مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبية

مشاركة المركز في شخص د.عبدالرحمن بودرع في ندوة “مناهج البحث في بلاغة القرآن الكريم”

شارك أ.د. عبدالرحمن بودرع ببحث في الندوة العلمية الدولية “مناهج البحث في بلاغة القرآن الكريم” التي أقيمت بجامعة الإمام محمد بن سعود في الرياض، وكان عنوان الورقة التي شارك بها أ.د. عبدالرحمن بودرع “مَنْهجُ لسانيّاتِ النَّصّ وتَكامُل المستَوَيات في بَيان البَلاغَة القُرآنية”. :
مَنْهجُ لسانيّاتِ النَّصّ وتَكامُل المستَوَيات في بَيان البَلاغَة القُرآنية
المحور الرابع: الاتجاهات اللغوية والنقدية الحديثة في دراسة بلاغة القرآن الكريم
التعريف بمنهج الدراسة: “لسانياتِ النّصّ” منهجٌ جديدٌ جمَعَ ما تفرقَ في مُعالَجَة المستويات اللغوية الدنيا، وأفادَ من المناهجِ والمَعارِفِ السّابقَةِ، وأضافَ إلى تلك المناهجِ ما يُثبتُ نصّيةَ النّصّ وبَلاغةَ الخطابِ، من غيْرِ أن يقتصرَ على المناهجِ التي كانَت تُجزّئ النّصّ ثُمّ تقفُ عندَ الأجزاءِ فقط، فكُلُّ ما ساعَدَ على تَصوُّرِ النّصِّ كيانًا لغويًّا متعدِّدَ المستوياتِ، مُكوَّنًا من أجزاءٍ مُترابطةٍ، أو نُظُم مُتشابكةٍ. فإنّه يدخلُ في لسانيات النّصّ أو علم النص ويَخضعُ لمَعايير النّصّيّة Textuality.

 

شارك مركز ابن أبي الربيع السبتي في شخص أ.د. عبدالرحمن بودرع ببحث في الندوة العلمية الدولية “مناهج البحث في بلاغة القرآن الكريم” التي أقيمت بجامعة الإمام محمد بن سعود في الرياض، وكان عنوان الورقة التي شارك بها أ.د. عبدالرحمن بودرع “مَنْهجُ لسانيّاتِ النَّصّ وتَكامُل المستَوَيات في بَيان البَلاغَة القُرآنية”:

مَنْهجُ لسانيّاتِ النَّصّ وتَكامُل المستَوَيات في بَيان البَلاغَة القُرآنيةالمحور الرابع: الاتجاهات اللغوية والنقدية الحديثة في دراسة بلاغة القرآن الكريم

التعريف بمنهج الدراسة: “لسانياتِ النّصّ” منهجٌ جديدٌ جمَعَ ما تفرقَ في مُعالَجَة المستويات اللغوية الدنيا، وأفادَ من المناهجِ والمَعارِفِ السّابقَةِ، وأضافَ إلى تلك المناهجِ ما يُثبتُ نصّيةَ النّصّ وبَلاغةَ الخطابِ، من غيْرِ أن يقتصرَ على المناهجِ التي كانَت تُجزّئ النّصّ ثُمّ تقفُ عندَ الأجزاءِ فقط، فكُلُّ ما ساعَدَ على تَصوُّرِ النّصِّ كيانًا لغويًّا متعدِّدَ المستوياتِ، مُكوَّنًا من أجزاءٍ مُترابطةٍ، أو نُظُم مُتشابكةٍ. فإنّه يدخلُ في لسانيات النّصّ أو علم النص ويَخضعُ لمَعايير النّصّيّة Textuality.

ولكنَّ صلةَ علم لُغةِ النّصّ بالدّراساتِ اللّسانيّةِ الحَديثَةِ لا يَعْني أنّه وُلِدَ في كَنفِها حَصرًا؛ فهو -أولًا وقَبْلَ كلِّ شيْءٍ- علمُ بناء النص، وعلمٌ بمنهج دراسة بلاغته، ولهذا فلا يُقتَصَرُ على علم لغةِ النّصِّ في نُسختِه الأعجميّةِ من أجلِ تَحليلِ النّصّ القرآني البَليغِ؛ لأنّه لا يَقودُ بالضّرورَةِ إلى فَهمِ أسرارِه إلاّ على وَجه الاسْتئناسِ المنهجيّ دونَ العلمِ بكُنه النّصّ في أصلِه العربيّ المُين. أمّا تَحليلُ النّصّ في العُلومِ العربيّةِ والإسْلاميّةِ فقَد داخَلَ كلَّ فُروعِ المعْرِفَةِ منذُ أن نشأ في كَنَفِ القُرآنِ الكَريم؛ وتَطوَّرَ مع تَطوُّرِ أدواتِ التّحليلِ وعُلومِ الآلةِ، بَلْ واكَبَ الدّرسُ اللّغويُّ العربيُّ القَديمُ بفُروعِه المُختلفَةِ الدّرسَ اللّسانيَّ الغربيَّ من غيْرِ تبعيّةٍ أو اسْتلابٍ، وللمُواكبَةِ دلالةٌ عَميقةٌ في تاريخِ تطوُّرِ المَعرِفَةِ الإنسانيّةِ؛ إنّها تَعْني قُوّةَ الدّرسِ اللّغويّ والنّصّيّ العَربيّ القَديمِ، وقُدرتَه على التّواصُلِ مع المنْجَزِ اللّسانيّ الغربيّ.

فعلمُ النّحوِ في مَقاصدِه تحليلٌ للنّصّ في مرحلةٍ أولى من مَراحلِه لا تستقلُّ بنفْسِها؛ وهو في هذه المرحلَةِ نَظَرٌ في العلاقاتِ والرّوابطِ بين الكَلماتِ، للوقوفِ على بنيةِ الكلامِ ونَظمِه، ويستعينُ بِه الفُقهاءُ وعُلماءُ الدّرايةِ والمُفسّرونَ والنّقّادُ لضبطِ دلالاتِ النّصّ ومَقاصدِه، فإذا غابَت العلاقاتُ والرّوابطُ تفكّكَ النّصّ وداخَلَه الغُموضُ والاضْطرابُ وفَقَد شُروطَ البناءِ اللّغويّ. أمّا البَلاغَةُ فهي أدخَلُ عُلومِ الآلَةِ في تَحليلِ النصّ، وليسَت عُلومُ الآلَةِ التي هي في الحقيقةِ أدواتٌ وتقنياتٌ لتحليلِ النّصوصِ، إلاّ كيفياتٍ وأحوالًا وأوعيةً دَقيقةً تحملُ مَعانيَ النّصّ وعَوالِمَه. وتدخلُ في هذه الكيفياتِ والأحوالِ والهَيْئاتِ البَلاغةُ القُرآنيّةُ التي هي الطّريقةُ العاليةُ في العبارَةِ عن المَقاصدِ.

بناءً على المنْهجِ المشارِ إليه أعلاه، يركنُ الباحثونَ إلى تَحليل الخطابِ بمنهجٍ نَصّيّ واقعيّ يستندُ إلى سياقِ الموقفِ وبِساطِ الحالِ ومرجعيّةِ النّصّ، ويقفونَ عندَ الإعْرابِ ثُمّ يتجاوَزونَه؛ لأنّ منهجَ صناعة الإعرابِ وحدَه قاصرٌ عن التَّحقيقِ، ولا يلزَمونَ منهَجَ التّحليلِ بالجُمَلِ؛ لأنّ الجُملَ كيانٌ لغويّ مَحْدودٌ، وفيه الممكنُ وفيه المفتَرَضُ؛ إذ يُمكنُ تصوُّرُ جُملٍ مُتكلَّفةٍ، إمّا لكونِها أطوَلَ أو أعقدَ أو أكثرَ تَوابعَ أو أكثرَ ابْتذالًا ممّا يُمكنُ قَبولُه، أو لكونِها فارغةً من المعْنى، أو غيرَ ذاتِ أثرٍ عَمَليّ في الأداءِ… ولذلكَ فتحليلُ الخطابِ بنحوِ الجُمَلِ يبتعدُ بالنّصّ عن سياقِه الواقعيّ وأبعادِه التّداوليّة.

النتائج المرتقَبَة: سيُحاولُ البحثُ لتحقيق الغرضِ المشارِ إليه أعلاه، أن يَستدعِيَ بعضَ “المعالجاتِ النّصّيّةِ” العربيّةِ القَديمَةِ المتفرّقَةِ، للقُرآنِ الكَريمِ، ويجمَع بينَها في بناءٍ عامّ لإعادَةِ قراءَتِها في ضوءِ تصوّراتِ علم لُغَةِ النّصّ ومناهجِه وأدواتِه، وليُمحّصَ مَدى قُدرةِ تلك المُعالجاتِ النّصّيّة القَديمَة على كشفِ بنيةِ النصّ ودلالاته الكلّيّة ووظيفتِه التي تُوافقُ مقاصدَ واضعِه، ولكن من غَيْرِ اعْتقادٍ بأنّ مَعاييرَ عُلماءِ النّصّ المُحْدَثينَ صالحةٌ مُطلَقًا لتَحليل النّصّ القُرآنيّ؛ إذ إنّ تلكَ المَعاييرَ الجُزئيّةَ الحَديثةَ إنّما اسْتُخرِجَت في الأصلِ من نُصوصٍ مَحدودةٍ مُقيَّدةٍ بقُيودِ الزّمانِ والمَكانِ والظّروفِ المُحيطَةِ والأخْطاءِ البشرِيّةِ. وإنّما الشأنُ في ذلِك بتَصحيحِ ما يَعْتري المعاييرَ الحَديثَةَ من نَقصٍ، وتَسْديدِه بما استنْبطَه عُلَماءُ البَلاغَةِ والتّفسيرِ وعُلماءُ عُلوم القُرآن الكَريم، من النّصّ القُرآنيّ، من مَعاييرَ نصّيّةٍ وافيةٍ. فنحصُلُ من اتّحادِ عُلومِ النصّ العربيّة وعلم لُغةِ النّصّ الحَديثِ على علمٍ موحَّدٍ يكشفُ غَوامضَ النّصوصِ ويفكُّ رُموزَها ويَستكنِهُ أسْرارَها، فلا بدّ أن يأخذَ العلمُ القَديمُ بيدِ العلمِ الحَديثِ، ليزدهرَ المنهجُ النّصّي ويتَطوَّرَ وتتفتَّحَ أمامَه أبوابُ التّحليلِ، فلا يغرقَ النّصُّ في لُججِ العُجمةِ فتمّحي مَعالمه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق