مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبية

مَجالسُ الألفية (1)

انعقد بمقر مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبية التابع للرابطة المحمدية للعلماء، المجلس الأول من «مجالس الألفية» وذلك صبيحة يوم الثلاثاء 26 شوال 1439هـ الموافق لـ 10 يوليوز 2018. ألقى فيه فضيلةُ الأستاذ الدكتور عبد الرحمن بودرع درساً في باب من أهم أبواب الألفية وهو باب «اشتغال العامل عن المعمول».

وقد استهل الدكتور عبد الرحمن بودرع هذا المجلس بحديثه عن سبب اختياره هذا الباب دون غيره من أبواب الألفية، وهو اجتماع أبوابٍ ومسائلَ نحويةٍ عدة في باب واحد. ثم انتقل إلى شرح ما ورَدَ في الباب من أقوال الناظم:

إِنْ مُضْمَرُ اسْمٍ سَابِقٍ فِعْلًا شَغَلْ*** عَنْهُ: بِنَصْبِ لَفْظِهِ، أَوْ المَحَلْ

فَالسَّابِقَ انْصِبْهُ بِفِعْلٍ أُضْمِرَا*** حَتْمًا، مُوَافِقٍ لِمَا قَدْ أُظْهِرَا

وفي شرح هذين البيتين ذكرَ أن الاشتغالَ هو أن يتقدم اسم، ويتأخر عنه فعل، قد عمل في ضمير ذلك الاسم أو في سببيِّه وهو المضافُ إلى ضمير الاسم السابق.

وفي شرح قوله «فالسابق انصبه – إلى آخره» معناه أنه إذا وجد الاسم والفعل على الهيئة المذكورة، فيجوز لك نصب الاسم السابق، وفي هذا السياق ذكر اختلاف النحويين في ناصبه على مذهبين:

-فذهب الجمهور إلى أن ناصبه فعل مضمر وجوبا لأنه لا يجمع بين المفسِّر والمفسَّر، ويكون الفعل المضمر موافقا في المعنى لذلك المظهَر، وهو يشمل ما وافق لفظا ومعنى، وما وافق معنى دون لفظ، وهو مذهب البصريين.

– والمذهب الثاني أنه منصوب بالفعل المذكور بعده وهو مذهب الكوفيين. وذكر أيضا اختلاف أصحاب هذا المذهب؛ فقد قال قوم إنه عامل في الضمير وفي الاسم معا، ورد هذا المذهب بأنه لا يعمل عامل واحد في ضمير اسم ومظهره، وقال قوم آخرون إنه عامل في الظاهر، والضمير ملغىً، ورُدَّ هذا المذهبُ بأن الأسماءَ لا تُلغى بعد اتصالها بالعوامل.

ثم انتقل المُحاضرُ إلى شرح البيت التالي: 

وَالنَّصْبُ حَتْمٌ إِنْ تَلَا السَّابِقُ مَا*** يَخْتَصُّ بِالفِعْلِ: كَإِنْ وَحَيْثُمَا

فأشار إلى ما ذكره النحويون من أن مسائل هذا الباب على خمسة أقسام؛ أحدها: ما يجب فيه النصب. والثاني: ما يجب فيه الرفع. والثالث: ما يجوز فيه الأمران والنصب أرجحُ. والرابع: ما يجوز فيه الأمران والرفع أرجحُ. والخامس: ما يجوز فيه الأمران على السواء.

ومعنى قول الناظم أنه يجب نصب الاسم السابق إذا وقع بعد أداة لا يليها إلا الفعل كأدوات الشرط.

وَإِنْ تَلَا السَّابِقُ مَا بِالِابْتِدَا***يَخْتَصُّ فَالرَّفْعَ الْتَزِمْهُ أَبَدَا

كَذَا إِذَا الفِعْلُ تَلَا مَا لَمْ يَرِدْ*** مَا قَبْلُ مَعْمُولًا لِمَا بَعْدُ وُجِدْ

وبين المُحاضرُ أن هذين البيتين في القسم الثاني من هذه الأقسام الخمسة وهو ما يجب فيه الرفع، وأشار إلى أنه يجب رفع الاسم المشتغل عنه إذا وقع بعد أداة تختص بالابتداء، كإذا الفجائية، وكذلك يجب رفع الاسم السابق إذا وليَ الفعلَ المشتغلَ بالضمير أداةٌ لا يعمل ما بعدها فيما قبلها، كأدوات الشرط والاستفهام و«ما» النافية. ولا يجوز نصبه لأن ما لا يصلح أن يعمل فيما قبله لا يصلح أن يفسر عاملا فيما قبله.

وَاخْتِيرَ نَصْبٌ قَبْلَ فِعْلٍ ذِي طَلَبْ*** وَبَعْدَ مَا إِيلاَؤُهُ الفِعْلَ غَلَبْ

وَبَعْدَ عَاطِفٍ بِلَا فَصْلٍ عَلَى*** مَعْمُولِ فِعْلٍ  مُسْتَقِرٍّ أَوَّلَا

وفي شرح هذين البيتين ذكر المُحاضرُ أن كلام الناظم فيهما عن القسم الثالث وهو ما يُختار فيه النصب، وذلك أنه إذا وقع بعد الاسم فعلٌ دالٌّ على طلب «كالأمر والنهي والدعاء» فيجوز الرفع والنصب، والمختار النصب. وكذلك يُختار النصب إذا وقع الاسم بعد أداة يغلب أن يليها الفعل كهمزة الاستفهام، وكذلك يُختار النصب إذا وقع الاسم المشتغَلُ عنه بعد عاطف تقدمته جملة فعلية ولم يفصل بين العاطف والاسم، لتعطف جملة فعلية على جملة فعلية، واختيرَ النصبُ لعَطف جملة فعلية على أختها تحقيقاً للتناسُب فلو فصل بين العاطف والاسم كان الاسم كما لو لم يتقدمه شيء.

ثُمّ خُتمَ المجلسُ الأولُ بمناقَشَة وإجابَة عن استفسارات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق