.

عندما نتحدث عن التداخل في المعارف أو التفاعل بينها فإننا نقصد مظهرين له، مظهر أول نبرز من خلاله ما عكسته نصوص ابن رشد من المسارات التي قطعتها العلوم إلى حدود عصره؛ ونكشف عن مدى انخراطه في مسار الفاعلية العلمية وحدود ذلك الانخراط.

والعلم الذي سنفحص طبائع وقيود تفاعلاته وتبادلاته بين العلوم الرياضية والطبيعية هو البصريات. وقد وقع اختيارنا على هذا العلم بالذات من أجل فحص ما إن كان تعامل ابن رشد مع هذا العلم كان في مستوى التقدم الذي حصله، خصوصاً على يد ابن الهيثم. والمظهر الثاني الذي يقوي دعوى تداخل المعارف وتفاعلها أيضا هو ما يمكن أن نسميه باستثمار ابن رشد لأوضاع الإبصار وشروطه استثمارا يكون فيه الإبصار نموذجا في معالجته للمسائل النفسية وبخاصة في نظرية العقل.

د. فدوى الهزيتي (جامعة الحسن الثاني، عين الشق، الدار البيضاء، المغرب)

الأسس المنهجية والمعرفية لكتاب الاستبصار فيما تدركه الأبصار لشهاب الدين القرافي

رغم اهتمامه بتجارب علمية مثيرة في عصره ورغم عطاءاته في مجال العلوم البحتة فقد ارتبط اسم وصيت شهاب الدين أحمد ابن إدريس القرافي الصنهاجي المصري أساسا بالعلوم الدينية والفقهية وبعلم الكلام. وتكاد تكون رسالته الاستبصار فيما تدركه الأبصار استثناء في مسيرته كفقيه ومتكلم، بل ودليلا على الارتباط  الذي كان قائما بين العلم والدين في تاريخ العلوم عند المسلمين.

ولعلنا نعتبر كتاب الاستبصار فيما تدركه الأبصار حلقة أخرى تضاف إلى سلسلة الرسائل
والأجوبة على مسائل وتساؤلات في مجالات علمية متعددة كالرياضيات والفلك والعلوم الطبيعية والتي كانت تفد إلى المسلمين من إمبراطور صقلية، فردريك الثاني في القرن الثالث عشر؛ نذكر منها  “الرسائل الصقلية” لابن سبعين الأندلسي.

وقد  ألف القرافي كتاب الاستبصار في هذا السياق التاريخي وفي إطار تواصل علمي محفز ودافع للتفكر والتدبر؛ فجاءت مقاربته لعلم المناظر مقاربة تجريبية وكلامية، ربما حاول القرافي من خلالها أن يتجاوز ما أتى به معاصروه من ردود على تلك المسائل.

جعل القرافي رسالة الإسبتصار في بحثين، الأول حول المقدمات وهي ستة والثاني في خمسين مسألة أوجد لكل منها جوابا؛ ابتداء من مسألة تشريح العين إلى خصائص البصر وطبيعة الشعاع والضوء وانعكاسه على أجسام مختلفة من شفافة إلى صقيلة، مرورا برؤية الشمس والقمر والكواكب بالعين المجردة.

نقدم في هذا البحث دراسة للخصوصيات العلمية لمخطوطة كتاب الاستبصار، وهي مخطوطة تم العثور عليها بمكتبة الإسكوريال الإسبانية ولم تحقق بعد. وسنحاول أن نحلل جوانبها العلمية والاصطلاحية والتصويرية ونتطرق إلى الأسس المعرفية التي استند إليها القرافي والمنهجية التي اعتمدها في مقاربته لعلم المناظر.

إن السؤال الذي يطمح هذا البحث إلى الإجابة عليه هو: هل كتاب الإستبصار يسبر من جديد أغوار علم كان ابن الهيثم قد وضع أسسه وأرسى قواعده قرونا من قبل، أم أنه لا يعدو أن يكون تصورا وقراءة أملتهما الظروف التاريخية والسياقات الحضارية التي وجد فيها القرافي؟

د. عبد المنعم الشقيري (دار الحديث الحسنية ـ الرباط ـ المغرب)

تأثير المؤسسات الاجتماعية في الإسلام على الحركة العلمية: الوقف نموذجا نحو سوسيولوجيا للخطاب العلمي في الإسلام

يندرج هذا الموضوع في إطار سوسيولوجيا الخطاب العلمي، وخاصة في في القضايا الاجتماعية والمؤسساتية التي واكبت الحركة العلمية في العالم الإسلامي، وتأثيرها في هذه الحركة إيجابا أو سلبا.

ما حقيقة هذه المؤسسات التي سهرت على رعاية هذا النمط من المعرفة؟ هل يمكن اعتبار خضوع المؤسسات العلمية في الإسلام من مدارس ومراكز لمبدأ الوقف عائقا أمام البحث العلمي أم لا؟

يرتبط بهذا السؤال المركزي في البحث أسئلة تفصيلية أخرى يسعى البحث إلى الإجابة عليها من قبيل: من هو العالم وماذا كان دوره داخل المجتمع الإسلامي؟ وماذا كانت قيمة النشاط العلمي في المدينة الإسلامية؟ وما علاقته بثنائية الخاصة والعامة؟ وهل كانت هناك حاجة إلى النشاط العلمي ترافقها قيم اجتماعية مدعمة لها أم العكس؟ وما علاقة المعرفة العلمية بالمسألة الأخلاقية من خلال مفهوم المحتسب؟

هذه الأسئلة وغيرها هي التي سيعمل هذا البحث على الإجابة عليها.

د. خلدون ضياء الدين (جامعة زيوريخ، سويسرا)

منظومة العلوم الإسلامية تاريخيا وعلاقتها بالمشروع العلمي والتربوي العام للأمة تطبيق عملي اليوم

انطلاقا من فهم المسلمين للقرآن وللسنة النبوية المطهرة تطورت في العالم الإسلامي منظومة علمية متكاملة تضم النواحي الإدارية والتنظيمية والعلمية والشرعية. واستطاعت هذه المنظومة ببعديها الأفقي والعمودي من أن تقدم للبشرية أنموذجا لا زال صالحا حتى الآن لتطوير العلوم والجو العلمي. وتم ذلك عن طريق إنشاء مؤسسات البحث العلمي أو مؤسسات التدريب والتدريس أو المؤسسات الممولة للمؤسسات السابقة ماديا أو علميا أو حماية لها، إضافة إلى الجوائز. وتم في إطار هذه المنظومة استقطاب أساطين العلم من ناحية ولم يتم التنكر للمنجزات العلمية التي سبقت بل تم الاعتناء بها والاعتماد عليها ترجمة وتعليقا وتصحيحا وإكمالا، بحيث تكون هذه المنظومة حلقة في سلسلة التقدم البشري. ولقد كانت هذه المنظومة بكل مكوناتها أساس التعاون والتنافس بين العلماء للوصول إلى الحقائق العلمية مع الأخذ بعين الاعتبار النواحي الأخلاقية التي احتوتها مقاصد الشريعة بشكل عام. وسيتطرق بحثنا في قسمه الأول إلى شرح هذه المنظومة بخطوطها العامة وتداخلاتها مع الأمثلة التاريخية.

ولما كانت هذه المنظومة تهدف إلى الاستجابة إلى شرطي الكفاية والعينية في خدمة المجتمع كما هو فلا بد الله  في القسم الأخير من الكلمة.

برنامج الندوة

الأربعاء 24 فبراير 2010

الصفحة السابقة 1 2

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق