مركز الدراسات القرآنية

مشاركة مركز الدراسات القرآنية في المناظرة الوطنية

  «دمج الطرق البديلة لحل النزاعات / الوساطة في المغرب»

 

نظمت الرابطة المحمدية للعلماء، بشراكة مع منظمة البحث عن أرضية مشتركة، يوم 22 أكتوبر 2013، بالرباط، مناظرة وطنية حول موضوع “دمج الطرق البديلة لحل النزاعات /الوساطة في المغرب”، وقد شارك مركز الدراسات القرآنية بالرابطة المحمدية للعلماء/ المملكة المغربية، ممثلا بالباحثة د.ة فاطمة الزهراء الناصري والباحث ذ. الحسن الوزاني، والباحث ذ. محمد لحمادي، في قراءة ومناقشة مضامين الورقات التقديمية، التي تقدم بها المشاركون، وتقديم العديد من المقترحات والتوصيات، التي تخص أهمية الجمع بين المنهجين الإسلامي والحداثي المعاصر، في مجال حل النزاعات والخلافات.  

وفي الكلمة الافتتاحية لأشغال هذه الندوة الوطنية، أكد فضيلة الأستاذ الدكتور أحمد السنوني، الأمين العام المساعد للرابطة المحمدية للعلماء، أن هذه الندوة ستشكل أرضية، وقاعدة مهمة  للتكوين في إطار البحث عن المعالجة والوساطة، وذلك بالاعتماد على أوراق تم تقديمها من طرف ثلة من  الأساتذة المتدخلين، في أفق رسم معالم آليات وساطة تدمج  المنهجين الإسلامي والحداثي المعاصر.

وأشار الأستاذ إلى أن النزاعات حينما لاتحل بما يضمن تماسك العلاقات الاجتماعية، يكون لها أثر في تخريب شبكة العلاقات  الاجتماعية، وإعاقة سبل التنمية، فأضحى بالتالي كل جهد في سبيل حل الخلافات والنزاعات هو مكسب في سبيل استقرار المجتمع” .

وأوضح فضيلة الأمين العام المساعد، أن دمج المنهجين الإسلامي والحداثي المعاصر، اللذان يقتسمان نوعا من النفوذ والتأثير، سيسهم في إحلال الوئام الاجتماعي، وإيجاد حل للعديد من النزاعات، والخلافات، لاسيما  في ظل عالم يشهد اضطرابات دائمة”.

من جهته أكد سفير مملكة النرويج على أن اللجوء إلى آلية الوساطة لحل النزاعات عمل جد مهم خصوصا في ظل ما يشهده العالم من توثر للعلاقات سواء بين الأفراد أو بين الدول، حيث بات من اللازم  الاعتماد على الحوار والوساطة والتفاوض كآليات لفض النزاعات، والخلافات بين الدول والأفراد”، مشيرا إلى المجهودات الكبيرة التي قام بها المغرب في السنوات الأخيرة من أجل مأسسة الحكامة، و الإطار المؤسساتي لحل الخلافات، والأهمية التي أضبحى يكتسيها التوفر على وسطاء لحل  النزاعات “.

وفي كلمته بالمناسبة، أبرز السيد نوف عبود، ممثل منظمة البحث عن أرضية مشتركة، على أن المغرب اختار منذ مدة نهج منحى التعددية واحترام حقوق الإنسان، حيث أطلق في سنة 2001، تجربة الإنصاف  والمصالحة، التي مكنت المغرب من قاعدة للعمل في مجال فض النزاعات والتصالح”، مشيرا إلى أن المغرب يعد نموذجا في الشرق الأوسط والمغرب العربي حيث حاول أن يدمج مقاربات جديدة لحل النزعات والخلافات، كالمحاولات التي قام بها للمزج بين المنهجين الإسلامي  والحداثي المعاصر”.
 
وفي سياق متصل، خصص الأستاذ عبد الحميد عشاق، ورقة تقديمية للحديث عن مفهوم الوساطة في الإسلام، من حيث المفهوم والتطبيق، حيث أكد أن مفهوم الوساطة يجد مستنده في التأصيل الإسلامي للمفهوم، من خلال كتب الفقه الإسلامي، التي تناولت مفهوم الوساطة”.

وأوضح الأستاذ عبد الحميد عشاق أن ” مفهوم الوساطة على مستوى  النظري الفقهي، تعبر عنه الولايات في الشريعة الإسلامية وفي قواعد العرف الاجتماعي”.

وشدد عبد الحميد عشاق على ضرورة الانتباه إلى العوائد العرفية من خلال  النصوص الشرعية، التي تمثل ثقافة العيش المشترك”، مضيفا أن “كتب النوازل تطرقت لمفهوم الوساطة، و الشروط والوظائف التي تفي بالغرض المطلوب في مجال فض الخلافات، لتبقى بذلك هذه الكتب موردا خصبا لمفهم الشخصية الإنسانية” .

وأوضح الأستاذ عشاق أن “أدلة مشروعية الوساطة تجد صداها في النصوص الشرعية، والتطبيقات والقواعد الفقهية، و في مقاصد الشريعة الإسلامية”، مشيرا إلى أن “السنة والنموذج النبوي في الصلح، والتفاوض يشكلان أساس الوساطة في الإسلام، سواء بين القبائل أو بين الأفراد والأشخاص”.

وتطرق الأستاذ كذلك إلى نموذج المجتمع الجزولي بسوس والقبائل السوسية، التي تشكل حسب قوله ” نموذجا حيا لآلية الوساطة، التي اتخذت لدى هذه القبائل بعدا تنظيميا، وجماعيا، كمسألة “انفلاس” التي عرفت لدى السوسيين وقبائل جزولة” .

ومن جهته، تطرق صلاح النشاط، في مداخلته لضوابط الوساطة الفكرية،  حيث أكد على أن المتنازعين ينطلقون دائما من خلفية اجتماعية مشتركة، فيحدث النزاع والخلاف،  مما يستدعي تدخل  الوسيط “.

وأشار إلى أن البيئة الثقافية، ودخول ثقافات أخرى للإسلام، أسهم في إفراز سلوك اجتماعي، وفي إثراء البنية المعرفية للإنسان، مما يستدعي بالضرورة من الشخص الوسيط الاطلاع على الخلفيات الاجتماعية، والمعرفية للمتنازعيين”.

ومن جهتها أبرزت الأستاذة حكيمة من جامعة الحسن الثاني بالمحمدية أهمية الاعتماد على الجانب السوسيوثقافي لحل النزاعات، والخلافات”، مشيرة إلى أن “الوساطة بمفهومها التقليدي لم تعد مواكبة للعصر الحديث”.

وأضافت الأستاذة حكيمة أن تجربة المجتمع المدني في مجال حل الخلافات والنزاعات، أبانت عن ضعفها، وقصورها،  مع ضرورة ايلاء الاهتمام إلى الخلفيات السوسيو ثقافية ، للوصول إلى الغاية  المقصودة من الصلح وهي الإبقاء على الرابط القبلي والأسري والإنساني”.

وأكد الأستاذ خالد الإدريسي على أن الوساطة فعل وآلية أخلاقية ودينية، تستدعي الاعتماد على براديغم المواجهة وإقبال القلب على الآخر، والاشتغال على الذهنيات والتمثلات الاجتماعية “.

وتطرق الأستاذ خالد الادريسي لأدوار مؤسسة الوسيط، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، ومجلس المنافسة في حل النزاعات والخلافات، ومجهودات هذه المؤسسات في سبيل البناء المؤسساتي الحداثي للمغرب”.  
 
وشدد الأستاذ خالد الإدريسي على ضرورة إحياء دور المؤسسات التقليدية للوساطة، كالزواية ودورها في استباق النزاعات، وكذا دور شيخ الجماعة في فض النزاعات الفكرية، مع ضرورة إحياء دور مجلس القرية، ومؤسسات الأمناء والحرف، و مؤسسة الحكامية في الأسرة في موضوع حل الخلافات وفض النزاعات “.

ومن جهتها أكدت الأستاذة فريدة زمرد، عضو المجلس الأكاديمي للرابطة المحمدية للعلماء،  على ضرورة الاتجاه نحو الرؤى الإسلامية لحل النزاعات”، مشيرة إلى أن ” المرجعيات الدينية الإنسانية، التي تؤطر آلية الوساطة،  تنقسم إلى مبادئ وقيم وآليات”.

فالمبادئ تشير إلى “التصورات والمرجعيات الفكرية والنظرية العامة، كالأخوة الإيمانية، والدعوة إلى  التأليف بين القلوب ونبذ الصراعات”. أما القيم فتشير إلى قيمتين أساسيتين وهما التعارف وحسن الجوار، في حين تحيل الآليات إلى الآليات الاستباقية والعلاجية البعدية، كالصلح والتحكيم والتراضي”.

 وشددت الدكتورة فريدة زمرد على ضرورة بناء ثقافة السلم والتسامح الاجتماعي، وذلك بالتركيز على دور الإعلام، وجمعيات المجتمع المدني، وتأهيل الأفراد، والمجتمع للاضطلاع والقيام بأدوار الوساطة، وتجميع الجهود بغية الوصول إلى مجتمع يسوده السلم والوئام”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق